شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
الترويج للفكر الصهيوني بين المثقفين اللبنانيين... زياد عيتاني مُدان؟

الترويج للفكر الصهيوني بين المثقفين اللبنانيين... زياد عيتاني مُدان؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الاثنين 27 نوفمبر 201706:27 م
أدى خبر توقيف الممثل المسرحي زياد عيتاني بشبهة التعامل مع العدو الإسرائيلي، إلى إشاعة حالة عامة من الذهول لدى جميع من كان حاضراً أثناء تلقينا هذا النبأ المشؤوم. وقتذاك، قال أحد زملائي في العمل بدهشة: "توقيف الممثل ز.ع، أيعقل أن يكون نفسه زياد الذي نعرفه؟" للوهلة الأولى، كذّب جميعنا الخبر، "لا بد أن هناك لغطاً ما". ربما البعض يريد تشويه سمعة زياد للنيل من نجاحه، أو ربما الموقع الإلكتروني الذي كان في صدارة الإعلان عن التوقيف لم يكن مهنياً في نقل الخبر، ثمة خطأ في مكان ما، بكل تأكيد. الخبر كان ثقيلاً جداً ومحزناً لأقصى الدرجات، إذ سرعان ما توالت الأخبار عن زياد وسبب توقيفه، في جميع الوسائل الإعلامية، ما شكل صدمة لجميع محبيه ومتابعيه الذين وصفوا هذا النهار بالأسود والحزين. ليس لأنهم تثبتوا من حقيقة ما نشر. بل لسبب أساس هو أن عائلة زياد الكبيرة عاشت كابوس التهمة قبل عائلته الصغيرة التي نالت الكثير من التعاطف والحب في ساعات قليلة. في هذه الأثناء، امتلأت صفحات السوشيال ميديا بمواقف أظهرت انقساماً حاداً في الأراء، بين من دانَ زياد وأسقط عليه حكم عميل لأن أمن الدولة لم يكن ليوقف أحداً قبل إثبات إدانته، وبين من دافع عنه مشككاً في كل ما نسب إليه، فيما نادت قلة قليلة بالتريث حتى تتضح الحقيقة.

من هو زياد عيتاني؟

INSIDE_ZiadItaniINSIDE_ZiadItani هو كاتب وممثل مسرحي من مواليد بيروت 1975، متزوج ولديه طفلة وحيدة. عمل سابقاً في الصحافة الورقية والإلكترونية، قبل أن يعتنق طريق الفن. انطلاقة مشواره الفني كانت مع مسرحية "بيروت-طريق الجديدة"، ومن أعماله أيضاً "بيروت فوق الشجرة" و"بيروت بيت بيوت"، وشارك في برنامج "بي بي شي" الذي عرض عبر قناة الـ"ال بي سي" ثم غادر بعد فترة قصيرة.

القصة

ما هي إلا ساعات قليلة على انتشار خبر توقيف عيتاني بجرم التخابر والتواصل والتعامل مع إسرائيل، عصر الجمعة 24 نوفمبر، حتى صدر عن المديرية العامة لأمن الدولة بيان قالت فيه أن توقيف عيتاني في 23 نوفمبر، أتى بعد قيام وحدة متخصصة من أمن الدولة برصد ومتابعة عيتاني على مدى شهور، داخل الأراضي اللبنانية وخارجها، وبأنها بذلك تمكنت من إنجاز عملية نوعية استباقية في مجال التجسس المضاد. وأضاف البيان أن عيتاني بعد مواجهته بالأدلة، اعترف بما نسب إليه، وأقر بالمهمات التي كُلّف بتنفيذها في لبنان، منها رصد مجموعة من الشخصيات السياسية الرفيعة المستوى، وتوطيد العلاقات مع معاونيهم المقربين، بغية الاستحصال منهم على أكبر كم من التفاصيل المتعلّقة بحياتهم ووظائفهم والتركيز على تحركاتهم، كذلك السعي إلى معلومات موسعة عن شخصيتين سياسيتين بارزتين، سيتم الكشف عن هويتيهما في بيانات لاحقة. والعمل على تأسيس نواة لبنانية تمهد لتمرير مبدأ التطبيع مع إسرائيل، والترويج للفكر الصهيوني بين المثقفين. وتزويد المُشغّلة، وتدعى كوليت، بتقارير حول ردود أفعال الشارع اللبناني بجميع أطيافه بعد التطورات السياسية التي طرأَت خلال الأسبوعين الفائتين على الساحة اللبنانية. ويُشار إلى أن ملف الموقوف يشرف عليه القضاء المختص.
قصص العملاء لا تنتهي في لبنان، لكن الكثير منها يمر مرور الكرام... هذه هي المفارقة بالنسبة إلى زياد عيتاني الذي أحببناه وصفقنا له ورأينا فيه فناناً جميلاً
هنالك من حكم على زياد قبل صدور حكم القضاء الذي له الكلمة الفصل لتحديد أكان زياد عميلاً أم مظلوماً
وفق الروايات التي راجت من تسريبات أمنية فور توقيفه، فإن زياد على علاقة بفتاة في الثلاثين وصفها خلال التحقيقات بأنها بيضاء طويلة ذات شعر أسود وعينين خضراوين اسمها كوليت تعرف إليها عبر فيسبوك في العام 2014، اعتقد أنها سويدية في بادىء الأمر، ليكتشف لاحقاً أنها ضابطة إسرائيلية. وفي آخر اتصال بينهما كانت تنوي القدوم الى لبنان. وفق التسريبات، اعترف زياد بأنه عقد بضعة اجتماعات مع عدد من الضباط الإسرائيليين في أكثر من مكان، لا سيما في تركيا. كُلّف خلالها بالتقرّب من وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والوزير السابق عبد الرحيم مراد، كما حكي عن تحويلات شهرية راوحت بين 500 و1000 دولار أمريكي، كانت تصله من كوليت من أجل تحسين مظهره الخارجي. فيما انتشر تسجيل صوتي لزياد أرسله لبعض من سأل عنه، بأن لا داعي للقلق وسيخرج بعد عشرة أيام. هنالك من رجّح فرضية أن يكون زياد قد أُستدرج إلى علاقة عاطفية مع الضابطة ابتزته بعدها من خلال شريط مصور أو ما شابه. وهو ما دفعه للرضوخ لطلباتها، كما تعرض عدد من الشبان لعمليات ابتزاز منظمة في المدة الأخيرة. ولكن جميع هذه الروايات، والتسريبات، والفرضيات، التي ظهرت في اليوم التالي لإشاعة الخبر، ولا تزال غير مثبتة وغير كافية لأن نبني مواقفنا على أساسها، بانتظار أن يقول القضاء المختص كلمته في هذه القضية. ومن ثم توقفت جميع التسريبات، وسيعقد المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا مؤتمراً صحافياً يوم الثلاثاء المقبل، للحديث عن القضية بعد اختتام الملف. INSIDE_ZiadItani2INSIDE_ZiadItani2

