كان على العرب أن ينتظروا حوالي عشر سنوات بعد إطلاق آي تيونز iTunes كي تفتتح في بلدانهم متاجر إلكترونية تابعة له، أتاحت لهم اللحاق أخيراً بـ"عصر التحميل" الذي يكاد يقضي نهائياً على الـ C.D والـ D.V.D، والذي حد من إنتشار القرصنة، وهو ما يؤمل حدوثه عربياً.
هكذا، صار للمستمع والمشاهد، وحتى الفنان العربي، منفذ "جدّي" ومتوافر دائماً لتحميل الموسيقى والأفلام والمسلسلات.
تطبيق آي تيونز، المملوك لشركة آبل، أضحى منذ العام 2010 الموزع الأول رقمياً للموسيقى في العالم؛ وهو يسوّق اليوم لأكثر من 43 مليون أغنية ومقطع فيديو وتطبيق وكتاب إلكتروني، لدى أكثر من 800 مليون مستخدم حتى نيسان الماضي.
في الولايات المتحدة حاز آي تيونز في العام 2013 على نسبة 40% من سوق تحميل الأغاني. كما ارتفعت نسبة تنزيل التطبيقات عبر آي تيونز من 24% العام 2010 إلى أكثر من 30% في 2013. وبلغت إيراداته الفصلية 4.61 مليار دولار في الفصل الرابع من العام 2014. في فبراير 2013، كان الألماني فيليب لويكي، بتحميله إحدى الأغاني، قد أوصل عدد التحميلات من آي تيونز إلى 25 ملياراً، ليفوز بـ"آي تيونز" كارد (الوسيلة الأولى لشراء الموسيقى في العالم) بقيمة 10,000 يورو.
ولا يبدو عدد التحميلات هذا كبيراً، إذا ما قسّمناه على عدد المستخدمين، ليتبين أن كل مستخدم حمّل نحو 62 مرة. لا شكّ أن آلافاً من العرب، كانوا يحمّلون من آي تيونز عبر مواقع بلدان أخرى، قبل دخول التطبيق رسمياً إلى بلدانهم. لكنّ أياً يكن الرقم الدقيق لهؤلاء، فإنه لن يكون كبيراً، في ظل خجل من الاستهلاك الإلكتروني في بعض البلدان العربية، أو انعدام هذا الاستهلاك تماماً في بلدان أخرى.
على أية حال، يحتاج مستهلك آي تيونز إلى بطاقة ائتمانية وعنوان دائم في دولته، ليتمكن من شراء ما يريده من التطبيق، وهذا ما لا يتحقق لدى كثير من البلدان العربية، إما لأن التطبيق لم يُطلَق فيها رسمياً، أو لأن ثقافة البطاقة الائتمانية محدودة الانتشار فيها. يُذكَر هنا أن عدداً لا بأس به من المستخدمين العرب "يحتالون" على منع إحدى الأغاني مثلاً في متجر "آي تيونز" الخاص ببلدهم، باستخدام بطاقات ائتمانية وعناوين لأصدقائهم وأقاربهم في بلدان أوروبية لا تمنع تلك الأغنية من التداول.
اليوم، وبعد أكثر من سنة من إطلاق متاجر لـ"آي تيونز" في بعض الدول العربية، لا تزال السوق الخاصة بهذا التطبيق شحيحة بسبب قلة العروض العربية المتوافرة فيها، كالأفلام والمسلسلات مثلاً، وبسبب ضعف التقنيات ونوعية المواد! هو تهميش قد يكون غير متعمّد للمستهلك العربي، لكنه حتماً منفّر للمستهلك الذي قصدته آبل حين فتحت متاجر لتطبيقها خاصة بالبلدان العربية.
فأين الأفلام العربية المستقلة الناطقة بهذه اللغة والتي تُعرض حول العالم؟ لماذا لا تُضمّ إلى قائمة العروض تلك الأفلام العربية التي تحصد، سنوياً، عشرات الجوائز في المهرجانات؟ لماذا لا يستغل المسوّق الافتراضي منْعَ أو عدم تسويق تلك الأفلام في دور السينما، كما يجري غالباً، ليتيحها على شبكة الإنترنت؟
أسئلة كثيرة تُطرح، في ظل هذا الغياب الملفت للفن السابع العربي عن آي تيونز. لكنّ الملفت أكثر، هو غياب المسلسلات التي باتت في السنوات الأخيرة واحدة من أكثر اهتمامات العرب شيوعاً. فحتماً، لو أرادت آبل الاهتمام بعالم الشاشة الصغيرة المتابَع عربياً، سيكون هناك آلاف ممّن يفضلون دفع 15 دولاراً مقابل مشاهدة موسم كامل من مسلسل "حريم السلطان" بصيغة HD، بدلاً من مشاهدته بصيغ رديئة. غير أن حال الموسيقى والأغاني أفضل مما هو عليه حال الأفلام والمسلسلات.
لكنْ حتى في هذا السياق، يمكن القول إن آبل دخلت سوق الموسيقى العربية من دون تحضير، ويبقى السؤال إن كان ذلك نابعاً من الإهمال أو من لا جدوى اختراق هذا السوق.
على أية حال، يتطلب تحوّل الموسيقى العربية إلى عالم التسويق الإلكتروني الجديد وقتاً وتحضيرات واتفاقيات تجارية، ينتظر مستهلكو الإنترنت نجاحها في أقرب فرصة، للّحاق بالركب العالمي.
في معظم الأسواق العربية، تواجه آبل مشاكل مثل قلّة وسائل الدفع الائتماني، وعدم وجود نقاط توزيع يمكن اعتمادها لبطاقات الـ"آي تيونز"، بالإضافة إلى مشكلة بطء الإنترنت. لكن المشكلة الأولى، والأكثر أهمية، تبقى في سياسة آبل ووجودها في البلدان العربية. فهل من المعقول ألا يوجد آپل ستور في مدن مثل القاهرة والرياض، بينما هناك 38 متجراً للشركة في المملكة البريطانية، 7 منها في لندن وضواحيها فقط! علماً أن آبل أعلنت في آب الماضي أنها تعتزم افتتاح أول متجر لها في الشرق الأوسط في دولة الإمارات، من دون أن تكشف موقعه الفعلي.
هذا موضوع كبير يأخذنا إلى نقاش حول سياسات الوكلاء المعتمدين، والثمن الباهظ للإنتاج الفني العربي، الذي يحتكره منتجون "كبار"، ما يبعد المستهلك العربي عن كلّ جديد، ويوسّع الهوّة بين السوقين العربية والعالمية.
نقول كل هذا الكلام، ونَصِف الهوّة الواسعة بين الوطن العربي والعالم، بينما مؤسس آبل، ستيف جوبز، ينحدر من محافظة حمص، قلب سوريا! حتى تاريخ اليوم، لم تجبْ شركة "آبل" عن استفسار أرسلته إليها "رصيف 22" حول استراتيجيتها في المنطقة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع