أمام سُرادق ضخم بألوان مزركشة، نُصب بالقرب من مسجد السيدة زينب وسط القاهرة، وقف عشرات المصريين ينظرون لحلوى المولد بسعادة وإعجاب، بعضهم يشتري، والبعض الآخر يكتفي بالنظر. عرائس السكر تلك قديمةٌ قدم تاريخ ظهورعادة الاحتفال بالمولد في مصر، لكنها صارت صعبة المنال لمتوسطي الدخل.
تقول سيدة مصرية لرصيف22 إنها حضرت من أجل شراء بعض الحلوى لها ولأسرتها المكونة من زوج وخمسة أطفال، وتضيف أن زيادة الأسعار أجبرتها على شراء كميات قليلة هذا العام.
تكمل : "ظروفنا صعبة بس نعمل إيه لازم نشتري حلاوة المولد علشان نحتفل بأعظم مناسبة، هو فيه أهم من الاحتفال بمولد سيدنا النبي؟" وتتساءل وهي تشير للبائع أن يضع لها في العبوة بعض الحلوى المعروفة في مصر باسم “الحمصية" والتي تتكون من حمص وسكر ومكونات أخرى.
السيدة التي رفضت ذكر اسمها، مهتمة مثل ملايين المصريين، بالاحتفال بالمولد النبوي، الذي يعتبر أحد أهم الأعياد الدينية في مصر. ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المصريون فإن شراء حلوى المولد جزء مهم من طقوس الاحتفال بمولد النبي، وهو طقسٌ تحفه محبة فائقة للرسول. يؤمن المحتفلون بأن إنفاق الأموال حتى لو كانت قليلة على حلوى المولد النبوي ستجعل البركة تحل على حياتهم.
قطعة واحدة تكفي
"جئت هنا للفرجة فقط، الأسعار نار، لا أمتلك سوى القليل من المال، لكني واثق أن أولاد الحلال كثر ومنهم من سيتذكرنا بهدية بها أنواع مختلفة من حلوى المولد، كل عام نتلقى هدايا من فاعلي الخير"، بابتسامة يقول عم أحمد (63 عاماً) هذه الجملة، مضيفاً أن مشاهدة حلوى المولد تجعله سعيداً وتذكره بالماضي الجميل حين كان طفلاً يشتري له والده حصاناً مصنوعاً من السكر يجلس فوقه فارس بملامح طفولية. يكتفي عم أحمد بزيارة منطقة السيدة زينب التي يسكن بالقرب منها كل عام لحضور واحدة من حفلات المدّاحين، ويقول إنه يعشق أناشيد حب النبي خصوصاً لو خرجت من صوت جميل.أمام سُرادق ضخم بألوان مزركشة وقف عشرات المصريين ينظرون لحلوى المولد بسعادة وإعجاب، بعضهم يشتري، والبعض الآخر يكتفي بالنظر. عرائس السكر تلك قديمةٌ قدم تاريخ ظهورعادة الاحتفال بالمولد في مصر، لكنها صارت صعبة المنال لمتوسطي الدخل.
"ظروفنا صعبة بس نعمل إيه لازم نشتري حلاوة المولد علشان نحتفل بأعظم مناسبة، هو فيه أهم من الاحتفال بمولد سيدنا النبي؟"وفي ليلة المولد النبوي تحيي بعض الفرق الصوفية في مصر حفلات إنشاد ديني تقام في سُرادقات عديدة حول المساجد الشهيرة مثل مسجد السيدة زينب، مسجد الحسين، وغيرهما من مساجد القاهرة، ويقوم الرجال بالاهتزاز يميناً ويساراً وهم مصغون للمنشد في ما يطلقون عليه "حفلات الذكر" في سرادق آخر بمنطقة بولاق الدكرور الشعبية الواقعة بمحافظة الجيزة المصرية، وقفت أعداد قليلة أمام عشرات الأنواع من الحلوى. يقول البائع محمود البالغ من العمر 28 عاماً لرصيف22 إن المبيعات لم تعد مثل السابق، مؤكداً أن بعض المواطنين يكتفي بشراء قطعة حلوة واحدة في سابقة لم تحدث من قبل، حسب تعبيره. يقول البائع الشاب إن الأسعار تختلف حسب نوع الحلوى، مضيفاً أن كل عبوة بها عدد معيّن من الحلوى، على سبيل المثال هناك علبة بها 11 قطعة مختلفة ثمنها 45 جنيهاً، وعلبة أخرى بها 16 قطعة ثمنها 60 