في الرابعة من فجر يوم الإثنين، طوّقت قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر مكانًا يختبىء فيه زعيم جماعة "المرابطين" بمدينة درنة الساحلية (شرق)، قبل أن تحكم قبضتها وتمسك به بصحبة إرهابيين آخرين.
يُعدّ هشام عشماوي (39 عامًا) الضابط السابق في القوات المسلحة المصرية بمثابة "صيد ثمين" نتيجة هذه العملية المُتقنة، فهو المطلوب رقم واحد في مصر، فهو ذلك "الشبح" الذي ظلت السلطات تطارده لسنوات.
وبسبب ضلوعه في أكبر العمليات الإرهابية التي هزت مصر وراح ضحيتها مدنيون وعسكريون في السنوات الأخيرة، فإن القاهرة تنتظره بأحكام إعدام عدة.
من هو هشام عشماوي؟
قد تصبح التحولات الدرامية في حياة عشماوي قصة حيوية مناسبة لأحد الأعمال السينمائية، لضابط شُهد له ذات يوم بالكفاءة في صفوف الجيش المصري، ثم سلك طريقًا مغايرًا سالت فيه دماء رفاق سلاحه ومواطنيه. لم يكن اسم عشماوي معروفًا حتى 2013، حين اتهمته السلطات بالتخطيط مع آخرين لمحاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق، اللواء محمد إبراهيم، في 5 سبتمبر من العام عينه، أي بعد نحو شهر من فض اعتصام رابعة العدوية. لكن يبدو أن السجلات العسكرية كانت تعرف الكثير عن الرجل الذي تخرج في الكلية الحربية لينضم إلى سلاح المشاة، ومنها انتقل إلى قوات النخبة الخاصة (الصاعقة) في 1996، مظهرًا كفاءة لافتة، لا سيما مع مشاركته في بعثة عسكرية للولايات المتحدة. أمضى عشماوي سنوات خدمته التي دامت 4 سنوات في سيناء، إلى أن أثار الشبهات حول تبنيه أفكارًا متشددة عندما وبَخ خطيباً بمسجد في معسكر تدريبي بسبب خطأ في التلاوة.يُعدّ عشماوي الضابط السابق في القوات المسلحة المصرية بمثابة "صيد ثمين" فهو المطلوب رقم واحد في مصر، فهو ذلك "الشبح" الذي ظلت السلطات تطارده لسنوات.
شكل الضابط السابق خلية صغيرة انضمت في 2012 إلى الكيان الإرهابي الذي كانت سيناء أرض عملياته الرئيسية، واستفاد من خبرته العسكرية السابقة في التدريب القتالي والتخطيط ودرايته بالدروب الصحراوية، ما ساعد في توفير ملاذات آمنة لعناصره والدعم اللوجيستي.وحينذاك لم يُثنه نقله إلى مهمات إدارية في الجيش عام 2000 عن مواصلة الترويج وتوزيع كتب دينية مُتطرفة. وفي 2007 أحيل إلى محاكمة عسكرية قضت بفصله في العام 2011. انتهت علاقته بالمؤسسة العسكرية ليبدأ فصل جديد اختار أن يكتبه بنفسه يكون فيه صاحب الدور الرئيسي. حسب تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، ظهر اسم عشماوي للمرة الأولى لدى قيامها بالتحقيق في 54 عملية إرهابية نفذها تنظيم "أنصار بيت المقدس" وقعت بين عامي 2013 و2014. وفق التحقيقات، شكل الضابط السابق خلية صغيرة انضمت في 2012 إلى الكيان الإرهابي الذي كانت سيناء أرض عملياته الرئيسية، واستفاد من خبرته العسكرية السابقة في التدريب القتالي والتخطيط ودرايته بالدروب الصحراوية، ما ساعد في توفير ملاذات آمنة لعناصره والدعم اللوجيستي. في نوفمبر 2014، انفصل عشماوي عن "أنصار بيت المقدس" بعد مبايعته "داعش" - الذي كان يسيطر على مساحات واسعة في سوريا