اغتيل ظهر اليوم، الجمعة 23 نوفمبر، الناشطان الإعلاميان البارزان رائد الفارس وحمود جنيد في مدينة كفرنبل - القرية الصغيرة في شمال سوريا - على أيدي ملثمين مجهولين، بينما لم تعلن أية جهة مسؤوليتها عن الحادث حتى كتابة التقرير. وحسب ما أكد ناشطون سوريون، قام ملثمون بمهاجمة الفارس وجنيد في مدينة كفرنبل، في ريف إدلب، بتوجيه عدة طلقات صوبهم مباشرةً قبل أن يلوذوا بالفرار، لافتين إلى أن إطلاق النار كان حوالي الساعة الـ 11:30، أثناء توجه الفارس وجنيد إلى إحدى قرى ريف إدلب لتغطية تظاهرات ضد نظام الأسد. واتهم الناشطون "جبهة تحرير الشام" ("النصرة" سابقاً) بالضلوع في الجريمة، وتداولوا صوراً لجثتي الناشطين مصحوبة بالتعازي والتعبير عن الحزن، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
من هو رائد الفارس؟
رائد الفارس هو صحافي وناشط سوري، وأحد المحركين الأساسيين للمجتمع المدني في مدينة كفرنبل، كما يُعد أبرز الوجوه الإعلامية في المدينة. بدأت شهرته باللوحات التي رسمها لفضح ممارسات نظام الأسد وجماعة "داعش" على السواء، في مدينة كفرنبل، خاصة وأنه كتب بعضها باللغة الإنجليزية لتصل للغرب وبالفعل نالت اهتمام وسائل إعلام عالمية عديدة، كما نشر فيديوهات قصيرة عبر موقع "يوتيوب" استطاع أن يروي للعالم عبرها أهوال الحرب في بلدته والمناطق المجاورة. وعُرف الفارس بسخريته الدائمة من النظام والديكتاتورية ومن وحشيّة القوى الظلاميّة، كما لم يوفّر المجتمع الدولي والأمم المتحدة من هجومه الساخر الذي صوّب على تخلي تلك الجهات عن الثورة فضلاً عن استغلالها لها من أجل مصالحها. أسّس الفارس أيضاً اتحاد المكاتب الثورية، التي أدارت عدداً من المنظمات المدنيّة المعنيّة برعاية المرأة والطفل وتوفير الخدمات الأساسية في كفرنبل، من بينها مركزاً للنساء وثلاثة مراكز للرعاية النهارية وبرنامج تدريب لحقوق الإنسان للمحامين، كما أكمل مشروعاً لتوفير المياه الجارية مرة أخرى للبلدة وثلاث قرى مجاورة. وعام 2013، بدأ الفارس بث راديو "فريش" - في ظل فقر تام في الموارد ومع انقطاع دائم للكهرباء بسبب حصار النظام لها، كمحطة محلية مقرها مسقط رأسه، وهدف من خلالها إلى مخاطبة الجماهير في محافظات إدلب وحلب وحماة، حيث كان يصر على تزويد الشعب السوري بـ"أخبار محايدة ودقيقة" حول ما يجري في بلدهم، وهو ما لم يكن متوفراً بالطبع في ذلك الوقت.رائد الفارس هو صحافي وناشط سوري، وأحد المحركين الأساسيين للمجتمع المدني في مدينة كفرنبل، كما يُعد أبرز الوجوه الإعلامية في حراك كفرنبل، وقد بدأت شهرته مع اللوحات التي هندسها وميّزت المدينة برفضها للديكتاتورية والقوى الظلامية على السواء
تعددت محاولات اختطاف واغتيال الفارس، إلى أن سقط أخيراً مع رفيقه، مخلّفاً حزناً شديداً على أحد أبرز من رسم آمال الثورة السورية وألوانهاولم يكن راديو "فريش" مجرّد محطة إذاعية، إذ قدّم التدريب الإعلامي لأكثر من 2500 سوري وسورية ليصبحوا صحافيين، مع توظيف أكثر من 600 شخص للتفكير بشكل نقدي ودعم الحركة اللاعنفية، كما مثّلت المحطة وفارس "المصدر الرئيسي للمعلومات" - من أرض المعركة - للصحافة الدولية، نظراً لخطورة وضع الصحافيين بالبلاد. وكانت المحطة واحدة من تسع محطات إذاعية وتلفزيونية سورية تموّلها وزارة الخارجية الأمريكية. من أبرز أقواله: "العدو الأول للشعب السوري هو الأسد"، حيث أنه "كلما تخلصنا - أي السوريون- من النظام، سيكون من السهل التخلص من داعش وتنظيم القاعدة وجبهة النصرة"، وقد علّل وجهة نظره تلك بأن الجهاديين دأبوا على تبرير وجودهم للسكان المحليين، بالقول "نحن هنا لمساعدتك على الإطاحة بالنظام"، وبالتالي فإن مغادرة تفضح حقيقة مطامع هؤلاء. وعندما سُئل عن تهديدات النظام و"داعش" له، قال "النظام شديد الخطورة، لكن عندما نتحدث عن داعش، أنسى كل شيء عن النظام".
استهداف متكرر
كان الفارس معارضاً للنظام السوري، كما عارض وجود الجماعات الإرهابية مثل "داعش"، لذا كان مستهدفاً من الجميع، في وقت ساعد "الجيش السوري الحر" في عملية استعادة كفرنبل من قوات النظام في أغسطس 2012. تعددت محاولات النيل منه سواء بالاختطاف أو الاعتقال أو التعذيب، وكذا مداهمة مكتبه الإعلامي وإتلاف محتوياته، نظراً للدور المؤثر الذي لعبه بلوحاته الصادمة والمثيرة للمشاعر وقدرته على فضح ما يحدث بالمدينة. في 28 ديسمبر 2013، حاول تنظيم داعش الاستيلاء على كفرنبل، وحينها حرصوا على تدمير كل شيء داخل مركز الفارس الإعلامي، بما في ذلك أجهزة الإرسال، وعلّق على ذلك بالقول "عندما جاء داعش المدينة كنت أنا المستهدف الأول". تعرض الفارس مطلع العام 2014، لمحاولة اغتيال بعدما أطلق مسلحون 40 رصاصة صوبه، استقرت اثنتان في جانبه الأيمن، لكنه تعافى بعد أربعة أشهر كاملة من العلاج، ليعاود نشاطه بكل حماس مرة أخرى. كذلك، أخفى إرهابيون القنابل في سيارته مرتين، بين عامي 2014 و 2015، واختُطف أربع مرات من قبل عناصر "القاعدة" ليُطلق سراحه بعد بضعة أيام من التعذيب، حسب ما صرّح لـ"واشنطن بوست"، واعتُقل مع صديقه جنيد عام 2014 كما اختطفته "جبهة النصرة" مع الناشط هادي العبد الله عام 2016. أما حمود جنيد فكان يعمل مصوراً في المكتب الإعلامي في كفرنبل، كما عمل في راديو "فريش" التي أسّسها الفارس.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...