"حين تسمعون الأحكام القاسية لا تبكوا، وإنما زغردوا، لأننا انتصرنا في جميع الأحوال". هذه الجملة نُقلت عن لسان قائد حراك الريف في المغرب ناصر الزفزافي أثناء فترة اعتقاله، وقبل صدور حكم قاسٍ عليه وعلى رفاقه في الحراك.
وبالفعل، نقل ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي أن أهالي حي "باريو بريرو" في مدينة الحسيمة، مسقط رأس الزفزافي، استقبلوا الأحكام القاسية التي صدرت مساء 26 يونيو بالبكاء والزغاريد. فقد خرجت النساء على الشرفات والسطوح وأطلقن الزغاريد الممزوجة بالبكاء.
وخرج محتجون في أحياء مدينة الحسيمة ليلاً ورفعوا شعارات تندّد بالأحكام القاسية "والظالمة"، كما وصفوها، وهتفوا "الموت ولا المذلة، عاش الريف"، واستنفرت قوات الأمن في الحسيمة لتطويق المحتجين، كما استنفرت تحسباً في مدن وبلدات الريف الأخرى، مع تداول معلومات عن محاصرة منزل الزفزافي.
وظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي حالة غضب عامة من الأحكام التي صدرت، وغيّر بعض الشباب المغربيين صور حساباتهم عليها ليعلنوا الحداد.
أحكام قاسية
قضت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بالحكم على قائد حراك الريف ناصر الزفزافي (40 عاماً) بالسجن لمدة 20 عاماً، في قضية يحاكم فيها هو وعشرات المعتقلين الآخرين، منذ سبتمبر 2017. [caption id="attachment_154025" align="alignnone" width="1000"] وقفة للحراك أمام برج إيفل[/caption] واعتُقل الزفزافي في مايو 2017، على خلفية مشاركته الفاعلة في الحراك الذي بدأ بتظاهرات احتجاجية خرجت في مدينة الحسيمة في أكتوبر 2016 بعد وفاة بائع السمك محسن فكري سحقاً داخل شاحنة قمامة بينما كان يحاول استعادة أسماكه التي صادرتها الشرطة لأن صيدها ممنوع في تلك الفترة، ثم توسعت لتعم منطقة الريف المغربية وترفع مطالب رفع التهميش ومحاربة الفساد والإنصاف والكرامة. وبعد 84 جلسة، حكمت المحكمة بالسجن 20 عاماً على الزفزافي وعلى رفاقه نبيل أحمجيق الذي يوصف بـ"الرجل الثاني في الحراك"، وسيم البوستاتي، وسمير إغيد، وبالسجن 15 عاماً على كل من محمد حاكي، زكرياء أضهشور، ومحمد بوهنوش، وبالسجن عشر سنوات على كل من محمد جلول، كريم أمغار، صلاح لشخم، عمر بوحراس، أشرف اليخلوفي، بلال أهباض، جمال بوحدو. كما صدرت أحكام بالسجن خمس سنوات على 10 متهمين، وبالسجن ثلاث سنوات على ثمانية، وبالسجن سنتين على 19، وبسنة واحدة على أحدهم. وتهمة المعتقلين الرئيسية هي "المشاركة في جناية تدبير مؤامرة للمس بالسلامة الداخلية للدولة"، وهناك تهم أخرى مثل "المشاركة في تظاهرات غير مرخصة" و"عرقلة سير ناقلة بغرض تعطيل المرور والمشاركة في ذلك" و"إيقاد النار عمداً في شيء غير مملوك لهم". ووصفت محامية الحراك نعيمة الكلاف الأحكام بأنها "قاسية وانتقامية"، كما قالت محامية الناشطين بشرى الرويسي إنها "جائرة"، مشيرة إلى أن الدفاع سيطعن بها.ملف المحاكمة
وكانت النيابة العامة قد وجّهت لقادة الحراك تهمة "التآمر من أجل المس بأمن الدولة وتلقي أموال من أشخاص في الخارج ينشطون ضمن حركة تسعى لفصل الريف عن المغرب"."حين تسمعون الأحكام القاسية لا تبكوا، وإنما زغردوا، لأننا انتصرنا"، قال قائد حراك الريف في المغرب ناصر الزفزافي. وبعد صدور أحكام قاسية عليه وعلى رفاقه، أطلقت نساء الحسيمة الزغاريد الممزوجة بالبكاء
أحكام وُصفت بأنها "قاسية وانتقامية" و"جائرة"... محكمة مغربية تصدر حكماً بحق قادة حراك الريف تصل إلى عشرين سنة سجنولكن المعتقلين أكدوا مراراً أن حراكهم كان سلمياً وأنهم خرجوا للتظاهر احتجاجا على الفساد، وللمطالبة بإنماء منطقتهم. وفي يوليو الماضي، قرر المتهمون مقاطعة جلسات محاكمتهم احتجاجاً على ما اعتبروه "انحيازاً" من المحكمة و"ميلها المسبق نحو الإدانة". وكانت هيئة المحكمة قد قررت فصل ملف معتقلي الحراك عن ملف الصحافي حميد المهداوي، الذي كان متابَعاً في نفس القضية، ومن المنتظر أن يصدر الحكم عليه في 28 يونيو. وبعكس المعتقلين الآخرين، لم يقاطع المهداوي جلسات المحاكمة، وتهمته هي "عدم التبليغ عن جريمة تمس أمن الدولة"، إذ يُتّهم بأنه لم يبلغ عن مكالمة هاتفية تلقاها من شخص يعيش في هولندا وتحدث فيها عن إدخال أسلحة إلى المغرب لصالح "الحراك". ويعتبر الدفاع عن المتهمين أن المهداوي "أُقحم إقحاماً في هذا الملف لتأكيد أطروحة الشرطة التي تقول إن الحراك لم يكن سلمياً". وسبق أن وصف الزفزافي في إحدى الجلسات محاكمته بأنها "سياسية بامتياز" واتهم الشرطة القضائية "بتحريف" أقواله وبتزوير محاضر الاستماع إليه، كما اعتبر أن لصق تهمة العمل على الانفصال بالحراك هي "مجرد ذريعة لثنينا عن كشف اللوبيات المافيوزية"، واصفاً إياها بأنها "أسطوانة لن يصدقها أحد". ولكن الزفزافي انتقد "أشخاصاً يلبسون عباءة الدولة" بشن "حرب عرقية وعنصرية تجاه سكان الريف"، معتبراً أنه لا يمكن للدولة أن تنتصر على خصوم الوحدة الترابية إذا لم تراجع موقفها من الريف وتقوي الجبهة الداخلية. واعتقلت قوات الأمن المغربية ما بين 450 و600 مشاركاً في الحراك، في حملة بدأت في مايو 2017، ما أدى إلى تراجع زخمه في صيف عام 2017. واتهمت جهات حقوقة الشرطة المغربية بتعذيب المعتقلين وإساءة معاملتهم. وتحدث الزفزافي في إحدى جلسات محاكمته عن تعرضه خلال اعتقاله للتعذيب الجسدي والنفسي ولممارسات مهينة وضرب على مستوى مناطق حساسة في جسده بهدف الحط من كرامته. وسبق أن صدرت أحكام بحق معتقلين في الحراك مثلوا أمام محاكم مدينة الحسيمة. وأعلنت الحكومة المغربية إطلاق مشاريع إنمائية والتسريع بإنجاز مشاريع أخرى لتخفيف غضب أبناء المنطقة، وفي ما بعد قرر الملك إعفاء وزراء ومسؤولين كباراً من مسؤولياتهم بسبب تقصيرهم في تنفيذ تلك المشاريع.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 19 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 5 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين