منذ حوالي عامين نشرت الأمم المتحدة لتحالف الحضارات تقريراً صحافياً تتحدث فيه غابرييلا كسيبرغ دفالوس Gabriela Keseberg Dávalos، موظفة الاتصالات في مقرّ مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل، عن "العصر الذهبي" الذي تخوضه النساء السعوديات، من خلال إعادة تحديد هوية المرأة الذاتية والاجتماعية. تعيش النساء السعوديات في عام 2014، برغم الضغوط الاجتماعية الكثيرة، "عصرهن الذهبي"، وهن ينتقلن تدريجياً نحو مرحلة تاريخية جديدة منفتحة الآفاق. يتطور الدور الذي تلعبه المرأة السعودية في جميع الميادين، ومنها طبعاً الموضة، والصورة التي تعكسها عن المجتمع.
في العام 2007 شهدت السعودية افتتاح أول مدرسة لتعليم تصميم الأزياء في الرياض:Art and Skills Institute، مدرسة مبتكرة تعتمد الأساليب الغربية المعاصرة في التعليم والتطبيق. تخرّج تلك المدرسة اليوم مواهب لامعة كانت مخبأة، وترمز للحقبة الجديدة التي تدخل فيها السعودية، ولاختلاف النظرة إلى هوية المرأة داخل مجتمعها وخارجه. في الماضي، كانت المرأة السعودية تستثمر مالها في الأزياء والمواهب العالمية، لكنها اليوم أصبحت تستفيد من نشاطٍ محلي أنثوي. المرأة السعودية في هذه الأيام هي التي تصمم ما تريد أن تلبسه تحت عباءتها التقليدية. من التصاميم الأكثر أناقة إلى الأكثر ثورية ومرحاً. في ما يأتي أبرع المواهب الشابة التي تعيد تحديد مفهوم جمال المرأة السعودية.
نسيبة حافظ، اللعوبة
إنه المرح واللعب الحقيقيان في التصميم. تعود نسيبة حافظ Nasiba Hafiz إلى حقبات الموضة المختلفة لتقطتف منها خطوطها العريضة وتعيد تصميمها على هواها المتحرّر. نسيبة هي ظاهرة جديدة في السعودية، لأنها قررت أن تكسر الحدود التي كانت تحاصر المرأة السعودية، لتنفتح على عالمٍ لا تسرق منه روحه بل تعطيه من روحها الشرقية المميزة. قبل أسابيع قليلة أجرى موقع style بنسخته العربية حديثاً مع المصممة السعودية، عن مجموعتها الأخيرة Polka-Dot المستوحاة من موجة الـPin-up الإغرائية أيام الخمسينات من القرن الماضي. تأثّرت المصممة بالصور التي كبرت معها، مثل أفلام فاتن حمامة المصرية بالأبيض والأسود، وكذلك بالأصوات الأسطورية النابعة من راديو والدتها، فلملمت تفاصيل كثيرة من ذكريات طفولتها السعيدة وحاكتها على أقمشة تروي قصص الحضارة العربية في عهدها القديم. حلم نسيبة بتصميم الأزياء طال عقداً من الزمن قبل أن تطبّقه، يوم بدأت تلمح المواهب الصاعدة في الشرق الأوسط في العام 2012، ما دفعها للتحلّي بالجرأة والإيمان بالنجاح، لتخوض مرحلة جديدة من حياتها العملية. لو أقامت دار Cacharel علاقة حب مع دار Stella Jean، لكانت ثمرة حبهما هي أسلوب نسيبة حافظ في التصميم، كما وصفتها المدوّنة الكويتية Confashions from Kuwait. نسيبة محفوظ هي الصورة الأوضح لمستقبل الموضة السعودية، جريئة ومتحررة، بكل أناقة.
