الإعلان الأخير للولايات المتّحدة وبولندا عن تنظيم قمّة في وارسو في 13 و14 فبراير المقبل، والذي قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إنها ستركّز على "استقرار الشرق الأوسط والسّلام والحريّة والأمن في هذه المنطقة، وهذا يتضمّن عنصراً مهمّاً هو التأكّد أن إيران لا تمارس نفوذاً مزعزعاً للاستقرار"، أدّى إلى توتّر في العلاقات الإيرانية–البولندية.
وكتب وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف عبر حسابِه على تويتر، أنه "في حين أنقذتْ إيران البولنديين في الحرب العالمية الثانية، تستضيف بولندا الآن عرضاً هزلياً محبطاً مناوئاً لإيران". ونشر ظريف صوراً عن دعم إيران لبولندا. ومن جهتهما قام كلٌّ من مساعد ظريف ورئيس بلدية أصفهان بخطوةٍ مماثلة، ونشَرا تغريداتٍ تحدّثت عن فترةٍ في الماضي شهدت حضورَ البولنديين الهاربين من الحرب العالمية الثانية إلى إيران.
وأعلنت وسائل إعلام بولندية أن السفارة الإيرانية في بولندا توقّفت عن إصدار التأشيرات السياحية للبولنديين. كما أعلن رئيس المنظمة السينمائية الإيرانية "حسين انتظامي"، إلغاء أسبوع الفيلم البولندي في طهران. وقام وفدٌ بولندي برئاسة نائب وزير الخارجية بزيارة إلى طهران لإجراء محادثات مع المسؤولين الإيرانيين حول قمة وارسو.
ما هي قصة استضافة إيران 121 ألف لاجئ بولنديّ خلال الحرب العالمية الثانية؟
في عام 1942 وعند بداية الحرب العالمية الثانية تمّ نفي 121 ألف أسير ومشرّد بولنديّ (بفعل اتفاقية تقسيم بولندا بين الاتحاد السوفيتي وألمانيا النازية)، إلى الأراضي السوفيتية الشرقيّة، وتمّ إسکان غالبیتهم في معسکراتِ العمل السوفیتیة في ظروفٍ صعبة.
بعد الغزوِ الألمانيّ للاتّحاد السوفيتي، وقّع ستالين معاهدةً مع الحكومة البولندية في المنفى ضدّ النازيّين، وقرّر بموجب هذه المعاهدة أن يتمّ نقل العسكريين البولنديين إضافة إلى المقيمين في معسكرات السوفييت إلى دولٍ أخرى عن طريق الأراضي الإيرانية.وأعلنت وسائل إعلام بولندية أن السفارة الإيرانية في بولندا توقّفت عن إصدار التأشيرات السياحية للبولنديين. كما أعلن رئيس المنظمة السينمائية الإيرانية "حسين انتظامي"، إلغاء أسبوع الفيلم البولندي في طهران. وقام وفدٌ بولندي برئاسة نائب وزير الخارجية بزيارة إلى طهران لإجراء محادثات مع المسؤولين الإيرانيين حول قمة وارسو.
بعد ما طالت مدة إقامة بعض البولنديين في ايران، قامت كلُّ فئة منهم بالعمل في مجالٍ ما لتوفير لقمة العيش؛ فقام الرّجال بالعمل في المزارع أو المطاعم والمقاهي، كما قام الأطفال منهم بتعلّم الفنون الإيرانية، منها حياكة السّجاد في معاهدَ أُسّست بتعاونٍ مع السفير البولنديّ آنذاك، ووزارة الثّقافة الإيرانية. والنساء كنّ يعملن كخادماتٍ في بيوتِ الأثرياء الإيرانيين، وبعضهنّ في معاملِ الخياطة.
وفي عام 1942 وصل أكثر من 120 ألفاً من النساء والأطفال برفقةِ الجنود البولنديّين إلى إيران من ميناء أنزَلي في شمال البلاد، ومن حدودٍ شمالية أخرى.
بعد وصولهم إلى إيران، انضمّ عددٌ كبير من الرجال البولنديين إلى جيش التحرير البولندي وغادروا إيران؛ ونسبة كبيرة من المدنيين البولنديين استقرّوا في مخيّماتٍ أنشأتْها السّلطات الايرانية في مدنٍ مثل طهران وأصفهان ومشهد.
في ذلك الوقت كانت تواجه إيران مجاعةً ونقصاً في الغذاء، واضطراباتٍ سياسية واقتصادية، ومع ذلك، فإن الإيرانيين وعلى الرغم من مصائبهم استضافوا البولنديين، ورحّبوا بهم.
رسالة ممثّلي المهاجرين البولنديّين إلى السّلطات الإيرانية في ذلك الوقت تظهر هذا الأمر: "في هذا الوقت الذي يغادر فيه اللاجئون البولنديون إيرانَ بعد ثلاث سنوات من الحضور في أراضي بلدكم الطّاهرة، نودّ أن نشكركم لضيافتِكم وترحيبِكم. لن يتمّ نسيان هذه الضيافة، وكلّ الإجراءات التي قامت بها السّلطات الإيرانية حُفرت في ذاكرة الشّعب البولنديّ".
وقد تمّ إسكان البولنديين عند وصولهم إلى إيران في مخيّماتٍ في المدن المختلفة، منها طهران وكَرَج وأراك وأصفهان ومشهد وقزوين وهمدان وخُرّمْشهر (المحمّرة) وهَمدان. وكان سبب بناء مخيماتٍ في همدان والأهواز وخُرّمْشهر، إرسال الجنود والعسكريين إلى أفريقيا الجنوبية والعراق والهند بهدف القتال ضدّ قوّات الحُلفاء.
واستغرقت استضافة إيران للاجئين البولنديين ما يقارب ثلاث سنوات (حتّى نهاية الحرب العالميّة الثانية). ثمّ عاد أغلبهم إلى وطنِهم، وبقي البعض منهم في إيران.
بعد ما طالت مدة إقامة بعض البولنديين في ايران، قامت كلُّ فئة منهم بالعمل في مجالٍ ما لتوفير لقمة العيش؛ فقام الرّجال بالعمل في المزارع أو المطاعم والمقاهي، كما قام الأطفال منهم بتعلّم الفنون الإيرانية، منها حياكة السّجاد في معاهدَ أُسّست بتعاونٍ مع السفير البولنديّ آنذاك، ووزارة الثّقافة الإيرانية. والنساء كنّ يعملن كخادماتٍ في بيوتِ الأثرياء الإيرانيين، وبعضهنّ في معاملِ الخياطة.
ووصل الأمر إلى درجة أصبح للبلونديين صحيفة ومحطّة إذاعية بلغتهم.
وقد مات العديد من هؤلاء النساء والرجال والأطفال في سنوات الحرب العالمية التي قضوها في إيران ودُفنوا في مقابر في طهران والأهواز. وبعد مرورِ أكثر من 70 عاماً من هجرة البولنديين إلى إيران، لم يبق منهم أحدٌ اليوم، حيث توفّيت "هِلِن استلماخ" آخر مهاجرٍ بولنديّ في ايران في إبريل\نيسان 2017، وتركتْ كتابَ ذكريّات باللّغة الفارسية بعنوان "من وارسو إلى إيران".
مقبرة البولنديين في طهران هي مقبرة في منطقة "دروازه دولاب" في جنوب طهران، حيث دفن فيها 1892 مواطناً بولندياً توفّوا خلال فترة إقامتهم في إيران؛ من بين هؤلاء 408 عسكريين بولنديين قُتلوا في الحرب العالمية الثانية. كما توجد مقبرة أخرى للبولنديين في مدينة الأهواز، وأخرى في ميناء أنزَلي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...