شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
في يوبيله الذهبي.. هل يغيب الطابع الكرنفالي عن معرض القاهرة للكتاب؟

في يوبيله الذهبي.. هل يغيب الطابع الكرنفالي عن معرض القاهرة للكتاب؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الثلاثاء 22 يناير 201906:01 م
تحدياتٌ كثيرةٌ تنتظر زوارَ معرض القاهرة الدولي للكتاب 23 يناير- 5 فبراير، تبدأ مع برودةِ الطقس ولا تنتهي عند صعوبةِ الوصول للمعرض الذي يحتفلُ بيوبيله الذهبي في أرض المعارض الجديدة الواقعة شمال القاهرة. حلةٌ جديدة قد تُعيد هيكلةَ الرحلة التي اعتادها المصريون إلى معرض الكتاب. لسنواتٍ تزامنَ الحدثُ مع عطلة منتصفِ العام الدراسي، ماجعله متنزّهاً للعائلات وملتقى للأصدقاء، فالزائرُ يأكل الكشري ويشرب القهوة، وقد يلعب "الكورة" قبل تحقيق جوهر الزيارة، اقتناء الكتب التي كانت تتاحُ بأسعارٍ مختلفة وطبعاتٍ تناسب جميع الدخول، يعزّزُ ذلك جناحُ "سور الأزبكية" سوقُ الكتب القديمة والمستعملة، الذي كان قبلةً لذوي الدخل المحدود. أجواءٌ احتفاليةٌ شعبية قد تغيب هذه الدورة، في ظل ضيق المساحة والتنظيم الرسمي الذي يحدد حركةَ الزائر ووجهتَه، وتخوفاتٌ عبّر عنها ناشرون مصريون، آملين أن يبقى معرضُ القاهرة الدولي للكتاب الحدثَ الثقافي الأبرز والأكثر استقطاباً للزوَّار والناشرين من أنحاء العالم.
"فكرةُ معرض الكتاب تتجاوز كونَه سوقاً للكتب، لتصبح تظاهرةً احتفاليةً شاملة، بحبّ الكتاب والثقافة، يأتيه الشباب للتنزه وشرب القهوة ولقاء المثقفين وشراء الكتب، والعائلات تقصده مع أبنائها لتعزيز علاقتهم بالكتاب"
تحلُّ جامعةُ الدول العربية ضيفَ شرف المعرض هذا العام، تزامناً مع إطلاق مشروعٍ بالتنسيق معها، قوامُه إقامةُ مكتباتٍ في مناطقَ نائيةٍ على مستوى الدول العربية

