وسط غياب التأكيدات أو الإحصائيات الرسمية من قبل السلطات النيوزيلندية عن حصيلة الضحايا الدقيقة، تواترت أنباء عن ارتفاع عدد قتلى الهجوم على مسجدين في مدينة كرايست تشيرش النيوزيلندية الجمعة الماضية إلى 50 قتيلًا وعشرات الجرحى.
وعبر تويتر، دعا خالد بيضون، أستاذ القانون بجامعة ديترويت ومؤلف كتاب "الإسلاموفوبيا في أمريكا: فهم الجذور وتصاعد الخوف"، إلى تكريم ضحايا هذا الاعتداء الإرهابي وتخليد ذكراهم بسرد ومضات من قصص حيواتهم. بدأ بيضون بتدوين هاشتاغ #49lives وفق العدد الأولي للضحايا، ثم تحول إلى #50lives بعد ارتفاع عدد الوفيات.
هروب من "الموت" أم إليه؟
فاجعة أسرة خالد مصطفى السورية اللاجئة حديثاً إلى نيوزيلندا تعد الأسوأ، فبعد أن نجت الأسرة من جحيم الصراع المسلح المشتعل في سوريا منذ 2011، وظنت أنها حظيت بالأمان أخيراً في نيوزيلندا، فجعت بوفاة اثنين من رجالها في مجزرة كرايست تشيرش.
قتل الأب وعائل الأسرة، خالد، فور إطلاق النار عليه داخل المسجد، بينما أصيب الابن الأصغر زيد (14 عاماً) بإصابات بالغة. وظل الابن الأكبر حمزة (16 عاماً) مفقوداً قبل أن تؤكد السلطات وفاته صباح الأحد.
ونقلت صحيفة stuff النيوزيلندية عن علي عقيل، المتحدث باسم التضامن السوري بنيوزيلندا، أنه تواصل مع زوجة خالد وأنها "مدمرة وخائفة للغاية"، لافتاً إلى أنها، إضافة إلى ابنتها الوحيدة الباقية على قيد الحياة، يشعران بـ"الصدمة والرعب".
الجراح الفلسطيني أمجد حميد (57 عاماً)، الذي اشتهر بابتسامته وأحبه مرضاه، هرب هو الآخر من جحيم القتال في فلسطين، قبل 23 عاماً، إلى نيوزيلندا. تؤكد زوجته حنان وولداه أن "المسجد كان ملاذه الآمن كل جمعة".
صرحت زوجته لصحيفة نيوزيلند هيرالد المحلية قائلةً: "إنه أمر فظيع .. كنا نطمح في مستقبل أفضل لنا ولأطفالنا"، واصفةً زوجها بأنه "كان رجلاً لطيفاً جداً".
أما ابنه حسام فقال: "من المفترض أن تكون نيوزيلندا دولة آمنة. لكنها تغيرت إلى الأبد".
داود نبي (71 عاماً) أفغانستاني الأصل، يعد أول ضحايا الاعتداء، حيث كان واقفاً عند باب المسجد للترحيب بزواره. استقبل نبي الإرهابيَ المعتدي بابتسامة قائلاً "تفضل أخي"، وحين أشهر القاتل سلاحه وقف الجد السبعيني، الذي يعد أحد قادة الجالية المسلمة في نيوزيلندا، لتلقي الرصاصة الأولى افتداءً لشاب آخر.
هرب نبي وأسرته من الغزو السوفييتي إلى نيوزيلندا فيالثمانينيات من القرن الماضي وكان يصف موطنه الجديد بأنه قطعة من الجنة" لكن الإرهاب طاله هناك بعد أن ظن نفسه في مأمن.
هاجر المصري منير سليمان (68 عاماً) من أجل حياة أفضل، وتحول للإسلام قبل عدة سنوات، عُرف بنقاء روحه وكان أحد المصريين الأربعة الذين قتلوا في الهجوم: أحمد جمال عبدالغني وأشرف المرسي وأشرف المصري، وفق ما أعلنته السلطات المصرية.
