الوطء بالأقدام
ترتبط هذه العقوبة بتوجيه الإهانة إلى الخليفة أو سلطة الدولة، وقد طبّقت في عهد الوليد بن عبد الملك. فالخليفة كان يقول "أيها الناس إنكم كنتم تكلمون من قبلي من الخلفاء بكلام الأكفاء تقولون يا معاوية يا يزيد، وإني أعطي الله عهداً يأخذني بالوفاء به لا يكلمني أحد بمثل ذلك إلا أتلفت نفسه"، ثم "إن رجلاً قال له بعد ذلك اتق الله يا وليد فإن الكبرياء لله فأمر به فوطئ بالأقدام فأيقظ الناس ذلك". هذه العقوبة مشابهة في تاريخنا الحديث للعقوبات المرتبطة بإهانة رموز الدولة أو الإساءة إليها.
التشهير
مقالات أخرى:
حين يتحدث داعش بلغة الخمر
هذا النوع من العقوبات لا يهدف إلى القتل، بل إلى جعل المخالف عبرةً للآخرين. وقد ذكرت حوادث عدة من هذا النوع، أشار إليها هادي العلوي في كتابه "من تاريخ التعذيب في الإسلام"، ويذكر أن "هذه العقوبة تطال الهاربين من المعركة والمتقاعسين عن القتال". ففي العهد الراشدي كان الهارب يقام في ساحة عامة حاسراً، ثم أضاف إليها مصعب بن الزبير حلق الشعر واللحية، كذلك ذكر العلوي حادثة أخرى وردت في رسالة مفاخرة الجواري والغلمان للجاحظ، إذ وضعت جارية على جمل وسيقت بين الناس في بغداد، لأنها تجامع مخنثاً بـ"كيرنج"، أي قضيب اصطناعي.
تقطيع الأوصال
هذه العقوبة هي الأشد تأثيراً وترويعاً. ترد هذه العقوبة في نص قرآني، وهي مرتبط بقاطعي الطرق والمفسدين في الأرض، إلا أنها طبقت بصورة كبيرة على الجرائم السياسية، ومن يناقشون قضايا العقيدة، كفتل غيلان الدمشقي الذي "تم قطع يديه ورجليه وضربت عنقه ثم صلب". أيضاً هناك حادثة قتل ابن المقفع، الذي قطعت أوصاله ورميت في فرن محترق وهو يشاهد ذلك إلى أن فارق الحياة. ترتبط هذه العقوبة بجعل المتمرد على السلطة السياسية أو الدينية عبرة للآخرين، وتشويه جسده للتطاول على المقدس الديني/ السياسي، ومخالفته المذهب الديني السائد.
سلخ الجلد
يُعد سلخ الجلد من العقوبات الوحشية والقاسية جداً، إذ يصعب مشاهدتها. لم يتكرر هذا الحدث كثيراً في تاريخ الإمبراطورية الإسلامية، لكنه كان غالباً يستخدم لتحويل الشخص إلى عبرة، والترهيب بهول الجريمة التي قام بها. ويذكر أنها طبّقت ضد قادة العسكر من الخوارج والزنادقة والهراطقة، ومن يثيرون غضب الخليفة. وفي وصف أحد حوادث سلخ الجلد، الذي قام به المعتضد في حق "قرطاس الرومي"، يقال: "قدّ من أصابعه الخمس أوتاراً ثم قلع أظفاره، وسلخ جلد أصابع كفّه من رؤوسها، إلى أكتافه، وعبر بها صلبه وكتفيه إلى آخر أصابعه الأخرى، وجلد بني آدم غليظ، فخرج له ذلك، فأمر أن تفتل له أوتار، ففعل، وصلب بها قرطاس".
التعذيب بالوحوش وعناصر الطبيعة
كان هذا النوع من التعذيب يمارس بسبب الطبيعة المحيطة بالإمبراطورية الإسلامية، والاستفادة مما هو موجود فيها من وحوش وكائنات. فكان "التشميس" والطرح في الشمس، والتكبيل والترك في العراء كي تلتهم وحوش الأرض وحشراتها بدن الجاني. وإن لم يكن القصد منه القتل دائماً، وقد استخدمت هذه العقوبة في حالات كثيرة: كحادثة عمرو بن الزبير الذي وُضع علناً للقصاص، فكانوا يضربونه والقيح يتضح من ظهره وكتفيه على الأرض لشدة ما يمر به، ثم يضرب وهو على تلك الحال، ثم أمر بأن يرسل عليه الجعلان، وهي حيوان كالخنفساء، فكانت تدب عليه فتثقب لحمه وهو مقيد مغلول يستغيث ولا يغاث حتى مات على تلك الحال.
الحبس في ما لا يحبس فيه
على غرار ما تشهده غالبية أقبية الاستخبارات في الدول العربية، شهد عصر الإمبراطورية الإسلامية أنواعاً مختلفة من السجون، التي تهدف، بالإضافة إلى سلب حرية المرء، إلى الإمعان في إهانته وتعذيبه. هذا النمط من العذاب كان مرتبطاً بالجرائم السياسية، التي تمس الخليفة أو الدولة، إذ عرفت الإمبراطورية بما يسمّى بالمطمورة، وهي حفرة في باطن الأرض كانت لحفظ الحبوب، وتحولت إلى سجن. ويذكر أن الخليفة المعتضد استخدم المطامير بكثرة، وقد سجن فيها نديمه وأستاذه أحمد بن الطيب الفيلسوف. كذلك عُرف الرمي في الجب (البئر)، إذ يلقى المذنب في الجب ويغلق عليه ثم يلقى له الماء والطعام، كما فعل المعتصم بأحمد بن الخليل الذي تآمر على قتله. كذلك عرفت الإمبراطورية الحبس في الاصطبل وفي دار المجانين، وفي قفص، إذ يخدم المحبوس نفسه ويكون عبرة للمتفرجين.
التعذيب في المناطق الحساسّة
على الرغم من أن الإسلام ونصوصه حرّما الإخصاء في قوله "ولآمرنهم فيغيرن خلق الله"، إلا أن ممارسته قد تمت، كما فعل سليمان بن عبد الملك بالمخنثين. وتجاوز الأمر الإخصاء ووصل إلى حد القتل بهرس الخصيتين كما حدث مع الخليفة العباسي المهتدي. كذلك عرف جبّ الذَكر- قطع القضيب - كما حصل مع يسار الكواعب، الذي قطع ذكره لتعرضه لبنات مولاه. ولم يقتصر الأمر على الذكور، إذ شمل النساء، فقد ذكر عبّود الشالجي في (موسوعة العذاب جـ6، صـ 463) عن ابن الأثير أن أبو يزيد المخلد بن كيداد البربري، كان إذا فتح مدينة في أفريقيا يشق فروج نسائها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...