غياب الطابع الكرنفالي

الناشر محمد البعلي متخوفٌ من أن يفقدَ المعرض طابعَه الكرنفالي في مُستقرّه الجديد "تجهيز أماكنَ حديثةٍ للعرض وقاعاتٍ منظمة أمرٌ جيد ومرحبٌ به، لكن ثمة وجهٌ آخر يحمل تحدياتٍ كثيرةً" يضيف لرصيف22 أن التحدي الكبير هو الحفاظ على الطابع الاحتفالي الذي يميّزُ المعرض، كمعظم الفعاليات المصرية. البعلي يشبُّه أجواءَ معرض الكتاب بأجواءِ الموالد، لذلك يسميه "مولد سيدي الكتاب"، معللاً بأن "فكرةَ معرض الكتاب تتجاوز كونه سوقاً للكتب، لتصبح تظاهرةً احتفاليةً شاملة، بحبّ الكتاب والثقافة، يأتيه الشباب للتنزه وشرب القهوة ولقاء المثقفين وشراء الكتب، والعائلات تقصده مع أبنائها لتعزيز علاقتهم بالكتاب" مشيراً إلى أن كل ذلك يجعله ملتقى لجوهر الثقافة في مصر. "الحفاظُ على جاذبية الجمهور واستقطابُهم تحدٍ آخر ينتظر الناشرين في المعرض، فزيارته لن تكون سهلةً، خاصةً أنه في منطقةٍ بعيدة عن قلب العاصمة" يؤكد مؤسس دار صفصافة للتوزيع والنشر، لافتاً إلى أن البُعد والتكلفة وغياب الشكل الكرنفالي عوامل قد تؤثر على عدد الزائرين هذا العام. محمد البعلي يشارك في جناحٍ خاص لدار صفصافة، فالتغيُّب لموسم واحد يجعل العودةَ إلى المعرض أمراً صعباً حسب قوله، آملاً أن تحققَ هذه الدورة المأمولَ منها "الأجواءُ المصرية غائبة، المعرضُ أشبه بمعارض الكتب في دول الخليج العربي، وأخشى أن نلقى ذاتَ المصير، فعاليةٌ بشكلٍ جميل وجمهورٍ محدود". الناشر وائل المللا أيضاً يعتبر أن الأجواءَ الاحتفالية المرافقة للمعرض مِيزةٌ جيدة قد تغيب هذه الدورة، معللاً بأن الطابعَ الرسمي هو الغالب في المكان الجديد. يضيف لرصيف22 أن تلك الميزة لم تلغِ العيوبَ الكثيرةَ التي تخللت الدوراتِ السابقة "فوضى وعشوائية مؤذية للناس وللزائرين". يؤكد أن الانتقال إلى أرض المعارض الجديدة في صالح الناشرين "80% منهم نالوا أجنحةً خاصة بهم، المكان منسقٌ ومجهز للعرض، والأهم من ذلك أن كلَّ ناشر يعرض كتبَه فقط، أو كتبَ غيرهِ وفقَ توكيلٍ رسمي من دار نشرٍ لم تشارك في المعرض" لافتاً أن هذا يدعم الملكيةَ الفكرية لدور النشر لكنه يحدّ من انتشار الكتاب بين الأجنحة "سابقاً كان متاحاً التعاونُ بين الدور عبر تبادل الإصدارات، الأمر الذي مُنعَ هذا العام ليتواجدَ الإصدارُ في دار ناشره فقط". صاحب "دار مصر العربية للتوزيع والنشر" يشير إلى أن بُعد المكان عن العاصمة قد يؤثر على الإقبال، خاصة أن الزوارَ أغلبُهم من الشباب محدودي الإمكانات المادية، يستحضرُ أحدَ أيام المعرض السابق وكان قد استقطب 500 ألفِ زائرٍ، حسب قوله، راجياً أن تحقق هذه الدورة بعضاً منه. "المعوقاتُ واردةُ الحدوث، كونها الدورةَ الأولى في أرض المعارض الجديدة، لكن مع مضي الوقت سيتم تلافيها" يقول المللا مشدداً على أن المكان حضاريٌّ، وقوانين المعرض تحمي الملكية الفكرية للناشرين، خاصة اقتصارَ بيع الإصدار على ناشره فقط، القرار الذي أدى إلى عزوف مكتبات سور الأزبكية عن المشاركة، حسب قوله، معتبراً أن قطاعاً كبيراً منها يعمل بالكتب المزوَّرة وهذا يضر الناشرين. لكن لباعة سور الأزبكية كلامٌ آخر.

