شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
أين سيردّ حزب الله على إسرائيل؟

أين سيردّ حزب الله على إسرائيل؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 10 سبتمبر 201612:11 ص

لأول مرّة منذ دخوله إلى سوريا، أعلن حزب الله مقتل عناصر تابعة له على الأراضي السورية بالنيران الإسرائيلية، رغم أنه سبق لإسرائيل أن استهدفته هناك. شدّة الضربة منعته من تجاهلها كما فعل أكثر من مرّة. وبإعلانه خسائره أمام عدوّه وأمام جماهيره، سيضطرّ إلى توجيه ردّ. ولكن السؤال: أين سيردّ؟

في مقال كتبه بعد الغارة الإسرائيلية على القنيطرة، ربط المعلّق العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أليكس فيشمان بين الغارة التي أودت بحياة مقاتلين لبنانيين وإيرانيين، وبين مقابلة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله الأخيرة مع الإعلامي غسان بن جدو على قناة الميادين والتي أكّد فيها تدرّب حزب الله على سيناريو احتلال مناطق في الجليل وحصول الحزب على أسلحة حديثة ستجعل الإسرائيليين يندمون على أي تهوّر. واعتبر فيشمان أن إسرائيل "تلقي أمام وجه نصر الله بالإصبع الوسطى" وتقول له: "هاك، صفينا بعض كبار مسؤوليك في سوريا، وهيا نرَ الآن ماذا ستفعل". سيناريو الردّ من لبنان

يمتلك حزب الله القدرة على الردّ عبر الأراضي اللبنانية من خلال إطلاق الصواريخ على إسرائيل أو من خلال اجتيازه الحدود الدولية وتنفيذ عملية هجومية على دورية عسكرية أو زرع عبوة ناسفة تستهدفها لحظة مرورها.

يُستبعد احتمال إطلاق الصواريخ لأن هذا النوع من الردّ هو طريقة للردّ الفوري والسريع وكان يجب أن يحصل فور تنفيذ الغارة. ويُستبعد أن يجتاز حزب الله الحدود الدولية بين لبنان وإسرائيل لأن هذا سيشرعن الردّ الإسرائيلي الذي من المتوقع أن يكون قاسياً. هناك منطقة وحيدة يمكن أن يخطط حزب الله لتنفيذ عملية نوعية فيها هي منطقة مزارع شبعا التي يعتبرها لبنان أرضاً لبنانية محتلّة ما يخفف من وطأة قيامه بعملية عسكرية فيها على لبنان. وبما أن المنطقة مساحتها صغيرة فإن أيّة عملية نوعية قد تنفّذ هناك ستوصل رسالة إلى إسرائيل مفادها: لا يمكنك الدفاع عن حدودك إن كنت لا تمتلكين القدرة على إغلاق مداخل هذا الجيب الصغير. سيناريو الردّ من سوريا

في المقابلة الأخيرة التي أجرتها معه قناة الميادين، قال نصر الله: "لا يوجد تشكيل لحزب الله في الجولان يقوم بأعمال المقاومة... نحن قد نقوم بدعم أو مساعدة أو مساندة أو تدريب أو تأمين بعض المستلزمات لبعض المجموعات المقاومة، ولا يصح القول أن حزب الله يقوم بأعمال المقاومة في ساحة الجولان". تبيّن أن الـ"قد" التي أصرّ الأمين العام لحزب الله على استخدامها كنوع من التمويه وعدم تقديم المعلومات مجاناً إلى إسرائيل منتهية الصلاحية. ثبت أن الإستخبارات الإسرائيلية تراقب عمله هناك عن كثب.

لذلك، سيحمل الردّ على الغارة من الجولان قيمة كبيرة فهو سيوصل إلى إسرائيل رسالة مفادها أن حياة العناصر الذين تم استهدافهم لم تذهب هباءً بل هم تمكنوا من بناء نواة "مقاومة شعبية" قادرة على إقلاق راحتها. ولكن أمام عمل كهذا عقبتين رئيسيتين: الأولى هي موافقة النظام السوري فهذا النوع من الردّ قد يؤدي إلى انتقام اسرائيل منه، والثانية مستوى الرد، فإطلاق بضعة صواريخ من هناك ليس له أيّة أهمية إستراتيجية في ظل فوضى السلاح في سوريا بل يجب القيام بعملية عسكرية ـ أمنية ذات قيمة. سيناريو الردّ في فلسطين

فور الإعلان عن الغارة، أصدرت كتائب الناصر صلاح الدين، الذراع العسكرية للجان الشعبية في غزة، بياناً أكدت فيه أن العدو لا يفهم إلا لغة القوة، واعتبرت أن على المقاومة أن تردّ مشيرة إلى وحدة المقاومة من فلسطين مروراً بلبنان وصولاً إلى إيران. وكان نصر الله قد أكّد في المقابلة المذكورة أنه يسعى إلى "تعزيز العلاقة مع كل أطر المقاومة في الساحة الفلسطينية، وهذا لا يقتصر على الجهاد وحماس والفصائل الفلسطينية المعروفة".

