وجّه دونالد ترامب ضربة قاسية جداً للشعب الفلسطيني أمس، من خلال الاعتراف رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل ومباشرة إجراءات نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
بهذا تكون الولايات المتحدة أول دولة تعترف بـالقدس عاصمة لإسرائيل.
الانتهكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين واقع مستمر، يعود تاريخه إلى ما قبل النكبة. ألقي الضوء مؤخراً على فصل من فصوله: محاولات إسرائيل لتغييب التاريخ البصري للشعب الفلسطيني من خلال الاستيلاء على الممتلكات الفلسطينية المتعلقة بالأفلام والصور التي تشكل الذاكرة البصرية للفلسطينيين.
دفن ممتلكات فلسطينية في الأرشيف الإسرائيلي
بعد محاولة طمسها لعدة سنوات لكونها لا تتوافق مع الرواية الإسرائيلية للصراع، أبصرت بعض الصور النادرة التي توثق عقوداً من التاريخ الفلسطيني منذ العام 1948 وما بعد النكسة، النور في فيلم جديد من إعداد الباحثة في التاريخ البصري رونا سيلا. قضت سيلا، المحاضرة في جامعة تل أبيب، سنوات طويلة تبحث عن الأرشيف البصري الفلسطيني لتكتشف في نهاية المطاف أن الأرشيف الإسرائيلي يحتوي على "كنز" من المواد البصرية الفلسطينية. جمعت الباحثة بعض هذه الصور والأفلام الفلسطينية لصنع فيلمها "المنهوب والمخفي: الأرشيف الفلسطيني في إسرائيل"، وهو وثائقي باللغة الإنكليزية يتضمّن مقاطع غير معروضة وبعض المحفوظات الفلسطينية في بيروت، والتي "تم محوها من الوعي والتاريخ"، حسب قول سيلا. لم يكن الوصول إلى الأرشيف الفلسطيني "المدفون" مهمة سهلة بالنسبة إلى سيلا، إذ تطلب الوصول إلى هذه المحفوظات الاستعانة بشبكة علاقات واسعة. وفي العام 2000 طلبت الحصول على إذن لفحص المواد البصرية، إلا أن طلبها قوبل بالرفض والإنكار على اعتبار أن ما تطلبه ليس في حوزة إسرائيل. غير أن سيلا كانت مصممة على "النبش" في هذا الكنز الفلسطيني الثمين، خاصة أنها تمتلك أدلة موثوقة وشهادات من قبل جنود إسرائيليين تثبت وجود هذه المحفوظات. وبالفعل تمكنت الباحثة من الوصول إلى أرشيف منظمة التحرير الفلسطينية للتصوير الفوتوغرافي والتي كانت إسرائيل قد أدرجته ضمن خانة "المواد السرية".التلاعب بقضية الشعب الفلسطيني وتاريخه
تكسب هذه المواد الفلسطينية أهمية كبيرة نظراً لتأثيرها على الرأي العام من خلال سرد قصة وتاريخ الشعب الفلسطيني ونضاله بوجه الاحتلال. وبعد البحث والتدقيق اكتشفت سيلا أن الأرشيف الفلسطيني يقدم رواية بديلة للرواية التي حاول الصهاينة تقدميها عن الشعب الفلسطيني لفترة طويلة، خاصةً من خلال إنكار الوجود الفلسطيني ومحاولة تصوير الجيش الفلسطيني بمظهر الضعيف والمستسلم. [caption id="attachment_129654" align="alignnone" width="700"] صورة لمجهول لاحتفال فلسطيني في ملعب في يافا[/caption] على مر التاريخ، قام الصهاينة بتصوير فلسطين على أنها "أرض من دون شعب" ومن خلال إخفاء هذا الكمّ الكبير من الصور والأفلام التي تروي بطولات الشعب الفلسطيني، حاولت السلطات الإسرائيلية محو الذاكرة وإعادة كتابة رواية جديدة وفق مصالحها الخاصة ومنظورها، وهو أمر لاحظته سيلا، التي تتحدث عن مرورها بتجربة شخصية مماثلة مع قيام النازية بمحو الذاكرة اليهودية في المانيا: "كإبنة لناجين من المحرقة نشأت في منزل بدون ذاكرة تاريخية فوتوغرافية... يبدأ تاريخي بلقاء والديّ في عام 1950، لدينا صور من ذلك التاريخ وحسب، أما قبل ذلك، فلا شيء على الإطلاق، أعرف جيداً معنى ألا يكون لديكم أي فكرة عن شكل جدتكم أو جدكم، أو طفولة والدكم، ويصح هذا أكثر على تاريخ شعب بكامله".غيض من فيض
