شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"وليّ الأمر المسلم لا يُنافَس"... فتاوى تطارد غير المشاركين في الانتخابات المصرية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 26 مارس 201804:24 م
مع تحوّل مصر إلى مسرح لاستفتاءات وانتخابات برلمانية ورئاسية على فترات وجيزة، كانت الفتاوى والدعوات الدينيّة تنافس لافتات الدعاية الانتخابية التي تملأ الشوارع لحثّ المواطنين على المشاركة والإدلاء بأصواتهم. ومع كل موسم انتخابي، تتبارى قيادات المؤسستين الدينيتين في مصر (الأزهر والكنيسة) على إطلاق دفعة من الفتاوى لحشد الناخبين، وهو توجّه لم يتغيّر هذه المرة مستبقاً فتح لجان الاقتراع، اليوم ولمدة ثلاثة أيام، أمام الناخبين للتصويت في الانتخابات الرئاسية 2018.  

التصويت "وطنية" والعزوف "خيانة"

تمهيداً للانتخابات الرئاسيّة، التي يرى مراقبون أن نتائجها "محسومة مُسبقاً" لصالح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، تراوحت الفتاوى والدعوات بين تحريم "منافسة الحاكم" وتخوين "من لا يدلي بصوته"، وبين من شجّع على الاقتراع "دفاعاً عن الوطن".  قبل ساعات من فتح لجان الاقتراع، قرن الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي للمفتي، في مداخلة مع قناة "الناس" الدينية، المشاركة في الانتخابات بالحفاظ على الدولة، مُضيفاً "من لا يريد المشاركة لا يجوز له أن يحرّض غيره على عدم النزول، لأن ذلك ليس في مصلحة الوطن الذي يحتاج إلى صوت كل مواطن مخلص". وعلى الوتيرة ذاتها، حثّ البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، المصريين على المشاركة بكثافة خلال مداخلة مع فضائية "ON Live"، قائلاً "بلاش كسل.. المشاركة فى الانتخابات تساوي المشاركة في الدفاع عن الوطن". و في إشارة إلى سنوات الولاية الأولى للسيسي، كان بطريرك الكرازة المرقسية قال إن "ما رأيناه خلال السنوات الـ 4 الماضية، يجعلنا نتوقع ما يمكن أن يحدث فى السنوات القادمة، حيث شهدت البلاد نوعاً من الاستقرار والبناء والتنمية وإعلاء المواطنة والمساواة والتي لم تكن موجودة من قبل".
"إذا لم يحدث ما ينتقص من أهلية الحاكم فالشرع يقول إن ولي الأمر المسلم لا ينافس على منصبه الذي بوأه الله تعالى إياه"... فتاوى دينيّة بالجملة تواكب الانتخابات المصرية
لم تمض أيام قليلة على الإطاحة بمبارك في 11 فبراير، حتى رفعت القوى الإسلامية شعار "نعم تجلب النِعم" من أجل التصويت لصالح إجراء تعديلات دستورية بدلاً من مقترح القوى المدنية وضع دستور كامل يليق بمتطلبات المرحلة... "الفتاوى السياسية" تُفصّل على قياس كل مرحلة ومتطلباتها
وفي ديسمبر الماضي، أثارت فتوى الداعية السلفي محمد سعيد رسلان، الذي يُعرف بقربه من الحكومة، جدلاً واسعاً بعد قوله خلال خطبة الجمعة إن "الشرع يقول إن ولي الأمر لا ينازع في مقامه ولا في منصبه ولا ينافس عليه". الداعية، الحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة الأزهر وأحد أعلام "السلفية المدخلية"، أضاف أنه "إذا لم يحدث ما ينتقص من أهلية الحاكم فالشرع يقول إن ولي الأمر المسلم لا ينافس على منصبه الذي بوأه الله تعالى إياه".
? بدوره، قال الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء، في يناير الماضي، "المشاركة في الانتخابات أمانة، والله أمرنا بأداء الأمانة، والبخل بأدائها خيانة لهذا الوطن، والله لا يحب الخائنين". وذهب عمران إلى اعتبار أن "الانتخابات عنوان لارتفاع مؤشر الوطنية في هذا البلد، والمشاركة شيء ضروري"، مُعتبراً "مهمة دار الإفتاء إصدار الفتوى، وستتولى بقية أركان المؤسسة الدينية كل في تخصصه دعم المشاركة في الانتخابات".
ونالت فتوى منسوبة للدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، يُؤثم فيها غير المشاركين في الانتخابات، انتقادات على شبكات التواصل الاجتماعي، ما دفع دار الإفتاء إلى إصدار بيان ينفي ما نُسب إليه. ورغم تدخلها في قضايا سياسية خلال السنوات الأخيرة، ذكرت المؤسسة أنها محايدة وتحافظ على "الاستقلالية والنأي عن الدخول طرفاً في أي تنافس سياسي أو حزبي، بما يحافظ على مبدأ الترفع عن تسييس الفتاوى الشرعية والتمسك بالعمل التخصصي الاحترافي".