والعراق آنذاك - وتحويل اسمه الى تنظيم "ولاية سيناء". آنذاك كانت مصر تبحث عن شبح ترتبط باسمه الكثير من العمليات الإرهابية دون القدرة على تحديد مكانه أو ضبطه. لم يمض وقت طويل حتى ظهر عشماوي للمرة الأولى في فيديو في يوليو 2015، معلنًا فيه تشكيل تنظيم يحمل أفكار القاعدة (المرابطون)، ومهاجمًا الرئيس عبد الفتاح السيسي والقوات المسلحة، مُعتبرًا أن الجهاد ضد الدولة فرض عين. الطريف أن تنظيم داعش أصدر بعد هذا الفيديو بياناً هدر خلاله دم عشماوي. ومع القبض عليه في حي المغار في درنة الليبية أصبح من المعروف سبب الضربات الجوية المصرية، التي كانت التقارير تعتبر أنها "طيران مجهول". وكانت درنة خاضعة لسيطرة "مجلس شوري مجاهدي درنة" التابع لتنظيم القاعدة، قبل أن تطلق قوات الجيش الليبي (المتمركزة بشرق البلاد) في وقت سابق عملية عسكرية أطاحت قوات المجلس، في حين لم تبقَ فيها سوى جيوب صغيرة لمقاتليه في المدينة الصغيرة التي تطوقها الجبال وتطل واجهتها على البحر المتوسط.
أحكام ثقيلة متوقعة وكنز معلومات
طلبت مصر من ليبيا تسليمها عشماوي الذي يواجه اتهامات مماثلة بالضلوع في عمليات إرهابية داخل الأراضي الليبية. وقال المتحدث العسكري الليبي أحمد المسماري لقناة "إكسترانيوز" الإخبارية المصرية: "نحمل لكم هدية قيمة للشعب المصري ولكل المنطقة الإقليمية ولكل العرب والمسلمين". وصف المسماري لعشماوي بـ"الهدية" ربما يعتبر دقيقاً، وربما لا يوضح قيمة "الصيد الثمين"، لا سيما أن أخطر إرهابي تلاحقه القاهرة منذ سنوات يتوقع الحصول منه على معلومات مهمة ذات صلة بنشاط الجماعات الإرهابية في مصر، خاصة ما يتعلق منها بمصادر التمويل والسلاح وطريقة وضع مخططاتها ونقاط مناطق عملياتها. غيابيًا، قضت محكمة عسكرية بإعدام عشماوي في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"أنصار بيت المقدس الثالثة"، وتتضمن 17 واقعة، من بينها التخطيط لتفجير قصر الاتحادية والتخطيط لقتل جنود كمين الفرافرة في 19 يوليو 2014، وهي العملية التي راح ضحيتها نحو 21 ضابطًا ومجندًا، بحسب صحيفة "الشروق" المصرية. وتُنسب عمليات إرهابية كبرى إلى عشماوى، في صدارتها اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات في 29 يونيو 2015، وتدبير محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق، اللواء محمد إبراهيم بسيارة مفخخة. بالإضافة إلى اتهامه بالمشاركة في التدريب والتخطيط لعملية اقتحام الكتيبة 101 بالعريش، التي سقط خلالها 29 قتيلًا من ضباط وجنود القوات المسلحة المصرية في 29 يناير 2015. كذلك وُجهت إليه اتهامات بالوقوف وراء حادث تفجير مقر القنصلية الإيطالية في وسط القاهرة في يوليو 2015، فضلًا عن هجوم وقع صباح 26 مايو 2017 بالمنيا استهدف حافلة للأقباط كانوا في طريقهم إلى دير الأنبا صموئيل. وراح ضحيته 29 شخصًا و24 جريحًا. يأتي هذا في وقت أحصى موقع "مصراوي" نحو 135 شهيدًا وعشرات المصابين، قال إنهم مجموع ضحايا العمليات الإرهابية التي نفذها هشام عشماوي في مصر.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين