شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
sugardaddy

مثليّون يبحثون عن "الرجل السّكر": غنّي وكبير السّن

sugardaddy

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الأربعاء 5 ديسمبر 201802:23 م

يستخدم بعض المثليين نكتة، يُظن أنها سمجة، مفادها سؤال العارف المتجاهل: “لم لا تبحث عن رجل كبير في السن وغني يصرف عليك؟”. السؤال مرن، لا يوفّر مجالاً للشك أن النكتة قد تتحوّل إلى واقع معيوش. وتتمرس معه رحلة البحث عن "الشوغر دادي" من أداة كلام إلى فعل. والفعل قد يرسخ منظومة أفعال وارتدادات، كما يقول علم الفيزياء.

ولأن الفيزياء كنظرية ليست بعيدة عن نظريات علم الاجتماع، فهذا التأطير الشكلي قد يؤسس نمطاً سلوكياً لدى بعض المثليين للتوجه إلى هذا العالم المفتوح على وسائل ورغبات وسلطات قد يكون عدم توفر هذا "الرجل - الكنز" عائقاً لاكتشافها، أو قد ينطوي الانكفاء إلى هذا "الرجل - المفتاح"، على مسرات ومباهج وخيبات أيضاً لم تكن في الحسبان، كما تبرهن نتائج ما سمعته مراراً من حالات التقيتها واتصلت بها.

ولأن المسألة ليست جديدة وهي على مرّ العصور موجودة بأشكال مختلفة، بين العوام والنخبة ولدى كل الهويات الجنسانية وليس ضرورياً ان تكون الميول جزءاً من هذا الخيار (قد لا يكون العامل الجنسي أساسياً فيها)، فإنتاج هذا العالم له مبرراته وتصرفاته ووجوده لاحقاً يفرض قيمه واعتباراته ومعاييره.

ولأن هذه "المسائل" تبقى شخصية ومتبدلة وليس لها ثوابت. ينظر إلى الثابت الوحيد فيها، على اختلاف الأطراف المتحركة ضمن المسألة/ اللعبة/الرحلة، فهو "الرجل السكر" نفسه، بصفتيه الأساسيتين: غني وكبير السن. من دون إيلاء أدنى اهمية إلى صفات أخرى شكلية أو ظرفية أو زمانية أو مكانية. ليس مهماً إن كان سميناً أو نحيلاً. ليس ضرورياً إن كان صاحب إعاقة جسدية أو سليم البنية. لا اعتبارات لهويته أو جنسيته أو هواماته وطلباته. ما يهم أمر واحد: جيب مفتوح لفواتير وهدايا ومنافع كثيرة ومتتالية وقد لا تنتهي أو قد تكون لمدة محددة والسلام.

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا ببداهة: كيف تطارد رجلاً غنياً ومسناً كي تحصل على ماله؟ أو ربما ترتبط به لهذين المعيارين فقط. في أعراف بعض المثليين ونعود هنا إلى نكاتهم - أحاديثهم - دائرة ألفاظهم، فالرجل المسن "باب الفرج". ولأن الفرج كما نعرفه لا يحط قدميه بسهولة في عالم منهك اقتصادياً، فلا بد من أن تكون الرحلة متقنة ومدروسة ولها عدتها واشتغالاتها.

في حالات "الشوغَر دادي" (الرجل السكر) الأوروبي، يستغل بعض المثليين الآتي بعضهم لاجئاً أو طالباً او عاملاً، هوامات هذا الرجل المسن. شبان صغار السن بذقون كثة وبرجولية قد تعجب الرجل الأوروبي المسن وأرداف أقدام لينة ملأى بالشعر. كل هذا من ضمن لائحة قد تكون "ستاندر" (اعتيادية).  لكن هذا ليس كافياً بالطبع. وإلا فسيتحوّل الأمر إلى "وان نايت ستاند" (ليلة جنس واحدة).

والحال، أن هؤلاء الشبان يرسلون ذبذاباتهم إلى "الشوغر دادي" في مقهى أو شارع أو ملهى ليلي، أو قد يتبادلون معه الرسائل عبر مواقع متخصصة، جنسية أو تعارفية. أو ربما عبر تطبيقات أيضاً معروفة للجميع، من "غرايندر" أو "تندر" أو غيرهما. لكن المهمّ هو اللقاء الأول. الاشتغال عليه للإقناع. هذا ما نقله لي بعضهم. العيون الثائرة والباحثة والمشغولة بالأسئلة والقلق. يحبّ الرجال المسنون هذه العيون المطحونة بالألم. كأنها يائسة وبائسة لكنها تنطوي على أحلام ورؤى. وهو سيكون منقذها، روح الشباب التي سيعطونه إياها ستكون على قاعدة هذا البؤس المتخيّل. كأن هذه اللعبة من مسببات إتمامها، هذه النظرات في كلاسيكيتها أو تقديمها تعريفاً ولو مبدئيًا، للشاب اليافع الصغير على أنه مذبوح في بلاده. لكنه لم يفقد عفة نفسه وكبرياءه ولا ذوقه الرفيع. ولأننا نتحدث عن شبان آتين من الشرق الأوسط، فللعبة قواعد مربوطة بالفانتازي.

تعجب "الشوغر دادي" الأوروبي روائح أجسامهم، العطور العربية من العود والعنبر أو "الاومبر". تؤنسه أصواتهم المضخمة وكلامهم السريع ولكناتهم أيضاً بلغات أوروبية عرجاء، ومهما أصلح بها مع الزمن، تبقى متميزة باحتفاظها بلغة أخرى. تدمج كل هذا سحر الشرق الذي يبحث عنه هذا الأب، كسلطة بطريركية لا تمارس سلطتها على قدر ما تصبح أداة فيها. وينتج هذا الفانتازم سلطة خفية، يتبادلها الطرفان من دون تحديد وجهة. ولكن إن تمت الأمور على وسائطها فهناك الارتباط. وهنا "الشوغر دادي" يتحوّل من "باب الفرج" إلى "الجنة" و"النعيم" وربما الجحيم لاحقاً. وكي لا نستهسل بالنتائج والعقبات، لم نخُض في هذه، وسنعود إلى أصل النكتة.

وللنكتة ضرورات، كما المفهوم والقاعدة اللغوية والفقهية. ومن ضرورات هذه النكتة الاسترجاع، فما يسترجعه المثليون في ما بينهم أن يكون هذا الرجل "عاجزاً جنسياً". يكتفي بالقليل. شبعان ويدفع بكرم. صفات قد تتغير. تتجدول وفق قدرة الطرف الثاني؛ الشاب صغير السن واليافع.

وهنا علينا التوقف قليلاً. الشاب بصفاته المزدوجة بين صغر السن، يبدأ التسلسل العمري من السابعة عشرة وقد ينتهي إلى السادسة والعشرين. بعد ذلك قد تكون الحظوظ أقل. وتتحول قصة "الشوغر دادي" إلى أمر آخر، أو ما يسمى بالـ"اسكورت". وفعل "الايسكورتينغ" يقوم على بيع خدمات مؤقتة. ولن ندخل في هذه الخانة الآن.

"الشوغر دادي"، أي الرجل السّكر، ما يهمّ فيه هو أمر واحد: جيب مفتوح لفواتير وهدايا ومنافع كثيرة ومتتالية وقد لا تنتهي أو قد تكون لمدة محددة والسلام.
في حالات "الشوغَر دادي" (الرجل السكر) الأوروبي، يستغل بعض المثليين الآتي بعضهم لاجئاً أو طالباً او عاملاً، هوامات هذا الرجل المسن. شبان صغار السن بذقون كثة وبرجولية قد تعجب الرجل الأوروبي المسن وأرداف أقدام لينة ملأى بالشعر.
ففي المجتمعات على اختلاف قدراتها الاقتصادية، يطوي هذا السلوك على قبول عرفي مسموح به. نسمع مراراً أمهات يقلن لبناتهن: "حبّي الرجال المقرش. والرجال ما بتعيبو إلّا جيبتو مش شيبتو". والرجل المقرش في لفظتنا الشعبية هو الرجل الغني.

لكن لماذا تزداد طفرة رحلان البحث عن "الشوغَر دادي"؟

إن حساسية الأمر لا تنطلي بعد الآن على محظور أخلاقي، كما تغلف هذه المسائل عادة. أو كما تجد الأعراف لفظاً لها على كونها "أفعال خارجة" عن مفاهيم المجتمع. لكن هل المجتمع بطبقاته ونسقه ومعارفه بعيد عن هذا الإنتاج السلوكي والقيمة الخفية له؟

بالطبع لا. ففي المجتمعات على اختلاف قدراتها الاقتصادية، يطوي هذا السلوك على قبول عرفي مسموح به. نسمع مراراً أمهات يقلن لبناتهن: "حبّي الرجال المقرش. والرجال ما بتعيبو إلّا جيبتو مش شيبتو". والرجل المقرش في لفظتنا الشعبية هو الرجل الغني، والشيب في ارتباطه مع المال يصبح ثانوياً، لا بل ثانوياً جداً. وكي لا نعمم، الشوغر دادي موجود في حياتنا العربية وموروثنا، كما هو موجود أوروبياً أيضاً، وله قبوله وسياقاته. والأمر لم يعدّ مستغرباً في عالم المثليّين جنسياً. هذا الشق الاقتصادي - التجاري، في بحثهم عن شريك مسن وغني، هو صفقة مريحة ومشروعة أيضاً.

ولكل منا على ما تقول المزحة هنا لضرورات استكمالها، لكل منا "شوغَر دادي" ينتظره...

 

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image