في يوم (7 آبان) وفق التقويم الفارسي المصادف هذا العام في يوم 29 اكتوبر يحيي الإيرانيون "يوم كوروش الكبير"، بالتوجه نحو مقبرة الملك كوروش في منطقة باسارغاد الأثرية بالقرب من مدينة شيراز، لإحياء احتفالات ذات صبغة قومية عبر قراءة الأشعار والأناشيد الوطنية.
إلا إن هذا الاحتفال لم يصبح رسمياً بعد، فالحكومة الإيرانية لم تؤيد حتى الآن تسمية يوم "كوروش الكبير".
ومثل مختلف العناصر المكونة للثقافة الإيرانية حظي مؤسس الإمبراطورية الأخمينية كوروش الكبير بيوم خاص من السنة ضمن الذاكرة الشعبية الإيرانية وهو التاريخ الذي يعتقد أن كوروش انتصر فيه على البابليين عام 539 ق.م.
وبالنظر للتقويم الفارسي، يمكن فهم بعض خفايا المجتمع الإيراني الغني بالتنوع الثقافي، فنجد مناسبات عديدة على الروزنامة الإيرانية، فهناك يوم خاص بكل شاعر وكل عارف وكل نابغة، أضيفت إليها في العقود الأخيرة أيام خاصة بأئمة أهل البيت.
لكن الاعتراف بيوم "كوروش الكبير " تأخر رغم الاحتفال الشعبي به.
كما أن جامعة طهران أحيت في السنوات الأخيرة عدداً من الندوات العلمية بالتزامن مع هذا التاريخ في إشارة إلى ضرورة منحه عيدًا رسميًا.
وأبدى المسؤولون في محافظة فارس التي تضم مقبرة كوروش رغبتهم بإعلان عيد كوروش عيدًا رسميًا لما يقدمه من دعم سياحي للمدينة.
وكان مجلس المحافظة قد سارع إلى تكذيب إعلان تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي يحذر المواطنين من التوجه إلى المقبرة في هذا اليوم.
تحت وسم #نهضة7آبان دعا المغردون الايرانيون أبناء وطنهم للمشاركة في إحياء يوم كوروش، والسير نحو شيراز، فيما حاول بعض المتشددين فرض مقارنة بين أربعين الحسين ويوم كوروش واستبدال الثاني بالأول
فيما يذهب البعض إلى إحياء الحضارة الفارسية القديمة التي ازدهرت في الامبراطورية الاخمينية والساسانية، يذهب آخرون إلى اختيار حضارة الغرب وتقمص الشخصية الغربية بشكل كامل، فيما يفضل تيار آخر التمسك بالهوية الاسلامية كعقيدة تجمع أغلب أفراد المجتمع الايرانيفي المقابل، قدم نواب مدينة شيراز في البرلمان الإيراني طلباً رسمياً للرئيس حسن روحاني لإعلان يوم كوروش الكبير يوم احتفال رسمي، إلا إن روحاني ترك الكرة في ملعب المجلس الأعلى للأمن القومي، معتبراً هذا الطلب يمس القضايا الأمنية في البلاد مما أثار غضب النائب عن مدينة شيراز "بهرام بارسايي" الذي انتقد ضمن الجلسة العلنية للبرلمان يوم الأحد 21 اكتوبر الماضي تصرف روحاني متهماً إياه بالازدواجية، في إشارة منه لتباهي روحاني في الجمعية العامة للأمم المتحدة «نحن الدولة نفسها التي أنقذت اليهود طوال التاريخ، ونحن ذلك الشعب نفسه».
البحث عن صيغة تعايش
ولا تخرج إيران عن أزمة الهوية التي يعاني منها الشرق الأوسط حتى الآن، فهذا البلد الذي يجمع قوميات مختلفة من فرس وعرب ولور وكرد وبلوش وتركمان وترك وغيرهم، يبحث عن صيغة لصنع تعايش واعتراف بكل قومية. صراع على إعلاء هوية على حساب أخرى يظهر من خلال المنافسة بين المكونات العرقية والحضارية، ففيما يذهب البعض إلى إحياء الحضارة الفارسية القديمة التي ازدهرت في الامبراطورية الاخمينية والساسانية، يذهب آخرون إلى اختيار حضارة الغرب وتقمص الشخصية الغربية بشكل كامل، فيما يفضل تيار آخر التمسك بالهوية الاسلامية كعقيدة تجمع أغلب أفراد المجتمع الايراني. وعلى الرغم من انتصار التيار الثالث إلى أن بقية التوجهات لا تزال حية هنا وهناك إلى جانب تيارات أخرى ظهرت حديثاً. وسبق للشاه محمد رضا بهلوي الاحتفال في 12 تشرين الأول عام 1971 بمرور 2500 عام على تأسيس الامبرطورية الفارسية، الأمر الذي جعل الذاكرة الإيرانية المعاصرة تربط هذا اليوم بحكومة الشاه من جهة وبتيار سياسي آخر أظهر رغبته بإعادة إحياء هذا اليوم وهو تيار الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، حين صرح مساعده اسفنديار رحيم مشائي عن دعمه لإعلان يوم كوروش الكبير في فترة إدارته لمنظمة التراث الثقافي في ايران عام 2006. لم يتوقف التأثير السياسي على الأجواء المحيطة باحتفالات مقبرة كوروش، ففي عام 2015 زحف عدد كبير من الإيرانيين نحو شيراز في عيد كوروش لكن تحول العيد لتظاهرة سياسية تحمل شعارات مناوئة لسياسات النظام الاسلامي مما دعا النيابة العامة في شيراز لفتح تحقيق حول قادة هذه التجمعات والقبض على بعضهم وتحويلهم للقضاء المختص. في المقابل بدأت الحكومة الايرانية باتخاذ تدابير مضادة لإبعاد الشعب عن هذا اليوم، إذ هاجم مرجع التقليد الايراني آية الله حسين نوري همداني التجمعات في يوم كوروش الكبير واصفاً إياها بالمعادية للثورة، فيما نشرت الصحف ووكالات الانباء تقارير عدة في الأسبوع الأخير تشكك بتاريخ المقبرة، وتحذر من الخلط بين العنصرية والقومية وتدعو إلى عدم الانجراف في هذا التيار.المصادفة بين يوم الأربعين ويوم كوروش الكبير
تحت وسم #نهضة7آبان دعا المغردون الايرانيون أبناء وطنهم للمشاركة في إحياء يوم كوروش، والسير نحو شيراز، فيما حاول بعض المتشددين فرض مقارنة بين أربعين الحسين ويوم كوروش واستبدال الثاني بالأول، الأمر الذي أثار حفيظة الشارع الأصولي في إيران وتبادل الطرفان التهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وفيما يسيس البعض يوم 7 آبان يقف بعض الايرانيين على الحياد داعين لاحترام هذا المكون الثقافي للهوية الايرانية بعيداً عن التحزبات، رافضين استغلال الملك الأخميني وإرثه التاريخي لمصالح سياسية ضيقة. وبعيداً عن صحة المعلومات التاريخية حول المقبرة أو خطئها، وعن دعم محمد رضا شاه أو غيره لهذا اليوم، تدعو الشريحة الأكبر من المجتمع الايراني للحفاظ على الآثر التاريخي القيم في باسارغاد كجزء من التراث الإنساني والحضاري.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Tester WhiteBeard -
منذ 23 ساعةtester.whitebeard@gmail.com
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 4 أيامجميل جدا وتوقيت رائع لمقالك والتشبث بمقاومة الست
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ أسبوعمقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ اسبوعينعزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ اسبوعينلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...