مَن في العالم العربي اليوم لم يسمع بمحمد صلاح بعد نجاحاته المتتالية التي لم يسبق لغيره من لاعبي مصر أن حققها بين ربوع المستطيل الأخضر؟ أهدافه تتوزع بين شباك كبرى الفرق العالمية هنا وهناك. وبين كل هدف وآخر، سجدة وحكاية يرويها الصغار والكبار ممن باتوا يتغنون بـ"مو" أو محمد صلاح.
من قريته نجريج التابعة لمحافظة الغربية، شمال القاهرة، خرج "مو" إلى ملاعب أوروبا يجرب حظه. يجتهد. ويطور من موهبته حتى حطم الكثير من الأرقام القياسية واستحق أن يكون حديث الساعة داخل مصر وخارجها.
استقبل الغرب إنجازات صلاح بتأليف أغانٍ له، وذهب البعض أبعد من ذلك عندما افتتح متجراً يحمل اسم محمد صلاح كما حصل في ليفربول.
وفي مصر، حضر صلاح بالصوت والصورة. فحين يعشق المصريون شخصاً يعبرون عن هذا الحب تماماً كما حدث مع الفنان الراحل محمود شكوكو، الذي أقيم له تمثال يُباع في الأسواق.
طنطا، عاصمة المحافظة.
يقول محمود راجي، الطالب بكلية التربية، جامعة طنطا: "أغلب الشوارع القديمة عندما يتم إطلاق اسم جديد عليها يبقى الاسم القديم هو الأكثر انتشاراً، إلا هذه المرة، فالجميع أصبح يعرف اسم شارع النادي باسم شارع محمد صلاح، كما أطلق اسم صلاح على مدرسة صناعية بقريته، وأظن أن هذه أقل هدية يمكن أن تقدمها المحافظة له".
ويواصل لرصيف22: "إنه أفضل نموذج يمكن للشباب أن يحتذوا به، كما أن تواضعه وسجوده وأعماله الخيرية رسالة للجميع بأن المسلمين ليسوا إرهابيين، وإذا كان البعض منهم ينتهج العنف والتكفير فهؤلاء لا يمثلون الإسلام إنما يمثلون أنفسهم".
وفي محافظة أسيوط، جنوب القاهرة، لم يختلف الوضع كثيراً عن باقي المحافظات، إذ ستجدون اسم محمد صلاح على جميع تفاصليها. وقد قرر الدكتور محسن محمد سليم، المدرس بكلية الفنون الجميلة، قسم النحت، تنفيذ تمثال لصلاح تعبيراً عن حب المصريين له وشكره على الدور الذي لعبه في الوصول بمصر إلى كأس العالم بعد فترة طويلة من الغياب عن هذا المحفل الرياضي المهم.
وقال سليم إن الفكرة بدأت بعد مباراة الكونغو التي فاز فيها منتخب مصر بهدفين لصلاح مقابل هدف، وتصدرت مصر مجموعتها ووصلت رسمياً إلى كأس العالم بروسيا، إن محمد صلاح مفخرة مصر.
وفي الشوارع، ستجدون اسم وصورة محمد صلاح على اللافتات وعلى أنواع مختلفة من السلع الغذائية، حتى على شاشات التلفاز اُفتتحت قناة باسم محمد صلاح تعرض طوال اليوم أهدافه في ملاعب أوروبا، والأغاني التي تحكي عنه.
كذلك ستجدون صلاح حاضراً بصورته على الملابس، على الحلوى، على الفوانيس، على الميداليات، على بيوت الموبايل، وأغطية الفراش وغيرها. وهنالك تماثيل له في شوارع عدة.
يقول صلاح العرباوي، 44 عاماً، موظف بالتأمينات الاجتماعية، رُزق حديثاً طفلاً اسماه محمد تيمناً باسم "مو": "سميت ابني على اسم محمد صلاح من كثرة حبي فيه، وأتمنى لو أنه يبقى في يوم زيه.. مش مهم يطلع لاعب كرة، المهم يبقي عنده نفس الإصرار في أنه يحقق حلمه".
