في مدينة إسطنبول التركية، يعيش حالياً أكثر من نصف مليون سوري. ويبدو أن اللاجئين السوريين بدأوا يخرجون من صدمة الأزمة، ويحاولون الانتقال إلى مرحلة العطاء وإنتاج تجارب ثقافية تصبّ اهتمامها حول مسائل متنوّعة.
ورأى ربيع رعد، الشاب السوري المقيم في إسطنبول والمحرر المشارك في موقعي دحنون والأصوات العالمية، أن "السوريين المقيمين في إسطنبول عرفوا كيف يتأقلمون بسرعة مع واقعهم الجديد بعد أن استرجعوا شيئاً من الشعور بالأمان وبعض الاستقرار".وأضاف لرصيف22 أن "القصص الفردية التي تعرفت عليها تدعو إلى التفاؤل رغم مسلسل الأخبار الكارثية اليومي في سورية. التقيت هنا شباباً في مطلع العشرين قرروا المبادرة بنشر الشعر وإقامة أمسيات قراءة عامة. وهنالك موسيقيون أسسوا فرقاً وانطلقوا في مسيرتهم الاحترافية، إضافة إلى تشكيليين وصحافيين والقائمة تطول".
ولكنه لفت إلى أن هنالك مشروعين لهما برأيه "أكبر أثر في خلق مساحة لقاء حقيقية يجتمع فيها السوريون بمختلف مشاربهم وأجيالهم في هذه المدينة: هامش ومكتبة صفحات".
وهنا محاولة لإلقاء الضوء على المشهد الثقافي السوري في مدينة إسطنبول، عبر ثلاثة مشاريع بارزة، بدأت تخلق نوعاً من التأثير.
"هامش" ـ البيت الثقافي السوري في إسطنبول
أسس هذا المشروع، في 17 مارس 2014، مدونون وكتاب من سورية وتركيا. وقد وُلدت فكرته بين مجموعة من السوريين الذين كانوا على تواصل في بلدهم ثم جمعتهم إسطنبول بعد تهجيرهم. عاينوا الواقع الجديد وأطلقوا مشروعهم.
مقالات أخرى:
اسطنبول رصيف22
تعرفوا على بعض وسائل الإعلام البديلة في سوريا
وقال الكاتب ياسين سويحة، أحد مؤسسي المشروع، لرصيف22: "هامش تأسس على يد ثمانية سوريين وأتراك، مدونين وكتاب، من بينهم المناضل السوري ياسين الحاج صالح والباحثة التركية شناي أوزدن، وهو محاولة لخلق وجود ثقافي سوري في إسطنبول، ففي هذه المدينة يوجد الفعل السوري الاقتصادي والسياسي لكن لا وجود للفعل الثقافي السوري". وأشار إلى أن "هامش قام بتنظيم أنشطة عدّة غلب عليها طابع الندوات وذلك لكون أغلب المنخرطين فيه لديهم خلفية أكاديمية وكتاب، لكنه نظم أيضاً عروضاً فنية وشارك في تنظيم مهرجانات سينمائية، وبالطبع هو جزء من مشروع التغيير السوري ويقف مع الثورة لكنه ليس تنظيماً سياسياً ولا جزءاً من تشكيلات المعارضة السورية".
وعلّق: "أنا سعيد جداً بما حققه هامش من زخم إلى الآن، فخلال سنة أصبح مكاناً يتيح فرصة اللقاء بين السوريين والأتراك وتحول إلى منتدى يتقابل فيه الجميع وتتناثر فيه الأفكار".
وكان المشروع قد نظّم عدداً من المحاضرات نذكر منها: الليبرالية السورية في صعودها وهبوطها/ عبد الرحمن الشهبندر نموذجاً وألقاها كرم نشار، التاريخ الاجتماعي للجمهورية التركيّة وألقاها أوزهان أوندر، وإعادة التفكير بالثورة وألقتها سنا يازجي وتحدثت فيها عن التوثيق والذاكرة.
كما ساهم المشروع في تنظيم عروض فنية ونسق لعروض سينمائية مع ثلاثة مهرجانات في تركيا لعرض أفلام وثائقية سورية، وعرض فيلمين خارج المهرجانات بالإضافة إلى إحيائه حفلات موسيقية.
