بعد نحو أربعة عقود من العداء شهد لبنان الأربعاء 14 نوفمبر مصالحةً وُصفتْ بالتاريخيّة تمثّلتْ في مصافحة سليمان فرنجية لسمير جعجع، الخصمين المسيحييّن في الحرب الأهليّة اللبنانيّة في خطوة تنهي العداوة القديمة.
المصافحة بين الرجلين وصفها رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، بـ "الصفحة البيضاء التي تطوى صفحات من الألم" فيما يعوّل كثير من اللبنانيين على قدرة هذه المصالحة على العبور بلبنان إلى مرحلة السلم الاجتماعي.
ويعود العداء بين جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية وفرنجية رئيس تيار المردة إلى الأيام الأولى من الحرب الأهلية في لبنان، التي استمرت من عام 1975 وحتى العام 1990.
وخلال فترة الحرب، كان لكلّ من الحزبين فصيلٌ مسلّح، ودارت بينهما معارك طاحنة، كما تدخّلت قوى إقليمية في الحرب التي شملت قتالاً بين الطوائف اللبنانية الرئيسية وفصائل متنافسة داخل تلك الطوائف.
ومشهد المصالحة التاريخية تمّ حين التقى السياسيّان المسيحيّان المارونيّان في مقرّ البطريرك الماروني بشارة الراعي في قرية بكركي شمالي بيروت وصافح جعجع وفرنجية الراعي وبعدها مباشرة تصافحا.
جعجع لم يغسلْ يديه من دم آل فرنجية وسليمان بك لم يطلب منه الاعتذار: طموحات الرئاسة المسيحية اللبنانية فوق كلّ اعتبار
ثاني مصالحة مسيحية/مسيحية في لبنان، بعد تأييد جعجع لانتخاب عون رئيساً للبنان، تأتي المصالحة بينه وبين فرنجية.وفي السنوات الماضية فشلت الكثير من محاولات المصالحة بين الطرفين، وبحسب ما نشرته وكالة رويترز فقد اتُهم جعجع بقيادة هجوم في عام 1978 على منزل طوني فرنجيّة والد سليمان ما أسفر عن مقتله مع زوجته وابنته وآخرين، وقال جعجع إنه أُصيب قبل أن يصل إلى منزل فرنجيّة ولم يشارك بنفسه في الهجوم. وقال طوني فرنجية، ابن سليمان فرنجية، إن المصالحة أمرٌ جيّد لكل اللبنانيين ولا علاقة لها بأي طموح للرئاسة، وأضاف لتلفزيون الجديد إنه يتطلّع إلى المستقبل بعد هذه المصالحة. وعبّر رئيس الوزراء سعد الحريري، عن سعادته بالمصالحة، حيث غرّد على حسابه الرسمي على تويتر معتبراً أن "المصالحة بين القوات اللبنانية وتيار المردة، صفحةٌ بيضاء تطوى صفحات من الألم والعداء والقلق". وأضاف الحريري، "نبارك لسليمان بك فرنجيّة وللدكتور سمير جعجع هذا الحدث الكبير الذي تكلّل برعايّة البطريرك الراعي. واهتمّ بالحدث التاريخي أغلبُ الشخصيّات اللبنانيّة حتى التي لا علاقة لها بالسياسة، فقد غرّدت المطربة اللبنانية الشهيرة إليسّا قائلة، "اليوم (الأربعاء) من أجمل الأيام بتاريخ هالبلد، مصالحة ناطرينا من زمان بين شخصين، عندن مبادئ وبيحترموها، وعندن كلمة وبيضلن قدّها، وعندن جرأة وتصالحو، القلب عالشمال. كما غرّدت المطربة والممثلة اللبنانية سيرين عبد النور، "صفحة جديدة، ويارب بارك هل المصالحة وتستمرّ لخير هل البلد.
ثاني مصالحة تاريخية
التقارب بين جعجع وفرنجية هو الثاني بين خصمين مسيحيين في الحرب الأهليّة خلال السنوات القليلة الماضية. ففي يناير 2016 أيّد جعجع المرشح الرئاسي حينذاك ميشال عون متنازلاً عن ترشيح نفسه للمنصب المخصّص للطائفة المارونية بحسب نظام تقاسم السلطة بين الطوائف في لبنان. وكان جعجع وعون، اللذان دارتْ بينهما أيضاً معارك في الحرب الأهليّة، على خلاف سياسي منذ انسحاب القوات السورية من لبنان في عام 2005. والرئيس عون حليفٌ سياسي لحزب الله الشيعي في حين أن جعجع من أشدّ خصوم حزب الله، أما فرنجيّة فهو حليف مقرّب للرئيس السوري بشار الأسد وحليف حزب الله كذلك. وأمس قال البطريرك الراعي: نحن ضدّ الثنائيات والثلاثيات ونؤمن بثنائية واحدة هي جناحي لبنان المسيحي والمسلم، وهذا هو سرّ لبنان بخصوصيّته ودوره ورسالته. وأضاف: مرحّباً بالمصافحة بين الإخوة الأعداء: "ما أجمل أن يجلس الأخوة معاً، بهذه الصلاة استقبلكم اليوم والفرح في قلوبنا وقلوب جميع اللبنانيين، كثرٌ فرحون في لبنان وخارجه، هم يحبّون السلام والمصالحة والتعاون والتلاقي في سبيل الوطن وشعبه وفي سبيل قيام الدولة ومؤسساتها، نحن أخوةٌ مهما كان الدين أو الرأي أو اللون، لذلك ما أجمل وما أطيب أن يجلس الأخوة معاً.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...