شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
Knockout Game، لعبة الموت التي تسلّي المراهقين

Knockout Game، لعبة الموت التي تسلّي المراهقين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 16 أبريل 201505:06 م

هذه هي اللعبة الأخطر التي يمارسها المراهقون في شوارع العواصم الكبرى في أيامنا المعاصرة، والتي تدفع شاباً مراهقاً إلى الاعتداء على أحد المارّة المجهولين في الشارع، ليوقعه أرضاً بلكمة واحدة، فقط بهدف أن يسلّي نفسه وأصدقاءه. اعتداءات عدة تسجّل في عواصم مختلطة، والإعلام يشدّد تسليطه الضوء على تلك القضايا، لكن السؤال الذي يطرح هنا: هل فعلاً يتم انتقاء الضحايا عشوائياً، أم خلف تلك اللعبة تقف دوافع عرقية وعنصرية جدّية؟

“knockout game” هي إحدى التسميات التي أعطاها الإعلام الأميركي لاعتداءات توقع أرضاً ماراً مجهولاً بضربة قبضةٍ حديدية واحدة، فتتركه في مصيرٍ يتراوح بين الندوب الجسدية والعقد النفسية وحتى الموت. تلك اللعبة أخذت تشتهر في الولايات المتحدة منذ بضعة أعوام، وأخذت تنتشر في بريطانيا وبعض العواصم الأوروبية. ينقسم الإعلام بين من يرى في هذه الظاهرة المميتة محاولة لنشر البلبلة في الشوارع، وبين من يعتبر أنها مجرد اعتداءات دافعها العنصرية، مثل أي اعتداءٍ عنصري آخر. مهما كانت التحليلات التي تتناول اعتداءت الـknockout game، الأفلام التي تظهرها معروضة في مختلف المواقع الإلكترونية، ومنها ما تمّ تصويره من قبل المعتدين، كعلامة فخرٍ بعملهم الهام!

منذ بضعة أيام حذّرت شرطة Worcester في Massachusetts سكان المنطقة من اعتداءات knockout game، بعد أن وقعت 3 حوادث خلال الشهر الماضي في شوارع المدينة. إحدى الضحايا رجلٌ يدعى David، عانى من 5 كسور في وجهه وخسر بعض أسنانه. يغلب الحديث في الإعلام الأميركي على أنّ تلك “اللعبة” ممارسة بالإجمال من قبل مراهقين أفريقيين أميركيين، غير أن دايفيد مثلاً، المعتدى عليه، كان أفريقياً أميركياً. هل تتحول اللعبة، على يد الإعلام، إلى انتقامٍ عرقي ورغبة في تحقيق أكبر عدد من الضحايا من جنسية أو لون أو دين معين؟

في مدينة Dayton من ولاية Ohio، حيث تكاثرت اعتداءات الـknockout game، طالب المدعي العام في إحدى القضايا Mat Heck، بالحكم على المراهقين الموقوفين بتهمة الاعتداء أكثر من مرة على رجلين أحدهما شخصٌ مشرد، كأشخاص بالغين، ما يعرضهم للسجن لمدة تتراوح بين 2 و8 أعوام. المراهقون هم تلاميذ في مدرسة للفن، صوّروا مقاطع فيديو لحوادث الاعتداء وتبادلوها مع تلاميذ آخرين، قبل أن تضع معلمة يدها عليها وتسلمها للشرطة المحلية.

قصص الـknockout تجتاح المدن الكبيرة في الولايات المتحدة، والهلع يصيب الدول المجاورة والشاهدين على الاعتداءات في شبكات التواصل الاجتماعي. ردّاً على ذلك، دعى موقع huffington post، شهر نوفمبر الماضي، قرّاءه إلى عدم تصديق كل ذلك الضجيج الإعلامي الذي يحيط بتلك اللعبة، والذي تم تصميمه لإحداث هستيريا جماعية وتشكيل حالة تأهب دائمة في وجه العصابات المؤلفة من شبان أفريقيين أميركيين، يشاركون في ما يسمى “knockout game”. الموقع يبرّر موقفه من خلال تحليل الفيديوات القليلة الموجودة على الإنترنت، ومقارنة كيفية تعاطي كل وسيلة إعلامية مع الأمر، وفق المدينة التي يصدر منها الخبر.