ولهامش موقع ينشر فيه ملخصات لمحاضراته وأخبار الأنشطة التي يقوم بها. وبحسب الموقع، "هامش" هو "فضاء مستقل جديد في المنفى للتفكير النقدي، ولتبادل وتداول الأفكار والتجارب والممارسات في مجال الثقافة. وهو أيضاً مساحة للتعاون والشراكة بين فنانين وأكاديميين ومثقفين وكتاب من سورية وتركيا وغيرهما. يتطلع "هامش" إلى تجاوز التمثيلات المختزلة للمجتمع والثقافة في سورية، ويعمل على تطوير فهم أعمق لهما... ويتطلع أيضاً إلى تقويض أي مركز بطريركي مهيمن، أحادي الصوت واللغة، ويرفض أي تشكيل سياسي أو عسكري أو ديني أو إثني أو طائفي يحاول فرض نفسه كشكل وحيد لسورية الكثيرة".
مكتبة صفحات
"هي أول مكتبة عربية في إسطنبول" رأت الفكرة الوليدة النور يوم 12 يونيو 2015 وأطلقها الفنان التشكيلي السوري سامر القادري بمساعدة مجموعة من أصدقائه هم: الصحافية أليسار حسن، الرسامة جلنار حاجو، الممثل والمخرج ماهر صليبي، الممثلة يارا صبري، المخرج فراس فيّاض، بالإضافة إلى الكاتبتين التركية زينب سيفيده باكسو والعُمانية عبير علي.
وروى القادري لرصيف22 أن "الفكرة بدأت بمبادرة مني ثم دعمني فيها بعض الأصدقاء، وقد فاجأني الزخم الذي أخذته في فترة قصيرة، وقد أتت الفكرة من عدم وجود مكتبة عربية في إسطنبول وما لمسته من حاجة لتوفير الكتب العربية للمواطنين السوريين والعرب". وأضاف أن "المكتبة أصبح لها روادها وتحتوي على جميع التخصصات ولا تقتصر على توجه إيديولوجي أو فكري معيّن".
الكتب المعروضة في المكتبة متنوعة. تحتوي على الرويات والقصص والفكر والفلسفة والأدب العالمي المترجم ومؤلفات بلغات أخرى مثل الإنجليزية والفرنسية والتركية والمراجع الدراسية، وتضم طابقاً خاصاً بكتب الأطفال. وتخصص مساحة للقراءة فهي تضمّ مقهى وتتيح لروادها الاشتراك برسوم رمزية للاستفادة من خاصية الاستعارة.
صفحات ليست مجرد مكتبة فقد تحولت إلى ما يشبه المركز الثقافي ومنتدى للقاء المثقفين والمواطنين السوريين والعرب والأتراك. وقال القادري الذي كان قد أسس في سوريا، عام 2005، دار نشر متخصصة بكتب الأطفال تحمل اسم "الأصابع الذكية": "تنظم المكتبة حفلات توقيع الكتب ولا تقتصر على الكتاب السوريين ونُظمت فيها عروض فنية، وأصبحت كذلك مكاناً للقاء. وهي بداية، فنحن نعمل على إطلاق دار للنشر".
إذاعة صوت راية
تحتضن إسطنبول عشرات المبادرات الإعلامية السورية خاصة إذاعات الإنترنت والإذاعات التي تبث على موجة الـFM، ومن أبرزها إذاعة صوت راية. تهتم هذه المحطة بالواقع الداخلي السوري وبشؤون اللاجئين والقضايا الإقلمية وتقدم العديد من البرامج مثل: "دراما بلا دراما"، ويعرف موقع القناة البرنامج بأنه "برنامج اجتماعي، يسعى إلى نقل جزء من الدراما التي يعيشها الناس داخل سوريا وخارجها يومياً، لتتحول حياتهم إلى دراما، وليس العكس. ولأن المسلسلات وقفت عاجزة عن نقل كل التغيرات في حياة السوريين، خلقت فكرة دراما بلا دراما".
وتقدّم الإذاعة برامج أخرى مثل "صوت الناس" و"وجوه من سوريتانا"، و"مدارس وجامعات". كما تقدّم نشرات إخبارية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 3 أيامtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع