في الذكرى الـ70 للنكبة... التفرقة الحادة في المجتمع الإسرائيلي تهدد بانهياره
الثلاثاء 10 أبريل 201802:05 م
في الذكرى الـ70 للنكبة، وهي الحدث الذي يسمّيه الإسرائيليون "عيد الاستقلال"، يتّضح أكثر التوتر المتزايد بين المكونات الاجتماعية المختلفة في الدولة العبرية.
وحذّر تحقيق أجرته صحيفة هآرتس، ونشره ملحقها الاقتصادي "ذا ماركر"، من أنه إذا لم يتم سد الفجوات بين المكونات الاجتماعية داخل إسرائيل، يمكن أن يواجه المجتمع الإسرائيلي خطر الانهيار الاجتماعي.
من بين المؤشرات على التمييز بين أطياف المجتمع الإسرائيلي، تظهر قضية نسبة تشغيل النساء العربيات والحريديات في سوق العمل.
والحريديم هم طائفة يهودية أرثوذكسية تتمسك بالتطبيق الدقيق للشريعة، وتشتهر بارتداء نسائها النقاب حتى أن البعض يسميهنّ "نساء طالبان"، وبإنجابهنّ عدداً كبيراً من الأطفال مقارنة بباقي اليهوديات.
وتبلغ نسبة توظيف الحريديات 73% مقابل 36% للرجال الحريديم، وذلك بسبب انصراف الأخيرين إلى دراسة التوراة والعلوم الدينية. وبرغم دورهنّ الكبير في تأمين معيشة أسرهنّ إلا أن متوسط دخل الحريدية يبلغ حوالي 68% من دخل اليهودية غير الحريدية، ويبلغ دخل الرجل الحريدي حوالي 61% من دخل غير الحريديم.
ويؤكد تقرير "ذا ماركر" أن تحسناً حدث خلال السنوات الأخيرة لكنه كان بعيداً جداً عن سد الفجوة الحرجة بين متوسط دخل الحريديم والعرب وسكان الضواحي وجزء من المهاجرين الجدد، وبين متوسط الدخل العام في البلاد.
وبحسب تعبير رئيس معهد شوريش لدراسة السياسات الاقتصادية والاجتماعية البروفيسور دان بن دافيد: "توجد هنا دولتان، دولة الجامعات والتكنولوجيا المتقدمة... ودولة الباقين، والفجوات تنبع من التمييز في الموازنة، على سبيل المثال في المدارس".
ويتضح التمييز في الموازنة في التعليم على سبيل المثال. فبحسب بيانات حكومية، يبلغ نصيب الطالب الثانوي اليهودي من الموازنة حوالي 24 ألف شيكل (نحو سبعة آلاف دولار)، فيما يحصل الطالب العربي على نسبة أقل بنحو 36% من ذلك، ويحصل الطالب العلماني على نسبة أقل بنحو 16%، بحسب تقرير لـ"ذا ماركر".
ولكنه يقلل من احتمال تحوّل إسرائيل إلى دولة دينية، مشيراً إلى أن "الصهيونية الدينية يُنظر لها من الخارج وكأنها هي المهيمنة على المجتمع الإسرائيلي، لكن لا أحد يعرف مدى انقسامها".
والصهيونية الدينية هو تعبير يطلق على التيارات الدينية داخل الحركة الصهيونية، والتي تستند إلى التوراة للقول بحق اليهود في إقامة وطن قومي في فلسطين.
وبرأي كوهين، "لا يوجد في الصهيونية الدينية مجموعة كبيرة تدعم فكرة الدولة الدينية بدلاً من الدولة الديمقراطية" و"رجال الصهيونية الدينية يتواجدون اليوم في مراكز النفوذ أكثر من الماضي، لكنهم لا يمثلون حتى الآن سوى 12% من الإسرائيليين".

تمييز بين الحريديم والأشكناز
يؤكد التقرير وجود تمييز بين الحريديم والأشكناز (اليهود ذوي الأصول الغربية الذين قدموا من أوروبا) والسفارديم (اليهود المهاجرين من إسبانيا والبرتغال، وكل اليهود ذوي الأصول الشرقية). وتقول عدينا بار شالوم، مؤسسة إحدى أولى كليات النساء في المجتمع الحريدي، وابنة الحاخام عوفاديا يوسف: "الخلاف بين الحريديم والسفارديم والأشكناز حاد للغاية". وتشير إلى أنه في المجتمع الحريدي يظهر تعبير "هي شرقية" للقول "هي من الدرجة ب"، لافتةً إلى أن هذا التمييز موجود أيضاً في المجتمع العلماني والمجتمع الديني القومي، لكن هؤلاء "على الأقل يخجلون منه".تقرير إسرائيلي: إذا لم يتم سد الفجوات بين المكونات الاجتماعية داخل إسرائيل، يمكن أن يواجه المجتمع الإسرائيلي خطر الانهيار الاجتماعي
أشكناز وحريديم وسفارديم وعرب وناطقون بالروسية... التمييز بين أطياف المجتمع الإسرائيلي يهدد بتفجيره من الداخلويرى البروفيسور في العلوم السياسية في جامعة بار إيلان آشر كوهين أن الاهتمام المتزايد بالمتشددين ذكى الصراع بين المتدينين والعلمانيين، وأضاف: "هناك أجواء حرب ثقافية، لكن بالنسبة إلى غالبية الناس فهذا شيء ثانوي، غير مهم".

المهاجرون الإثيوبيون... تمييز فاقع
ويتطرق التقرير إلى معاناة اليهود المهاجرين من إثيوبيا، أي "يهود الفلاشا". وتقول مديرة جمعية "مهاجرون معاً" سيجال كنوتوفسكي: "أرى نفسي يهودية إسرائيلية، لكن البيئة تقول لي أنني من قبيلة أخرى، ذات لون جلد أسود". وتروي: "عندما أصل إلى مقابلات العمل، يتفاجأ الناس لأنني أبدو مختلفة عما توقعوه عندما سمعوا اسمي... لقد تغير وضع المهاجرين الإثيوبيين بشكل كبير خلال العقد الأخير... ومع ذلك في أحيان كثيرة يكسب العمال الفلاشا أقل عشرات المرات من أقرانهم... الإثيوبيون يندمجون في الاقتصاد الإسرائيلي، لكن النظرة إليهم لم تتغير بعد. عندما يفكر الناس في الإثيوبي، لن يقولوا إنه يعمل في مجال الـ’هاي تك’ (التكنولوجيا المتقدمة) أو أنه محام ناجح. عندما أذهب إلى مدرسة لا أقابل مديرة إثيوبية، لكن أقابل حارساً أو عاملة نظافة على أقصى تقدير". وأضافت: "المجتمع الإسرائيلي عنصري... وبالنسبة إلى يهود الفلاشا، يتضح هذا من خلال تعبير ‘اللون يشكل عائقاً’، عندما يتم رفض أي يهودي إثيوبي متقدم لإحدى الوظائف".