شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
مهرجان الفيلم الإباحي في برلين؛ مشاهدة أفلام إباحية مع غرباء

مهرجان الفيلم الإباحي في برلين؛ مشاهدة أفلام إباحية مع غرباء

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

السبت 3 نوفمبر 201802:31 م

في آخر ليلة للنسخة الثانية عشرة لمهرجان الفيلم الإباحي في برلين، رحّب يورجن برونينج، أحد مؤسسي المهرجان، بصالة سينما ممتلئة. جميع الجمهور جاء لصالة سينما Moviemento بالمنطقة السكنية البرلينية Neukölln (نوبكولن) لمشاهدة سلسلة أفلام سياسية إباحية قصيرة. وكان الجمهور متنوعًا، نساءً ورجالًا وخلفيات ثقافية عديدة، والجميع جاء لسبب واحد: مشاهدة الأفلام الإباحية.

award-2018

منذ إطلاق نسخته الأولى، يقدّم المهرجان عددًا من الورشات والأفلام والمحاضرات، وجميعها حول حقل الفيلم وبالأخص حول الأفلام الإباحية. ضمّ جدول مهرجان هذا العامّ ورشات مثل "Zombie Queer Punk Urban Post Porn: The Workshop" وأفلام مثل "Las Hijas del Guego" (بنات النار). وعلى الرغم من أن عددًا كبيرًا من الأفلام في المهرجان يحتوي على مشاهد إباحية، إلا أن الإباحة ليست محور تركيز المهرجان نفسه، بل هي وسيط لإشعال نقاشات بمواضيع متعلقة بالمجتمع الألماني وغيرها.

الالتقاء بين الجندر والجنسانية من خلال الأفلام الإباحية هو أساس خصوصية نوع هذا المهرجان، كوسيط فني وسياسي في العاصمة الألمانية. أنشطة المهرجان مثل الورشات والأفلام والمحاضرات تدور حول موضوعات سياسية تثير الجدل في عدة دول مثل فرنسا ونيبال، اللتين مثّلتهما أفلام في هذه النسخة من المهرجان. وعلى سبيل المثال، فإن الأفلام السياسية الإباحية القصيرة التي شاهدتها تحتوي على أربعة إباحية قصيرة في أربع لغات، تناقش موضوعات مثل المنظومات السياسية وظاهرة ترامب الاستيطانية والعنصرية والديموقراطية بالإضافة إلى مواضيع أخرى. يدعي منظمو المهرجان أن من ضمن آلاف المشاهدين الذين يأتون للمهرجان كل سنة، فإن حوالي خمسين في المئة من المشاهدين من دول أخرى غير ألمانيا. نظرًا لتنوع الأفلام وتعدد الموضوعات التي يناقشها المهرجان، فإن عددًا كبيرًا من المشاهدين الألمان وغير الألمان ينتظرون المهرجان من سنة للأخرى.

الحديث عن مواضيع حساسّة

قد تتسأل لماذا مهرجان الفيلم الإباحي أصبح أكثر شهرة بالرغم أن المشاهدين يحضرون أفلامًا إباحية مع غرباء؟ من أول نسخة له في العام، 2006، نجح المهرجان في استعراض أكثر من 100 فيلم تناقش موضوعات متعلقة بالجندر والجنس وبالإضافة إلى طرح السؤال الأخلاقي: "ما هو العيب؟"، كما عن النسوية والسياسة الكويرية وعدد كبير ومتنوّع أكثر من أفلام مع كل نسخة للمهرجان. كما أن وسيط هذه النقاشات، المتجسدة بشكل الفيلم الإباحي، يسمح بالتنوع والترحيب للآراء المختلفة ويساعد على خلق مجال للتحدث في موضوعات حساسة من خلاله.

افتتحت سلسلة الأفلام الإباحية السياسية القصيرة  بفيلم فرنسي بإسم "F**k Your Fascism" وبدأ بمشهد بنتيْن تمارسان علاقة في ساحة مفتوحة وعامة في قلب باريس، وذلك كان المدخل الأول للتحدث عن إخراج الجنس والحميمية من النطاق الشخصي والسرَّي إلى النطاق العام والمشترك. ناقش الفيلم عددًا كبيرًا من الموضوعات الشائعة مثل الأشخاص الكويريّين وجنسانيتهم، كما المتحفظين سياسيًا والعنصرية والاستيطانية، كلها موضوعات هامة في فرنسا وأيضًا في مجتمعات أخرى. دمج الجنس والسياسة في الفيلم، هو أيضًا نوع من أنواع التمرد على وضع الجنس والسياسة في المجتمع بشكل عام. لهذا السبب يشجع المهرجان المشاركين على تحدي علاقتهم بأجسادهم وبجنسانيتهم ومن جانب آخر تعريف مدى سياسية الجسد في النطاق العامّ.

بالعودة إلى الفيلم، فإن إدخال الجنس في النطاق والفضاء العاميْن من خلال إخراجه من نطاق الشخصي هو من أحد أكبر أهدافه. هذا التداخل أيضًا جعل الجنس جزءًا حقيقيًا من العالم خارج غرفة النوم، التي نحبس الجنس في داخلها عادة. نقاش هذه الموضوعات السياسية عبر وسيط فني غير تقليدي مثل الإباحية لديه نوع من القوة لتخطي السلطة التي تحدد دور الجنسانية في حياتنا اليومية.

وكان الجمهور متنوعًا، نساءً ورجالًا وخلفيات ثقافية عديدة، والجميع جاء لسبب واحد: مشاهدة الأفلام الإباحية.
وعلى الرغم من أن عددًا كبيرًا من الأفلام في المهرجان يحتوي على مشاهد إباحية، إلا أن الإباحة ليست محور تركيز المهرجان نفسه، بل وسيط لإشعال نقاشات حول مواضيع متنوعة.
الالتقاء بين الجندر والجنسانية من خلال الأفلام الإباحية هو أساس خصوصية نوع هذا المهرجان، كوسيط فني وسياسي في العاصمة الألمانية.
إن برلين كمدينة معروفة بقبولها القوي للجنس وأنشطته بين الناس وتبريرًا لهذا القبول، تتعدد نوادي الجنس في المدينة التي تخلق نوعًا من أنواع الثقافة القابلة للجنس كظاهرة طبيعية في المجتمع.

الجنس كظاهرة طبيعية في المجتمع

إن برلين كمدينة معروفة بقبولها القوي للجنس وأنشطته بين الناس وتبريرًا لهذا القبول، تتعدد نوادي الجنس في المدينة التي تخلق نوعًا من أنواع الثقافة القابلة للجنس كظاهرة طبيعية في المجتمع. لنبسّط الموضوع قليلًا، إن الجنس مقبول في كل أشكاله في هذه المجتمع البرليني الفريد من نوعه. لهذا السبب يجيد بعض البرلينرز، أي البرلينيّين/ات، طرقًا مختلفة للمشاركة في خلق ثقافة للجنس وفي خلق نقاشات حول الجنسانية في العاصمة الألمانية.

في آب - أغسطس الماضي، قامت الباحثة الاجتماعية كاميلا رودي بتقديم محاضرة بعنوان “Is there Love in Berlin?” في منطقة Neukölln (نويكولن)، تحدثت فيها عن صعوبات إيجاد الحب في العاصمة الألمانية. وأوضحت من خلال محاورها أن بعض الأشخاص يأتون لبرلين ليتركوا الالتزامات الاجتماعية في أشكالها التقليدية، وبالتالي، يرون الحبّ كنوع من أنواع تلك الالتزامات. هذه هي النظرة لبرلين كمدينة حرّة من الالتزامات، يجعلها بيتًا مثاليًا لمهرجان الفيلم الإباحي، كوسيلة لإعادة التفكير بالجنس في أشكاله التقليدية.

كعربي يسكن في الشتات، وجاء من مجتمع تقليدي ومحافظ، بدأت بطرح أسئلة عن الجنس والجنسانية وجسدي التي زرعها مجتمعي في وعيي ولكن ببطء. وفي حين العالم حولي يواجه انفجارًا لحركات مثل #MeToo ضد التحرش الجنسي وشعبية المتحفظين سياسيًا المرتفعة وظواهر سياسية جديدة، يشعر بعض الناس حول العالم بالغضب وأيضًا بالخوف من حال العالم كما هو. ما يحاول أن يفعله المهرجان هو تحدي الغضب والخوف اللذين ينبعثان من تفكير اجتماعي تقليدي، وخلق  أماكن ومواقع جديدة للتفكير وأيضًا لطرد تلك الأفكار التقليدية. أما بالنسبة لي فأنا معجب جدًا بالمهرجان ومحاولته لخلق فهم جديد عن الجنس والجنسانية وبمهرجان الفيلم الإباحي، ولكن مع ذلك ما زلت مستغربًا من فكرة أنني من الممكن أن أشاهد أفلامًا إباحية إلى جوار غرباء. مع أنه من الواضح، أن هذه ليست فقط تجربة جديدة بالنسبة لي، بل أنها أيضًا جزء من إعادة تفكيري عن الجنس والجنسانية والعلاقات الجسدية من حولي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image