سور الأزبكية.. كرنفالٌ مستقل

محمد القاسم صاحب مكتبة في سور الأزبكية، وواحدٌ من ستة مشاركين فقط من سوق الكتب القديمة والمستعملة، يعلل انخفاضَ العدد بضيق مساحة المعرض الجديد قياساً مع عدد الناشرين المشاركين. القاسم مؤسسُ دار نشرٍ تعمل في نشر إصداراتها الخاصة إلى جانب طباعة الكتب القديمة غير المتواجدة في السوق وليس لها حقوقُ طباعة، يطلق عليها مصطلح "بابليك دومين" حسب قوله لرصيف22. وهو كسابقيه، معجبٌ بتنظيم المعرض وإدارة مكانه، لكنه قلقٌ من كثافة الإقبال في ظل بُعد المسافة عن مركز العاصمة.  على ضفةٍ مغايرة يقف العم حربي –كم يُلقَّب في سور الأزبكية- ومعه حوالي 100 آخرين من باعة الكتب القديمة في سور الأزبكية، الذين اعتادو المشاركةَ في دورات المعرض السابقة. مؤكداً لرصيف22 أن شروطَ إدارة المعرض لم تتناسب وإمكاناتِهم ما أدى إلى عزوفهم عن المشاركة. يتابع أن المساحة المخصصة لكل مكتبة هذا العام اقتصرت على 9 متر مقابل 1500 جنيهٍ للمتر الواحد، رقمٌ ارتفع بنسبة 70% عما كان عليه في الأعوام السابقة، وأدى إلى عدم مشاركة مكتبات سور الأزبكية في المعرض لينخفض عددهم من 118 مكتبة إلى 6 مكتباتٍ فقط. العم حربي صاحبُ مكتبة في سور الأزبكية يعمل فيها منذ 55 عاماً عندما ورثها عن والده، يشير إلى أن المشاركين من سور الأزبكية هم أعضاءٌ في اتحاد الناشرين المصريين ولديهم مطابعُهم الخاصة، مايتيح لهم إمكانية المشاركة. مكتباتُ سور الأزبكية حاولت تعويضَ خسارة مشاركتها في معرض الكتاب، عبرَ إطلاق معرض آخر أسموه "كرنفال تخفيضات سور الأزبكية" بين 15 يناير إلى 15 فبراير، في منطقة العتبة وسط القاهرة. يحدثنا عنه العم حربي "أجرينا تخفيضاتٍ قويةً خلال الكرنفال، كما وفرنا أموالَ حجز مساحاتِ المعرض الدولي ونقلِ الكتب إليها، كل ذلك كان مردوده جيداً علينا وعلى الزبائن أيضاً". ينهي حديثه مؤكداً أن زبون سور الأزبكية مختلفٌ عن زبون باقي دور النشر، متمنياً أن تلاقي هذه الدورة إقبالاً. يعيدنا إلى ثمانينيات القرن الماضي، حيث مرحلة انتقال معرض الكتاب من مقره الأول في الجزيرة، أرض الأوبرا، إلى أرض المعارض في مدينة نصر التي "اعتبرها الناس وقتها بعيدةً، رغم ذلك حقق المعرض إقبالاً نرجوه في المرحلة القادمة".

إدارة المهرجان.. تسهيلات ووعود

سور الأزبكية استحوذَ في الدوراتِ السابقة على مساحته الخاصة التي تقلّصت في أرض المعارض الجديدة، بسبب إعادةِ توزيع المساحات بشكلٍ مختلف، الأمرُ الذي رفضه الباعة وقدموا اعتذاراً رسمياً إلى إدارة المعرض. ذلك مايؤكده سعيد عبده رئيس اتحاد الناشرين المصريين، مضيفاً لرصيف22 أن اعتذار باعة سور الأزبكية أدى إلى توزيع مساحتهم على الناشرين. يؤكد أن نقل مقر المعرض خطوةٌ هامة حان وقتها، وقد خُطّطَ لها جيداً، فالمساحة وُزِّعت وفقاً للقرعة العالمية، وكالمعارض الدولية تتيح هذا الدورةُ فرصةَ التوكيل الرسمي لدور نشرٍ غيرِ مشاركة، حسب قوله. رئيس مجلس إدارة دار المعارف يعرّج على تنظيم المعرض الذي "يخصص مساحةً للأطفال، تحتوي وسائلَ تسلية وناشري كتب الأطفال وعروضَ حكي خاصةً بهم، إلى جانب مساحاتٍ مخصصة لحفلات التوقيع، بعيداً عن الأجنحة، منعاً للتكدس والازدحام الذي كان يحدث في الدورات السابقة". عبده غيرُ قلقٍ من قلّة إقبال الجمهور، خاصة أن دعايةً قوية أطلقتها إدارةُ المهرجان، شملت المحطاتِ الفضائيةَ و"السوشيال ميديا"، حسب قوله، مؤكداً أن وسائلَ مواصلاتٍ مجانيةً ستتحرك إلى أرض المعارض الجديدة انطلاقاً من جميع ميادين القاهرة. تحلُّ جامعةُ الدول العربية ضيفَ شرف المعرض لهذا العام، تزامناً مع إطلاق مشروعٍ بالتنسيق معها، قوامُه إقامةُ مكتباتٍ في مناطقَ نائيةٍ على مستوى 21 دولةً عربية. المشروع سيبدأُ بمصر، في حين تبرّع الناشرون بالكتب اللازمة لانطلاقه وستعرض في جناح جامعة الدول العربية. حسب قول رئيس اتحاد الناشرين المصريين. 35 دولةً مشاركة، بأكثر من 800 ألف عنوان، أرقامٌ ومؤشراتٌ تؤكد أن اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب سيكون تظاهرةً ضخمةً ومختلفة، أما كثافةُ الإقبال وتفاعلُ عشاق الكتاب الذين تجاوز عددهم الـ4 مليون في مواسمَ سابقة، ستجلوهما الأيامُ القادمة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image