جنيهاً، أما علبة ذات الـ 19 قطعة فثمنها 100 جنيه والعلبة الكبيرة من 39 قطعة فثمنها يصل إلى 350 جنيهاً. أما سعر عروسة المولد المصنوعة من الحلوى فيبدأ من 50 جنيهاً، ويصل إلى 500 للعروسة المصنوعة من البلاستيك ذات الحجم الكبير وداخلها بعض الحلويات. لكن الأسعار في المتاجر المشهورة تختلف تماماً عن الأسعار عند محمود، ففي محل العبد وهو واحد من أشهر محالٰ الحلويات في القاهرة تبدأ الأسعار من 45 جنيهاً للعلبة الصغيرة جداً، وتصل إلى 870 جنيهاً للعلب الخاصة المصنوعة من خامات عالية الجودة. ولدى سلسلة محالّ قويدر الشهيرة بالقاهرة تراوح الأسعار من 37 جنيهاً للعلبة التي تحوي 8 أصناف فقط، و12 صنفاً ثمنها 55 جنيهاً، ويصل سعر العلبة المعدنية التي يطلق عليها علبة خان الخليلي وتحوي 24 صنفاً مختلفة بسعر 1150 جنيهاً.
تاريخ حلوى المولد
يقول الباحث بقسم التاريخ بمعهد البحوث والدراسات العربية إيهاب أحمد إن بداية ظهور حلوى المولد بشكلها المعروف حالياً كانت في العصر الفاطمي، مضيفاً أن الفاطميين كانوا بصفة عامة يهتمون بالمناسبات الدينية لأسباب سياسية أكثر منها دينية، إذ كانوا يعدون الولائم يوم المولد النبوي ويوزعون على المصريين أنواعاً مختلفة من الحلوى حتى يحصلوا على ولائهم. ويضيف أحمد لرصيف22 أن هناك روايات مختلفة بشأن عروسة المولد، لكن أقواها بحسب الباحث يؤكد ظهورها خلال عهد الحاكم بأمر الله، الذي كان يعشق واحدة من زوجاته، فطلب منها الخروج معه يوم الاحتفال بالمولد النبوي، فارتدت فستاناً مميزاً لونه أبيض ووضعت تاجاً على رأسها، فأحب المصريون هذا المشهد، واستغله بعض صناع الحلوى في صنع عروسة من السكر تشبهها، كما صنعوا فارساً على صهوة جواد حاملاً سيفاً، في إشارة إلى الحاكم بأمر الله نفسه. ومنذ ذلك الحين صار المصريون يشترون عروسة المولد للفتيات والفارس على الحصان للفتيان، تقول القصة، وباتت عادة تميز الاحتفال بالمولد النبوي. يقول الباحث المصري إن شراء حلوى المولد كان له بعد إنساني يتمثل في شراء الأغنياء للحلوى وتوزيعها على الفقراء يوم المولد النبوي. وهناك رواية تاريخية ذكرها المؤرخ عبدالرحمن الجبرتي تعود إلى عصر الحملة الفرنسية عى مصر، هي أن القائد الفرنسي نابليون بونابرت كان يهتم بشكل خاص بتنظيم احتفال كبير يوم المولد النبوي لعلمه بأهمية هذا اليوم لدى المصريين. وحافظ المصريون على عادة الاحتفال بالمولد النبوي طوال قرون، ففي كل عام وقبل موعد المولد النبوي بأسابيع تقام سرادقات كبيرة في كل المحافظات تباع فيها حلوى المولد بأنواعها المختلفة، مثل السمسمية والحمصية والنوجا والجوزية والبسيمة والفولية والملبن المحشو بالمكسرات... كما تقام حول المساجد الكبرى في مصر خصوصاً مساجد أولياء الله الصالحين مثل مسجد الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة في القاهرة، ومسجد السيد البدوي في مدينة طنطا بمحافظة الغربية، وغيرها من المساجد الشهيرة سرادقات خاصة في أجواء احتفالية تحضر فيها الحلويات وألعاب الأطفال. وبالقرب من المساجد الكبرى يطوف المنشدون والمدّاحون وهم فئة من المنشدين تخصصت في مدح النبي محمد، في مجالس إنشاد نبوي في سماء القاهرة كل عام.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع