"نشأتي بين الفكر الوهابي المتشدد في الرياض والفكر المرن، خاصة في تعامله مع الآخر، في بيروت، جعلتني أعي منذ سن مبكرة بوجود أكثر من فهم للإسلام. وأثّرت بي كثيراً جدتي لأمي. كانت أمّية، لكنها كانت متعلقة بحب الله وحب الخير لكل الناس، كانت تخطئ أحياناً في تلاوة القرآن أثناء الصلاة، لكنّي تعلّمت منها أن التديّن ليس بالمظاهر، بل هو قلب محب وخُلُق راقٍ وعمل صالح".
هذا ما يقوله الباحث في الفكر الإسلامي مهند خورشيد لرصيف22. وُلد خورشيد، الفلسطيني الأصل، في لبنان، ونشأ في الرياض وتعلّم في مدارسها، ويعيش منذ عمر الـ17 عاماً في أوروبا، ويحمل الجنسية النمساوية.
في النمسا درس علم اجتماع الدين وحصل على شهادة الدكتوراه بتقدير امتياز من جامعة فيينا، وهي أعلى درجة تعطيها هذه الجامعة، كما درس العلوم الشرعية في جامعة الأوزاعي في بيروت عن طريق الانتساب.
يعمل خورشيد منذ 15 سنة في تدريس الدين الإسلامي في جامعات أوروبية مختلفة، خاصة جامعة فيينا وجامعة مونستر الألمانية. وفي الأخيرة، أسس كلية الدراسات الإسلامية والتربوية سنة 2011، ويبلغ عدد طلابها اليوم أكثر من 900 طالب وطالبة ما يجعلها أكبر كلية للدراسات الإسلامية في أوروبا الغربية، ويعمل عميداً لها بجانب عمله كأستاذ للتربية الإسلامية فيها.
يروي لرصيف22 أنه عندما وصل إلى أوروبا للدراسة، كانت صورة تلك القارة في ذهنه هي صورة "الغرب المتآمر على الإسلام، كما تعلّمنا في المدرسة، والبعيد عن قيم الأخلاق الحميدة"، لكنه فوجئ منذ البداية بعكس ذلك.
يقول: "كانت جميع حقوق المواطنة مضمونة لي، كالتأمينات الاجتماعية والصحية والدراسة في الجامعة وزيارة أي طبيب أو عيادة دون تفرقة بيني كأجنبي وبين المواطن من أهل البلد، وكان هذا شيء غير معتاد بالنسبة إليّ. كذلك وجدت في كل مدينة أوروبية زرتها مساجد للمسلمين تُقام فيها الصلاة بكل حرية ورأيت كيف أن القانون يحمي الحرية الدينية حتى لنا كمسلمين".
في أوروبا، تعرّف على كثير من المسلمين وغير المسلمين. "لم أجد أن المسلم كان أكثر خلقاً في تعامله أو إخلاصاً في عمله من غير المسلم، وأحياناً كان غير المسلم أكثر صدقاً وإخلاصاً وأكثر احتراماً للوقت ولأسرته ولقيم الإنسانية من المسلم"، يقول.
ويلفت إلى أنه عاش في مجتمع شعر فيه بإنسانيته "أكثر من كثير من البلاد الإسلامية التي سبق وزرتها أو عشت فيها".
كل هذه التجارب جعلته يتساءل: "هل حقاً نار جهنم خُلقت من أجل هؤلاء، فقط لأنهم غير مسلمين؟ لماذا اقترن الإيمان دائماً بالعمل الصالح كما أخبر الله في أكثر من خمسين موضعاً في القرآن الكريم؟ وهل العمل الصالح مقتصر فقط على الطقوس العبادية؟".
رحلته الروحية والفكرية جعلته يضع علامات استفهام أمام "أمور نتعامل معها كمسلمات". وبرأيه، "الإيمان الصادق لا بد أن ينطلق عن قناعات عقلية وإلا لبقي مجرد تقليد كغيره من العادات والتقاليد".
