"إسرائيل وإيران على شفا المواجهة في سوريا". كان هذا عنوان مقال نشرته صحيفة التايمز البريطانية منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، توقع فيه كاتبه روجر بويس أن تأخذ المواجهة بين الطرفين شكلاً عسكرياً أوضح، خصوصاً في ظل اهتمام الحرس الثوري الإيراني في الشهور الأخيرة ببناء عدد أكبر من المعسكرات في سوريا.
تحوّل ما توقّعه المقال إلى حقيقية في الساعات الأخيرة، مع استهداف الجيش الإسرائيلي "عشرات المنشآت الإيرانية في سوريا"، بغارات جوية، رداً على الهجوم الذي قالت إسرائيل إن قواتاً إيرانية شنّته عليها.
كيف بدأت المواجهة؟
بحسب الجيش الإسرائيلي، استهدفت قوات إيرانية، بوابل من الصواريخ، قواعد عسكرية إسرائيلية في مرتفعات الجولان فجراً. وتؤكد إسرائيل أن القصف نفّذه الحرس الثوري الإيراني، بعشرين صاروخاً. وبحسب بيان أصدره الجيش الإسرائيلي، فإن الجنرال الإيراني قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، هو مَن قاد الضربة الصاروخية بنفسه. و"رداً على الهجوم الإيراني"، بحسب البيان نفسه، هاجمت إسرائيل عشرات الأهداف الإيرانية في سوريا، وقصفت خمس بطاريات صواريخ سورية مضادة للطائرات وجّهت نيرانها إلى الطائرات المغيرة. وكان لافتاً في البيان المذكور قول إسرائيل إنها أبلغت روسيا رسمياً بشأن هذه الغارات الجوية. وبعد ساعات قليلة من هذا التصعيد، خرجت معلومات مهمة من وزارة الدفاع الروسية شرحت ما حدث، وأشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي نفّذ ضربات صاروخية على الأراضي السورية، بين الساعتين 1:45 و3:45 من فجر العاشر من مايو. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الدفاعات الجوية السورية أسقطت أكثر من نصف الصواريخ التي أطلقها الجيش الإسرائيلي على مواقع داخل سوريا. وبحسب المعلومات الروسية، شاركت في العملية 28 طائرة إسرائيلية من نوع أف-15 وأف-16، وأطلقت نحو 60 صاروخاً، كما أطلق الجيش الإسرائيلي 10 صواريخ أرض-أرض تكتيكية. وأكدت وزارة الدفاع الروسية أن الهجوم الإسرائيلي استهدف مواقع تُرابط فيها الوحدات الإيرانية ومواقع للدفاع الجوي السوري في منطقة دمشق وجنوبي البلاد. لكنها لم تؤكد حجم الخسائر التي تكبدتها الوحدات الإيرانية والبنى التحتية العسكرية والمدنية السورية جراء القصف الإسرائيلي، مشيرة إلى أنها لا تزال تتحرّى حول الأمر. وأفاد المرصد السورى لحقوق الإنسان بأن الضربات الإسرائيلية أسفرت عن مقتل 23 مقاتلاً على الأقل بينهم خمسة من قوات النظام السوري و18 عنصراً من القوات الموالية له. ويرى محللون أن القصف الذي استهدف إسرائيل من الأراضي السورية هو الأكبر من نوعه خلال عقود، ويبدو أن إسرائيل كانت تتوقع الأمر، إذ اتخذت خطوة غير مسبوقة الثلاثاء، حين أصدرت أوامر للسلطات في الجولان بإعداد الملاجئ للمدنيين، بعد تقارير عن "أنشطة غير معتادة" من قبل قوات إيرانية في سوريا.هل تريد إسرائيل التصعيد؟
يمكن القول إن القصف الإيراني هو رد طهران العملي على مقتل سبعة إيرانيين من أفراد الحرس الثوري، في غارة شنتها طائرات إسرائيلية على قاعدة الـ"تي فور" في التاسع من أبريل. وكانت تلك الغارة ثاني مواجهة مباشرة بين الطرفين على الأراضي السورية، بعد مواجهة أولى جرت في العاشر من فبراير، حين أرسلت إيران طائرة بدون طيار فوق الأجواء التي تسيطر عليها إسرائيل قبل أن تسقطها الأخيرة. بعد الضربات الإسرائيلية، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن بلاده ضربت ما وصفه بأنه "تقريباً كل البنى التحتية الإيرانية في سوريا"، مضيفاً أن بلاده لن تقبل أن تحوّل إيران سوريا إلى ما أسماه "قاعدة أمامية ضدها".عدم إدانة روسيا، وهي أكبر حليف لسوريا، للضربات الإسرائيلية بشكل واضح، ترجمه البعض باعتباره موافقة بشكل ما على ما حدثجاء تصريح ليبرمان في مؤتمر أمني عُقد بالقرب من تل أبيب، وقال فيه إنه يأمل أن تكون رسالة إسرائيل قد وصلت إلى الجميع، مضيفاً أنه يأمل أن تكون أحدث جولة من العنف مع إيران على الحدود السورية قد انتهت، على حد تعبيره، خاتماً بأن "إسرائيل لا تريد تصعيد الوضع".
ما موقف روسيا مما يحدث؟
وعن موقف روسيا مما حدث، خرج من وزارة الخارجية الروسية بيان بارد عبّرت فيه موسكو "عن قلقها إزاء تصاعد التوتر بين طهران وتل أبيب"، داعية جميع الأطراف "إلى ضبط النفس". واكتفى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف بالقول إن ما حدث "أمر مقلق للغاية، ويجب العمل على إزالة التوتر". مضيفاً "نحن على اتصال مستمر مع كافة الأطراف". كما حث الكرملن الطرفين على ضبط النفس و"تهدئة التوترات بالوسائل الدبلوماسية فقط". عدم إدانة روسيا، وهي أكبر حليف لسوريا، للضربات الإسرائيلية بشكل واضح، ترجمه البعض باعتباره موافقة بشكل ما على ما حدث، خاصةً أن التصعيد الإسرائيلي جاء بعد حدث لافت، وهو لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو. وبعد هذا اللقاء مباشرة، قال نتنياهو للصحافيين إنه استعرض مع بوتين ما قال إنه حق وواجب إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد العدوان الذي تمارسه إيران انطلاقاً من الأراضي السورية. واستبعد نتنياهو أن تسعى روسيا إلى الحد من عمليات إسرائيل العسكرية في سوريا، مضيفاً أنه أخبر الرئيس الروسي في لقائهما بموقف تل أبيب بشكل واضح. ولكن رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس النواب الروسي ليونيد سلوتسكي اعتبر أن قصف إسرائيل لمواقع إيرانية في سوريا تم بعد تخطيط مسبق، ملمحاً إلى أن للأمر علاقة بانسحاب واشنطن من اتفاق إيران النووي. ووصف سلوتسكي الضربات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا بأنها خطوة جديدة في سلسلة الاستفزازات الأمريكية الإسرائيلية لإيران.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومينأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومينحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 5 أيامtester.whitebeard@gmail.com