أحيا سكان مدينة برادفورد في 11 من الشهر الجاري الذكرى الثلاثين للكارثة التي أودت بحياة 56 مشجعاً، راحوا ضحية حريق نشب في مدرجات ملعب فريق برادفورد سيتي.
11 ألف مشجع حضروا لمشاهدة فريقهم المتأهل حديثاً لدوري الدرجة الثانية، يلعب ضد فريق لينكولن سيتي، لكن أحداً منهم لم يتخيل الحدث المرعب الذي ينتظره قبل بضع دقائق من نهاية الشوط الأول، إذ اندلع الحريق في المدرجات الخشبية، وسببه، بحسب أحدث التحقيقات، سيجارة مشتعلة رماها أحد المشجعين. عدسات الكاميرات التقطت مشاهد فظيعة سبقت سيطرة فرق الإطفاء والإنقاذ على ألسنة اللهب.لا تقتصر كرة القدم على المتعة والأهداف والشغف والجنون المصاحب لمبارياتها وبطولاتها، بل تحمل في طيات تاريخها أحداثاً مأسوية تركت أثراً واضحاً ليس على الصعيد الرياضي فقط، بل على الصعيد الإنساني أيضاً. في ما يلي قائمة بأبرز الكوارث والأحداث المؤلمة التي سجلتها كتب التاريخ الكروية.
كارثة ميونخ 1958 Munich air disaster
كان فريق مانشستر يونايتد عام 1958 أحد أبرز الفرق الإنكليزية. الشياطين الشابة بقيادة مات بازبي Matt Busby مثلت مهد كرة القدم الحديثة خير تمثيل في البطولة الأوروبية الفتية آنذاك. وصوله لنصف النهائي للسنة الثانية على التوالي، جعل الترشيحات تصب لمصلحة مانشستر يونايتد للظفر باللقب. الفريق تأهل على حساب ريد ستار اليوغسلافي بمجموع المبارتين (5-4).
في السادس من فبراير، قررت إدارة مانشستر يونايتد إعادة الفريق من يوغسلافيا إلى إنكلترا بطائرة خاصة، بعد رفض الاتحاد الانكليزي تأجيل مباراته في الدوري المحلي. الطائرة التي توقفت في ميونخ لم تستطع الإقلاع في جو ثلجي عاصف، وتحطمت في المطار، متسببة بمقتل 23 مسافراً على متنها، بينهم ثمانية من اللاعبين.
بعد عشر سنوات تمكن الناجيان من الحادثة، المدرب بازبي والنجم بوبي تشارلتون، من قيادة الفريق إلى لقبه الأوروبي الأول.
كارثة ليما 1964 Lima Stadium disaster
ست سنوات فقط فصلت بين كارثة ميونخ ومذبحة "ليما" في البيرو. الرابع والعشرين من مايو عام 1964 كان موعداً للقاء المنتخب البيروفي بنظيره الأرجنتيني ضمن تصفيات القارة الأمريكية الجنوبية المؤهلة لأولمبياد طوكيو.
وتمكن منتخب التانغو من التقدم بهدف واحد إلى ما قبل نهاية المباراة بست دقائق، عندما سجل البيروفيون هدف التعادل، لكن الحكم الأورغواياني رفض احتسابه، ليطلق بتصرفه هذا الشرارة الأولى لأعمال الشغب التي عمت مدرجات الجمهور البيروفي الهائج بسبب هذا القرار، فاستنفرت قوات الأمن وأطلقت الرصاص وعبوات الغاز المسيلة للدموع، وهذا ما أدى إلى مقتل نحو 263 شخصاً بسبب التدافع والاختناق، من أصل 45 ألفاً كانوا في الملعب.
صنفت هذه الكارثة من أكبر الكوارث في تاريخ كرة القدم، فيما تأهلت الأرجنتين إلى الأولمبياد، وفشلت البيرو باللحاق بها بعد الخسارة أمام البرازيل التي ظفرت بالبطاقة الثانية.
حرب كرة القدم 1969 Football War
عاش البلدان الجاران السلفادور وهندوراس صراعات اقتصادية وسياسية كبيرة، وغذت وسائل إعلام البلدين الكره المتبادل بين الشعبين، لكن مباراة كرة قدم كانت كفيلة بنشوب حرب بينهما أودت بحياة المئات.
ففي التصفيات المؤهلة لكأس العالم 1970، خاض المنتخبان مواجهتين حاسمتين، وأدى التعادل إلى لعب مباراة فاصلة (17 يونيو 1969) تأهلت على إثرها السلفادور، وأعلنت صافرة نهايتها عن بدء حرب طاحنة بين البلدين، استمرت ستة أيام، ولم توقفها إلا وساطات دولية، بعد أن راح ضحيتها أكثر من 2000 شخص.
كارثة هيسيل 1985 Heysel Stadium disaster
في التاسع والعشرين من مايو عام 1985، شهد ملعب "هيسيل" في مدينة بروكسل البلجيكية حادثة مؤسفة راح ضحيتها 39 مشجعاً وأصيب مئات آخرون قدموا لمتابعة نهائي دوري أبطال أوروبا بين ليفربول ويوفنتوس.
جماهير ليفربول التي تحمل الضغينة للجماهير الإيطالية إثر اشتباك معها في نهائي العام الماضي الذي توج فيه أبناء الأنفيلد على حساب ذئاب روما، هذه الجماهير حاولت الاعتداء على جماهير اليوفي قبل بداية المباراة، وهذا ما دفعها إلى التراجع نحو جدار سرعان ما انهار متسبباً بالكارثة.
