أصبحت "صوفيا" الإنسان الآلي الأول الذي يحمل جنسية دولة في العالم؛ بعد أن منحتها المملكة العربية السعودية جنسيتها في اليوم الثاني لفاعليات مبادرة "الاستثمار في المستقبل"، والتي عقدت في الرياض يومي الأربعاء والخميس 25 و26 تشرين الأول (أكتوبر).
خلال جلسة بعنوان "ماكينات التفكير: قمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات"، أعلن أندرو سوركين Andrew Ross Sorkin، الصحافي في النيويورك تايمز ومدير الجلسة، منح صوفيا الجنسية السعودية لتحظى بحقوق مواطنة كاملة.
صوفيا تثير انتقادات للمملكة
ركزت صحيفتا الإندبندنت والبي بي سي خلال تغطيتهما الخبر، على سخرية البعض من منح المملكة روبوت أنثى حقوقاً كاملة، بينما النساء لم يحصلن على حقوقهن هناك بعد، كما نقلتا سخرية البعض من عدم ارتداء صوفيا العباءة أو غطاء الرأس وعدم وجود ولي ذكر لها كنساء المملكة. ونقلت الصحيفتان عن الصحافي مرتضى حسين تعجبه من حصول الروبوت بتلك السهولة على جنسية لم يحصل عليها العمال الأجانب الذين أمضوا جل أعمارهم في المملكة وهم يخضعون لنظام الكفالة غير المنصف.ما هي صوفيا؟
صوفيا التي تصف نفسها بأنها أعظم وأحدث روبوت أنجزته شركة هانسون روبوتيكس Hanson Robotics، مقرها هونغ كونغ، عبرت عن سعادتها بالحدث التاريخي "كأول روبوت يحمل جنسية في العالم"، وشكرت المملكة على اهتمامها "الفريد" بها معربةً عن شعورها بالفخر والسعادة. وتتميز صوفيا التي صممها دايفيد هانسون، مؤسس الشركة المنتجة، بأن لها وجهاً يشبه وجهاً بشرياً إلى حد كبير، تحديداً الممثلة الأميركية الراحلة أودري هيبورن، ويعكس وجهها تعابير ومشاعر مختلفة، ما يسهل تفاعل الأشخاص معها، بحسب موقع الشركة. وخلال حديث دار على منصة المبادرة بين الروبوت وسوركين، ردت صوفيا على بعض المخاوف من أن تحل الروبوتات محل البشر، ومن مدى قدرتها على خدمة البشرية. تحلت صوفيا بسرعة بديهة وذكاء لافت، وكذا روح فكاهة واضحة وهي تجيب: "بعيداً من أفلام هوليوود، أريد توظيف الذكاء الاصطناعي في مساعدة البشر في عيش حياة أفضل من خلال تصميم منازل أذكى وبناء مدن أفضل في المستقبل"، لافتةً إلى أنها صممت على التحلي بقيم الخير والعطف والعدل، لتحول العالم مكاناً أفضل للبشر. يشار إلى أن هذا ليس الظهور الأول لصوفيا؛ إذ سبق أن ظهرت في عدد من المقابلات التلفزيونية مع إعلاميين مثل جيمي فالون وبيير مورغان، فضلاً عن تحدثها في إحدى جلسات الأمم المتحدة حول الذكاء الاصطناعي والتنمية المستدامة.لماذا منحتها المملكة جنسيتها؟
سعت صحف عالمية كثيرة إلى استيضاح أهداف المملكة من وراء تلك الخطوة التي اعتبرتها بلا شك، محاولة من المملكة لتعزيز وجودها كبلد يهتم بتطوير الذكاء الاصطناعي والاستثمار فيه، فأشارت النيويورك تايمز في تقرير لها، إلى حزمة الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي اتخذتها المملكة، أو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تحديداً، حديثاً، لتحرير مجتمعها المحافظ في محاولة لتنويع مصادر الاقتصاد. واعتبرت الصحيفة اتجاه المملكة إلى الحديث عن الطاقة المستدامة، الطاقة الشمسية والتنمية المستدامة والاستثمار في مجال الروبوت والذكاء الاصطناعي، مجرد رسالة إلى المستثمرين ورجال الأعمال المحليين والأجانب، مفادها أن "المملكة أصبحت مكاناً مفتوحاً للاستثمار الآن". ولفتت الصحيفة، وفق خبراء، إلى أن المملكة عانت نتيجة اعتمادها الكامل على النفط منذ نشأتها واعتماد القطاع الخاص، وحتى المواطنون على إنفاق الدولة على جميع الخدمات من دون مقابل؛ ما أدى إلى الاعتماد بشكل كبير على العمالة الأجنبية. وكان من الطبيعي، مع انخفاض أسعار النفط، وتعدد نفقات الدولة بسبب دخولها في حرب اليمن، أن تتأزم الأوضاع الاقتصادية، ما دفع الملك سلمان إلى إقرار بعض الضرائب وخفض امتيازات مالية كثيرة لمناصب ولفئات كثيرة، ما أدى إلى تذمر السعوديين، فتراجع عن بعض القرارات. واعتبرت النيويورك تايمز أن رؤية 2030 التي قدمها الأمير محمد بن سلمان وتتمثل في زيادة عدد السعوديين في الوظائف المختلفة، بمن فيهم النساء، والتماس الاستثمار الأجنبي وتشجيعه، واحتكار الدول إنتاجَ النفط واستثمار عائده في قطاعات اقتصادية أخرى مهمة، ما هي إلا ترجمة لمساعي المملكة إلى التحول والتحرر من كونها بلداً معتمداً على النفط إلى دولة متعددة المورد، فاستثمرت في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا- من خلال مشروع مدينة نيوم، والسياحة - عبر مشروع البحر الأحمر، وسعت إلى القضاء على نسب البطالة المرتفعة، بتوظيف آلاف السعوديين والسعوديات وقصر العمل ببعض المهن عليهم. كما فتحت الباب للاستثمار الأجنبي في كثير من الفاعليات مثل مبادرة الاستثمار في المستقبل التي عقدت في الرياض أخيراً. إجراءات أخرى على المملكة اتخاذها وبحسب دانييل يرجين Daniel Yergin، الخبير الاستراتيجي في مجال الطاقة، فإن بن سلمان يسعى إلى إحداث تطور هائل في المملكة عبر الإجراءات الاقتصادية الأخيرة لتخطي فشل نظام الاعتماد الكامل على النفط. أما كريستيان أولريكسين Kristian Coates Ulrichsen، الزميل في معهد بيكر للسياسة العامة في ما يتعلق بالشرق الأوسط، فيرى أن بن سلمان نجح في إجراء إصلاحات اجتماعية قوية، من خلال السماح للمرأة بقيادة السيارة، وممارسة الفتيات الرياضة، وعليه الآن اتخاذ خطوات إصلاحية بالقوة نفسها في المجال الاقتصادي ربما تسبب تذمر بعض السعوديين أو لا تسير على هواهم. ويؤكد جين فرانسوا سيزينيك Jean-François Seznec، الزميل البارز في مركز الطاقة العالمي بمجلس المحيط الأطلسي، أن المملكة قد تضطر لإجراءات "قاسية" في ظل انخفاض أسعار النفط؛ منها: دفع الشباب السعودي إلى العمل في وظائف القطاع الخاص، وتقليص عدد التأشيرات المتاحة للعمالة الأجنبية، وإرغام أصحاب العمل على توفير رواتب أفضل يقبل بها السعوديون، عوضاً عن استقدام أجانب بخُمس الثمن. وإن استبعد حدوث هذه السيناريوات بسهولة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين