بعد دقيقة واحدة من صافرة النهاية التي أبعدتهم من السباق على اللقب، كان كيفن دي بروين يتسلم طفله من والدته في المدرجات، ملوّحاً به للحاضرين في مقصورة سان بطرسبرج، كأن لم يفقد للتو فرصة أن تنضم بلاده على يديه للمرة الأولى إلى نادي المشتركين في المباريات النهائية لكأس العالم. في المدرجات جمهور يصفق دون أي حسرة على ضياع الحلم لجيل يعتبره أغلبهم الأفضل في تاريخ البلاد الكروي.
بلجيكا التي تشارك في كأس العالم منذ النسخة الأولى عام 1930 لم تكن أقرب للقب مما كانت عليه في مونديال روسيا، تشكيلة غير عادية من المواهب تحتل مقاعد أساسية في الأندية الإنجليزية، مدرب إسباني قادم من "البريمييرليج" بأفكار طموحة بعيداً عن محلية المدرب السابق، مشوار متدرج في البطولة حتى الوصول للحظة التنوير أمام البرازيل في ربع النهائي، لكن أسوأ ما كان ينتظر منتخب البلد الصغير هو أن يواجه في نصف النهائي فرنسا، أحد جارين طالما عاشت بلجيكا كروياً في ظلهما.
مباراة الفريقين الودية في 2015 تشرح تماماً هذا الأمر. بلجيكا تكتسح الملعب طولاً وعرضاً، تسجل الهدف تلو الآخر في الشباك الفرنسية، الحصيلة تصل الى أربعة أهداف وسط عدم تصديق الجميع، ثم يظهر الانسحاق الداخلي أمام الذات الكروية الفرنسية ليستقبل البلجيك ثلاثة أهداف في ربع ساعة. فوز جديد أضافته بلجيكا لتتفوق تاريخياً في مجموع المباريات، لكن عندما يتعلق الأمر بالمونديال لم تكن الغلبة للحمر، لا أمام فرنسا التي انتصرت عليهم حتى عندما تعلق الأمر بمباراة المركز الثالث عام 1986 ولا أمام الجار الاخر هولندا، الذي لا يعتبر الكرويون فيه بلجيكا سوى مجرد حقل لاكتشاف المواهب للكبيرين هناك اياكس وايندهوفن.
أمام فرنسا في سان بطرسبرج لم تؤمن بلجيكا بإمكان العبور في فرصة تاريخية أمام فريق فرنسي شاب لا يمتلك كثيراً من التقاليد التي قهرت بلجيكا في البطولات الكبرى ، لكن حالة الانبهار البلجيكي بالكرة الفرنسية بقيت في مؤخرة رؤوس لاعبيها، فضغط الفرنسيون وسجلوا واثقين من أن الطريق للنهائي يمر عبر زيادة هذا الشعور لدى بلجيكا ببعض الألعاب الاستعراضية والكرات بالكعب من مبابي وجريزمان، بينما اكتفى لاعبو بلجيكا بالشكوى دون حرقة الخسارة من إضاعة الفرنسيين للوقت من غير إظهار ردة فعل من يريد كتابة التاريخ، ردة فعل أظهرها ماندزوكيتش ورفاقه الميتون بدنياً أمام إنجلترا بعدها بيوم، بينما اكتفى مشجعو بلجيكا بالهتاف المنبهر لنجم فرنسا "تيري هنري" لمجرد أنه يجلس على دكتهم مساعداً لمدربهم روبرتو مارتينيز.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...