شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
مهند خورشيد لرصيف22: القرآن هو تجلي رحمة الله وتفسيره يتطلب العمل على كشف ذلك

مهند خورشيد لرصيف22: القرآن هو تجلي رحمة الله وتفسيره يتطلب العمل على كشف ذلك

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 20 ديسمبر 201807:00 م
"نشأتي بين الفكر الوهابي المتشدد في الرياض والفكر المرن، خاصة في تعامله مع الآخر، في بيروت، جعلتني أعي منذ سن مبكرة بوجود أكثر من فهم للإسلام. وأثّرت بي كثيراً جدتي لأمي. كانت أمّية، لكنها كانت متعلقة بحب الله وحب الخير لكل الناس، كانت تخطئ أحياناً في تلاوة القرآن أثناء الصلاة، لكنّي تعلّمت منها أن التديّن ليس بالمظاهر، بل هو قلب محب وخُلُق راقٍ وعمل صالح". هذا ما يقوله الباحث في الفكر الإسلامي مهند خورشيد لرصيف22. وُلد خورشيد، الفلسطيني الأصل، في لبنان، ونشأ في الرياض وتعلّم في مدارسها، ويعيش منذ عمر الـ17 عاماً في أوروبا، ويحمل الجنسية النمساوية. في النمسا درس علم اجتماع الدين وحصل على شهادة الدكتوراه بتقدير امتياز من جامعة فيينا، وهي أعلى درجة تعطيها هذه الجامعة، كما درس العلوم الشرعية في جامعة الأوزاعي في بيروت عن طريق الانتساب. يعمل خورشيد منذ 15 سنة في تدريس الدين الإسلامي في جامعات أوروبية مختلفة، خاصة جامعة فيينا وجامعة مونستر الألمانية. وفي الأخيرة، أسس كلية الدراسات الإسلامية والتربوية سنة 2011، ويبلغ عدد طلابها اليوم أكثر من 900 طالب وطالبة ما يجعلها أكبر كلية للدراسات الإسلامية في أوروبا الغربية، ويعمل عميداً لها بجانب عمله كأستاذ للتربية الإسلامية فيها. يروي لرصيف22 أنه عندما وصل إلى أوروبا للدراسة، كانت صورة تلك القارة في ذهنه هي صورة "الغرب المتآمر على الإسلام، كما تعلّمنا في المدرسة، والبعيد عن قيم الأخلاق الحميدة"، لكنه فوجئ منذ البداية بعكس ذلك. يقول: "كانت جميع حقوق المواطنة مضمونة لي، كالتأمينات الاجتماعية والصحية والدراسة في الجامعة وزيارة أي طبيب أو عيادة دون تفرقة بيني كأجنبي وبين المواطن من أهل البلد، وكان هذا شيء غير معتاد بالنسبة إليّ. كذلك وجدت في كل مدينة أوروبية زرتها مساجد للمسلمين تُقام فيها الصلاة بكل حرية ورأيت كيف أن القانون يحمي الحرية الدينية حتى لنا كمسلمين". في أوروبا، تعرّف على كثير من المسلمين وغير المسلمين. "لم أجد أن المسلم كان أكثر خلقاً في تعامله أو إخلاصاً في عمله من غير المسلم، وأحياناً كان غير المسلم أكثر صدقاً وإخلاصاً وأكثر احتراماً للوقت ولأسرته ولقيم الإنسانية من المسلم"، يقول. ويلفت إلى أنه عاش في مجتمع شعر فيه بإنسانيته "أكثر من كثير من البلاد الإسلامية التي سبق وزرتها أو عشت فيها". كل هذه التجارب جعلته يتساءل: "هل حقاً نار جهنم خُلقت من أجل هؤلاء، فقط لأنهم غير مسلمين؟ لماذا اقترن الإيمان دائماً بالعمل الصالح كما أخبر الله في أكثر من خمسين موضعاً في القرآن الكريم؟ وهل العمل الصالح مقتصر فقط على الطقوس العبادية؟". رحلته الروحية والفكرية جعلته يضع علامات استفهام أمام "أمور نتعامل معها كمسلمات". وبرأيه، "الإيمان الصادق لا بد أن ينطلق عن قناعات عقلية وإلا لبقي مجرد تقليد كغيره من العادات والتقاليد". عن الدين والغرب والشرق وتجديد الخطاب الديني والإصلاح الديني والعقلانية وأمور كثيرة أخرى تحدث خورشيد لرصيف22. وهنا نص الحوار معه:
  • قلت إن "الله ليس دكتاتوراً". ودعيت في كتابك "الإسلام رحمة" إلى "علاقة حوارية" بين الله والإنسان. ماذا تقصد بذلك؟

