شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
ما علاقة الرؤساء بالحيوانات الأليفة؟

ما علاقة الرؤساء بالحيوانات الأليفة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الثلاثاء 29 يناير 201904:59 م
نقول عنها حيوانات أليفة أو منزلية ويُشترط في هذا أن تكون ذات حجمٍ مناسب لتعيش في البيت، إذ لا يتوقع أحد منك عزيزتي أن تستضيفي ثوراً في غرفة نومك، لكن هذا يحصل أحياناً، والشرط الآخر هو توفّر الألفة، أي العلاقات الدافئة التي تنشأ بين نوعين مختلفين من الحيوانات، أحدهما ناطق أو ضاحك أو مفكّر والآخر ليس كذلك، وقد يكون كذلك لكنه يُحجم عن التبجّح بالأمر. لا أظن أن السلاحف حيوانات أليفة ولا الطيور كذلك، وأشكُّ بامتلاك الإغوانا والسحالي فكرةً عن الامتنان لمن يطعمها أو ينظف مكانها أو يلاطفها، إذا لمْ تحضر تلك الألفة والمشاعر المتبادلة فمن أين تأتي تلك التسمية (أليف)، فالسلاحف لا تحتاج للنزهات والسحالي والأفاعي والعناكب لا تأبه لصوت الموسيقا، بينما تقفز القطط فرحاً عند سماعها أصوات الآلات الموسيقية، (أخجل من الاعتراف أن الهرّ الذي كان لديّ يحبّ الموسيقا الشعبيّة وأغاني المطربين الموالين للنظام، ذلك أني كنت آمل بهرٍّ ذي ذوق موسيقي أكثر كلاسيكية، لكنه هرّ فقط، من يطلب من هرٍّ أن يتحصّل على شهادة جامعية؟) كذلك تفعل الكلاب، وأظنّ أن تلك الصفة (أليف) يجب أن تطلق على كل الأشياء التي نُنشئ علاقات عاطفيّة معها، كسمّاعة الهاتف وكوب القهوة، ولاعة التبغ والأحذية المطاطيّة، الجوارب والألبسة الداخليّة لآخر صديقة تركتك تبكي في الصالون وذهبت إلى حفلة راقصة.

الأليف والمتوحش

عرفت الحضارات جميعها فكرة تربية الحيوانات الأليفة، من الحضارة المصريّة القديمة وصولاً بدرجة أقلّ إلى الإسلام، وبالرغم من وصول إعجاب المصريين مثلاً بالحيوانات حدّ التقديس والعبادة ووضعها موضع السموّ، إلا أن الأمر لم يخرج عن فكرة النفعيّة، سواء أكان الأمر اتقاء لشرّ الحيوان المفترس نفسه أو أضرابه أو لاستخدامه في شؤون الحياة اليوميّة كالصيد والحماية والحراسة وما إلى ذلك، وربما لم تخرج مجموعة الآلهة عن مسار المنفعة المتبادلة حتى الآن، نحتاج الآلهة لنشعر بالطمأنينة وتحتاجنا الآلهة لتنوجد. بقي الأمر طويلاً عند حد النفعيّة في اقتناء حيوانات أليفة في الإسلام، حتى قُسّمت الحيوانات إلى حيوانات مفيدة وأخرى غير مفيدة، وبالرغم من إصرار الأحاديث النبويّة على وجوب عدم إيذاء الحيوانات إلا أن اقتناءها كان أمراً مكروهاً إلا لغرض الاستفادة منها، وهناك بعض الفتاوى الغريبة التي تحرّم الاستمتاع بالاقتناء، كتحريم طرب السامع لزقزقة العصافير إذ أنها تلهيه عن التسبيح لله، كما حَرّم الإسلام إطلاق الأسماء على الحيوانات لما في هذا من تشبّهٍ بالبشر أو إذا تمّ ذلك فيكون بأسماء غير مستخدمة للبشر ومنحوتة من صفاتها كالغبراء والسريعة مثلاً أو الأبلق والأبجر، وهذه النظرة الدونيّة للحيوانات ربما تعود إلى الاعتقاد بأن أرواح البشر الخاطئين تحلّ في أجساد فاسدة ومتدنية في سلّم الطبيعة.
الرؤساء يحبّون الحيوانات الأليفة، من جورج بوش الأب وكلينتون وأوباما إلى الرئيس الروسي بوتين، جميعهم يقتنون الحيوانات الأليفة ويتباهون بنشر الصور التي تظهرهم يلعبون معها ويركضون خلفها كأطفال سعداء.
حيوانات الرؤساء العرب الأليفة هي شعوبهم فقط، لديهم مزارع بحجم الأوطان وحيوانات أليفة بمقدار ما لديهم من بشر.
عرفت الحضارات جميعها فكرة تربية الحيوانات الأليفة، من الحضارة المصريّة القديمة وصولاً بدرجة أقلّ إلى الإسلام، وبالرغم من وصول إعجاب المصريين مثلاً بالحيوانات حدّ التقديس والعبادة ووضعها موضع السموّ، إلا أن الأمر لم يخرج عن فكرة النفعيّة من الحيوان في شؤون الحياة اليوميّة.
أظنّ أن تلك الصفة (أليف) يجب أن تطلق على كل الأشياء التي نُنشئ علاقات عاطفيّة معها، كسمّاعة الهاتف وكوب القهوة، ولاعة التبغ والأحذية المطاطيّة، الجوارب والألبسة الداخليّة لآخر صديقة تركتك تبكي في الصالون وذهبت إلى حفلة راقصة.

