تناقل العالم، الأربعاء، صوراً ومقاطع فيديو عن قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بسحل راهب قبطي في دير السلطان، المملوك للكنيسة القبطية في القدس المُحتلة، وهو ليس الاعتداء الأول لقوات الاحتلال على المواقع الدينية، ولا على رجال الدين المسلمين والمسيحيين في الأراضي المحتلة.
الواقعة جاءت حين فضّت الشرطة الإسرائيلية وقفة احتجاجية لرهبان أقباط وفلسطينيين ضد ترميم لجنة هندسة إسرائيلية سقف كنيسة الملاك ميخائيل داخل دير سلطان الذي يقع في مدخل كنيسة القيامة، خشية تغيير هويته القبطية.
الأسبوع الماضي، رفضت سلطات الاحتلال السماح للأقباط بترميم الدير بأنفسهم وعلى نفقتهم ، واستدعى وزير الأديان الإسرائيلي مطران الأقباط في القدس، الأنبا أنطونيوس، وأبلغه أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، كلف الحكومة ترميمه تحت إشرافها وتنفيذها. وقال له الوزير: "نحن نخبرك ولا نستأذن منك".
إسرائيل غيرت مفاتيح الدير قبل أربعين عاماً
وحتى العام 1970 كان الدير في حيازة الكنيسة القبطية قبل أن تغير إسرائيل ليلة عيد القيامة مفاتيحه وتعطيها للرهبان الإثيوبيين "رغم أنه قبطي وله كل ملامح الكنيسة القبطية"، حسبما قال بطريرك بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، البابا تواضروس الثاني، في عظته الأسبوعية الأربعاء. وعقب الاعتداء على الرهبان في دير السلطان، قالت الكنيسة القبطية إن الحكومة الإسرائيلية أخطرتها "شفهيًا فقط" بصدور قرار بترميم كنيسة الملاك ميخائيل على نحو "يتناسب مع مصالح الرهبان الأثيوبيين فقط - متجاهلين كل اعتراضاتنا الكتابية والمطالبات بحقوقنا في ترميم ممتلكاتنا". "قمنا بالاعتراض كتابيًا على القرار الشفهي الأخير بالترميم عنوة، ولكن قامت الحكومة الإسرائيلية يوم 23 /10 /2018 بإدخال مجموعة من العاملين بهدف ترميم المكان دون الرد على اعتراض الكنيسة القبطية المالك الوحيد للعقار أو النظر إلى مطالبها".ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي بسحل الراهب القبطي في دير السلطان المملوك للكنيسة القبطية في القدس المُحتلة ليس الاعتداء الأول على المواقع الدينية ولا على رجال الدين المسلمين والمسيحيين في الأراضي المحتلة
حتى العام 1970 كان الدير في حيازة الكنيسة القبطية قبل أن تغير إسرائيل ليلة عيد القيامة مفاتيحه وتعطيها للرهبان الإثيوبيين "رغم أنه قبطي وله كل ملامح الكنيسة القبطية"ومن أجل وقف أعمال الترميم نظم الرهبان الأقباط وقفة احتجاجية في السادسة من صباح الأربعاء قبل أن يتلقوا تهديدًا من الشرطة باستخدام القوة "فكان ردنا أننا سندافع عن ديرنا إلى النفس الأخير، فتم استخدام القوة والعنف بجذب وسحل الآباء الرهبان والشمامسة مما أدى إلى إصابة بعض الرهبان بجروح ورضوض"، وفق بيان الكنيسة. وبعد ساعات تدخل السفير المصري في تل أبيب لتخلية سبيل الراهب القبطي مكاريوس الأورشليمي. وفي عظته الأسبوعية، قال البابا تواضروس: "الكنيسة الإثيوبية كنيسة شقيقة، ولا نحب أن يكون هناك موضوع يعكر العلاقات بيننا، نفسنا طويل أوي ونحاول منذ 50 عامًا، وكل المستندات والحقوق معنا وواضحة، ولكن الأمور أخذت منحى سياسياً بعيداً عن المنطق والقضاء والعقل، لكن نثق برؤية محايدة لهذا الأمر". كما تولدت موجة من ردود الفعل المنددة بالاعتداء على الراهب ومحتجين آخرين، بداية من مستخدمي الشبكات الاجتماعية إلى مسؤولي الكنيسة القبطية والحكومة المصرية.