رزان العزوني، الحالمة
رزان العزوني Razan Alazzouni هي المصممة التي تقدم تحيّة لأنوثة المرأة السعودية، بكل تصميمٍ لها، وبكل أناقة منها. عشق الموضة والفن كبر معها خلال أيام شبابها التي أمضتها في موطنها، إلى أن شعرت بأنها مقيدة بنظرة محدودة للفن في مجتمعها، فقررت الانتقال إلى بوستن لتعلم لغته. رزان تصمم الأزياء اليوم كمن ينحت تحفة تليق بجسد أي امرأة، فتلبسها لتظهر مفاتنها الشرقية، وإن لم تعرف الشرق يوماً. تصميمٌ حي، يتحرك بخفة بين درزةٍ وأخرى، ليتزاوج بامتياز مع جسد المرأة التي تختاره، وهذا ما دفع كبار نجوم العالم، أمثال Paris Hilton وKim Kardashian، ليخترن خوض تجربة عنوانها Razan Alazzouni. نجاح رزان العالمي أوصلها إلى المشاركة في Vogue Fashion Dubai Experience عام 2013 عندما قدمت مجموعة ربيع صيف 2014 المستوحاة من عالم الأحلام والـDream Catchers. صناع القرار في مجال الموضة حضروا العرض ليشهدوا على تجربة جديدة من نوعها تملك جذوراً سعودية أنيقة. إنه عصر النهضة للموضة السعودية، ورزان العزوني هي البرهان على ذلك.
هلى صباغ، الجريئة
هلى صباغ Hala Sabbagh اسمٌ آخر يبرز في الساحة السعودية التي أصبحت تخرّج أهم المواهب الشابة في العالم. عمرها 18 عاماً، ولم تتمكن فقط من إنشاء ماركة خاصة بتصاميمها تحت إسم Lychee، بل حرصت على إنجاحها أيضاً. هلى تبنّت خبرتها وذوقها من جدة، والجهات الراعية التفت حولها لدعمها حتى الآخر، مع ازدياد اهتمامها بالمواهب الشابة في مجال الموضة. تعي هلى أن أمامها الكثير لتتعلمه قبل الوصول إلى تحقيق حلمها في عرض مجموعاتها في نيويورك، وتسعى اليوم إلى التعاون مع اختصاصيين، أمثال رزان العزوني، لأن الأخيرة خلقت نوعاً جديداً من الإبداع لم تشهده السعودية من قبل، كما صرحت هلى لموقع Saudi Gazette. تضارب الألوان هو التفصيل الذي تبرع فيه هلى، يعود إلى الحاضر الذي تخوضه بين استحقاق الماضي وغموض المستقبل. المرأة الجريئة بالنسبة لها، تريد أن تظهر نفسها في ألوان متخابطة تعكس شخصيتها القوية. المرأة التي تُلبسها هلى صباغ هي بنظرها امرأة شابة مستعدة للمخاطرة في انتقاء طلتها، واثقة من نفسها حتى تعبر عن كل ما هي عليه، ولا تفكر مرتين قبل اختيار الألوان الجريئة، عوضاً عن التي اعتادتها الأخريات.
نورة آل الشيخ، الفيلسوفة
"الموضة هي إلهام وقوة في الوقت نفسه، ولكن من المهم إلباس المرأة وفق الأدوار العديدة والمختلفة التي تلعبها في حياتها اليومية". هذه هي فلسفة نورة آل الشيخNora Al Shaikh بشأن الموضة، التي تراها كعالم باطني وليس فقط كعالم خارجي. نورة أخذت وحيها من كل ما تراه من حولها، من المباني الهندسية إلى التحف الفنية والناس الذين تراهم خلال رحلاتها العالمية، لتتمتع كل قطعة تصممها بشخصيتها الفريدة. كامرون سيلفر Cameron Silver، الاختصاصي من لوس أنجلس والذي انتقى مجموعة نورة لعرضها في بوتيكه “Decades” حتى نهاية الشهر الجاري، ينظرللمصممة على أنها من البراعم الأوائل التي تتفتح في السعودية في الوقت الراهن، ولعلها من القلائل في العالم على التصميم، ليس للجماعة، بل للمرأة، وفق ما نشر موقع لوس أنجلس تايمز Los Angeles Times. لم يتم التقاط أي صورة للمصممة في الحفل لإطلاق مجموعتها في الولايات المتحدة، تبعاً للعادات السعودية التي تحظّر النساء السعوديات من الظهور في الصور لدى وجودهن في الأماكن العامة، وهذا ما يترك للتصاميم خوض تحدٍّ أن تظهر وتلمع بنفسها.
ريم الكنهل، المتمردة
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...