ويتابع: "صلاح من يوم ما خرج من مصر، وهو عارف هو عايز إيه بالظبط، وطبعا اللي ربنا بيحبه بيحبب فيه خلقه، وصلاح مش بس لعيب كوره مفيش زيه، ده كمان إنسان ابن حلال، معطاء وبيصرف فلوسه على الغلابة والمحتاجين في قريته.
في ناس شككت وقالت تألقه "وقتي" ومش ممكن يكمل بالمستوى ده، وصلاح هيرد عليهم بالإنجازات والأرقام القياسية، "مو" مش بس فخر مصر، ده كمان فخر كل العرب وبكره هنشوفه في أفضل الأندية العالمية".
يتغنى الكثيرون بمحمد صلاح، وربما من هنا وجد البعض في اسمه ماركة مسجلة تضمن لهم تحقيق أعلى الأرباح، وهو ما حدث مع تاجر البلح السيد خليفة، 50 عاماً، الذي قال لنا إن هناك إقبالاً كبيراً على البلح الذي يحمل اسم محمد صلاح برغم أن سعر الكيلوغرام منه 30 جنيهاً، أي حوالى دولارين.
ويضيف: "فكرة تسمية البلح بأسماء المشاهير مثل هيفاء وهبي ونانسي عجرم وأبو تريكة وصلاح وغيرهم انتشرت في السنوات الماضية، وكانت حيلة من التجار للقضاء على شبح الكساد الذي ضرب أغلب الأسواق، وقد حققت تلك الحيلة نتائج مبهرة. ورغم أننا على بعد أيام من بداية شهر رمضان الذي يعتبر أحد أهم الأسواق لبيع البلح لارتباط الناس به في هذا الشهر، فلم يختلف الأمر عن سابقيه، فحركة البيع والشراء ضعيفة وأغلب الناس لا تشتري شيئاً، أما الذي يقرر الشراء فيختار بلح ابن مصر الغالي أبو صلاح" .
لم يكن البلح هو السلعة الوحيدة التي تحمل اسم محمد صلاح، فهناك الكثير من الأشياء التي حملت اسمه وصورته، أبرزها فانوس صلاح الذي يراوح سعره بين 180 و200 جنيه. وبحسب ما قالت دنيا فاروق، 22 سنة، بائعة بأحد متاجر الهدايا، فإن هذا الفانوس لقي رواجاً كبيراً بين الأطفال الذين يعشقون نجم ليفربول ومنتخب الفراعنة.
تقول دنيا لرصيف22: "اكتشفنا أن حب صلاح لا يتوقف على الكبار فقط إنما أيضاً يشمل الأطفال، الذين يطلبون الفانوس الخاص به، وقليلون الذين اشتروا هذا العام فانوس لإحدى الشخصيات الكرتونية. أما الفانوس التقليدي المصنوع من الصاج والزجاج فلا يحظى بأي إقبال".
أما يوسف عبدالمنعم، 31 سنة، بائع ملابس بأحد الأسواق الشعبية، فقال: "زي ما اسم وصور صلاح موجودة على المنتجات الغالية موجودة كمان على المنتجات الشعبية عشان يدخل كل بيت، الغني والفقير".
وأضاف: "إحنا بنبيع بيجامة صلاح بعشرين جنيه، وفي إقبال كبير عليها طبعاً عشان سعرها رخيص، وكمان عشان أبو صلاح الغالي في قلوبنا، والسحب على نوعية بيجامات صلاح كبير جداً حتى أن المصنع يورد لنا ضعف الكمية المتفق عليها، ده بخلاف أنهم بقوا بيعملوا من البيجامة الواحدة تقريباً كل المقاسات بعد ما كان الموضوع مقتصر على الأطفال".
وفي محافظة الغربية حيث موطن صلاح، يعبّر الأهالي عن مدى اعتزازهم به، وقد أطلقوا اسمه على أحد الشوارع في رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...