في إطار أسبوع المأكولات الإيطالية، تنظم دبي للمرة الأولى في العالم العربي مزاداً علنياً لبيع الكمأ، أو الفقع الذي يُعدّ من أثمن وألذ أنواع الفطريات الصحراوية.
سجّلوا الزمان والمكان، لعلّكم ترغبون في صرف بضع عشرات آلاف من الدولارات لتذوق حبة كمأة بيضاء، يوم الأحد 12 نوفمبر عند الساعة الرابعة ب.ظ. في فندق ومركز مؤتمرات "لو ميريديان"، بالتعاون مع المكتب الإيطالي للصناعة والتجارة في الإمارات والمؤسسة الإيطالية لاستشارات المطاعم.
اللافت أن هذا الحدث الفريد في المنطقة، سيجري في الوقت نفسه في 3 أماكن في العالم: دبي وهونغ كونغ وألبا (إيطاليا) التي تشتهر في إنتاج أجود أنواع الكمأة البيضاء.
أما إيرادات مزاد دبي، التي يتوقع أن تصل إلى نصف مليون يورو، فستذهب لمؤسسة الجليلة، وهي مؤسسة عالمية غير ربحية أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بهدف تحقيق الريادة في مجال الابتكار الطبي.
كما أعرب المدير العام لفندق ومركز مؤتمرات لو ميريديان دبي، شون بارسونز، عن اعتزازه بهذا الحدث الفريد في العالم العربي: "نحن سعداء جداً كوننا نخدم المجتمع بهذه الطريقة".
وسيستضيف المزاد شخصيات مختارة للمشاركة فيه، وستباع خمس قطع من الكمأة في المزاد العلني في دبي، في حين أن القطعة الأخيرة ستباع في المزاد في "غرينزان كافور" في ألبا.
أما بالنسبة إلى جوائز الفائزين، فبالإضافة إلى "شرف" الحصول على هذه "الجواهر البيضاء"، كشف المنظمون أنه سيحظى كل فائز بدعوة لـ8 أشخاص للاستمتاع بتناول وجبة لذيذة أعدّها أشهر الطهاة العالميين، من بينهم غاري رودز و ريف عثمان.
جوهرة للذواقة
يعتبر الكمأ من السلع الغذائية النادرة والثمينة، فهو منتج برّي لا يمكن للإنسان أن يتحكم بعملية نموه، كما أن البحث المكثف عنه وتنظيفه الدقيق وعملية نقله، كلها أمور تساهم في ارتفاع ثمنه مقارنةً بأسعار سائر المحاصيل. غير أن المشكلة تكمن في كون هذا الفطر المميز معرضاً للانقراض، خصوصاً أن المحصول السنوي انخفض من 2000 طن إلى 150 في الحد الأقصى، بسبب عدة عوامل لا يمكن التحكم بها مثل الأضرار البيئية و"اكتساح" الكمأة الصينية التي تفتقر إلى الطعم الأصلي اللذيذ. من المعروف أن العثور على الفقع ليس بالأمر السهل، خصوصاً أنه ينمو تحت الأرض بالقرب من جذور أشجار معيّنة. ويوضح موقع "مودرن فارمر" أن سرّ العثور على الكمأ يحتاج إلى كلب مدرب، إذ غالباً ما يصطحب العمال كلباً بهدف البحث عن الكمأ، خصوصاً أن له رائحةً مميزة، يمكن للكلب أن يقتفي أثره، علماً أنه في السابق، كان يتم اصطحاب الخنازير لتتبع رائحة الفطر. لكن عام 1985 تم حظر الاستعانة بالخنازير، بعدما تبين أنها تلحق أضراراً كبيرة بالكمأة وبالتربة. في المقابل يُحصد الكمأ الصيني من دون الاستعانة بالكلاب، إذ يأتي العمال ويستخرجون حبة الكمأة بطريقة عشوائية، من دون أن يدركوا فعلاً هل هي ناضجة أو لا. وعلى الرغم من أنها تباع بأسعار منخفضة، فهي ذات نوعية رديئة تضر بسمعة الكمأة الأصلية، كما يعتبر كبار الطهاة، وتطفو المشكلة على السطح حين يأتي بعض التجار ويدسون هذه الكمأة "الرخيصة" مع الكمأ الأصلي الثمين، ما يفسد التجربة لدى عشاق الطعام الفاخر. وقد تمكن المزارعون الأمريكيون بعد جهودٍ وأبحاث امتدت لقرونٍ طويلة، من زراعة الكمأة البيضاء الشهيرة من جنوب فرنسا في شمال أميركا، ولكن طبعاً مذاق كمأ العالم الجديد لا يمكنه أن يقارن بمذاق كمأ العالم القديم، وإن بإمكانه أن يرضي الكثير من الذواقة، ولكن فكروا بنبيذ العالم الجديد المنتج في الأرجنتين وأستراليا والشيلي، أترون أنه بإمكانكم أن تقارنوه بنبيذ العالم القديم، المنتج من كروم لبنان وفلسطين وجنوب فرنسا؟ بالعودة إلى الكمأة، يؤكد "فيدوني" أن الكمأ الضئيل الجودة لن يدخل مزاد دبي، إذ جرى استقطاب أرقى الطهاة الإيطاليين للإشراف بدقة على كل خطوة، مع توقعات أن تحطم منطقة الخليج العربي الأرقام السابقة لمزادات الكمأة العالمية.أسعار خيالية للكمأة في جميع أنحاء العالم
عام 2016، جرى مزاد علني في كل من مدينة فيلاديلفيا وهونغ كونغ وألبا، حيث تم بيع قطعتين من الكمأ الأبيض بوزن 1170 غراماً للشيف "تشن شيانغ دونغ" بسعر خيالي، وصل إلى 113 ألف دولار أمريكي. وحين سئل الشيف الذي كان يعدّ الطعام لرؤساء وزراء من أسبانيا واليابان وكوريا لجنوبية، عمّا يخطط لفعله بهذا الكنز الثمين قال: "سوف آكله". معلوم أن ظاهرة "الجنون بالكمأ" بدأت قبل عدة سنوات، فعام 2007 بيعت إحدى أكبر أنواع الكمأ على مدى نصف قرن مقابل 330 ألف دولار في مزاد أقيم في الوقت نفسه في مكاو ولندن وفلورنسا. ووفق موقع "سوث شينا مورنينغ بوست" فقد بلغ وزن هذه الكمأة العملاقة 1.5 كيلوغرام، أما الفائز بها فكان صاحب كازينو ماكاو في الصين "ستانلي هو"، الذي لم يحضر شخصياً بل اشتراها عبر الهاتف لزوجته الرابعة. اللافت أن هذا الفطر العملاق يعتبر ثاني أكبر ثمرة من فطر الكمأة بعد العثور عام 1954 على "فطر القرن"، الذي يزن 2.5 كيلوغرام، وحصل على "مباركة" البابا قبل أن يغادر إيطاليا، فتم تقديمه للرئيس الأمريكي السابق دوايت إيزنهاور. ولكن ما الذي قد يدفع بعض الأشخاص إلى صرف أموال طائلة لشراء حبة الكمأة التي يجب استخدامها في غضون أيام قليلة قبل أن تفسد؟ يعتبر الخبير الإيطالي في المكونات النادرة "ماسيمو فيدوني"، الذي نصب نفسه "رجل الكمأ في دبي"، بعد أن تمكن من استيراد أكبر كمأة إلى دبي يبلغ وزنها 930 غراماً وسعرها 4000 دولار، أن هذه طريقة جيدة تعتمدها الشركات في سبيل دعم قضايا رائعة ونبيلة. وقال "فيدوني"، الذي يتبعه 52400 شخص على إنستغرام، خصوصاً بعد أن شجع على استيراد الكمأ وغيرها من المكونات الثمينة في المطبخ الإيطالي: "إنها خطوة رائعة تسمح لذواقة الطعام الفاخر بالاستمتاع بالمطبخ العريق، وفي الوقت نفسه مساعدة الآخرين". وأضاف: "إقامة مزادات علنية مثل المزاد الذي تنظمه دبي للكمأ يهدف إلى تسليط الضوء على ما يقوم به عشاق الطعام الفاخر والمتبرعون الأسخياء لبلادهم".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 20 ساعةعن أي نظام تتكلم عن السيدة الكاتبة ، النظام الجديد موجود منذ سنوات ،وهذه الحروب هدفها تمكين هذا...
Tester WhiteBeard -
منذ 3 أيامtester.whitebeard@gmail.com
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 6 أيامجميل جدا وتوقيت رائع لمقالك والتشبث بمقاومة الست
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ أسبوعمقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ اسبوعينعزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...