قديماً، أنجب تزاوج حضارتي كيمت وروما طرازاً فريداً من الفن عاش آلاف السنين. ولم يزل هذا التزاوج يعطي ثماراً مميزة: عُمر حسن، رسام مصري وُلد لأب مصري وأم إيطالية، درس الفنون الجميلة بأكاديمية "بريرا" بميلان، مقيم بإيطاليا، ولا يتحدث العربية. ابتكر أسلوبًا جديدًا كملاكم سابق باستخدام قفازات الملاكمة في الرسم.
أسلوب "حسن" المميز سلط أضواء الصحافة الأوروبية عليه لتحتفي بالرسام المصري ذي الطابع المميز والمرشح لجائزة "كايرو برايز".
عرّفنا أكثر عليك.
رسام أبلغ من العمر 30 عاماً، وُلدت بمدينة ميلانو، إيطاليا، لأم إيطالية وأب مصري. أملك ستوديو للرسم في ميلان. قضيت الأعوام الأربعة الماضية متنقلاً بين إيطاليا ولندن ونيويورك وميامي.
كيف ومتى اكتشفت موهبتك في الرسم؟
أتصور أنها بدأت منذ صغري، كنت أقضي وقتي بين الألوان والأوراق، وحينما سألني أحدهم ما أريد أن أفعله، أجبت أني أريد أن أكون فناناً وأن أرسم كل يوم.
لمَ تستخدم الملاكمة كطريقة للرسم؟
ما كنت لأقول ذلك، فليس بالضرورة أن أستخدم الملاكمة وحدها في التعبير عن مجمل أسلوبي في الرسم، فهي مجرد أحد الأساليب التي استخدمها خلال الرسم، إلى جانب استخدامي لأساليب أخرى في أعمالي الفنية. "نقطة ضوء Breaking Through " هو أحد المعارض التي أقمتها.
#action=share
فأنا أستخدم التلوين بالرش في صنع عدد من أعمالي وظللت أستخدم هذا الأسلوب أكثر من عقد من الزمان.
وكانت دراساتي الأكاديمية مصدراً للإلهام لصنع أعمال فنية جمعت بين أنماط الفن التاريخية من الخرافات القديمة، مثل تمثال فينوس دي ميلو أو أفروديت الميلوسية (وهو من أشهر التماثيل الكلاسيكية القديمة المنحوتة من الرخام في العصر اليوناني).
علماً أن حقيقة نشأتي بين ثقافتين مصرية وإيطالية، ساعدت على إثراء موهبتي وقد ظهر ذلك في أعمالي الفنية.
ما هي المواقف المحبطة التي تعرضت لها في حياتك؟
أكثر المواقف التي تسببت في إحباطي هي إصابتي بمرض السكري حين كنت طفلاً، إلى جانب أني شهدت وفاة أعز أصدقائي وأنا في فترة المراهقة.
وكذلك إجباري على ترك الملاكمة بسبب مرضي بعدما كنت سعيداً ببدايتي في هذه الرياضة التي كانت تساعدني على السيطرة على شخصيتي المتمردة؛ لكن ذلك لم يجعلني أتوقف عن حب الملاكمة، فقد تعلمت منها مواجهة القتال المستمر في الحياة وعدم الاستسلام لأي سقطات.
هل واجهت صعوبات في طرح أسلوبك الفني؟
كل شيء جديد عند ظهوره يواجه صعوبات، والصعوبات دائماً جزء أصيل من الحياة اليومية، خصوصاً في مجال الفن، فهو مجال صعب وزاخر بالصراعات والمنافسة على عكس ما يظن أغلب الناس.
في ظل التباعد الكبير بين الملاكمة والرسم، كيف تمكنت من الدمج بينهما؟
حاولت غمس قفازات الملاكمة في الألوان واستخدامها على اللوحات البيضاء. من خلال هذه الطريقة المبتكرة أردت ان أحافظ على إحساسي خلال مباريات الملاكمة بتوجيه يدي بقوة، ولكن من أجل الرسم وليس الضرب.
وقد قدمت أسلوباً عفوياً جمع الكثير من الدقة والقوة في الوقت نفسه.
