المطرب إيهاب توفيق يعدكم بعلاج نهائي لمرض السكري، والممثل أحمد ماهر واثق في أنكم ستفقدون أوزانكم بمجرد تناول هذا المنتج. أما الممثل محمود الجندي فيقول لكم أن علاج آلام العظام كلها، بات ممكناً إذا جربتم هذا المنتج، وعلى لحن "والله بحبك موت يا حمادة" ترقص المطربة جواهر وهي تعرفكم إلى "أفضل مركز أطفال والسعر كمان جبار". هنا فوضى إعلانات المنتجات والمؤسسات الطبية في القنوات المصرية، وهي الإعلانات التي يراها أطباء تسيء إلى مهنتهم وتخدع الناس. ويطادرها جهاز حماية المستهلك (مؤسسة حكومية مصرية) لكن من دون قدرة فعلية على وقفها.
كيف تُصنع هذه الإعلانات؟
تبحث دائماً الشركات المسوقة منتجاتٍ طبيةً غير رسمية، والتي لا تخرج من شركات أدوية كبيرة، عن قنوات يطلق عليها "قنوات بير السلم"، وهي تعرض محتوى من دون شراء حقوق بثه. تقبل هذه القنوات أي نوع من الإعلانات من دون أن تشترط الحصول على موافقة جهات حكومية مصرية على عكس بقية القنوات المعروفة التي تبث من داخل مدينة الإنتاج الإعلامي (مقرها مدينة السادس من أكتوبر على أطراف القاهرة). غالباً ما تنفذ هذه الإعلانات شركات إنتاج صغيرة، بسبب شح الموازنة، فتخرج الصورة النهائية رديئة، أما من يظهرون في تلك الإعلانات فهم ممثلون أو مطربون لا يحصلون على أجر كبير بصفة عامة في سوق الإعلام المصرية. وهدف الشركات من البحث عن وجوه معروفة هو أن يعطوا منتجاتهم صدقية. في إعلان منتج يدعي قدرته على علاج مرض السكري بشكل نهائي، يظهر المطرب إيهاب توفيق وهو يغني، ولأن المنتج يمكن أن يُطلب في مصر والسعودية، لم ينس كاتب كلمات الأغنية أن يذكر اسم البلدين. يغني توفيق في الإعلان "مبروك لكل السعوديين بفضل رب العالمين" ويكرر الجملة بتغيير اسم البلد "مبروك لكل المصريين بفضل رب العالمين". ويذكر أهمية العلاج، ويقول: "هيقضي على مرض السكر اللي تعبنا سنين وسنين"، ويضيف: "علاجنا حصري أميركي أصلي مع خدمة التوصيل في الحال، كلمنا في دقايق تلاقيه". يقول عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك في اتصال هاتفي مع رصيف22، أن هذا المنتج يُعرض من دون تصريح رسمي، ويضلل المستهلكين. "رفعنا بالفعل قضية ضد الشركة وضد المطرب إيهاب توفيق باعتباره متورطاً في الترويج لمنتج مضلل"، يزيد يعقوب. يكمل أن الجهاز تلقى شكاوى عدة من مستهلكين اشتروا المنتج، واكتشفوا أن ليس له أي نتيجة، حتى أن هناك أشخاصاً أوقفوا علاجهم الطبي لتجربة هذا المنتج، الأمر الذي عرضهم لمضاعفات طبية.هنا فوضى إعلانات المنتجات والمؤسسات الطبية في القنوات المصرية التي يراها أطباء تسيء إلى مهنتهم
في إعلان منتج يدعي قدرته على علاج مرض السكري يظهر إيهاب توفيق وهو يغنيوحاول رصيف22 التواصل مع المطرب إيهاب توفيق للحصول على تعليق، لكنه رفض الرد على الرسائل التي أرسلها إليه الموقع على هاتفه المحمول، كما رفض الرد على المكالمات.
اخسر وزنك على مسؤولية أحمد ماهر
في سلسلة إعلانات أخرى، يظهر الممثل أحمد ماهر، مكرراً جملة "لو راجل كل" كدعاية لمنتج يدعي الإعلان أنه قادر على إنقاص الوزن في وقت سريع ومن دون تدخل جراحي أو ممارسة رياضة. الإعلان قليل التكاليف وصورته رديئة. يؤكد يعقوب لرصيف22 أن هذا المنتج أيضاً لم يحصل على أي تصريح رسمي، مضيفاً أن الجهاز قام باتخاذ إجراءات قانونية ضد الشركة التي تنتجه وجميع القنوات التي تعلن عنه. أما المطربة جواهر فقد قدمت إعلاناً آخر عن مركز طبي للولادة، ظهرت في هذا الإعلان، وهي ترقص على كلمات جديدة للحن أغنية قديمة وشهيرة لها تحمل عنوان "والله بحبك موت يا حمادة". تقول الكلمات الجديدة: "أفضل مركز أطفال والسعر كمان جبار... قيصري وطبيعي كمان أنت معانا في أمان... في النيل تجميل وكمان تحاليل... مناظير أو شفط دهون النيل هو المضمون". يقول الطبيب المصري أحمد عبدالحليم لرصيف22، أن الإعلان ينتهك جميع المواثيق والأخلاقيات الطبية، ويتعجب من أن يسمح مركز طبي لمطربة أن تدخل بملابسها العادية وغير المعقمة غرفة حضانات أطفال، وتصور في غرفة السونار. "أما الأطباء الذين ظهروا في الإعلان فلا أعرف كيف قبلوا ذلك على أنفسهم"، يضيف عبدالحليم. في إعلان منتج طبي آخر، ظهر الممثل محمود الجندي، مروجاً لمنتج يزعم أنه علاج لآلام العظام، وحتى يقنع الجندي الجمهور بشراء المنتج استخدم عبارات دينية. يقول الجندي في الإعلان حين تجربون المنتج سترتاحون عليه ووقتها ادعوا لي، ويضيف أن المنتج سيفيد من يريد أن يسجد لله من دون ألم.إعلانات تتحدى القانون
ما سبق هو مجرد نماذج من عشرات الإعلانات التي تعرض في قنوات مصرية غير رسمية، يقول جهاز حماية المستهلك أن هذه المنتجات كلها لم تحصل على تصاريح تثبت فاعليتها، وتستخدم لغة مضللة. يومياً، يتلقى الجهاز شكاوى من مواطنين يقولون أنهم تعرضوا للنصب بعد شراء هذه المنتجات. الصعوبة في وقف هذه الإعلانات بحسب الجهاز هو أن القنوات التي تعرضها لا مقر معروفاً لها، فهي قنوات غير رسمية ولا تبثّ من مدينة الإنتاج الإعلامي، بالتالي هناك صعوبة في الوصول إلى المسؤولين عنها لمحاسبتهم. تتحدى هذه الإعلانات قرار وزير التموين والتجارة الداخلية المصري الذي يحمل الرقم 113 لعام 1994 وهو القرار الذي يحظر تداول السلع المجهولة المصدر. وتنص المادة السادسة من قانون حماية المستهلك المصري، على أن "على كل معلن أو مورد إمدادَ المستهلك بالمعلومات الصحيحة عن طبيعة المنتج وخصائصه، وتجنب كل ما قد يؤدي إلى الوقوع في الخطأ".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...