يمكن لحزب الله أن يردّ من فلسطين أو حتى من الداخل الإسرائيلي بعملية تنفذها مجموعات موالية له. ولكن الردّ من غزّة، أياً يكن مصدره، سيعرّض القطاع لعمليات انتقامية لن يتحملها لا شعبه الخارج أخيراً من حرب قاسية ولا حتى حركة حماس التي لم تستجمع قواها بعد ولم يصل مسار إعادة تمتين علاقتها بإيران إلى خواتيمه. أما الردّ من الضفّة فإنه سيعقّد علاقة حزب الله بحركة فتح كما سيعرّض حماس إلى عقاب إسرائيلي شديد لن تحتمله خاصةً وأن الإسرائيليين فككوا بنيتها العسكرية في الضفة بعد عملية يونيو الفائت. يبقى خيار الردّ من الداخل الفلسطيني وهو سيكون أقوى ردّ ممكن في فلسطين وسيوصل إلى الإسرائيليين رسالة مخيفة مفادها: "نحن نقيم بينكم"، خاصةً وأن اسرائيل لن تستطيع الانتقام من فلسطينيي الداخل كونهم مواطنين اسرائيليين (الخوف من تهمة الأبارتهايد التي تلاحقها). سيناريو الردّ في الخارج

سيناريو الردّ في الخارج الأوروبي أو الأمريكي أو الآسيوي يوصل رسالة قوية إلى إسرائيل وينقل الصراع بينها وبين حزب الله إلى مستوى أمني شديد التعقيد يشبه لعبة القط والفأر. ولكن بعد الاعتداء الإرهابي على صحيفة "شارلي إيبدو" وغيرها من الإعتداءات التي نفذها إسلاميون متطرفون في الغرب، سيجازف حزب الله بتصوير نفسه تماماً كهؤلاء الإرهابيين، هو الذي يعمل جاهداً على تمييز نفسه إيجابياً عنهم في عيون العالم. فالحزب ليس قادراً على "تصيّد" جنرال عسكري كبير أثناء تجوّله خارج إسرائيل ويمكنه فقد إلحاق الأذى بديبلوماسيين أو بمدنيين سائحين.

أما الردّ في الخارج الإفريقي فستكون له تبعات قاسية على الجاليات اللبنانية هناك خاصةً وأن العلاقة المتينة المتأسسة على تعاون أمني وعسكري بين إسرائيل وبين أنظمة تلك الدول لا تقارن بعلاقة الجاليات اللبنانية بها. قد يجازف الحزب بمصالح اللبنانيين ولكنه سيعرّض نفسه لغضب اللبنانيين الشيعة، قاعدته الشعبية. سيناريو عدم الردّ

ليس هناك أي سيناريو يمكن التأكد من أنه لن يتدحرج إلى حرب تشنّها إسرائيل على لبنان. ونظراً إلى الأدوار التي يؤديها حزب الله في سوريا وفي العراق، فإنه لن يكون من مصلحته فتح حرب على بنيته الرئيسية في لبنان. كذلك لن تغامر إيران بدفع الحزب إلى القيام بعمل قد يجعلها تخسر تنظيماً استثمرت فيه الكثير من الجهد والمال وتعتبره جزءً أساسياً في منظومة الثورة الإسلامية وإحدى أهم نقاط قوتها في العالم العربي. وسبق لحزب الله أن تلقى صفعات قويّة وامتنع عن الرد.

ولكن حزب الله الآن لا يتحمّل التزام الهدوء. الصفعة التي تلقاها قوية جداً وتوّجت سلسلة من الصفعات الخفيفة لذلك فإن دويّها لن يخفت من دون ردّ. سيضع الحزب كل الخيارات السابقة أمامه وسيختار الخيار الأقل كلفة. أما الردّ المثالي على إسرائيل فيكون باستهداف عناصر استخباراتية تقوم بمهمة سرية في مكان سيحرجها ويحرج حلفاءها السريين الاعتراف بأنها تلقت ضربة فيه: كردستان العراق مثلاً. هكذا يكون الردّ مذيلاً بتوقيعين: إيران وحزب الله. الصورة من أ ف ب

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image