وبسبب هذا الأسلوب بالطبع، كانت هناك العديد من المخاطرة في وضع نفسي في موقف تقييم كملاكم يحاول أن يصبح فناناً، ولكن ذلك لا يشغلني، فقد علمنا تاريخ الفن في مختلف الثقافات أن الغلبة دائماً للبساطة. علماً أن تلوين اللوحات البيضاء بضربها بقفازات الملاكمة المحملة بالألوان عملية إبداعية تحمل في طياتها قوة البساطة.
كما كانت هناك مخاطرة من ظهور أسلوبي كفعل تمثيلي مصطنع، وأنا حرصت على تجنب ذلك. كل ما أردته هو تحقيق ترابط بين جسدي واللوحات التي أرسم عليها من خلال حركات الملاكمة النبيلة والتعبير عن هذا الترابط من خلال الألوان.
ومن الصعب حالياً على أي فنان أن يجعل من نفسه خامة أصلية تدوم لسنوات طويلة في ظل استهلاك معظم الأساليب في الرسم عبر القرون الماضية.
ومن الصعب أيضاً العثور على طريقة جديدة للرسم وسط انتشار الفنون المختلفة للصور في ظل التقدم التكنولوجي الحالي. لهذا حرصت على إتقان أسلوبي لتكتسب لوحاتي عمراً طويلاً ومكانة متميزة من خلال قوة هذا الأسلوب وتفرده.
أين ومتى أقمت معارضك؟
عام 2009 أقمت معرضي الفردي الأول في اليابان، وعام 2011 شاركت بالمعرض الرقم 54 الذي تنظمه مؤسسة الفنون الايطالية "فينيس بينالي" بجناح الفن الايطالي التابع لها، كما شاركت في معرض فنون الشوارع بلندن الذي نظمه "فرانك مالت" وهو فنان ومصور جرافيتي عام 2013.
وأقمت أول معرض حي لي بعنوان "بريك ثرو Break Through " أو "نقطة ضوء" بصالة "كونتيني" بلندن، وللمرة الثانية عرضت "بريك ثرو" في مدينة ميامي بصالة عرض الفنون المعاصرة "روسينبيوم".
وبين مدن روما، بافيا، ميلانو، بريشا، باجولينو، كونتي روسو، سكورزي، كومو، رافينا، مانتوفا، بولجونا، برجامو، أقمت وشاركت بـ50 معرضاً.
وفي لندن، أقمت معرضاً بعنوان "مكعب الألوان" بشارع بريك لين، ومعرضاً باسم "ستارت" بصالة عروض "ساتشي" وآخر بقاعة "ووب" للفن المعاصر بمدينة لوجانو بسويسرا، ومعرضاً جماعياً صيفياً بمدينة إيبيزا بإسبانيا، ومعرضاً بقاعة "ارت ستيدج" بسنغافورا، ومعرضاً تحت رعاية مؤسسة جون كيندي للفنون بأوروبا بمقاطعة "هانجار" بمدينة ميلانو عام 2011 وغيرها.
#action=share
وعام 2015 عُرضت مجموعة مختارة من أعمالي في معرض "بريك ثرو" بقاعة "ايكسبيشن كاتالوج" بلندن ومعرض فنون الشوارع من تنظيم فرانك مالت بالصين عام 2012. وقبل ذلك أقمت معرضين مهمين، الأول في ميلان في ختام شهر سبتمبر المطل، والثاني في نيويورك في نوفمبر المقبل.
هل أنت مطلع على أخبار الفنانيين المصريين؟
أنا مشغول دائماً في هذه الفترة ولا أملك الوقت الكافي للمطالعة ومتابعة أخبار الرسامين والفنانين. رغم ذلك أتطلع بشغف للفن المصري.
#action=share
هل تخطط لزيارة مصر قريباً وطرح أعمالك الفنية هناك؟
أحب ذلك.
هل حصلت على تقديرات وجوائز أخيراً؟
رُشّحت لجائزة "كايرو برايز Cairo Prize " وهي جائزة إيطالية رفيعة المستوى، كما تم اختياري في القائمة النهائية لجائزة "هينروكس". وعن إنجازاتي السابقة فقد أختير عدد من أعمالي لتشارك في معرض مهم في فينيسا بينالي وجرى نشر أعمالي في كتاب بلندن.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...