كان من الممكن أن تحظى السينما الفلسطينية بإمكانات أضخم لو لم تكن هناك أجزاء مغيّبة ومخفية عن عيون العالم. فالصور والمواد البصرية تساهمان في بناء الوعي والهوية الوطنية، ولطالما أثارت الأفلام الفلسطينية الرأي العام وحصلت على جوائز عديدة على الصعيد الدولي، رغم الحرب التي تشنها إسرائيل على الفنانين الفلسطينيين. بحسب موقع "972 ماغ"، الاستيلاء على الثقافة البصرية الفلسطينية هي محاولة أخرى من قبل إسرائيل للسيطرة على السرد التاريخي ومحو تاريخ الشعب الفلسطيني، إلا أن بعض الأفلام الناجحة مثل فيلم "سيلا" يثبت أن السينما الفلسطينية لم تتوقف يوماً عن إيجاد أفكار مبتكرة وسط عزم المنتجين الفلسطينيين وإصرارهم على توثيق قصصهم البطولية في مقاومة الاحتلال. ولفت الموقع إلى أن "سيلا" نجحت في إبراز فلسطين كمجتمع عربي متقدم بلغة سينمائية تلمس قلب كل فلسطيني وتجبر الإسرائليين على الشعور بالعار جراء طمس الحقائق وسرقة الأرشيف الفلسطيني الذي يكشف للعالم فصلاً مخفياً من التاريخ الفلسطيني. https://soundcloud.com/ottoman-history-podcast/the-politics-of-1948-in ويشير مقال تحت عنوان "تسييس النكبة في الأرشيف الإسرائيلي"، إلى النهج الذي اعتمدته إسرائيل لناحية إعادة تصنيف وثائق من الثمانينيات بناء على ما جاء في مقابلة مع المؤرخ التاريخي شاي هازكاني في العام 2014، أوضح فيها أن هذه الوثائق خرجت إلى الضوء في التسعينيات مع بعض المؤرخين الجدد أمثال "بيني موريس" في كتابه "مولد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين"، وأفي شليام في "الجدار الحديدي"، وهيليل كوهين صاحب كتاب "العرب الجيدون" وإيلان بابيه في كتاب "التطهير العرقي لفلسطين". وبالرغم من أن هذه الكتب أحدثت ضجة بعد أن رفعت النقاب عن الأحداث التي أدت إلى قيام الجيش الإسرائيلي بطرد الفلسطينيين خلال حرب 1948، إلا أن السلطات الإسرائيلية تواصل الترويج لفكرة أن الفلسطينيين غادروا الأرض من تلقاء أنفسهم. وفي محاولة لإسدال الستارة عن الحقائق تقوم الرقابة العسكرية الإسرائيلية بإحكام قبضتها على الوثائق الرسمية وإعادة تصنيفها وإغلاق جزء كبير من الأرشيف وتصنيفها في خانة "السري للغاية"، وذلك بهدف "تسييس" النكبة الفلسطينية وفق المنظور الإسرائيلي. وضمن مسلسل الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأرشيف الفلسطيني، سبق أن قام المخرج الإسرائيلي "باني برونر" بإنتاج فيلم في العام 2012 بعنوان: "أعظم سرقات الكتب"، الذي يسلط الضوء على قيام إسرائيل بنهب عشرات الآلاف من الكتب في فلسطين (30 ألف كتاب من القدس و30 ألفاً من حيفا وجافا) مع ورود تفاصيل كثيرة تتحدث عن الطريقة الممنهجة التي كانت تقوم عليها هذه السرقات، إضافة الى قصص وروايات مثيرة جاءت على لسان بعض الشهود الفلسطينيين والإسرائيليين.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...