الرؤساء والحيوانات

بالرغم من صعوبة تصديق ذلك إلا أن رؤساء الدول عادةً هم من البشر، وهم يبالغون بإظهار هذه (الميزة) كسباً لتعاطف الجمهور وسعياً وراء تأكيد إنسانيّة غالباً ما تكون مفقودة، وعُرف عن العديد من الرؤساء الغربيين حبّهم للحيوانات واقتناؤهم لها بل والاحتفاظ بها في القصور الرئاسية، حيث استقبل البيت الأبيض أكثر من ثلاثمائة حيوان أليف (أضف لهم خمسة وأربعين رئيساً)، الرؤساء يحبّون الحيوانات الأليفة، من جورج بوش الأب وكلينتون وأوباما إلى الرئيس الروسي بوتين، وأيضاً رئيس الوزراء البريطاني كاميرون والفرنسي ماكرون، جميعهم يقتنون الحيوانات الأليفة ويتباهون بنشر الصور التي تظهرهم يلعبون معها ويركضون خلفها كأطفال سعداء، لكن الأمر لا ينطبق على الرؤساء العرب إذ نادراً ما نرى ملمحاً إنسانياً في وجه أحدهم، فعلى الأغلب هم جدّيون ويبحثون في الأخطار المُحدقة بالأمة، ولا وقت لديهم لهذه الترّهات، قد نجد رئيساً يركب درّاجة هوائيّة أو يرتدي ثياباً رياضيّة ويجري في حديقة قصره، وغالباً ما تكون صوراً مسرّبة، لكننا لن نجد رئيساً واحداً يحتفظ بحيوان أليف، حيوانات الرؤساء العرب الأليفة هي شعوبهم فقط، لديهم مزارع بحجم الأوطان وحيوانات أليفة بمقدار ما لديهم من بشر، وعندما يقوم سيادته بلصق ضحكة مبتذلة على وجهه ومصافحة عناصر الأمن المتنكّرين بهيئة مارّة في الشارع، يظنّ أنه بذلك يظهر وجهه الإنساني، ونحن نعلم تماماً بأنه كائن فضائي لا غير، كائن فضائي من كوكب الرؤساء والقادة والزعماء ذوي البشرة الناعمة والضحكة الصفراء، كوكب الوحوش التي تُرسل كل حين جزءاً من جيوشها لتُحكم السيطرة على كوكب الأرض وتنزل العقاب بالبشر المساكين.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image