هكذا تذاع الأخبار التي تدلّ على شبان أفريقيين أميركيين من Brooklyn يبحثون عن يهود في الشوارع للاعتداء عليهم، وآخرين يعتدون على نساء في San Diego المدينة الملاصقة لحدود المكسيك، وغيرها من القصص التي تحوّل خوف المشاهد من "مصطلح" القاعدة إلى مصطلح جديد يعم الشوارع هو "knockout game".

ينظر الموقع للأمر على أنه نوع آخر من أساليب البلطجة العديدة، وأن الإعلام الأميركي اخترع لتلك الجرائم المعتادة هوية تناسب موضة اليوم. بما أنها تنتقل من مراهق لآخر ومدينة لأخرى، هي تسمح للشرطة بتدريج كافة أنواع الجرائم في خانة معينة.

يورد الموقع أساليب مختلفة للاعتداءات التي تعرفها كافة المجتمعات، منها الاعتداء على المثليين في حقبةٍ سابقة والنساء المحجبات بفورة غضب 11 سبتمبر، وقبعات اليهود، والمهاجرين المكسيكيين، وما يسمى بيوم الاعتداء على العبيد أو “Kill Nigger Day”، وغيرها من الممارسات التي تذكرنا بالكوكلوكس كلان KKK، والتي لا ينبغي إنزالها تحت عنوان لعبةٍ يمارسها الشباب. تلك اللعبة التي تسبب الهلع قد تزيد من العنف الموجود في الشوارع، وبالأخص لدى الأفراد الذين يشعرون بالتهديد، إذ تُحول المجموعات الأفريقية الأميركية مثلاً إلى هدف جديد، وتزيد الخوف من "أولاد الإرهاب" المرتبطين بالمنظمات الإسلامية، وكأن تلك اللعبة الإعلامية مفبركة لتشريع العنصرية من جديد بحجة الدفاع عن النفس.

الخبر الأخير الذي تناول قضية لعبة knockout في الولايات المتحدة صدر منذ أيام عن صحيفة NY Daily News، التي أكدت أن الاعتداءات الممارسة ضد اليهود في نيويورك تفاقمت بثلاثة أضعاف في العام 2013، منها 7 حالات صنّفت على أنها ضحايا للعبة knockout. تلك الحوادث المعادية للسامية تزداد عندما تتأزم الأمور في إسرائيل، ما يحمل إصبع الاتهام بالطبع إلى معتدين من أصول عربية.

 في 17 أبريل، تناول الإعلام الإيطالي أيضاً قضية مقتل رجلٍ في بيزا، بعد أن تلقى ضربةً حادة على رأسه وهو يمشي وسط المدينة، لكونه ربما ضحية جديدة للعبة المميتة تلك المستوردة من الولايات المتحدة. الرجل اسمه Zakir Hoassini، بنغلادشيٌّ يعمل كنادل في مطعم هندي ووالد لـ3 أطفال، توفي بعد 24 ساعة من النزاع مع الموت.

ترجّح الشرطة الإيطالية أن المعتدي شابٌ ضخم البنية إيطالي الجنسية، كان محاطاً بـ3 أصدقاء لحظة اعتدى فيها على الرجل البريء، تتراوح أعمارهم بين 25 و35 عاماً. إلى أن يتم القبض على تلك العصابة ومعرفة الحقيقة، يتساءل المجتمع البنغلادشي في إيطاليا ما إذا كان مستهدفاً من قبل فرقاء عنصريين محليين، في قصصٍ مشابهة للاعتداء الأخير.

 إن كانت knockout game لعبة إعلامية هدفها رسم الحدود العرقية والدينية، أم إهمالاً وجهلاً من قبل الباحثين في القضايا الجنائية، فإن وسائل التواصل الاجتماعي هي التي تقطف مرة أخرى نجومية الحدث، بما أنها المسؤولة عن دفع المعتدين إلى تصوير الاعتداء في فيديو خاص لنشره على صفحاتها. إنها أداة لم يكن يملكها آنذاك عناصر الـKKK.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image