ما قصة دير السلطان؟ ولماذا تتنازع الكنيسة القبطية والإثيوبية عليه؟
يقول البابا تواضروس إن النزاع على دير السلطان قديم منذ العام 1820، ووقتذاك "تم اللجوء إلى المحاكم منذ أيام الدولة العثمانية، والبطريكية (القبطية) لها وجود من القرن الثاني عشر هناك". ومع حلول عيد القيامة في العام 1970، استولت إسرائيل على الدير وطردت الرهبان الأقباط وسلمت الدير للرهبان الإثيوبيين. وعندما رفعت الكنيسة القبطية قضايا بالمحاكم الإسرائيلية حكمت لمصلحتها، إلا أن الأحكام ظلت "دون تطبيق على أرض الواقع"، وفق البابا. وروى موقع الأنبا تكلاهيمانوت، التابع للكنيسة القبطية، التفاصيل التاريخية المرتبطية بالدير، موضحًا أن صلاح الدين الأيوبي "لما تحقق من إخلاص الأقباط وهبهم أعظم مكان في بيت المقدس وهو الدير المعروف الآن بدير السلطان نسبة إليه". بادرة صلاح الدين جاءت "تقديراً لدورهم معه، في النضال ضد الاستعمار (إبان الحملات الصليبية)". واستند الموقع إلى ما ورد في كتاب "قصة الكنيسة القبطية" لـ إيريس حبيب المصري، عن قصة وجود الرهبان الإثيوبيين في دير السلطان. وقال الكتاب إنه منذ 3 قرون، عندما طردت الحكومة المحلية الأحباش (الإثيوبيون) من أديرتهم وكنائسهم لعجزهم عن دفع الضرائب المُقررة عليهم، استضافهم القبط حِرصًا على عقيدتهم، ولتوفير سبيل لهم للبقاء في القدس على أساس أنهم ضمن أولاد الكنيسة القبطية. إلا أنه "خلال القرون الثلاثة حاوَل الأحباش مراراً الاستيلاء على الدير وإخراج الأقباط منه. وكانت محكمة القدس الشرعية تُعيد الحق إلى أصحابه في كل مرة”، بحسب إيريس حبيب. وتطرق الكتاب إلى ما ذكره نقيب الصحافيين المصريين الأسبق، صلاح جلال، عن زيارته للدير، قائلا إنه "قابل الرهبان الأحباش، الذين أخبروه بأنهم ضيوف قُدامى". كما زارهم في صوامِعهم "وسمع بنفسه ثناءهم على الرهبان القبط، كما سمع اعترافهم بأنهم ضيوف". وفي جلسة المجمع المقدس بالقاهرة في 26 مارس1980، قرر عدم التصريح لرعايا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالسفر إلى القدس، في موسم الزيارة أثناء البصخة المقدسة وعيد القيامة، وذلك لحين استعادة الكنيسة رسميا لدير السلطان. وفي العام الماضي، اقترح بطريرك الروم الأرثوكس في القدس إجراء جلسة مصالحة بين الكنيستين القبطية والإثيوبية "ووافقنا على الفور، وشكلنا لجنة بها مطارنة وأساقفة، ذهبت للتفاوض، وحضر محامٍ من الكنيسة القبطية مع الرهبان، كذلك أعضاء بسفارتي مصر وإثيوبيا في تل أبيب، وممثل عن وزارة الداخلية الإسرائيلية ووزارة الأديان"، يقول البابا تواضروس في عظته الأسبوعية. ويضيف "اعتقدنا أن المشاكل ستُحلَ، لكن المفاوضات لم تكن محايدة، ومالت للطرف الآخر، والحوار كان بسبب طلب ترميم الدير، رغم أنه من المفترض أن تقوم بذلك الكنيسة القبطية... وبدأنا المطالبة بدخول الدير لترميمه، واقترحنا مراقبة اليونسكو لعملية الترميم، لكن دون رد".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...