تظهر الزيارة التي يقوم بها حالياً وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى موسكو، وتلك المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الرياض، أن السعودية تسعى بقوة لاستمالة روسيا إلى جانبها في ملفات عدة أبرزها الملفان السوري والإيراني.
وتُعَدّ روسيا وإيران أهم حليفين للرئيس السوري بشار الأسد، وبسبب دعمهما لنظامه، حقق الجيش السوري نجاحات كبيرة على الأرض في الفترة الأخيرة.
ولكن المملكة الثرية تعتبر أن الأسد امتداد لنفوذ إيران التي توترت علاقتها بها كثيراً في السنوات الأخيرة.
ويشير مراقبون إلى أن السعودية تسعى في الفترة الأخيرة لاستمالة روسيا ورئيسها القوي بوتين إلى صفها بهدف إقصاء إيران عن المشهد السوري.
وقد يكون ما شجع السعودية على ذلك هو صدور عدة تصريحات في الفترة الأخيرة تظهر أن الرئيس الروسي قد لا يمانع في إخراج طهران من سوريا، حفاظاً على مصالحه الاقتصادية والسياسية، وإرضاءً لإسرائيل.
على سبيل المثال، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 30 مايو إن كل القوات غير السورية يجب أن تنسحب من حدود سوريا الجنوبية مع إسرائيل في أسرع وقت ممكن.
كما صرح بوتين نفسه، خلال لقاء جمعه بنظيره السوري في 17 مايو، بضرورة انسحاب القوات الأجنبية من سوريا بأكملها بعد تفعيل العملية السياسية.
وقال مراقبون وقتها أن القوات التي تقصدها روسيا تشمل أمريكا وتشمل أيضاً القوات الإيرانية وحزب الله اللبناني.
من قلب موسكو... هجوم على إيران
بدا واضحاً أن عادل الجبير أراد إرسال رسائل سياسية إلى إيران من قلب موسكو. ففي المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، في 29 أغسطس، هاجم الجبير طهران أكثر من مرة، وقال إن الاتفاق النووي معها "لم يشمل برامج إيران الصاروخية وانتهاكاتها لقرارات الأمم المتحدة". كما تحدث عن أن بلاده تؤيد فرض المزيد من العقوبات على نظام طهران، واصفاً الاتفاق النووي بالضعيف، ومضيفاً أنه "لم يشمل دعم طهران للإرهاب".تظهر زيارة الجبير إلى موسكو، وتلك المرتقبة لبوتين إلى الرياض، أن السعودية تسعى بقوة لاستمالة روسيا إلى جانبها في ملفات عدة أبرزها الملفان السوري والإيرانيوكانت السعودية من أوائل الدول التي أيدت انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مايو الماضي من الاتفاق النووي مع إيران، ولم تُخفِ سعادتها حين أعلنت واشنطن فرض عقوبات عدة على طهران. وأنفقت المملكة ملايين الدولارات على المعارضة المسلحة في سوريا، بهدف إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد عن منصبه، كما أعلنت أكثر من مرة عن تصميمها على ألا يكون له أي دور في أي انتقال سياسي ينهي الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من سبع سنوات. لكن تقارير إعلامية صدرت مؤخراً قالت إن السعودية سبق وعرضت تأييد بقاء الأسد في السلطة مقابل عمل الأخير على الحد من النفوذ الإيراني في بلاده. لكن يبدو أن عرض السعودية قوبل بالرفض، إذ استمرت إيران في دعمها الكبير لدمشق، لا بل وقّعت معها قبل أيام اتفاقاً دفاعياً يتضمّن قيام قوات إيرانية بتدريب الجيش السوري. وفي المؤتمر الصحافي الذي جمع بين الجبير ولافروف، قال الأخير إنه ونظيره السعودي جددا أثناء محادثاتهما "عزيمة روسيا والمملكة العربية السعودية على الوقوف جنباً إلى جنب في مكافحة الإرهاب والتطرف"، مضيفاً أن البلدين "ملتزمتان تماماً بخوض حرب حازمة على الإرهاب بجميع مظاهره، مع التركيز على اجتثاث إيديولوجيا الإرهاب والتطرف". وقال لافروف إن علاقة بلاده مع السعودية "تتطور بشكل مكثف في كافة الاتجاهات. وتنسيقنا وتبادل الآراء حول القضايا الدولية والإقليمية أيضاً في مستوى جيد جداً". لكن بعيداً عن التصريحات الرسمية، يمكن القول إن زيارة الجبير لموسكو تأتي لسببين رئيسيين: الأول هو قلق بلاده من اتفاقات تجري حالياً في سوريا والسعودية ليست طرفاً فيها، إذ تناقش موسكو حالياً الوضع في محافظة إدلب ومنطقة عفرين الخاضعتين لسيطرة المعارضة السورية مع إيران وتركيا وكذلك مع الحكومة والمعارضة. أما السبب الثاني فقد يكون تخوّف السعودية مما نشر مؤخراً عن توقيع وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي اتفاقية تعاون عسكري مع دمشق تهدف إلى "تعزيز البنى التحتية الدفاعية في سورية"، وتسمح بمواصلة "التواجد والمشاركة" الإيرانية هناك، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الإيرانية "تسنيم".
بوتين إلى السعودية
ومن المتوقع أن يزور الرئيس الروسي السعودية في وقت قريب، وقال لافروف إن موعد الزيارة سيتم تنسيقه بين الطرفين عبر القنوات الدبلوماسية. وفي المؤتمر الصحافي قال لافروف: "أكدنا (في الاجتماع) أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم ينسَ الدعوة التي سلّمها له الملك سلمان شخصياً أثناء زيارته إلى روسيا في أكتوبر الماضي، واتفقا على أن المواعيد المحددة وغيرها من تفاصيل هذه الزيارة سيتم تنسيقها أيضاً عبر القنوات الدبلوماسية". وقد تستخدم السعودية سلاح الاقتصاد بهدف التأثير في السياسات الروسية. وفي مؤتمره الصحافي لمّح الجبير إلى ذلك، حين قال: "علاقاتنا تتطور بديناميكية عالية، ويبرز هذا التعاون في مجالات مثل الدفاع، والتعاون التقني والفضاء، وازدادت الاستثمارات السعودية في اقتصاد روسيا".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...