عن الدين والغرب والشرق وتجديد الخطاب الديني والإصلاح الديني والعقلانية وأمور كثيرة أخرى تحدث خورشيد لرصيف22. وهنا نص الحوار معه:
-
قلت إن "الله ليس دكتاتوراً". ودعيت في كتابك "الإسلام رحمة" إلى "علاقة حوارية" بين الله والإنسان. ماذا تقصد بذلك؟
-
هل يحتاج الإسلام إلى إصلاح؟ البعض يرفض هذا الأمر ويعتبر أن الدين لا يتغيّر فيه شيء؟
-
تتحدث عن سلبيات ظهرت في الفقه الإسلامي وأدّت إلى ما نشهده اليوم من انتشار للتطرف والإرهاب... ما هي أبرز تلك السلبيات؟
-
مَن من فقهاء السلف والفقهاء الحديثين والفقهاء المعاصرين يتحمّل أكثر من غيره مسؤولية التطرف؟ كيف ولماذا؟
-
المعاصرون هم مَن يختارون نماذج من الفقهاء القدماء للاقتداء بهم وبأفكارهم فيما يتجاهلون فقهاء آخرين؟ ما هي العوامل التي تؤدي إلى إعلاء شأن فقيه والاقتداء به وإهمال آخر قد تكون أفكاره أكثر مرونة وأصلح للاعتماد عليها حالياً؟
-
مَن من الفقهاء نخطئ بإهمالنا تراثهم الفقهي؟ بمعنى ما المهم الذي قالوه وكيف يمكن لإعلاء شأن أفكارهم أن يساعد في ما يُسمّى "مواكبة الإسلام للعصر"؟
-
ما هو "الإسلام العصري" من وجهة نظرك؟ وماذا يتطلب اعتماده؟ علاقة جديدة بين المسلمين والنص (القرآن والحديث)؟ علاقة جديدة مع الفقهاء القدماء؟
-
لماذا يكرهك السلفيون ويتهمونك بأنك تدعو إلى دين جديد؟
مهند خورشيد لرصيف22: لا يمكنك فهم القرآن دون فهم السياق التاريخي الذي نزل فيه، فلا تجبرني مثلاً اليوم أن أُعِدّ لعدوي في المعركة رباط الخيل محتجاً بأن هذا أمر إلهي لا بد من تطبيقه بغض النظر عن السياق التاريخي
مهند خورشيد لرصيف22: السلفيون مشكلتهم الأساس هي مع الإسلام ومع مُبلّغ الإسلام عليه الصلاة والسلام. هم يرفضون أية فكرة لا تتماشى مع المعهود لديهم. أليس منطقهم هو ذاته منطق أبي لهب وأبي جهل؟
-
كيف يمكن تنقية تراثنا القديم؟ مَن برأيك هم أبرز المساهمين في هذه الورشة؟
-
تقترح مشروعاً إسلامياً مغايراً. ما هي أبرز ملامحه؟ وأين طرحتها؟
-
ماذا عن دعوتك إلى تأويل القرآن؟ على أي أساس ووفق أي منهجية يجب أن يتم ذلك؟ وما معيار نجاح مشروع مماثل؟ أن يظهر وينتشر كتاب تفسير جديد مثلاً؟
-
في الإسلام "حدود" مذكورة في القرآن. هل هذا يعيق محاولات ما يسمّيه البعض بـ"مواكبة الإسلام للعصر"، بمعنى أن "العهد الجديد" في المسيحية مثلاً لم يتضمّن "حدوداً" ولكن الحدود وضعتها الكنيسة وبالتالي كان الإصلاح الديني المسيحي ممكناً بعكس حال الإسلام؟
-
كيف تقرأ التجربة التونسية في مجال المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة؟ وهل تُعَدّ الخطوات المماثلة تطويراً للإسلام؟
-
كيف تقيّم دور الأزهر في مصر في التعامل مع الأزمات الفقهية الراهنة؟
-
هل مواجهة التطرف هي مواجهة فكرية في الأساس أم هي مواجهة تتطلب القضاء على عوامل ظهوره من فقر وأمور أخرى اقتصادية واجتماعية؟
-
هناك عدة إسلامات حالياً، إذا جاز التعبير... ما سبب نجاح التنظيمات المتطرفة في تجنيد شباب عرب ومسلمين في الدول الإسلامية وفي الغرب؟
-
يمشي تصاعد التديّن الرافض للآخر في الغرب مع تصاعد الإسلاموفوبيا. هل نحن في دوامة مغلقة ستؤدي حتماً إلى الصدام أم يمكن تدارك الأزمة؟ كيف؟
-
ما الذي يجب أن يختلف فيه المسلم المقيم في الغرب عن المسلم المقيم في دولة ذات أغلبية مسلمة؟
-
صحيح أن الثقافة الأوروبية هي إلى حد بعيد ليبرالية ومع المساواة ولكن هذه الثقافة ظهرت في دول منسجمة وذات مكوّن واحد إلى حد بعيد، أي لا تشعر بخطر هوياتي من الداخل... هل ظهور جاليات مسلمة "مختلفة" أوجد تحديات أمام هذه الثقافة الأوروبية، أو ربما غيّرها أو سيغيّرها؟
-
هل وجودك في ألمانيا يحول دون قدرتك على التأثير في العالم الإسلامي ونشر طروحاتك عن تجديد الإسلام فيه؟
-
مَن من الدعاة تنصح بالاستماع إلى خطبهم ولماذا؟
-
مَن من المفكرين تنصح بقراءة كتبهم ولماذا؟
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...