شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
هل يمكن أن يكون السيلفي باعثاً الشعورَ بالسعادة؟

هل يمكن أن يكون السيلفي باعثاً الشعورَ بالسعادة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 24 نوفمبر 201703:12 م
  غالباً ما توصم الأجيال الحديثة بأنها الأكثر "أنانية" و "حباً للذات"، ويرى بعض علماء النفس أن "هوس السيلفي" من العادات الحياتية التي ترسخ انتشار مشاعر كهذه. ليس أدل على ذلك من مشاركة أكثر من 23 مليون صورة عبر الهاشتاغ #selfie، و51 مليون صورة عبر الهاشتاغ #me، وذلك حتى حزيران (يونيو) 2013. إضافة إلى تأكيد مركز أبحاث بيو أن 91% من الأشخاص نشروا صورهم الشخصية في 2014 مقابل 79% فقط في 2006. وبينت دراسة في جامعة فلوريدا عام 2016، أن 93 مليون سيلفي تتم مشاركتها كل يوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يرى لوسي هيمن، عالم النفس السريري، أن هناك "صلة وثيقة" بين كل ما ننشره وبين حالتنا الصحية والنفسية، فمن ينشر صوراً عفوية، لا يماثل ذاك الذي يعكف على التقاط صور عدة والعمل على تعديلها أكثر من مرة قبل نشرها. تشير كلمة "سيلفي" إلى مصطلح عامي يطلق على الصور التي يلتقطها الشخص لنفسه، وتحول هذا النمط ظاهرة منتشرة بفضل الهواتف الذكية والكاميرات الرقمية ومواقع التواصل الكثيرة، وفي 2013 ضم قاموس أوكسفورد كلمة "selfie" إلى مفرداته. وعلى الرغم من تعدد الدراسات التي سعت إلى بحث دلالات التقاط الصور الذاتية لدى الأشخاص، وأيضاً انعكاسها عليهم، إلا أنها غالباً ما كانت تحذر من الجوانب السلبية لتلك الظاهرة.

السيلفي والشعور بالسعادة

لكن حديثاً، توصل باحثون من جامعة كاليفورنيا، إلى تأكيد أن "السيلفي" يساعد الأفراد على الشعور بالسعادة ويدعم مشاعرهم الإيجابية ويعزز نظرتهم إلى ذواتهم. وبعد أن طلب الباحثون من 41 تلميذاً التقاط 3 صور سيلفي كل يوم، على مدار 4 أسابيع، ومشاركتها مع أصدقائهم عبر مواقع التواصل، تبين لهم أن هذه الصور الذاتية جعلتهم أسعد، حتى حين كانوا "يصطنعون" الابتسامة من أجل الصور فقط. سجل القائمون على الدراسة تطور الحالة المزاجية للطلاب على مدار الشهر، ثم وجدوا، بحسب يو تشان، المؤلف الرئيسي لها، أن ممارسة التمارين التي قد تعزز مشاعر السعادة عبر التقاط صور السيلفي ونشرها، قد تدعم المشاعر الإيجابية لمن يلتقطونها. إلا أن كثراً من العلماء يشككون في دقة نتائج هذه الدراسة أولاً لصغر حجم العينة، ثانياً لاعتبارهم أن السبب وراء شعور أفراد العينة بالسعادة لم يكن السيلفي في حد ذاته، وإنما عاملان آخران؛ أولهما رؤية أنفسهم والابتسامة على وجوههم، والثاني مشاركة الصور مع أشخاص مقربين تفاعلوا مع صورهم بمزيد من الحب والإيجابية والدعم.
توصل باحثون من جامعة كاليفورنيا لتأكيد أن "السيلفي" يساعد على الشعور بالسعادة ويدعم المشاعر الإيجابية

دراسات مضادة

في المقابل، اعتبرت دراسة في قسم طب المجتمع بجامعة شينغهاي في الهند، أن السيلفي يخلق جيلاً جديداً مدمناً ومضطرباً، مبينةً أن هوس التقاط صور ذاتية يعد اضطراباً نفسياً، يعرف بـcomplex addiction disorder أو Selfie addiction disorder. وفي عام 2014، حددت الجمعية الأميركية للطب النفسي تصاعد الهوس بالسيلفي كـ "مشكلة جديدة للصحة النفسية"، وعرفته بأنه: الرغبة الوسواسية القهرية لالتقاط صور الذات ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. لم يأتِ هذا الأمر من فراغ بالطبع؛ إذ إنه في عام 2015، قتل 12 شخصاً كانوا يحاولون التقاط صور سيلفي "مميزة"؛ سقط 4 منهم من أماكن مرتفعة، وقتلت الثيران رجلاً يهم بالتقاط سيلفي معها، وتوفيت امرأة بحادث سيارة، والبقية دهسها قطار، ما يعني أن التقاط سيلفي "غير تقليدي" ربما يقود الأشخاص إلى الجنون والمخاطرة بحياتهم. وعلى الرغم من استبعاد دراسات تطور هوس السيلفي إلى مرض أو اضطراب عقلي، إلا أنها حذرت من آثاره "غير البسيطة"، وأبرزها الافتقار إلى العلاقات الاجتماعية الحميمة، وانخفاض الثقة في النفس، والاضطراب المرتبط بعدم تقبل شكل الجسم. كما أيدت دراسة، أجرتها جامعة ماسارك في تايلند عام 2016، حول السمات الشخصية المتعلقة بحب التقاط الصور الذاتية، التحذيرات السابقة، موضحةً أن هوس السيلفي يرتبط بشكل واضح بـ4 سمات شخصية هي النرجسية، سلوك البحث عن الاهتمام، السلوك المتمركز حول  الذات والشعور بالوحدة. أما الجانب الإيجابي الوحيد للسيلفي فهو تعزيز كشف الذات. يؤكد ديفيد فيل، المستشار في الطب النفسي في جنوب لندن، أن اثنتين من أصل ثلاث حالات تزوره بسبب اضطراب تشوه الجسم، تكون لقطات "السيلفي" السبب وراءها. دلالات السيلفي عند الرجال وبينما يظن أشخاص أن النساء أكثر تأثراً بالسيلفي من الرجال، أثبتت دراسة في جامعة ولاية أوهايو، أجريت عام 2016 على 800 رجل تراوحت أعمارهم بين 18 - 40 سنة، أن الرجال الذين نشروا سيلفي على وسائل التواصل الاجتماعي، سجلوا أعلى معدلات من سمات النرجسية والاعتلال النفسي. والنرجسية المقصودة في الدراسة التي نشرت في مجلة الشخصية والفروق الفردية، تعني اعتقاد الرجل بأنه أفضل وأذكى وأكثر جاذبية من غيره.

متى يتحول التقاط السيلفي مرضاً؟

يميز جمال فرويز، المستشار في الطب النفسي، في تصريح خاص إلى رصيف22، بين نمطين من ملتقطي السيلفي؛ أولهما "الأشخاص الذين يستخدمون السيلفي وسيلة للتحقق من مظهرهم، أي لمعرفة ما إذا كانوا قبيحين أم لا، وهؤلاء يسرعون إلى نشر أي صورة يلتقطونها لتقصي الإعجابات والتعليقات بشأنها، وتعد حالة مرضية. والثاني هو أولئك الذين يحبون تخزين مئات أو آلاف من الصور على هواتفهم، لتذكيرهم باللحظات السعيدة التي يعيشونها، من دون مشاركتها مع أحد. ويوضح فرويز أن المعدل الطبيعي لالتقاط السيلفي هو 3 صور كل يوم، ويفضل عدم نشرها في مواقع التواصل المختلفة، أو عدم التأثر بردود الأفعال عليها سواء كانت سلبية أو إيجابية، في أقل تقدير. ويتابع: "يتحول السيلفي اضطراباً وإدماناً عندما يجلس الأشخاص لساعات يترقبون ويتابعون التعليقات واللايكات على صورهم، بخاصة الذين يعانون من غرور الأنا ويشعرون بأنهم أكثر جمالاً من غيرهم أو العكس، ومن لا يمتلكون أي قدر من الثقة في شكل أجسادهم". ويختتم بالقول: "الأشخاص غالباً ما ينفرون من ذوي "الأنا" العالية؛ وبالتالي يتجنبون الذين يكثرون الحديث عن أنفسهم وينشرون صورهم بصورة مرضية، ما يفسر شعورهم بالوحدة وافتقارهم إلى التفاعل الاجتماعي.

ما الحل؟

وعلى الرغم من أن دراسة جامعة شينغهاي توضح أنه لم تتوافر بعد آلية علمية للتعامل مع اضطراب إدمان السيلفي حتى الآن، غير أنها تقترح سبلاً عدة لعلاجه منها العلاج السلوكي وتلقي المشورة من طبيب نفسي، وآخرها، في ما يخص الحالات الأكثر تطرفاً، تغيير الهاتف وحمل هاتف أقل جودة لا يلتقط السيلفي. أما فرويز فلديه قناعة بأن "الباب الذي يأتي منه الريح سده واستريح؛ أي لا داعِي لهذه الصور التي تضرنا أكثر ممّا تنفعنا."

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image