في البداية، لا بد من وضع كلامي في السياق الذي أعيش وأعمل فيه وهو السياق الأوروبي. فهناك مصطلحات مثل "الله ليس دكتاتوراً" لها استخدامها باللغة الألمانية ويفهمها الألماني في سياق لغته وحضارته، لكني أرفض هذه الترجمة الحرفية إلى العربية لما قد تتسبب به من سوء فهم، خاصة وأن ما هو مصطلح على استخدامه في سياق قد يُستهجَن في سياق آخر. أما الذي أريد أن أصل إليه فهو لفت النظر إلى ما قرره القرآن من أن علاقة الله بالإنسان هي علاقة محبة قبل كل شيء: "يحبهم ويحبونه". وقد بدأ الله بنفسه، لأن محبته للإنسان سابقة لمحبة الإنسان لله. من المؤسف أننا كمسلمين لا نركّز على هذه العلاقة القائمة على المحبة مع أن الحب نواة العلاقة بين الله والإنسان كما ذكر القرآن. وقانون الحب هو الحرية، فلا حب حقيقياً دون حرية، لأن الحب بالإكراه ليس حباً. كم يستغرب غير المسلم حين أقرأ له آيات قرآنية مثل قول الله تعالى: "رضي الله عنهم ورضوا عنه"؟ كم من غير مسلم سألني متعجباً: "ألهذه الدرجة إله الإسلام محب ورحيم بالإنسان إلى درجة أنه يهمه أن يكون الإنسان أيضاً راضياً عن الله؟ كأن الله يقول لنا: أريدكم أيضاً أن تكونوا راضين عني كإله محب رحيم ودود. ما هذه العظمة الإلهية التي تتجلى في القرآن؟ لماذا لا تحدثوننا أيها المسلمين عن هذا الإله المحب كما تجلى في القرآن الكريم، أنتم لا تتحدثون إلا عن إله منتقم وكأنه معاد للإنسان لا يريد إلا إذلال هذا الإنسان". لذلك أنا أُذكر فقط في كتاباتي أن الله يدعونا إلى علاقة محبة بينه وبيننا.
  • هل يحتاج الإسلام إلى إصلاح؟ البعض يرفض هذا الأمر ويعتبر أن الدين لا يتغيّر فيه شيء؟

الرسول عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الصحيح الذي أخرجه أبو دَاوُدَ: "يبعث الله على رأس كل مئة عام مَن يجدد لهذه الأمة أمر دينها". فالتجديد منهج لا يُستغنى عنه لدين أراد أن يصل إلى عقول وقلوب الناس في كل زمان ومكان، لأن المعطيات المعرفية تتجدد وتتغير، فلا بد للخطاب الديني أيضاً أن يتجدد. الثوابت لا تتغير، كالتوحيد وباقي أركان الإيمان والإسلام، لكن فهمنا يتغيّر ولا بد له من ذلك، فكيف يرضى أحدنا أن يركب اليوم طائرة صُنعت وفق أفهام المهندسين قبل مئة سنة، فضلاً عن أن نعبد الله وفقاً لأفهام كانت تحاكي معارف عصورها لكنها لا تحاكي بالضرورة معارف اليوم؟
  • تتحدث عن سلبيات ظهرت في الفقه الإسلامي وأدّت إلى ما نشهده اليوم من انتشار للتطرف والإرهاب... ما هي أبرز تلك السلبيات؟

أمور عدة تميّز التطرف والإرهاب ومنها ما نجده في بعض القراءات للفقه الإسلامي، وأهمها أولاً: رفض التعددية الفكرية والمذهبية والدينية والإيمان بضرورة إقصاء الآخر، وإن لزم، فباستخدام العنف؛ ثانياً: تغييب دور العقل في فهم الدين؛ ثالثاً: غياب الروح التاريخية في فهم النصوص الدينية والتراث الديني، فتجد الفكر المتطرف يميل إلى تعميم بعض ما قيل في سياقات معينة توظيفاً له لتحقيق مصالحه؛ رابعاً: القراءة الاجتزائية للتراث والتي تأخذ منه فقط ما يلبي أهداف التطرّف؛ خامساً: غياب الفهم المقاصدي للنصوص وسيادة الفهم الحرفي لها؛ سادساً: وهذه نقطة خلفيتها سياسية واجتماعية أكثر منها فقهية وهي استخدام الدين والتديّن لتمكين شخص نفسه من سلطة شخصية أو لتمكين حزبه أو جماعته من سلطة سياسية أو اجتماعية. ودعني أعطيك مثالاً يجمع بعض هذه العناصر، وهو مفهوم الكفر. لدى البعض وعي فقهي بأن كل غير مسلم كافر تنبغي معاداته ولا تجوز صداقته، وقد يتعدى هذا الفهم إلى تبرير جواز قتله. ولكن الفقهاء وضعوا ضوابط لاستخدام وصف الكفر يجعل قلة محدودة من الناس اليوم من الكفار، فالكافر هو مَن وصله الفهم الصحيح للإسلام، ثم اقتنع بعقله وقلبه به، ثم رفضه جحوداً، ثم أعلن المعاداة للمسلمين وشرع في محاربتهم. أما تعميم كلمة الكفر كوصف لكل غير مسلم فهذا ضرب للتراث الإسلامي ولتلك الضوابط التي وضعها علماء المسلمين بعرض الحائط، ويترتب على هذا رفض الآخر غير المسلم أو الآخر المسلم الذي لا يوافقني الرأي ومعاداته وفي ذلك تقسيم للمجتمع إلى فئات متناحرة.
  • مَن من فقهاء السلف والفقهاء الحديثين والفقهاء المعاصرين يتحمّل أكثر من غيره مسؤولية التطرف؟ كيف ولماذا؟

يجب أن نبتعد عن شخصنة المسائل، ففي نظري المشكلة ليست في هذا أو ذلك الفقيه، بل تكمن قبل كل شيء في توظيف أقواله من أجل تبرير التطرّف. ولا يحمينا من توظيف أقوال قيلت في سياقات معيّنة سوى الوعي التاريخي، أي قراءة ومحاولة فهم كل شيء في سياقه. من خلال قراءة السياق التاريخي لأقوال الفقهاء سوف نفهم معطيات كثيرة سياسية واجتماعية تحيط بهذه الأقوال. معضلة التطرّف بدأت في نظري المتواضع كظاهرة حديثة ودخيلة على الإسلام مع محمد بن عبد الوهاب وتوظيفه لأقوال ابن تيمية لتكفير معظم المسلمين وإعلان الحرب عليهم واستحلال دمائهم. لكن فكر محمد بن عبد الوهاب لم يكن لينتشر كل هذا الانتشار لولا توظيفه السياسي في سياق معيّن. أما اليوم، فنجد الفكر التكفيري في تراجع فقد اتضحت معالمه العدائية أمام الجميع وهناك بلاد إسلامية ذات مركزية دينية هامة مثل جمهورية مصر والمملكة العربية السعودية أخذت اليوم على عاتقها مكافحة التطرّف وتجديد الخطاب الديني وهذه من مبشرات نهضة إسلامية جديدة. لذلك يمكننا أن نقول إن المسألة هي مسألة منهج، فالفقهاء الذين يرفضون قراءة وفهم الأمور وتحليلها في سياقاتها هم جزء من مشكلة التطرّف. هؤلاء عاشوا ويعيشون خارج التاريخ وهم مَن يسيء للإسلام. أقصد بذلك أصحاب الخطاب الذي لا يحاكي واقع إنسان اليوم المعرفي. هؤلاء هم أيضاً السبب الرئيسي في تفاقم إشكالية الإلحاد، لأنهم صوّروا الإسلام على أنه دين بعيد كل البعد عن معارف عصره وكأنه دين يدعو للجهل. نحن بحاجة إلى فقهاء تعبوا على أنفسهم وتعلموا علوم عصرهم واستفادوا منها، وهذا يتطلب نقلة نوعية في تجديد المناهج.
  • المعاصرون هم مَن يختارون نماذج من الفقهاء القدماء للاقتداء بهم وبأفكارهم فيما يتجاهلون فقهاء آخرين؟ ما هي العوامل التي تؤدي إلى إعلاء شأن فقيه والاقتداء به وإهمال آخر قد تكون أفكاره أكثر مرونة وأصلح للاعتماد عليها حالياً؟

هذه هي مشكلة الانتقائية. هذا يركّز على قول فلان والآخر على قول علان، لأن كلاً يريد الانتصار لرأيه فيوظف من التراث ما يصبّ في تأييد هذا الرأي. إنها النظرة الإيديولوجية للتراث. أين المَخرج؟ المخرج يكون في تكريس منهجية علمية في التعامل مع التراث وذلك وفق معايير عقلية. يجب التركيز على عقلنة منهجية التعامل مع التراث، لأن المعايير العقلية تحمينا من النظرة العاطفية إلى الدين كما تحمينا من توظيفه أو من المزايدات وتحويل الدين إلى سلطة شخصية أو سياسية.
  • مَن من الفقهاء نخطئ بإهمالنا تراثهم الفقهي؟ بمعنى ما المهم الذي قالوه وكيف يمكن لإعلاء شأن أفكارهم أن يساعد في ما يُسمّى "مواكبة الإسلام للعصر"؟

أنا أدعو إلى قراءة التراث الإسلامي كله ومن ثم الحكم عليه في سياقاته التي أنتجته ولكن بمعايير علمية حديثة. ستجد أن كل فَقِيه يُؤخذ منه ويُرد عليه. أجدنا اليوم بحاجة ماسة جداً لإعادة إحياء التراث الإسلامي العقلاني من جهة، وذلك الصوفي من جهة أخرى، أي كل تلك الآراء التي تشيد بدور العقل وبدور الإنسان كفاعل حر ومسؤول، كما أننا بحاجة ماسة إلى العودة للحديث عن محبة الله وعن علاقتنا به سبحانه على أساس هذه المحبة "يحبهم ويحبونه" وعن تزكية النفس، خاصة في مجتمعاتنا التي أصبحت تحكمها المصالح وكثيراً ما تُنسينا أن الإنسان هو ذلك المخلوق الذي نفخ الله فيه من روحه وأن هذه الروح في اشتياق مستمر للتواصل مع منبعها الإلهي.
  • ما هو "الإسلام العصري" من وجهة نظرك؟ وماذا يتطلب اعتماده؟ علاقة جديدة بين المسلمين والنص (القرآن والحديث)؟ علاقة جديدة مع الفقهاء القدماء؟

الإسلام العصري هو الإسلام الذي يكون شعاره أولاً الحب في علاقة الإنسان مع ربه وفي علاقته مع أخيه الإنسان مهما اختلفت الأديان والمذاهب، فالحب هو مفتاح الوصول إلى الحق سبحانه وتعالى والحب لا يمكن توظيفه إلا من أجل الحب. وشعاره ثانياً العقل. الخطاب الديني العصري لا بد أن يكون عقلانياً تحكمه معايير منطقية لا تناقض العقل وإلا فقدنا مصداقيتنا كعلماء ودعاة إذا كانت دعوتنا لا عقلانية. ولا بد للخطاب الديني المعاصر أن يكون مواكباً لمعارف عصره، خاصة تلك الفلسفية كي يصل برسالته إلى عقول المعاصرين وقلوبهم. وهذا يتطلب إعادة النظر في مناهج تأهيل علماء وفقهاء الدين كي تكون علوم العصر جزءاً من معارفهم، فيكون الفقيه مواكباً لعلوم عصره.
  • لماذا يكرهك السلفيون ويتهمونك بأنك تدعو إلى دين جديد؟

أنا أرفض التعميم كما أرفض استحواذ بعض التيارات على وصف السلفية لإعطاء أنفسهم غطاءً دينياً. يريدون بذلك إفهامنا أنهم امتلكوا الحق المطلق لأنهم ساروا على منهج السلف بمجرد تسميتهم أنفسهم "سلفيين"، وإذا تمعنت النظر وجدتهم بعيدين عن روح السلف أيما بعد. عندما أستخدم هنا مصطلح السلفية، أعني به السلفية المُحدثة والتي تدّعي انتماءها للسلف الصالح مزايدةً على المسلمين. هؤلاء ليست لديهم مشكلة مع مهند فقط، مشكلتهم الأساس هي مع الإسلام ومع مُبلّغ الإسلام عليه الصلاة والسلام. هم يرفضون أية فكرة لا تتماشى مع المعهود لديهم، قل لي بالله عليك كيف كان سيكون موقف هؤلاء من الرسول عليه السلام إذا كانوا قد عاصروه بنفس هذه النفسيات المتكبرة والعقليات الجامدة والمدعية استحواذ الحق المطلق والرافضة لأي تجديد؟ أليس منطقهم هو ذاته منطق أبي لهب وأبي جهل؟ لكل زمان خوارجه وهؤلاء هم خوارج هذا الزمان والله المستعان.
مهند خورشيد لرصيف22: لا يمكنك فهم القرآن دون فهم السياق التاريخي الذي نزل فيه، فلا تجبرني مثلاً اليوم أن أُعِدّ لعدوي في المعركة رباط الخيل محتجاً بأن هذا أمر إلهي لا بد من تطبيقه بغض النظر عن السياق التاريخي
مهند خورشيد لرصيف22: السلفيون مشكلتهم الأساس هي مع الإسلام ومع مُبلّغ الإسلام عليه الصلاة والسلام. هم يرفضون أية فكرة لا تتماشى مع المعهود لديهم. أليس منطقهم هو ذاته منطق أبي لهب وأبي جهل؟
  • كيف يمكن تنقية تراثنا القديم؟ مَن برأيك هم أبرز المساهمين في هذه الورشة؟