مع أو ضد؟

هذا البيان، وهذه الروايات جميعها محل تشكيك من قبل كثيرين اعتبروا أن ما يقال أقرب لاختراع ملف، وأن في البيان ثغرات كثيرة، وأنهم لا يصدقون ما نسب إلى زياد لأنهم يعرفونه جيداً. وقال آخرون أن اعترافات زياد، إن صحت، ربما جرت تحت الضغط. في المقلب الآخر، هنالك من حكم على زياد قبل صدور حكم القضاء الذي له الكلمة الفصل لتحديد أكان زياد عميلاً أم مظلوماً. انطلق هؤلاء من فكرة مفادها أن لا مساومة مع العدو، وأن العمالة خط أحمر وعار، لا سيما من طرف محور الممانعة في لبنان لمجرد أن عيتاني معروف بمواقفه الداعمة للثورة في سوريا ضد النظام. وانطلق هاشتاغ العمالة ليست وجهة نظر ولا يمكن تبريرها أو الوقوف عند دوافعها، العمالة هي عار. طرف ثالث لا يمكن القول إنه محايد، إنما ينتظر تبيان الحقيقة لوضع النقاط على الحروف، وهو يرى أنه من العار إطلاق أحكام على زياد المتهم قبل ثبوت إدانته، وأن الحفاظ على هامش من الشك عند قراءة الرواية الأمنية وما تم تسريبه إلى الإعلام، ليس إدانة أو تبرئة بل مجرد تساؤلات. علّق الصحافي فارس خشان، في تغريدة على صفحته: "الخبريات المتصلة بزياد منشورة ومنسوبة إلى أمن الدولة، فيها الكثير من الغرائب والثغرات حتى يخال المرء أن الهدف ليس مكافحة الجاسوسية بل تلقين الفنانين درساً انضباطياً، بعدما نجح السينمائي زياد دويري متسلحاً بجائزة دولية من كسر إرادة المطاردة".
وفور توقيف عيتاني، كتب صديقه وشريكه في العمل المسرحي يحيى جابر في صفحته في فيسبوك: "لا نأي بالنفس لمتعامل مع إسرائيل. نفسي تعلن بكل حلاوة الروح. تفوووووووه. أنا حزين مصدوم مخدوع. هل كنت مسرحياً أم ستارة؟ تفووووووه". وكتبت الصحافية دينا ابي صعب في صفحتها في فيسبوك: "امرأة فاتنة أغوت ومن ثم جندت، القصة الأشهر في تاريخ التجنيد والعمالة تتكرر مع زياد عيتاني".

سُبحة التوقيفات

قبل حوالي أسبوعين، أُوقفت الناشطة اللبنانية جنى أبو دياب (30 عاماً)، وشكل توقيفها صدمة مدوية لأصدقائها وجميع من يعرفون نضالها في سبيل القضية الفلسطينية. وفي أكتوبر الماضي، أوقف الأمن العام اللبناني 3 شبان بتهمة التعامل مع إسرائيل. ويتردد أن هذه التوقيفات ستليها مفاجآة لدى كشف هوية الأشخاص الذين سيجري توقيفهم في الجرم نفسه، لأن بينهم أسماء معروفة، ومن هم تحت الأضواء. قصص العملاء لا تنتهي في لبنان، لكن بعضها ترك صدمة لدى الرأي العام اللبناني كزياد عيتاني، وبعضها الآخر مر مرور الكرام، ليس لناحية التعامل مع العدو كجرم وكقضية إنما لجهة الأشخاص الذين لا تربطهم بنا أية معرفة أو علاقة. وهذه هي المفارقة بالنسبة إلى زياد، الذي أحببناه وصفقنا له ورأينا فيه فناناً جميلاً وعظيماً، وإذا ثبتت إدانته، فسيترك ذلك آلاماً في نفوس كثيرين.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image