هناك نوعان من النساء: الأمهات وغير الأمهات.
يمكنني الآن أن أقول إني أصبحت متيقنة من انتمائي للجزء الثاني من المعادلة. أيّ مهما حاولت أن أجمّل الأشياء من الخارج، ففي قرارة نفسي أعرف أني لم أولد لأكون أماً. ويبدو لي أن كل النساء اللواتي أعرفهن، لا سيما في عائلتي، ولدن ليكن أمهات.
لكني مع ذلك واثقة من أني لست الوحيدة التي قد أكون أعاني من خطب ما بجيناتي منعني من الشعور الأمومي. لا بل هناك الكثيرات، لكنهن قابعات في أنفاقهن المظلمة، ولا نعرف عنهن شيئاً.
ما زلت حتى الآن لا أفهم ما هي اللذة في أن أكور في جسدي طفلاً يشاطرني كل شيء حتى الهواء الذي أتنفس. ثم أتألم لألده من رحمي، وابتداءً من تلك اللحظة يعلن هذا المستعمر الجديد امتلاكه جميع الحقوق ليلغيني. لتصبح الأنا، هو. على الأرجح هذا ما يجعلني على صراع دائم مع ابنتي. لأني أشعر أنها تنهش من جسدي وروحي لتحيا هي.
لم أقل طبعاً مشاعري هذه لإحد. فكيف لي أن أفسر أني بالرغم من عشقي لابنتي: لم يمر علي يوم إلا وأنا أحلم بحياتي التي سبقت ولادتها. وهنا يكمن أبشع وأغرب صراع على الإطلاق. فكيف أحبها وأكره أن أكون أماً؟
أنا واثقة من أني لست الوحيدة التي قد أكون أعاني من خطب ما بجيناتي منعني من الشعور الأمومي. هناك الكثيرات، لكنهن قابعات في أنفاقهن المظلمة، ولا نعرف عنهن شيئاً.
كيف لي أن أفسر أني بالرغم من عشقي لابنتي: لم يمر علي يوم إلا وأنا أحلم بحياتي التي سبقت ولادتها. وهنا يكمن أبشع وأغرب صراع على الإطلاق. فكيف أحبها وأكره أن أكون أماً؟على الأغلب أنا كما يقول زوجي: امرأة فاشلة على جميع الأصعدة. وقد أكدت قوله هذا جارتي في المبنى عندما قالت لي إن المرأة التي لا تعتني بنباتاتها لا يمكنها أن تعتني بأطفال. أصابتني هذه الجملة بالصميم. تذكرت تلقائياً، كيف أني لم أنجح لمرة واحدة بإبقاء أزهار الغاردينية التي أعشقها حية بمنزلي. أصبت باكتئاب حاد يومها. وتذكرت كيف كانت تسألني ابنتي لماذا لست أماً كباقي الأمهات؟ لماذا أنا نحيلة جداً؟ لماذا لا أجيد طبخ الكبة والورق عنب؟ لماذا ولماذا ولماذا. حاولت جاهدة أن أغير من نفسي. بين فترة وأخرى أقرر أن أبدأ من جديد. اليوم على سبيل المثال عندما قررت أن أحتفل بقدوم الشتاء بطبق من شوربة العدس قال لي زوجي على الفور "ينقصها الملح والكثير من السمن". فلم أُعلق. عشرون سنة جعلتني أخرج بقائمة ملأى بالأشياء التي أكرهها بزوجي. قد يكون الزواج أكبر حماقة ارتكبتها بحق نفسي وبحق ابنتي. أنا كما يعرفني الجميع قوية، ولدي قدرة عالية على التأقلم مع المصاعب. لكني أضعف في بعض اللحظات، وينتابني شعور كبير بالعزلة والبكاء لساعات طويلة. تأتي ابنتي دائماً لتقطع لحظات الحزن وتدخل غرفتي لتطلب مني شيئاً، فأكفكف دموعي سريعاً وكأن شيئاً لم يكن. في تلك الأيام خاصةً اكتشفت أن حتى الحزن ميزة جوهرية فقدتها عندما أصبحت أماً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومينأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومينحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 6 أيامtester.whitebeard@gmail.com