شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"منصب القضاء لا يتناسب مع المرأة"... ولكنها قد تتولّاه قريباً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 4 سبتمبر 201812:41 م
بعد المحاماة، وتولي مهمات التحقيق والنيابة العامة، جاء دور المرأة السعودية لتجلس على كرسي القضاء. هذا ما سيحدث لو تمت الموافقة على التوصية التي تقدم بها أربعة من أعضاء مجلس الشورى السعودي، ويطالبون فيها بتغيير أربع مواد من أنظمة القضاء، لتسمح بتعيين غير الشرعيين في سلك القضاء، والأهم تعيين النساء قاضيات. يُطالب كل من الدكتور فيصل آل فاضل، والدكتور أيوب الجربوع، والدكتور فهد العنزي، والدكتورة حنان الأحمدي أعضاء مجلس الشورى في دورته الجديدة التي بدأت مطلع الأسبوع، بتغيير الأنظمة التي صدرت قبل نحو 31 عاماً، وتضع حظراً صارماً على جلوس النساء على مقعد القضاء، بحجج يرونها واهية، ولا تستند لدليل واضح وقطعي يتصل بالمنع. تجاوزت التوصية المرحلة الأولى من حيث ملاءمة الدراسة، وسيتم طرحها الأسبوع المقبل على لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية، لمناقشتها تحت قبة المجلس تمهيداً لطرحها للتصويت خلال الأسابيع المقبلة، وفي حال نالت موافقة 76 من الـ150 عضواً موجوداً في المجلس حالياً، فسيكون هذا باباً جديداً تدخله المرأة السعودية.

عقود من المنع

لعقود، ظلت المناصب القانونية والقضائية محرمة على النساء في السعودية، غير أن الأمور بدأت تتغير.. فبعد خمس سنوات من السماح بإصدار تصاريح للمحاميات في السعودية بات هناك أكثر من 280 محامية يعملن بشكل رسمي في البلاد، ونجحن في إقناع القضاة المتشددين بقبول وجودهن في قاعات المحاكم، وقبل نحو ستة أشهر عززت وزارة العدل من حقوق المرأة السعودية، عبر تمكينها العمل في التوثيق العدلي، وفي مجالات جديدة تختص بالبحث الاجتماعي والشرعي والقانوني، ومساعدة إدارية، ومطورة برامج أولى. تلحق السعودية ببقية دول الخليج التي سبقتها في هذا المجال، كانت البحرين السباقة إلى تعيين أول قاضية بحرينية عام 2006، ولحقت بها الإمارات العربية المتحدة بعد عامين، وقطر 2010. أما في الكويت، فتم تعيين 22 سيدة في النيابة العامة عام 2013، ولحقت بها عمان، والآن السعوديات في الطريق. تستعد وزارة العدل في تخريج الدفعة الأولى من السعوديات، اللاتي سيعملن في النيابة العامة كمحققات برتبة ملازم تحقيق.

تطور كبير

"تمر السعودية بمرحلة جديدة، كل شيء فيها يتغير نحو الأفضل" هكذا يصف المستشار القانوني علي آل حطاب توصية مجلس الشورى المتوقع مرورها، مؤكداً أن تعيين المرأة السعودية كقاضية بات أمراً مطلوباً ومتوقعاً في ظل التغييرات التي تشهدها السعودي مؤخراً، معتبراً أنه حان الوقت لذلك. يقول لرصيف22:"السعودية تمر بمرحلة جديدة تواكب العصر، لا يوجد مانع شرعي حقيقي من تولي المرأة شؤون القضاء، إذ ستكون أكثر نجاحاً من الرجل في قضايا الأحوال الشخصية التي ستكون أكثر خبرة بها، من ناحية طبيعة الجسد والعلاقة بين المرأة وزوجها". يشدد آل حطاب على أن تولي المرأة مهام التحقيق في النيابة العامة هو بداية دخولها السلك القضائي الحقيقي، متمسكاً بعدم وجود نصح شرعي واضح وصريح بالمنع، ويضيف :"لو كان هناك نص واضح لتم منعها من دخول مجال المحاماة، وحتى النيابة العامة وهيئات التحقيق التي تعتبر الضمانة الأولى لدخول القضاء، فطالما لا يوجد مانع شرعي أن تعمل كمحققه، فلن يكون هناك مانع أن تعمل في القضاء، وأتمنى كمحامٍ أن يحدث هذا بأسرع وقت ممكن". ويشتكي آل حطاب من العقلية الذكورية لبعض القضاة فيما يتعلق بأمور الحضانة والطلاق والزواج وقضايا التحرش الجنسي، معتبراً أن وجود امرأة على كرسي القضاء، سيساعد في تسهيل عملهم كمحامين، ويضيف :"المرأة القاضية سيكون التعامل معها أفضل من الرجل في قضايا الأطفال والعنف الأسري".

"حديث ضعيف"

الجدل قديم قدم الرسالة المحمدية، وليس وليد اليوم. من أقوى الأقوال الرافضة لتولي المرأة القضاء، ما قاله موفق الدين أبو محمد عبدالله ابن قدامة في كتابه الشهير (المغنى)، وفيه أستشهد بأن:"النبي الكريم لم يول ولا أحد من خلفائه ولا من بعدهم امرأة قضاءً ولا ولاية بلد، فيما بلغنا، ولو جاز ذلك لم يخل منه جميع الزمان غالباً"، غير أن واحداً من المعاصرين لا يرى أن في ذلك دليلاً للمنع، منهم أستاذة الشريعة وعضوة الجمعية السعودية لحقوق الإنسان الدكتورة سهيلة زين العابدين حماد، التي كانت من أقوى الأصوات السعودية التي تطالب بتولى المرأة منصب القضاء. يتمسك الرافضون لتولي المرأة منصب القضاء بالمطلق وليس في السعودية فقط، بأن هناك أحاديث نبوية تحرم ذلك، منها حديث :"ما أفلح قوم ولّو أمرهم امرأة"، غير أن الدكتورة سهيلة زين العابدين حماد، تؤكد أن هذا الحديث ضعيف لأن روايه مفرد، وهو في الأصل منزوع العدالة حتى ولو كان صحابياً، لأن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب أقام الحد على راويه وهو عبدالرحمن بن أبي بكره، بعد أن أتهم صحابياً آخر بالزنا، ولم يحضر أربعة شهداء، وتقول في حديثها لرصيف 22:"هو لم يتب عن اتهام الصحابي بالزنا، وبالتالي لا تقبل شهادته بنص القرآن الكريم، فإن لم تُقبل شهادته العادية فكيف نستشهد به على الله". وتضيف :"من حق المرأة ممارسة القضاء، المشرع الإسلامي لم يمنع ذلك، والإمام الطبري أجاز للمرأة ممارسة القضاء، فمن حقها ممارسة ما تأهلت له طالما الدين لم يمنعها من الشهادة". تستدل الدكتورة زين العابدين حماد بأن هناك كثيراً من المذاهب الإسلامية تجيز تولي المرأة القضاء وعينوا فعلياً قاضيات شرعيات، وهناك فتوى رسمية لشيخ الأزهر الشريف يجيز فيها عمل المرأة كقاضية، معتبرة الجدل الحاصل حالياً، ورفض بعض رجال الدين ذلك، تأثراً بالأفكار المتوارثة، التي بنيت على أحاديث ضعيفة لا يجوز الاستناد عليها". يتفق كلام الدكتور حماد، مع ما نقله الكاتب حسن بن سالم في صحيفة "الحياة" قبل نحو خمسة أعوام عن الدكتور ناصر بن زيد بن داود، وهو واحد من أهم المهتمين بالدراسات والأنظمة القضائية، يؤكد أن الدكتور بن داوود :"استعرض الشروط المذكورة في كتب الفقهاء ولم يجد شرطاً واحداً سالماً من الخلاف أو من الاستثناء، حتى أن اشتراط الإسلام كما ذكر في تنصيب القاضي".
بعد المحاماة، وتولي مهمات التحقيق والنيابة العامة، جاء دور المرأة السعودية لتجلس على كرسي القضاء.. هذا ما سيحدث لو تمت الموافقة على التوصية التي تقدم بها أربعة من أعضاء مجلس الشورى السعودي
"في تصوري أن طبيعة هذا العمل لا يتناسب مع المرأة، هي بطبيعتها عاطفية، والقضاء يحتاج للصرامة في اتخاذ القضاء، فالإسلام وضع شهادة الرجل أمام شهادة امرأتين، لأنها تميل للعاطفة أكثر"

طبيعة جسدية

بعيداً عن الجدل الديني يعتبر الداعية الإسلامي سعد السهيمي أن منصب القضاء لا يتناسب مع طبيعة المرأة، ويؤكد أن هناك موانع طبيعية تمنعها من تولي منصب القضاء. يقول لرصيف 22:"كبار العلماء لا يرون بجواز قبول المرأة منصب القضاء. في تصوري أن طبيعة هذا العمل لا يتناسب مع المرأة، هي بطبيعتها عاطفية، والقضاء يحتاج للصرامة في اتخاذ القضاء، فالإسلام وضع شهادة الرجل أمام شهادة امرأتين، لأنها تميل للعاطفة أكثر"، ويضيف :"أنا لا آتي بجديد عندما أقول بذلك، فغالبية العلماء في السابق والحاضر يرون ذلك". حاولت رصيف 22 التواصل مع وزارة العدل السعودية، ولكنها لم تتجاوب مع الاتصالات للحصول على تعليق منها.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image