المسألة ليست مسألة تنقية التراث، فتراثنا هو جزء من هويتنا اليوم، كما أن طفولتي مع كل ما كان فيها من عدم نضج هي جزء مني لا أستطيع أن أتنكر له. التجديد لا يكون في نظري بمحاولة التنكر لتراثنا، السؤال الذي لا بد أن يُطرح بجدية هو: كيف نتعامل اليوم كمسلمين مع التراث الإسلامي؟ نقف اليوم أمام اتجاهين: الأول، يقدس التراث ويرفض مجرد إعادة النظر في معطياته، والآخر، يُحمِّل التراث كل أعباء تغييب دور الإسلام اليوم ويتهمه بأنه هو الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم من بعد حضاري. كلا هذين الاتجاهين يعانيان من نفس الإشكاليتين المعرفيتين: أولهما، تتجسد في منهج التعامل مع التراث على أنه ثابت، فإما أن ننقله كما هو أو نرفضه برمته، لأننا نتعامل مع نتائجه المعرفية فنقف عندها على أنها سقف المعرفة الدينية. والإشكالية الثانية تتمثل في تعريفنا للتراث، فنحن نقصد به غالباً ذلك النتاج المعرفي في الماضي البعيد، ومن قال إن محمد عبده ورشيد رضا ومحاولتهما في التجديد ليس أيضاً جزءاً من تراثنا؟ فكليهما ليسا دخيلين على التراث، بل هما جزء من صيرورته، كذلك أمر علماء قد يختلف الكثيرون معهم مثل محمد عابد الجابري، نصر حامد أبو زيد، محمد أركون وغيرهم. لماذا نقصيهم من انتمائهم للتراث، من هو الذي يحدد ما هو التراث الإسلامي؟ أليس كل منتج معرفي خرج من بطن الحضارة الإسلامية هو تراث إسلامي؟ أما الحل فيكون في أن نُفعِّل التراث بطرح السؤال التالي: ماذا كان سيتبنى هذا أو ذلك العالم من آراء لو أنه كان معاصراً لنا اليوم؟ دعني أعطيك مثالاً: اعتنى الإمام الغزالي بدراسة المنطق الأرسطي واستخدمه في كتابته عن أصول الفقه الإسلامي. هذا الغزالي بروحه العلمية تلك، ألم يكن سيطلع اليوم على المُنْتَج المعرفي الفلسفي الحديث ويدرس إمكانية التواصل معه لفهم أعمق للدين؟ كما قلت لك، مشكلتنا نحن أننا نقف اليوم عند ما أنتجه الغزالي من آراء، لكننا لا نحاول بجدية الاستفادة من منهجه بالتواصل مع الفكر العقلي الفلسفي الحديث. فَلَو عاش الغزالي اليوم بيننا لانتقدنا أشد انتقاد وأخذ علينا أن ضيّعنا منهجيته وروحه العلمية وإنْ تمسكنا بنتائجه المعرفية. إن مجرد نقل التراث كما هو إلى حاضرنا اليوم مثله كمثل مَن يصر على استخدام آلات الاتصال التي سادت في القرن الثامن عشر مثلاً في يومنا هذا. أما محاولة التنكر للتراث، فمثل ذلك كمثل مَن أراد صناعة الهاتف الخلوي دون أن يكون قد صنع قبل ذلك الهاتف أصلاً. يوجد اليوم مَن يرفع يافطة الإصلاح، لكن معظم مشاريع هؤلاء الأفاضل تجدها ردة فعل على التيار المصرّ على تقديس التراث، لذا يغلب عليهم الخطاب النقدي للتراث. أجد أن مشكلة خطاب هؤلاء تكمن في عدم تقديم الفكر البديل. لن نجدد بمجرد نقد التراث، لأن الناس تنتظر حلولاً ورؤى. هي تريد البديل. التجديد يحتاج إلى مؤسسات تقوم عليه وإلا بقي محاولات لأشخاص سيتحملون عبئاً فوق طاقتهم ومع ذلك لا بد لهم من الاستمرار في الطريق، لكن من المهم، بدل التركيز على نقد التراث، أن يكون الهدف صناعة البديل من خلال تكملة مسيرة التراث.
  • تقترح مشروعاً إسلامياً مغايراً. ما هي أبرز ملامحه؟ وأين طرحتها؟

أنا أريد إيصال الرسالة التي فهمتها وهي أن محور الإسلام وعماده وركنه الأساس هو الرحمة الإلهية المُحِبة للإنسان، "يحبهم ويحبونه". وإذا أخذنا الرحمة الإلهية بعين الاعتبار وذلك ليس كمجرد دعوى مفرغة من محتواها، بل كرسالة دينية جادة وأعدنا النظر في فهم الإسلام انطلاقاً من محبة الله للإنسان، أي انطلاقاً من تصورنا لله وكأنه ينادينا: أريد محبتكم فرداً فرداً فسارعوا إلى رحمة وسعت السموات والأرض، فسوف يفتح ذلك أمامنا أفقاً آخر لفهم رسالة الإسلام بكل أبعادها الروحانية والإنسانية. خطابنا يغلب عليه تصوير الله عز وجل وكأنه يقول لنا: علاقتي بك هي مجرد علاقة آمر ومأمور، إياك أن تخالفني أو تناقشني، لا معارضة ولا أسئلة، تنفيذ وخضوع والويل كل الويل لمَن خالف. لكن هل هذا هو حقاً إلهنا الذي تجلى لنا في القرآن متحدثاً عن حبه لنا ورحمته بِنَا؟ كم تسبب خطابنا القاسي بإبعاد الكثيرين عن الله حتى وهم يصلون ويصومون، يؤدون ذلك إخلاء للذمة، لا حباً لله. حين خلق الله آدم، أي الإنسان، أمر الملائكة بالسجود لهذا الإنسان، وهذا هو ما نحتاجه اليوم، هذه النقلة القرآنية الأنثروبولوجية التي تضع الإنسان كمقصد إلهي، فلا يتم فهم الرسالة القرآنية دون تكريم الإنسان كما كرمه الله وجعله محور الخلق.
  • ماذا عن دعوتك إلى تأويل القرآن؟ على أي أساس ووفق أي منهجية يجب أن يتم ذلك؟ وما معيار نجاح مشروع مماثل؟ أن يظهر وينتشر كتاب تفسير جديد مثلاً؟

أعمل بالفعل على مشروع لتفسير القرآن الكريم باللغة الألمانية في 15 مجلداً، صدر أولها قبل أسابيع قليلة. منهجية هذا التفسير هي التالية: نقطة الانطلاق هي كون القرآن ليس كتاباً كأي كتاب، بل هو تجلي رحمة الله سبحانه وتعالى في لغة بشرية تُمَكِّن الإنسان من فهمه. "إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون". وكون القرآن هو تجلي الرحمة الإلهية، يتطلب ذلك أن تفسيره يتمثل في العمل على الكشف عن هذه الرحمة الإلهية وعملها في التاريخ: أين تظهر؟ ما الذي أرادت تحريكه في مجتمع التنزيل؟ ما الذي تريد تحريكه اليوم في مجتمعي؟ إذن، نحتاج إلى دراسة السياق التاريخي الذي نزل فيه القرآن كي نستطيع الكشف عن تجلي رحمة الله في هذا السياق. ثم كيف لنا اليوم أن نُفعِّل هذه النقلة القرآنية؟ هذه هي وظيفة تفسير القرآن اليوم، لذا لا نكتفي بفهم القرآن في سياق التنزيل بل ننطلق بعد ذلك لتفعيل رسالته في واقعنا اليوم، وهكذا يبقى القرآن منبعاً للرحمة لا ينتهي. "قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً".
  • في الإسلام "حدود" مذكورة في القرآن. هل هذا يعيق محاولات ما يسمّيه البعض بـ"مواكبة الإسلام للعصر"، بمعنى أن "العهد الجديد" في المسيحية مثلاً لم يتضمّن "حدوداً" ولكن الحدود وضعتها الكنيسة وبالتالي كان الإصلاح الديني المسيحي ممكناً بعكس حال الإسلام؟

هذا موضوع طويل يصعب شرحه في كلمات قليلة، لكني سأضع هنا بعض رؤوس الأقلام. هناك قراءتان للأحكام القرآنية المتعلقة بالمعاملات، فإما أن نقرأها على أنها ثابتة لا تتغير بتغير المعطيات الاجتماعية والاقتصادية أو نقرأها على أنها جاءت لتحرك مجتمع الرسول عليه الصلاة والسلام وتعطيه جهة التحرك، لكن الحركة لم تقف في القرن السابع الميلادي، زمن التنزيل، بل تبقى مستمرة. القراءة الأولى تقف مع حرفية النص، أما الثانية فهي قراءة مقاصدية تبحث عن تحقيق مقصد الخطاب الرباني لا حرفيته. أنا أميل في فهمي البسيط للفهم الثاني، أي المقاصدي. لذلك أنا لست مع إبطال الحدود بمعنى تعطيلها، ولكني لست أيضاً مع أخذها هكذا على ظاهرها. وهنا لا بد من تسجيل ملاحظة وهي أننا كثيراً ما نختزل الحديث عن الإصلاح على بعض القضايا المتعلقة بالتعامل مع الحدود والمعاملات الفقهية، لكني أجد مشكلة في أن نختزل رسالة الإسلام العالمية والتي تريد تغيير الأفراد والمجتمعات كي يصبحوا بُنّاء الحضارات على مجموعة أحكام فقهية. تُنظَّم المؤتمرات والنقاشات وتُكتب الدراسات كي نصل لأجوبة وحلول، وما كان من المفروض أن نقف عندها كل هذا الوقوف. القرآن الكريم وحي من عند الله سبحانه وتعالى يتواصل (إن صح التعبير) الله سبحانه وتعالى من خلاله مع خلقه، والتواصل يعني أن الله يتحدث لغة الإنسان، ليس فقط لغته اللسانية، بل أيضاً تلك الحضارية والمجتمعية والمعرفية، لذا لا يمكنك فهم القرآن دون فهم السياق التاريخي الذي نزل فيه، فلا تجبرني مثلاً اليوم أن أُعِدّ لعدوي في المعركة رباط الخيل محتجاً بأن هذا أمر إلهي لا بد من تطبيقه بغض النظر عن السياق التاريخي، كذلك لا تجبرني أن أستخدم بغلاً أو حماراً للتنقل في ألمانيا وأن أجد في ذلك زينة، لأن القرآن قرر هذا. لقد حاكى القرآن سياق التنزيل ليوصل رسالته المقدسة لنا، ولاحظ معي، الرسالة، المحتوى، هي المقدس، وليس الغلاف اللغوي.
  • كيف تقرأ التجربة التونسية في مجال المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة؟ وهل تُعَدّ الخطوات المماثلة تطويراً للإسلام؟

تطوير الفكر الإسلامي، أي فهمنا للإسلام، لا يتحقق بمجرد تغيير بعض الأحكام الفقهية، وكأن مسألة الإرث أو الحدود هي ما يشغل الناس ليل نهار. نحن نعيش في سياقات في معظم البلاد الإسلامية يعاني فيها الكثيرون من الفقر والأمراض وتدني مستوى التعليم وكثرة الفوضى وعدم احترام الإنسان، إلخ. لذلك أجد أنه من الضروري أن تكون رسالة الدين أعمق بكثير من مجرد بعض الفتاوى الفقهية التي لا تمس فعلاً احتياجات الناس. أما عن موضوع الإرث، فكما هو معروف لم تكن البنات يرثن قبل الإسلام ثم جاء الرسول عليه الصلاة والسلام فأعطى النساء نصيباً من الإرث وكانت هذه نقلة نوعية في تصور المرأة، إذ لم تعد ذلك الجزء السلبي من المجتمع والذي يُنظر إليه كشيء أو كسلعة، بل أصبحت إنساناً فاعلاً في المجتمع، أعطاها الرسول عليه السلام جزءاً من الإرث لتحميلها مسؤولية اجتماعية واقتصادية كشريك في الحياة الزوجية بكل مسؤولياتها وأبعادها. لم يُعجب هذا كل مَن عاصر النبي. فكما روى ابن مسعود، استاء بعضهم وقال "اسكتوا عن هذا الحديث لعل رسول الله ينساه أو نقول له فيغير"، فكان هذا من أسباب نزول الآية رقم 11 من سورة النساء. أقرأوا هذه الآية في سياق رسالة أكبر جاء بها القرآن الكريم ترنو إلى تحويل صورة المرأة من شيء إلى إنسان فاعل في المجتمع.
  • كيف تقيّم دور الأزهر في مصر في التعامل مع الأزمات الفقهية الراهنة؟

مَن أنا كي أقيّم الأزهر الشريف. لقد زارنا شيخ الأزهر في مدينة مونستر سنة 2016، وأكد في كلمته على ضرورة الحوار الديني. أرى أن الأزهر ينادي بصوت عالٍ مناجياً تلك الأصوات الإصلاحية التي تريد التجديد بإخلاص كي يساعدوه في هذه المرحلة، كما أسمع بعض الأصوات الأزهرية التي تصرخ في وجه كل مَن يريد التجديد. علينا الاستجابة لمناداة الأزهر للمصلحين والمجددين أن يأتوا ويعملوا ويقدموا طروحاتهم ورؤاهم. كما أرى ضرورة التعاون الوثيق بين مختلف المؤسسات كوزارة الأوقاف ودار الإفتاء مع الأزهر الشريف. من المحزن أن دور الأزهر هنا في أوروبا يكاد يكون مغيّباً.
  • هل مواجهة التطرف هي مواجهة فكرية في الأساس أم هي مواجهة تتطلب القضاء على عوامل ظهوره من فقر وأمور أخرى اقتصادية واجتماعية؟

التطرّف هو فكر قبل أن يكون حالة اجتماعية. انظر إلى منفذي عمليات الحادي عشر من سبتمبر 2001. كان معظمهم أكاديميين متفوقين ولم يكونوا فقراء. لكن بلا شك أن الفقر والانعزال الاجتماعي يهيّئ المناخ الملائم للتطرف ولكن القضاء على التطرّف لا يكون فقط في القضاء على الفقر، لأن التطرّف مبني على فكر، والفكر المتطرف يجب محاربته بفكر معتدل. وهنا لي ملاحظة ربما تزعج البعض: هناك مَن يؤكد أنه ضد التطرّف، لكن فهمه للإسلام يحمل في طياته أفكاراً تصب في التطرّف.
  • هناك عدة إسلامات حالياً، إذا جاز التعبير... ما سبب نجاح التنظيمات المتطرفة في تجنيد شباب عرب ومسلمين في الدول الإسلامية وفي الغرب؟

الفكر المتطرف فكر سلطوي يجعل من صاحبه ذا نفوذ، بل وحاكماً بأمر الله، لذا فهو يستقطب خاصة أولئك الشباب الباحثين عن التماهي مع القوة والسلطة. ولكن هناك أمراً آخر مهماً، وهو أن الفكر المتطرف يلعب على أوتار الدعوة لتحقيق العدالة على الأرض فيأتي بصور الظلم من هنا وهناك لتحريك العواطف. لذا أُصر على ضرورة تفعيل العقل في الخطاب السائد لحماية الإنسان من التلاعب بعواطفه واستغلالها في دعوات التطرّف.
  • يمشي تصاعد التديّن الرافض للآخر في الغرب مع تصاعد الإسلاموفوبيا. هل نحن في دوامة مغلقة ستؤدي حتماً إلى الصدام أم يمكن تدارك الأزمة؟ كيف؟

التطرّف اليميني في أوروبا والتدين الرافض للآخر باسم الإسلام وجهان لعملة واحدة هي عملة إقصاء الآخر ورفض التعددية. نعم، نحن في دوامة ونلاحظ هذا في تزايد نسب ناخبي الأحزاب اليمينية في أوروبا وفي نفس الوقت تزداد نسب المتطرفين باسم الإسلام ويقوى خطاب الضحية والمؤامرة بين المسلمين من يوم إلى يوم. أضف إلى ذلك تصاعد قوة الإسلام السياسي خاصة التركي. لست متفائلاً في هذه المرحلة، لأن التطورات تشير إلى مزيد من الصدامات، والمشكلة التي أراها هي مشكلة تفريغ الهوية الأوروبية والإسلامية مما يجعل اللقاء بين هاتين الهويتين محفوفاً بالخوف من فقدان الذات. تفريغ الهوية يجعل العلاقة بالآخر علاقة عدائية، فحين لا أستطيع أن أقول مَن أنا، أحتاج حينها إلى مغايرٍ لي يكون عدواً كي أكون أنا الذي يريد أن يحمي نفسه من هذا العدو. الحل لا يكون في رأيي إلا بإعادة ملء هذه الهويات المفرغة كي تصبح النظرة للآخر على أنه جزء من مجتمعي وليس عدواً لي عليّ أن أحمي نفسي منه.
  • ما الذي يجب أن يختلف فيه المسلم المقيم في الغرب عن المسلم المقيم في دولة ذات أغلبية مسلمة؟

