قدّم المجلس الثقافي البريطاني اعتذاراً للكاتب والصحافي البريطاني الشهير جورج أورويل عن رفضه مقالاً كتبه قبل سبعة عقود تقريباً بعد تكليفه به.
ولفتت صحيفة "الغارديان" إلى أن المجلس كلّف أورويل بكتابة مقال عن الطعام البريطاني عام 1946، كجزء من جهود المنظمة لترويج الثقافة البريطانية في الخارج.
وحمل المقال الممنوع من النشر لصاحب الروايتين الشهيرتين "1984" و"مزرعة الحيوانات" عنوان "دفاعاً عن المطبخ الإنجليزي"، فلماذا تمّ رفضه إذاً؟
سبب "مُثير" للمنع
كشف البحث في أرشيف المجلس عن رفض نشر المقال بعد كتابته، حيث أخبر رئيس قسم المطبوعات أورويل بأنه "من الصعب الكتابة عن الطعام في ظلّ حالة التقشف والتقنين الصارم للغذاء بعد الحرب" آنذاك.
وأضاف رئيس القسم في رفضه للمقال: "أعتذر بشدة أن أرفض مقالاً لك، لكن هناك تخوف من النشر حول موضوع الغذاء المؤلم في هذه الفترة... سيكون من غير الحكيم نشرها للقارئ غير البريطاني حالياً".
في الوقت نفسه، اعترف المسؤول البريطاني بأن "المقال ممتاز"، لافتاً إلى أن عليه "مؤاخذات طفيفة" مثل وصفة أورويل لمربى البرتقال (المارملاد) التي قال المحرر "إنها تحتوي على الكثير من السكر والماء".
لماذا الاعتذار الآن؟
في الاعتذار، أوضح المجلس أنه حتى أفضل الكُتّاب تُرفض مقالاتهم، بينما لا يتوقع الكثير منهم الحصول على اعتذار خصوصاً بعد مرور 70 عاماً.
وأوضح ألاسدير دونالدسون، كبير مُحلّلي سياسات المجلس الثقافي البريطاني، أن منع المقال "يُظهر أن المجلس كان محافظاً ويستبعد المخاطرة، في تلك الآونة. وأنه كان حريصاً على تجنّب الكتابة عن الطعام حتى المواد التي تذكر الآثار الكارثية لتقنين استخدام الطعام في زمن الحرب، في أعقاب مجاعة شتاء عام 1945".
حتى أفضل الكُتّاب تُرفض مقالاتهم، بينما لا يتوقع الكثير منهم الحصول على اعتذار... ماذا جاء في مقالة أورويل الممنوعة قبل عقود وكيف شرّح المطبخ البريطاني ومكوّناته؟
تأتي خطوة المجلس الثقافي البريطاني، بإعادة نشر كتابات أورويل، بعد أشهر قليلة من إعلان "اليونسكو" ضمّ أرشيف الكاتب الكبير إلى سجلها لأهم الكتابات التي تستحق الحفظ
أما بشأن الاعتذار المتأخر، فرأى دونالدسون فيه "تصحيحاً، ولو بشكل طفيف، لخطأ ارتُكب في حق أعظم كاتب سياسي في المملكة المتحدة في القرن العشرين".
وأشار إلى أن المجلس يعمل حالياً على "إعادة إنتاج المقالة الأصلية بالكامل، إلى جانب خطاب الرفض المؤسف".
يُشار إلى أن أورويل، الذي تُوفيّ عام 1950، سعى لنشر نسخة مُصغّرة من مقاله المرفوض، عبر موقع the Evening Standard، لكنه فشل أيضاً ما يُظهر تخوّف الجميع وقتها من استفزاز الجمهور بالنشر عن الغذاء الفاخر بعد المجاعة التي عانوها.
ماذا جاء في المقال الممنوع؟
وصف أورويل، في مقالته، النظام الغذائي البريطاني على أنه "نظام غذائي بسيط وثقيل" ويُتيح "تناول المشروبات الساخنة في معظم أوقات اليوم".
واعتبره كذلك بربرياً بعض الشيء، موضحاً أنه"يعتمد على المكوّنات المحلية، ويركز بشكل أساسي على السكر والدهون الحيوانية".
وأضاف: "إنه نظام غذائي مناسب لبلد شمالي رطب حيث تتوفر الزبدة وتشح الزيوت النباتية. وحيث يقلّ الاعتماد على التوابل وبعض الأعشاب قوية النكهة"، مضيفاً "بشكل عام، يُفضّل البريطانيون الأشياء الحلوة على الأشياء الحارة، ويجمعون السكر مع اللحم بطريقة نادراً ما تحدث في مكان آخر".
ولفت أورويل في مقاله إلى أن "الإفطار ليس وجبة خفيفة لدى البريطانيين بل وجبة جادة"، مشيراً إلى أن "المشروبات الساخنة لها أهمية خاصة لديهم خاصة القهوة التي لا يجيدون تمييز الأنواع الجيدة من السيئة منها، والشاي".
وفيما يتعلق بالأطعمة الصحية والبطاطا، اعترف أورويل بأن "البطاطا مُفضّلة، لكن الخضروات الأخرى لا تحظى بشعبية كبيرة بين المواطنين الذين لا يُقبلون على السلطة".
وأثنى أورويل على "واحدة من أعظم أمجاد الطبخ البريطاني وهي الحلويات"، على حدّ وصفه، مُشيداً بشكل خاص ببودينغ البرقوق وفطائر التفاح، ومحذراً القراء بشدة من بودينغ الحليب التي قال إنها "للأسف، مميزة لبريطانيا لكن تحضيراتها من الأرز والسميد والشعير أو المعكرونة، الممزوجة بالحليب والسكر، تجعلها غير مستساغة لأي فم متحضّر".
بعد إسهاب طويل عن حب البريطانيين للشاي، اعتبر أورويل أن "أخطر عيوب فن الطبخ البريطاني هي عدم الاعتماد على الخضروات بشكل كافي، بجانب الاستخدام المُفرط للسكر". لكنه حثّ القراء في الوقت نفسه، على تجربة أفضل الأطعمة البريطانية المتمثلة في السمك المالح والمحار والبسكويت والمربى والهلام.
وتأتي خطوة المجلس الثقافي البريطاني، بإعادة نشر كتابات أورويل، بعد أشهر قليلة من إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ضمّ أرشيف الكاتب الكبير إلى سجلها لأهم الوثائق والكتابات التي تستحق الحفظ والتسجيل في العالم اعترافاً بالأهمية العالمية لها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين