شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
وهب الأعضاء، ما الذي يقوله القانون في العالم العربي؟

وهب الأعضاء، ما الذي يقوله القانون في العالم العربي؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 29 يونيو 201702:18 ص
باتت تطالعنا اليوم أخبار عدة عن سوريين وعراقيين وغيرهم، يبيعون أعضاءهم مقابل بضعة دولارات بشكل غير شرعي في السوق السوداء، لتأمين لقمة العيش لعائلاتهم في ظلّ الظروف الصعبة التي يعيشها اللاجئون. ولا شك أنّ عمليات الاتجار بالأعضاء البشرية تُشكّل خطراً كبيراً على حياة "المتبرّعين"، الذين غالباً ما يجهلون كل ما يترتّب على هذه الجراحة التي يخضعون لها من دون تخدير أو مسكّن للأوجاع. إلا أنها تعتبر خرقاً واضحاً للأخلاقيات والقوانين المتّفق عليها بشأن الأعضاء البشرية. فلا بد أن تكون هذه العملية تحت شعار "الوهب أولاً"، أي أن تكون مجانية من دون مقابل، وبالتوافق لا باستغلال الظروف الصعبة للفقراء واللاجئين. فهذه الظاهرة التي ليست جديدة، باتت تدفع كثيرين إلى الخطف والقتل من أجلها، وقد حوّلت أهداف وهب الأعضاء، الذي يعدّ عملاً إنسانياً يهدف إلى إنقاذ حياة شخص مهدد بالموت.

موقف الدين

وانطلاقاً من هدفه الإنساني، سمحت أديان عدة بهذا العمل. يشير موقع الهيئة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء والأنسجة  البشرية، أن الكنيسة المارونية توصي وتشجع على وهب الأعضاء من ميت إلى حي أو بين الأحياء، شرط ألا يكون هناك ضرر على حياة الواهب. ويأتي موقف الكنيسة الأرثوذكسية مماثلاً إذ ترى أن استخدام العلم من أجل حياة الإنسان لا يتعارض مع الدين. الموقف مماثل في الإسلام، فالشريعة الإسلامية أولت اهتماماً كبيراً لجسد الإنسان وصحته. ويعتبر الفقهاء والشيوخ أن الصدقة في الإسلام لا تقتصر على التبرّع بالمال فحسب، بل كذلك التبرّع بالأعضاء الذي يعدّ من أسمى أنواع الصدقات وأفضلها.

القوانين العربية

على الرغم من غياب إحصائيات متكاملة حول عدد الواهبين الأحياء أو المتوفين في العالم العربي، وعلى الرغم من أن ثقافة "وهب الأعضاء" والحثّ والتشجيع عليها ما زالت في بداية مشوارها، فان بضع دول عمِلت على إدخال هذا العمل الإنساني في قوانينها. لكن ما زال هذا المفهوم في بعض الدول العربية الأخرى غير ذي أهمية، ففي الصومال مثلاً، لا يناقش الشعب هذا الموضوع، ولا توجد أي توعية في خصوصه، حتى لو أن وهب الأعضاء موجود بشكل بسيط. وأشهر من زرع كبد هو الرئيس الصومالي الأسبق عبالله يوسف أحمد، الذي لقّبه الشعب بـ"عديم الكبد".  في حين أن الحملات تنشط في فلسطين لتعزيز ثقافة وهب الأعضاء وإقرار قوانين خاصة بها.

العراق

صادق مجلس الشعب العراقي ورئيس الجمهورية عام 2014 على قانون تنظيم زرع الأعضاء البشرية في العراق، ومنع الاتجار بها عام 2014، "بهدف تنظيم عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية لتحقيق مصلحة علاجية راجحة للمرضى، والحصول على الأعضاء البشرية من جسم الإنسان الحي بالتبرع، حال حياته أو من جثث الموتى بالوصية بعد وفاته، ومنع بيع الأعضاء البشرية والاتجار بها من خلال فرض عقوبات رادعة عند المخالفة". إلا أن العراق يشهد حملات غير شرعية كبيرة من التجار المتخصصين ببيع الأعضاء مقابل أموال قليلة.

لبنان

أجريت أول عملية زرع كلى من أقارب عام 1972 في مستشفى البربير، بيروت. وقد صدر مرسوم اشتراعي في 16 سبتمبر 1983، لتنظيم أخذ الأنسجة والأعضاء البشرية لحاجات طبية وعلمية. ثم صدر مرسوم آخر في 20 يناير 1984 يحدّد شروط مراكز الزرع المؤهلة للقيام بالعمليات والوهب بعد الوفاة الدماغية. ولتنظيم وهب الأعضاء، تمّ إنشاء اللجنة الوطنية في يوليو 1999 برئاسة وزير الصحة ونقيب الأطباء. وتنشط الهيئة الوطنية لوهب وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية لنشر الوعي وضبط هذه العملية، من خلال العديد من الحملات والإحصاءات أو حتى إمكانية الحصول على بطاقة واهب.