يجب على المسلم المقيم في الغرب أن ينظر لنفسه كمواطن في البلد الغربي الذي يقيم فيه ويتماهى معه دون أن يفقد هويته الإسلامية، لكن كونه أصبح مواطناً يعني أن عليه أن يكون متقناً للغة هذا البلد ويتعرف على تاريخه وحضارته ويندمج في صفوفه ويشارك في إعماره تحقيقاً لكونه خليفة في الأرض حيث كان. وعليه أن يتذكر دائماً أنه سوف يُنظر إليه كممثل للإسلام، فإن أحسن، فسيُقال: ما أحسن الإسلام، وإن أساء فسيُقال: ما أسوأ هذا الدين.
  • صحيح أن الثقافة الأوروبية هي إلى حد بعيد ليبرالية ومع المساواة ولكن هذه الثقافة ظهرت في دول منسجمة وذات مكوّن واحد إلى حد بعيد، أي لا تشعر بخطر هوياتي من الداخل... هل ظهور جاليات مسلمة "مختلفة" أوجد تحديات أمام هذه الثقافة الأوروبية، أو ربما غيّرها أو سيغيّرها؟

نعم، إن أكبر تحدٍّ للثقافة الأوروبية اليوم هو تحدي التعددية والتعامل معها بإيجابية. ونحن مازلنا في بداية الطريق. قبول الآخر ما زال يسبب تحدياً أمام الهوية الأوروبية التي ما زالت تنظر لنفسها على أنها يهودية مسيحية، لكنها اليوم أمام منعطف تاريخي يفرض عليها قبول صيرورتها لهوية يهودية مسيحية إسلامية.
  • هل وجودك في ألمانيا يحول دون قدرتك على التأثير في العالم الإسلامي ونشر طروحاتك عن تجديد الإسلام فيه؟

ركزت في السنوات الماضية على الكتابة وإلقاء المحاضرات والبرامج التلفزيونية والإذاعية باللغة الألمانية، وهذا مكنني من أن أوصل رسالتي عن الإسلام كدين محبة ورحمة للمسلمين ولغير المسلمين في هذا السياق، حتى أن المستشارة (الألمانية أنغيلا) ميركل قالت لي يوماً: صورة الإسلام في ألمانيا معك أو بدونك ليست نفسها، فبسبب أعمالك أصبحنا كلنا نتحدث عن الرحمة في الإسلام. لكني بدأت أركز في الأشهر الأخيرة على التواصل مع العالم العربي، خاصة مع دولة مصر الحبيبة، والتقيت مؤخراً بمعالي وزير الأوقاف الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة وهو مهتم جداً بموضوع الإصلاح والتجديد واتفقنا على إعداد برنامج مشترك كدبلومة لتدريب الأئمة وأنا متفائل جداً بأن ذلك سيكون بداية لتعاون أكبر إن شاء الله. وكي أكون صريحاً معك، أنا لا يهمني أن أضع شخصي في الصورة، يهمني عالم الأفكار، أريد أن تكون الفكرة في المقدمة لا صاحب الفكرة، لأن الناس تأتي وتذهب بسرعة، لكن الأفكار هي التي تبقى.
  • مَن من الدعاة تنصح بالاستماع إلى خطبهم ولماذا؟

أنصح بالاستماع لكل من يحاول تشجيع مستمعيه على التفكير النقدي وتوسيع أفقهم المعرفي والروحي ولا أحب مَن يتحدث وكأنه يفرض على الناس رأيه أو يتعالى على مستمعيه، فنحن بحاجة لمَن يعيد للإنسان العربي والمسلم فكره الناقد وثقته بعقله، كما أنصح بالاستماع لكل مَن أثرى الفكر الإسلامي بعلوم العصر، لذا أراني أتعلم الجديد حين أستمع للدكتور عدنان إبراهيم أو للمفكر حيدر حب الله (مع أني لست شيعياً) ولكن هذا لا يعني أن آخذ كل شيء هكذا كما أسمعه، فكما قلت لا أحب شخصنة أي موضوع. كما أنصح بالاستماع لمَن يخرج كلامه من القلب ليصل إلى القلب ويروي عطش الشوق لذكر الله، فأنا أحب الاستماع مثلاً للشيخ الصوفي رجب ديب، كلامه يذكرني بقرب الله ومكانه في قلب المؤمن.
  • مَن من المفكرين تنصح بقراءة كتبهم ولماذا؟

أنصح بقراءة كل كتاب كُتب بأسلوب أكاديمي موثق جعل الحجة العقلية هي التي تتحدث عن نفسها، كما أنصح بالاطلاع أيضاً على فكر الآخر غير المسلم، لا لأخذه كما هو، بل للاستفادة من المفيد فيه. لا أريد أن أذكر هنا أسماء لأن اللائحة سوف تطول.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image