"حول تمويل المنظمة، هنالك العديد من التهم التي تقول إنه يتم تمويلكم من جهات مختلفة وبالتالي تعدّد تبعيتكم، ماذا تقولون في هذه التهم؟"، كان هذا السؤال الذي بدأ به الحوار المطوّل على وكالة "الأناضول" التركية مع مدير الدفاع المدني السوري ("الخوذ البيضاء") رائد الصالح.
وكانت المنظمة السورية قد شهدت جملة من الاتهامات التي طالتها بخصوص تأسيسها وتمويلها وتبعيتها لجهات ودول، نزعت عنها العمل الإنساني البحت لصالح تنفيذ أجندات مختلفة بينها الأجندة الإسرائيلية.
ردّ الصالح على السؤال الأول بتفنيد التمويل بين "شخصي وحملات شعبيّة" وبين "دول ومؤسسات إغاثية"، وفي الشق الأول قال "نتلقى التمويل من أي شخص يريد أن يساعد الشعب السوري… دون قيد أو شرط".
أما في شق "الدول" فقال "لا يوجد لدينا مانع من تلقي التمويل من أية دولة أو جهة"، نافياً أن يكون ذلك مرتبطاً بـ"إملاءات أو شروط سياسية أو عسكرية". والدول، التي ذكرها الصالح في المقابلة، هي قطر وبريطانيا وأمريكا وهولندا والدنمارك وألمانيا، مشيراً إلى أن المنظمة تعمل حالياً على توقيع عقد مع فرنسا.
وبشأن "المؤسسات الإغاثية"، تلقت "الخوذ البيضاء" مساعدات من الهلال الأحمر التركي، هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH)، مؤسسة قطر الخيرية، ومن مؤسسات خيرية تعمل في كندا وأوروبا، والكلام هنا أيضاً للصالح.
وفي وقت قال مدير الدفاع المدني إن الأموال تُصرف بشكل أساسي "للحالات الطارئة والإغاثة ولعائلات الشهداء وللجرحى أيضاً"، نفى بشكل قاطع التهم التي تلاحق المنظمة قائلاً "يقولون إننا مخابرات تركية أو قطرية وسعودية وتارةً أمريكية وبريطانية، وفي بعض الأحيان نُتهم بأننا موساد و"داعش"، وكل هذه التهم المتناقضة هي دليل على صدق عملنا في سوريا، والعمل الذي نذرنا أنفسنا لخدمة أهلنا".
قطر وبريطانيا وأمريكا وهولندا والدنمارك وألمانيا هي الدول التي تموّل "الخوذ البيضاء"، حسب ما كشف مديرها رائد الصالح في مقابلة لوكالة "الأناضول"
كما نفى الصالح الاتهام الذي يقول إن مؤسس "الخوذ البيضاء" هو ضابط سابق في الجيش البريطاني، واسمه جيمس لو ميزورييه، وذلك بالردّ أن "لو ميزورييه هو مدير مؤسسة (ميدي ريسكيو)، والتي تعتبر إحدى المؤسسات التي تدعم الخوذ البيضاء"، موضحاً أن "الدفاع المدني تأسست نواته رسمياً عام 2013، وميدي ريسكو تأسست عام 2014".
يُذكر أن الحكومة البريطانية منحت قبل أيام حق اللجوء لـ 29 متطوعاً من "الخوذ البيضاء"، مع 70 فرداً من عائلاتهم، حسب ما نقلت صحيفة "التلغراف" البريطانية.
وفي المقابلة، لم يفت الصالح الإشارة إلى "شفافية ومبدأ العدالة ضمن المنظمة"، و"محاسبة كل شخص يتورط بأي عملية فساد"، واعتماد "مبدأ المساءلة القانونية داخل المنظمة، ولدينا مذكرات تفاهم واضحة مع كيفية تلقي هذه المساعدات، وما هي الطرق التي تصرف بها".
وعن الاتهامات التي طالت "الخوذ البيضاء" بشأن تعاونها مع إسرائيل، لا سيما بعد إجلاء متطوعين تابعين لها عبر الجولان المحتل إثر تقدم قوات النظام في الجنوب السوري، قال الصالح "نعتبر إسرائيل دولة احتلال، ونحن عندما تم إخلاء متطوعينا، لم يتم إخلاؤهم عبر إسرائيل وإنما عبر الجولان السوري المحتل، وبعدها إلى عمّان، ومن ثم تم إعادة توطينهم في دول أخرى".
وكانت "الخوذ البيضاء"، حسب مديرها، قد "بدأت عملها في نهاية عام 2012 وبداية 2013 في مدينة حلب، من خلال مجموعة من الشباب السوريين من فئات متعددة، خياطين نجارين حدادين تجار أطباء من خلفيات متعددة، أسسوا للمنظمة بسبب خروج مناطق عن سيطرة النظام عام 2012 وانعدام الخدمات الإسعافية والطبية المنظمة".
ومع بداية عام 2015، حملت المنظمة اسم "الخوذ البيضاء"، نسبة للخوذ التي يرتديها عناصرها أثناء عمليات البحث والإنقاذ، وقد وصل عددهم عام 2017، إلى 4300 متطوع بينهم 450 متطوعة، وفقاً للصالح.
لكن بعد سيطرة النظام على معظم المناطق وعقد المصالحات، يكمل الصالح "أصبحنا 2975 متطوعاً، ونحن نقول دائما إننا نعمل في المناطق التي نستطيع الوصول إليها، أي من يسمح لنا بالعمل نعمل، نحن نعمل الآن في شمالي وشمالي غربي البلاد، وشمالي منطقة "درع الفرات" وعفرين".
كما أصرّ الصالح على دحض الاتهامات السورية - الروسية للمنظمة بشأن فبركة فيديوهات الكيميائي السوري، وعلى نفي أية علاقة تربطهم بـ"هيئة تحرير الشام"، وعلى التأكيد في المقابل على استهدافهم من قبل النظام والروس كما حصل في خان شيخون ومركز كفر زيتا والأتارب مثالاً.
من جهة ثانية، أثنى الصالح على الاتفاق الذي حصل بين تركيا وروسيا بشأن إدلب، معتبراً إياه "نصراً كبيراً للدبلوماسية التركية للضغط على روسيا".
ثمة روايتين و"حقيقتين مطلقتين" تمتلكهما الجهتين المتحاربتين، بين تقديس "الخوذ البيضاء" و"شيطنتها"، ولا يمكن لهذه المقابلة أن تغيّر الواقع ففي النهاية أجراها الصالح لصالح وكالة أنباء تابعة لدولة تدعم المنظمة مالياً ولوجستياً وسياسياً، ولكن الجديد هو دخولها (المقابلة) في تفاصيل معمقة لشكل المنظمة وجهات تمويلها وآلية عملها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...