قبل أكثر من 3 آلاف عام، شهد التاريخ على أقدم واقعة تحرش جنسي، قام بها رجل يُدعى "بانيب"، وهو كان أحد أمهر العمال الحرفيين في نقش مقابر الفراعنة في العاصمة طيبة (الأقصر حالياً). هذا ما أظهرته برديّة فرعونية بعدما راجعها علماء المصريات، وهي في حوزة المتحف البريطاني منذ أوائل القرن التاسع عشر باسم "Papyrus Salt 124"، حيث تروي قصة ربما تُعدّ مثالاً لأقدم ممارسات استغلال القوة والنفوذ في سلوكيات مشينة.
ماذا تقول البرديّة؟
يظهر موقع "Quartz" أن المخطوطة، التي يعود تاريخها إلى حوالي عام 1200 قبل الميلاد، هي عبارة عن شكوى مكتوبة من قبل رجل يُدعى آميناخت (Amennakht) وموجهة إلى الوزير حوري (Hori) حول سلوك بانيب (Paneb)، رئيس العمال في دير المدينة الذي كان يضم جماعة من الحرفيين الذين بنوا مقابر طيبة. ويُعتقد أن بانيب سرق من آميناخت ما كان من المفترض أن يكون منصباً وراثياً عن طريق رشوته الوزير في ذلك الوقت. وحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، اتهم أميناخت منافسه بانيب "بسرقة وظيفته وأخذ البضائع من المعابد والمقابر الملكية وإلحاق الضرر بالأرض المقدسة والكذب تحت القسم والاعتداء بالعنف على 9 رجال في ليلة واحدة، واقتراض العمال الملكيين لاستخداماته الخاصة"، فضلاً عن ارتكابه اعتداءات جنسية والزنا مع ربات البيوت. واتُهم آميناخت بانيب بتجريد امرأة تُدعى ييييمواو (Yeyemwaw) من ملابسها، وطرحها إلى الحائط وانتهاكها. وفي البرديّة، تم توضيح الواقعة وأدلتها كجريمة واحدة بين اعتداءات قام بها "الفاسق" بانيب بحق نساء أخريات. وكان لافتاً الإشارة إلى أسماء هؤلاء النسوة. ويرى الخبراء أن هذه الوثيقة تبين أنه لم يكن هناك تسامح مع الاعتداءات الجنسية في عهد الفراعنة، حيث تقول المؤرخة في معهد بروكلين كارلي سيفر إن "الأمر المثير للاهتمام في الوثيقة هو مسألة القبول، ما يثير أسئلة مدهشة ليس فقط عن مصر القديمة وإنما عن العالم الحديث أيضاً".اتُهم بانيب بتجريد امرأة تُدعى ييييمواو (Yeyemwaw) من ملابسها، وطرحها إلى الحائط وانتهاكها، واعتُبرت الواقعة واحدة بين اعتداءات أخرى قام بها "الفاسق" بانيب بحق نساء أخرياتوأوضحت سيفر أنه ربما يثير استخدام كلمة "الفسوق" نوعاً من الغموض، لأن المصريين القدماء كانوا يعتبرون الزنا خلال الزواج "غير مقبول" بينما غير المتزوجين لم تكن تنطبق عليهم هذه المعايير، ومع ذلك إن تحديد واقعة محددة حدثت لإمرأة واحدة وتوجيه اتهامات بناء عليها يبيّن مدى فداحة جريمة كتلك. ولم يتضح كيف تعامل الوزير المرفوعة إليه الشكوى مع بانيب، ومدى كفاية الاتهامات الموجهة إليه كي يفقد الوظيفة لصالح آميناخت، لكنه بعد قرون من الزمان مازال يعطي درساً في كيفية تعامل المجتمع مع أصحاب القوة والنفوذ المتهمين بارتكاب اعتداءات جنسية. بدوره، قال رولاند إنمارش، المحاضر في علم المصريات في جامعة ليفربول، لصحيفة "الإندبندنت"، إن المصريين القدماء كانوا يعتبرون الزنا "أمراً يستحق الإدانة من الناحية الأخلاقية"، شارحاً "وقتها، كان يُعتبر الجنس مع النساء المتزوجات، سواء أردن ذلك أم لا، أمراً مرفوضاً تماماً، ما يجعل الاعتداء الجنسي عليهن بالغ السوء". وتوقع إنمارش "إمكانية إعدام بانيب في النهاية"، موضحاً "ربما قتل في النهاية، من غير المؤكد ما إذا كانت الجنح الجنسية هي بالضرورة جرائم يعاقب عليها بالإعدام. لكن السرقة من الملك، والتي كانت ضمن الاتهامات العديدة التي واجهها بانيب، كان عقابها الإعدام". وترجع أول ترجمة لهذه القصة إلى عام 1870، لكن الترجمة الأكثر تفصيلاً كتبها Jaroslav Černý عام 1929، وأشارت إلى سلوك بانيب السيء وقائمة من الاتهامات ركزت على كيفية سرقته لوظيفة آميناخت ونهبه من المقابر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
حوّا -
منذ يومينشي يشيب الراس وين وصل بينا الحال حسبي الله ونعم الوكيل
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامكل هذه العنجهية فقط لأن هنالك ٦٠ مليون إنسان يطالب بحقه الطبيعي أن يكون سيدا على أرضه كما باقي...
Ahmed Mohammed -
منذ 3 أياماي هبد من نسوية مافيش منطق رغم انه يبان تحليل منطقي الا ان الكاتبة منحازة لجنسها ولا يمكن تعترف...
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياموحدث ما كنا نتوقعه ونتأمل به .. وما كنا نخشاه أيضاً
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 4 أيامصادم وبكل وقاحة ووحشية. ورسالة الانتحار مشبوهة جدا جدا. عقاب بلا ذنب وذنب بلا فعل ولا ملاحقة الا...
mahmoud fahmy -
منذ أسبوعكان المفروض حلقة الدحيح تذكر، وكتاب سنوات المجهود الحربي، بس المادة رائعة ف العموم، تسلم ايديكم