برغم ما حصل، أصر الاتحاد الأوروبي على إقامة المباراة (فاز اليوفي بهدف لبلاتيني)، لاستيعاب الموقف وتجنب انفجار غضب الجماهير. بعد ثبوت مسؤولية الجانب الإنكليزي عما حصل، قرر الاتحاد الأوروبي منع مشاركة الأندية الإنكليزية في المسابقات الأوروبية 6 سنوات (ليفربول 7)، فيما حوكم عدد من مشجعي الريدز بتهمة القتل غير المتعمد.
كارثة هيزلبرة 1989 Hillsborough Stadium disaster
في السادس عشر من أبريل عام 1989، كان ليفربول واحداً من أبطال كارثة أخرى راح ضحيتها 96 مشجعاً، فضلاً عن مئات المصابين في ملعب هيزلبرة الذي استضاف نصف نهائي كأس إنلكترا بين الليفر ونوتنغهام فورست.
تسبب إغلاق بوابات الملعب قبل المباراة بتجمع آلاف المشجعين عند بوابتين فقط. وتطور هذا التجمع إلى تدافع بين الجمهور، فيما اضطرت قوى الأمن لفتح البوابات مجدداً، وهذا ما أدى إلى مقتل وإصابة الكثيرين بسبب الازدحام الهائل بين البوابات المكتظة بالوافدين، وبين السياج الذي يفصل المدرجات عن الملعب. بعد هذه الحادثة قرر الاتحاد الإنكليزي إزالة السياج ومنع استخدامه في الملاعب الإنكليزية نهائياً.
كارثة منتخب زامبيا 1993 Zambia national team air disaster
في الثامن والعشرين من أبريل عام 1993، تعرض منتخب زامبيا لحادث جوي أليم أودى بحياة لاعبيه وطاقمه. المنتخب الذي كان متوجهاً على متن طائرة إلى السنغال لخوض مباراة ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم 1994، سقطت في الغابون بعد أن قرر ربانها الاستمرار في الرحلة على الرغم من الأعطال الفنية التي تعرضت لها.
دقائق بعد الإقلاع من مطار ليبرفيل كانت كافية لكي تلتهم النيران أحد محركات الطائرة التي هوت في مياه البحر، متسببة بمقتل ركابها الثلاثين. الناجي الوحيد كان نجم المنتخب كالوشا بواليا الذي قاد المنتخب الجديد لاستكمال التصفيات بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من التأهل لمونديال 1994، لكنه خسر البطاقة لمصلحة المغرب في المباراة الأخيرة.
هدف إسكوبار القاتل Escobar's deadly own goal
كانت الجماهير الكولومبية بشيبها وشبانها وتجار المخدرات فيها، تنتظر أداء مشرفاً لمنتخب بلادها في مونديال 1994، لكن هدفاً واحداً قلب الموازين، وأدى إلى ارتكاب أبشع جريمة تسببت بها كرة القدم.
ففي المباراة الأولى خسرت كولومبيا أمام رومانيا، وفي الثانية كانت بحاجة للفوز للحفاظ على آمالها، لكن هدفاً عكسياً سجله المدافع أندرياس إسكوبار قاد بلاده للخسارة (2-1)، فحل عليه غضب الكولومبيين.
وفي الثاني من يونيو، كان إسكوبار أمام ملهى في مدينة ميديلين، عندما تعرض لإطلاق نار (6 رصاصات) من قبل رجل تابع لواحدة من أخطر مافيات المخدرات الكولومبية، ويدعى هامبيرتو كاسترو مونيز. المجرم قتل إسكوبار وهو يصرخ "غووول" على طريقة معلقي أمريكا الجنوبية.
كارثة أكرا 2001 Accra Sports Stadium disaster
في التاسع من مايو عام 2001، شهدت القارة السمراء واحدة من أكبر مآسيها الكروية، عندما توفي 127 مشجعاً، وأصيب العشرات بجروح ورضوض في ملعب أكرا الوطني في العاصمة الغانية.
ففي أثناء مباراة ديربي العاصمة بين فريقي هارتس أوف أوك وأشانتي كوتوكو، تقدم الأخير بهدف واحد، قبل أن يقلب الأول النتيجة لمصلحته بهدفين في الدقائق الأخيرة، لتندلع أعمال شغب قادتها جماهير الفريق الخاسر، فتصدت لها وحدة من رجال الشرطة، وأدت المواجهات إلى مقتل عدد من المشجعين.
كارثة بورسعيد 2012
لم تكن الذكرى الأولى لاندلاع ثورة "25 يناير" المصرية فألاً طيباً على المصريين الذين تمكنوا من تحقيق هدفهم السامي عبر الإطاحة بنظام حسني المبارك، وذلك بعد أن شهد استاد بورسعيد عام 2012، مذبحة راح ضحيتها 72 شخصاً.
وفي التفاصيل أن جماهير النادي المصري البورسعيدي اقتحمت في الأول من فبراير أرض الملعب، وهجمت على مشجعي النادي الأهلي ولاعبيه، فور انتهاء المباراة لمصلحة فريقهم (3-1).
وأكدت مصادر طبية في المستشفيات التي نقل إليها الضحايا، أن بعضهم قتلوا بطعنات وآخرين لقوا حتفهم بطلقات نارية، أو اختناقاً بدخان قنابل الغاز، فيما وجهت أصابع الاتهام للجيش والشرطة اللذين تسببا بما حدث نتيجة إهمالهما التدابير الأمنية والاكتفاء بمراقبة ما يجري فقط.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...