تعاني كل امرأة الآلام النفسية والجسدية خلال فترة الدورة الشهرية، وليس من المستغرب أن تكون المعاناة أكبر بالنسبة للسجينات. هذا ما دفع "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" لدعوة مصلحة السجون المصرية لتوفير الفوط الصحية القطنية للسجينات، دون مقابل، إلى جانب تهيئة الأوضاع الصحية داخل مرافق السجون لتخفيف معاناتهن في تلك الفترة الصعبة.
وأصدرت المبادرة، تزامناً مع يوم وشهر المرأة، تقريراً بعنوان "الدورة الشهرية في السجون"، ضمن حملة بنفس الاسم، لتسليط الضوء على تلك القضية المهملة إعلامياً ورسمياً.
أهداف ومطالب "إنسانية"
ونقل موقع "مدى مصر" عن لبنى درويش، مسؤولة ملف النوع الاجتماعي وحقوق النساء بالمبادرة، وإحدى باحثتين مسؤولتين عن الحملة، أن "أهدافها تتمثل في رفع الوصمة عند الحديث عن الدورة الشهرية بصفة عامة، سواء خارج السجون أو داخلها".
ولفتت درويش إلى أنه "رغم كون الدورة الشهرية أمراً طبيعياً، وجزءاً من صحة النساء، لا يوجد داخل السجون استعدادات لها"، موضحةً أن "لوائح السجون تتعامل مع جميع المساجين بالتعريف على أنهم ذكور، وبالتالي حقوق السيدات غير مدرجة، إلا الحوامل منهن".
وتطمح حملة "المبادرة المصرية" إلى أن تتبنى منظمات معنية بالمرأة، كالمجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس القومي للمرأة، مطالبها، وأن تضغط من أجل تعديل التشريعات لمنح السجينات فوطاً صحية مجانية، بحسب درويش.
وأشار بيان إطلاق الحملة أنها "خطوة نحو النظر إلى النساء (وكذلك الرجال العابرين جنسياً وغيرهم من الأشخاص من ذوي الهويات الجنسية غير النمطية، والذين قد تكون لديهم حااجات فترة الدورة الشهرية) وأجسادهن بشكل أوسع".
كما عدها "محاولة للضغط، حتى يعترف القانون بالحاجات الجسدية للنساء"، مطالباً وزارة الداخلية بـ "صرف فوط صحية نسائية لمدة 7 أيام شهرياً في المتوسط". وطالب أيضاً بـ"تعديل قرار وزير الداخلية المنظم لكيفية معاملة المساجين ومعيشتهم، والذي ينص على توفير حاجات جسدية للمرأة الحامل بدءًا من وصولها إلى
الشهر الثالث من الحمل، دون الإشارة لحاجات النساء الجسدية وصحتهن، ليشمل حقوق جميع السجينات".
شهادات مؤلمة
اعتمد تقرير الحملة على مقابلات مع خمس سجينات سابقات، جنائيات وسياسيات، سلطن الضوء على تأثير غياب اعتراف القانون بحاجاتهن الجسدية في حياتهن اليومية، من المنظورين الاقتصادي والصحي.
وقالت إحداهن، حسب ما ورد في التقرير: "أثناء احتجازي في لاظوغلي، حيث مقر الأمن الوطني في العاصمة المصرية، وصلت فتاة اختطفت قبل 3 أيام من قبل رجال الأمن. كانت في فترة الحيض ولم يكن لديها حتى حقيبة يد. كانت ملابسها غارقة في الدماء".
وأضافت أخرى: "حتى لو اشتغلت الست في السجن – تغسل ملابس أو تبيع مشغولات يدوية مثلاً- فإن ظروفها لا تسمح بشراء الطعام، فكيف يمكنها شراء الفوط الصحية. الكثير من السجينات يعتمدن على طلب الفوطة من الغير لحاجتهن الملحة لها وعجزهن عن شرائها".
تتفق ماجدة عدلي، مديرة إحدى مؤسسات مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، مع هذه الشهادات، وتزيد عليها أن "السجينات القادمات من الأقاليم (خارج العاصمة حيث سجن النساء) لا يحظين بزيارات منتظمة داخل السجن، وبالتالي لا تتوفر لهن الفوط الصحية".