قتل حسين العمري (37 عاماً) أيضاً في الاعتداء. تقول والدته إنه "ابن مطيع" وإنها لن تتمكن من العيش بعده. هرب حسين من العراق الذي مزقته الصراعات السياسية والطائفية ليمزق هو في نيوزيلندا، بينما كان يرعى أبويه المسنين.
اغتيال الطفولة البريئة
يعتقد بأن مسعد إبراهيم (3 سنوات) هو أصغر ضحايا الاعتداء الإرهابي على مسجدي كرايست تشيرش. كان مسعد يلعب في فناء المسجد مع شقيقه عبدي حين بدأ الهجوم وظل مفقوداً عدة ساعات قبل أن يؤكد شقيقه وفاته. أما ثاني أصغر ضحايا الهجوم فكان عبد الإله ديري، وهو صومالي الأصل، (4 سنوات)، وكان مع والده و4 من أشقائه بالمسجد لحظة الاعتداء.
قصة إصابة وسيم الساطي دراغمة الحلاق الأردني الذي استقر بنيوزيلندا قبل خمس سنوات، وطفلته لين (5 سنوات)، مأساة لا تقل دراماتيكية عن سابقتها. أصيب الأب بأربع طلقات ويرقد حالياً بمستشفى المدينة لكنه ظهر في مقطع فيديو مناشداً الدعاء له ولابنته التي ترقد بغرفة قريبة منه، لكنها بحالة حرجة إثر اختراق ثلاث رصاصات جسدها الصغير.
عطاء ونجاحات لم تكتمل
أوقفت مجزرة كرايست تشيرش المطور والمبرمج الفلسطيني عطا عليان (33 عاماً) عن تحقيق المزيد من النجاحات بعد أن أصبح مديراً تنفيذياً لشركة Lazyworm Apps وأحد أبرز مطوري windows central العالمية.
كان عليان يعيش مع زوجته فرح وطفلته البالغة من العمر عامين فقط. ونعته ويندوز بزيد من الأسى، واصفةً إياه بأنه كان "أحد المطورين القلائل الذين جعلوا نظام التشغيل ويندوز فون نظاماً بيئياً رائعاً"، وأنه كان "ذكياً ولطيفاً ومحبوباً من جميع مطوري ويندوز فون وكانت تنتظره حياة مليئة بالنجاح كأحد أبرز مطوريها شغفاً ومثالية".
أما ليندا أرمسترونغ (65 عاماً) فهي نيوزيلندية مسلمة، توفيت بين أحضان صديقتها في الهجوم الأليم. لطالما ساعدت الجدة الحنونة اللاجئين وأطفالهم على التكيف مع الحياة في نيوزيلندا كما رعت فتى مسلمًا من بنغلاديش، لكن القاتل أوقف مسيرة عطائها للأبد.
محسن الحربي، مواطن سعودي، عاش في نيوزيلندا 25 عاماً، وبعد إصابته بخمس رصاصات في الهجوم، شوهد رافعاً سبابته أثناء حمله على نقالة الإسعاف قبيل نقله إلى المستشفى. قاتل الحربي كثيراً ليبقى على قيد الحياة رغم إصابته البليغة وكان أمله الوحيد أن يرى ابنه فراس مجدداً، لكنه توفي السبت.
ماذا نعرف عن ضحايا الهجوم الإرهابي في نيوزيلاندا؟ إنهم أكبر من مجرد رقم تتداوله وسائل الإعلام. حياوات جميلة وقصص كفاح دمرت للأبد.
هارون محمود طالب دكتوراه باكستاني ذهب لاستكمال دراسته بجامعة لينكولن بكرايست تشيرش. ستفتقده زوجته وطفلاه الصغيران.
نفذ العنصري المتطرف أسترالي الجنسية برينتون تارنت (28 عاماً) هجومين على مسجدين في كرايست تشيرش بنيوزيلندا، عقب صلاة الجمعة 15 مارس، أوقعا 50 قتيلًا وعشرات الجرحى بينهم 36 على الأقل يتلقون الرعاية الطبية حتى صباح الأحد.
ومثل تارنت أمام محكمة بالمدينة، السبت، ووُجّهت إليه تهمة القتل.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ اسبوعينمقال رائع فعلا وواقعي