campaign5campaign5

مصر

تكثر عمليات الاتجار بالأعضاء البشرية حتى من دون علم صاحبها في مصر، وهذا ما أدّى إلى إقرار قانون خاص بزرع الأعضاء، هو القانون رقم 5 الصادر عام 2010، الذي نصّ على أن أي محاولة لاستئصال أعضاء الميت قبل موافقة لجنة ثلاثية، سيعاقَب مرتكبها بالسجن المؤبد وغرامة تصل إلى 300 ألف جنيه. وينص القانون على أنه لا يجوز نقل أي عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسم إنسان حي إلى جسم إنسان آخر، إلا إذا كان ذلك على سبيل التبرع في ما بين الأقارب من المصريين حتى الدرجة الرابعة. وقد عطّل هذا القانون مدة 14 عاماً بسبب الخلافات القانونية والفقهية، ولكن على الرغم من القانون ووجود أكثر من 20 مؤسسة طبية مرخص لها بممارسة عمليات نقل الأعضاء، فإن المشوار طويل لتصبح هذه الظاهرة فاعلة.

الأردن

خطت الأردن أولى خطواتها في مجال التبرع بالأعضاء، مع أول عملية نقل كلية عام 1972، وكان قانون الانتفاع بأعضاء جسم الإنسان وتعديلاته رقم 23 قد صدر عام 1977، وتم تعديله عام 1980 و1986 لإضافة تشخيص الموت الدماغي، ليعود ويُعدل قانون الانتفاع بأعضاء جسم الإنسان عام 2000. وتستند الأردن في مسيرتها التنظيمية، لتشجيع نقل وزراعة الأعضاء، على تشريعات حديثة في إطار الرأي والفقه الديني، كما تنشط الجمعيات خصوصاً الجمعية الأردنية لتشجيع التبرع بالأعضاء، التي أسستها الملكة رانيا العبدالله عام 1997 بإطلاق العديد من حملات التوعية والتشجيع.

المغرب

عام 2014 شكّل نقطة تحوّل في المغرب نحو الاهتمام بعملية التبرع بالأعضاء البشرية، مع انخراط وزارتي الصحة والعدل معاً في حملات التوعية واعتماد يوم 17 أكتوبر للاحتفال باليوم العالمي للتبرع بالأعضاء البشرية، ومضاعفة الاهتمام والتشجيع من خلال الحديث عبر مختلف وسائل الإعلام. ولكن، على الصعيد القانوني، كان المغرب سبّاقاً في وضع ترسانة قانونية ونصّ القانون رقم98-16 عام 1999 الخاص بالتبرع بالأعضاء والأنسحة البشرية، وأخذها وزرعها ليعود ويصدر قانوناً جديداً عام 2010. وكان المغرب قد عرف أول عملية زرع كلى عام 1986.

الخليج

اهتمّ القانون باكراً بزراعة الأعضاء في منطقة الخليج العربي، فأصدرت الإمارات قانوناً اتحادياً عام 1993 لتنظيم نقل وزراعة الأعضاء، بينما الكويت أصدرت مرسوماً بالقانون رقم 55 عام 1987 بشأن زراعة الأعضاء، تليها بضعة تعديلات، لضبط كل نواحي هذه العملية، والبحرين عام 1998. أما قطر، فأصدرت، هذا العام، قانوناً جديداً من 28 مادة، لنقل وزراعة والتبرع بالأعضاء البشرية، الذي ينصّ على حظر نقل الأعضاء التناسلية، وينظّم بنوكاً لحفظ الأنسجة والخلايا في المستشفيات الحكومية الخاصة، ويسمح بوهب الأعضاء من دون صلة عائلية. لا شك أن مواقف الأديان التي تدعو إلى أعمال الخير، ومواقف الحكومات العربية بغالبيتها المرحّبة بسنّ القوانين الخاصة، جعلت ظاهرة وهب الأعضاء والأنسجة البشرية في العالم العربي تتزايد في العديد من الدول كلبنان والسعودية. إلا أن الكثير من التحفّظات ما زالت سارية، خصوصاً مع تزايد ظاهرة الاتجار بالأعضاء وحيال وهب الأعضاء بعد الوفاة. فتشكّل هيبة الموت واحترام جسد الميت، والرفض المجتمعي للتحدث عن نهاية الحياة حاجزاً لهذه العملية. من دون أن ننسى كل المشاكل والعقبات إذا لم يحمل المتوفي بطاقة واهب، أو لم يُعلن سابقاً نيّته وهب أعضائه، التي قد تحول دون إجراء عملية التبرع بالأعضاء، لا سيما في حال رفض الأهل والأقارب لذلك. ويبقى الأهم إجراء حملات توعية جادة لحثّ الجميع على وهب الأعضاء واعتبار هذا التصرّف طبيعياً وبديهياً بكل أشكاله.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image