وتابعت عدلي، الطبيبة الناشطة في مجال اﻷوضاع الصحية في السجون، لـ"مدى مصر" قائلةً: "الدورة الشهرية أمر يستدعي الرعاية الصحية، مثل الحمل"، مشددةً على "أهمية توفير الفوط الصحية كجزء من الطب الوقائي، لاسيما أن عدم توافرها يؤدي إلى أمراض مهبلية عديدة، فالدم بيئة خصبة لنمو البكتيريا خاصة مع نقص فرص التهوية الجيدة، والنظافة باستخدام المياه" وهذه كلها عوامل متوفرة بالسجون.
وأكدت عدلي أن "الوضع الصحي في السجون شديد السوء، ويشهد إجراءات شديدة الخطورة" استناداً إلى الشهادات التي تلقاها مركز النديم، والتي تؤكد "تعرض السجينات للفحص المهبلي للتأكد من عدم تهريبهن للمخدرات. وهو إجراء تقوم به السجّانات دون تغيير القفازات المستخدمة مع كل السجينات". وتلفت عدلي إلى أن "هذا ينقل أمراضاً خطيرة عديدة، بينها نقص المناعة المكتسب".
وكان بيان الحملة حذر من خطورة اضطرار السجينات لاستعمال فوطة واحدة طوال دورتهن الشهرية لعجزهن عن شرائها، مؤكداً أن هؤلاء معرضات لأمراض صحية منها "الطفح الجلدي والتهابات المسالك البولية والالتهابات المهبلية".
حقوق السجينات
وأوضحت ماجدة عدلي أنه رغم أن تلك القضية قديمة وخطيرة، فإن "الحديث عن هذا الحق لم يثر سابقاً. لكن مع ارتفاع عدد المساجين واكتظاظ الزنازين باتت أوضاع السجون أكثر إلحاحاً".
وتوضح درويش أن "موضوع الفوط الصحية مجرد جزء من تحسين أوضاع السجون بصفة عامة"، بخلاف قلة أعداد دورات المياه، وتوفر المياه بها والحمامات النظيفة، وعدم التعرض لضوء الشمس، وتوفر الرعاية الطبية في مستشفيات السجون عند الحاجة لتلقي علاج أو رعاية.
كما طالبت عدلي بتوفير الفوط الصحية للسجينات في إطار وضع صحي شديد السوء داخل السجون، مؤكدة أن اكتظاظ الزنازين مع غياب النظافة الشخصية ونظافة السجون، ينقل أمراض جلدية وصدرية معدية، مضيفة أن مستشفيات السجون لا توفر خدمات لائقة للمساجين والمسجونات.
اضطرار السجينات لاستعمال فوطة واحدة طوال دورتهن الشهرية لعجزهن عن شرائها، يعرضهن لأمراض صحية مثل "الطفح الجلدي والتهابات المسالك البولية والالتهابات المهبلية". كيف تعيش السجينات العادة الشهرية؟
قالت بسمة محمود، أخصائية الصحة النفسية، لرصيف22 إن "السجون المصرية بيئة غير صالحة لأي سيدة في فترة الحيض".
"لوائح السجون تتعامل مع جميع المساجين بالتعريف على أنهم ذكور، وبالتالي حقوق السيدات غير مدرجة، إلا الحوامل منهن"، هذا ما يجعل فترة الحيض كابوساً بالنسبة للسجينات.
بيئة غير صالحة للحائضات
من جهتها، قالت بسمة محمود، أخصائية الصحة النفسية، لرصيف22 إن "السجون المصرية بيئة غير صالحة لأي سيدة في فترة الحيض"، لافتةً إلى أن الإصدار الرابع للجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين (التشخيص الإحصائي للاضطرابات النفسية) الذي يتضمن تحديث وإضافة أو تعديل للمعلومات والتشخيصات الخاصة بالاضطرابات النفسية، أقر بمعاناة المرأة العديد من الأعراض خلال فترة الدورة الشهرية تجعلها بحاجة لرعاية خاصة.
ومن بين هذه الأعراض التي أقرها الإصدار، والحديث لا يزال لمحمود، "الشعور بالحزن المفاجئ والتشاؤم وعدم استقرار المزاج والخمول والتعب واليأس ونقص الطاقة واضطراب النوم والرغبة في الوحدة والغضب والخلاف مع الآخرين، وفقدان السيطرة وصعوبة التركيز"، وهي تختلف من سيدة لأخرى من حيث الحدة ولا تجتمع بالضرورة.