الفتاوى "السياسية": ابحث عن موقعك لدى الحاكم

بعد العام 2011، اكتسب رجال الدين مساحات أكبر للخوض في قضايا سياسة تشغل اهتمام المصريين، بعد عقود من "التدجين" أو السجن. آنذاك، كان سلاح الدين وسيلة ناجحة استخدمها تيار الإسلام السياسي في تشويه ومهاجمة خصومه من القوى المدنية، والسيطرة لبعض الوقت على أدوات الحياة السياسية، برلمانياً ورئاسياً. تسارع وتيرة الأحداث العامة آنذاك واكبه رواج فتاوى وأفكار دينية كانت في قلب الخطاب السياسي لبعض القوى، إلا أنها كانت دائمة التغيّر حسب الكيان الحاكم. لم تمض أيام قليلة على الإطاحة بمبارك في 11 فبراير، حتى رفعت القوى الإسلامية شعار "نعم تجلب النِعم" من أجل التصويت لصالح إجراء تعديلات دستورية بدلاً من مقترح القوى المدنية وضع دستور كامل يليق بمتطلبات المرحلة. وقتها تهكم أحد قادتهم، الشيخ محمد حسين يعقوب، بقوله "وقالت الصناديق للدين نعم"، في تعقيبه على تصويت المصريين لصالح التعديلات.
وقبيل أول انتخابات برلمانية، بعد ثورة 25 يناير، شبّه مفتي جماعة "الإخوان" عبد الرحمن البر "من لا يذهب للتصويت في الانتخابات كمن تولى يوم الزحف". بينما حرّم أمين عام لجنة الدعوة الإسلامية في الأزهر الشيخ عمر سطوحي التصويت لصالح فلول نظام حسني مبارك من مرشحي الحزب الوطني المُنحل، واصفاً من يصوت لهم بـ"الخائن لوطنه"، بينما حرّم، في إطار آخر من الفتوى، الزواج من "الفلول". في المقابل، حرّم القيادي في التيار السلفي الشيخ محمود عامر التصويت لمن وصفهم بـ"العلمانيين والليبراليين والأقباط"، علماً أنه أفتى قبل فترة وجيزة من اندلاع الثورة بجواز توريث الحكم لنجل الرئيس المخلوع جمال مبارك. في حين، اعتبر القيادي السلفي سلامة عبد البديع، خلال مؤتمر انتخابي لـ"حزب النور"، التصويت للأخير "صدقة جارية" لمئات السنين وعدم التصويت "سيئة جارية"، بينما قال شيخ الطريقة العزمية الصوفية محمد علاء الدين ماضي أبو العزائم إن التصويت للسلفيين في أي انتخابات "هدم لمصر".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image