وتشدد الباحثة النفسية على أن هذه الأعراض تستدعي نوعين من العلاج. أولهما العلاج الدوائي، من خلال المهدئات، دون إفراط، ومضادات الاكتئاب. وثانيهما العلاج النفسي السلوكي الذي يعتمد بدرجة كبيرة على محاولة منح السيدة غذاء صحياً (يعتمد على الخضر والفاكهة والحبوب الكاملة ويقلل من السكريات والأملاح والدهون والمنبهات لضبط الهرمونات التي يؤدي اختلالها للأعراض المصاحبة للحيض)، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة.
وتضيف محمود: "من الصعب بل ربما المستحيل توفير هذه العلاجات في السجون القائمة على نظام موحد وصارم لا يراعي الاختلافات وتضارب مواعيد الدورة الشهرية لدى السجينات، لذا تبقى بيئة السجن غير ملائمة، وفي حال عدم توفر الفوط الصحية تتضاعف المعاناة والقلق لدى السجينة".
وتختتم: "السجينات بحاجة لما هو أكثر من الفوط الصحية. يحتجن متابعة من قبل أطباء أمراض نسائية وأخصائيين نفسيين خلال هذه الفترة، كما يحتجن تغذيةً صحية وحرية الذهاب لدورات المياه والتريض".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Emad Abu Esamen -
منذ 7 ساعاتلقد أبدعت يا رؤى فقد قرأت للتو نصاً يمثل حالة ابداع وصفي وتحليل موضوعي عميق , يلامس القلب برفق ممزوج بسلاسة في الطرح , و ربما يراه اخرون كل من زاويته و ربما كان احساسي بالنص مرتبط بكوني عشت تجربة زواج فاشل , برغم وجود حب يصعب وصفه كماً ونوعاً, بإختصار ...... ابدعت يا رؤى حد إذهالي
تامر شاهين -
منذ يومهذا الابحار الحذر في الذاكرة عميق وأكثر من نستالجيا خفيفة؟
هذه المشاهد غزيرة لكن لا تروي ولا تغلق الباب . ممتع وممتنع هذا النص لكن احتاج كقارئ ان اعرف من أنت واين أنت وهل هذه المشاهد مجاز فعلا؟ ام حصلت؟ او مختلطة؟
مستخدم مجهول -
منذ يوممن المعيب نشر هذه الماده التي استطاعت فيها زيزي تزوير عدد كبير من اقتباسات الكتاب والسخرية من الشرف ،
كان عيسى يذهب إلى أي عمل "شريف"،
"أن عيسى الذي حصل على ليسانس الحقوق بمساعدة أخيه"
وبذلك قلبت معلومات وردت واضحة بالكتاب ان الشقيق الاصغر هو الذي تكفل بمساعدة اهله ومساعدة اخيه الذي اسكنه معه في غرفه مستأجره في دمشق وتكفل بمساعد ته .
.يدل ذلك ان زيزي لم تقرأ الكتاب وجاءتها المقاله جاهزه لترسلها لكم
غباءا منها أو جهات دفعتها لذلك
واذا افترضنا انها قرأت الكتاب فعدم فهمها ال لا محدود جعلها تنساق وراء تأويلات اغرقتها في مستنقع الثقافة التي تربت عليها ثقافة التهم والتوقيع على الاعترافات المنزوعه بالقوة والتعذيب
وهذه بالتأكيد مسؤولية الناشر موقع (رصيف 22) الذي عودنا على مهنية مشهودة
Kinan Ali -
منذ يومجميل جدا... كمية التفاصيل مرعبة...
Mazen Marraj -
منذ يومينإبدااااع?شرح دقيق وحلول لكل المشاكل الزوجية?ياريت لو الكل يفكر بنفس الطريقة..
بالتوفيق ان شاء الله في حياتكما الزوجية ?
Nawar Almaghout -
منذ يومينرداً على ما ورد من الصحفية زيزي شوشة في موقعكم
الذي أوقع محمد الماغوط وشقيقه عيسى بين براثن الآنسة زيزي وأشباهها
يبدو أن الصحفية ثقافتها لم تسمح لها بالغوص أعمق، و يدل عن بعدها كل البعد عن فهم ما يجري. وهي بسلوكها هذا، على أقل تقدير، تمثل المستنقع الفكري الضحل الذي تعيش فيه
رابط ردي في موقع العربي القديم
https://alarabialqadeem.com/mohmaghbor