بعد سن الأربعين، اكتشفت الطبيبة المصرية سالي بهجت أنها ترغب في إعادة اكتشاف ذاتها. وبعد تفكير، وجدت أن هناك شغفاً في حياتها مختلفاً عن مهنة الطب، وهو نشر ثقافة الحفاظ على البيئة. سافرت الطبيبة إلى إسبانيا لتتعلم كل شيء عن الطاقة المتجددة، وعادت مرة أخرى إلى مصر لتؤسّس مشروعها الخاص (الواحة – Oasis) وهو عبارة عن مساحة مفتوحة تتيح للأطفال وطلاب المدارس تعلم كل شيء عن الطاقة المتجددة والمحافظة على البيئة. لم تعتبر بهجت العمر عائقاً أمام التعلم وتغيير المسار. لقد أدركت أنها ببعض الحماسة يمكنها تعلم مهارة جديدة، وأيقنت أن الفرصة لم تفت بعد للتعلم والنجاح، وبالفعل حقق مشروعها نجاحاً باهراً. عالمنا يحوي مئات أو ربما آلاف قصص النجاح لأناس قرروا أن يتعلموا في الكبر مهارات جديدة. لا تنسوا أبداً حين تطلبون وجبة من أحد فروع كنتاكي أن مؤسس هذا المشروع الضخم، هارلاند ساندرز، فعل ذلك بعد تخطيه الستين. كما أن هنري فورد مؤسس شركة فورد لصناعة السيارات ومالكها، ومبتكر فكرة خط إنتاج خاص للسيارات. فعل ذلك بعد الأربعين، كما أنه لم يحقق أي نجاح أو شهرة إلا بعد الخمسين. هناك أيضاً قصة جميلة لسيدة بسيطة هي بريسيلا سيتيني التي كانت عاملة فقيرة في منطقة ريفية بكينيا، وبسبب فقرها لم تدخل مدرسة ولم تتعلم القراءة أو الكتابة، وحين وصلت إلى عمر التسعين قررت أن تتعلم وتدخل المدرسة لتجلس بجانب ستة من أحفادها.
ماذا يقول العلم عن تعلم مهارات جديدة في الكبر؟
لسنوات طويلة، كان يعتقد أن التعلم في الصغر كالنقش في الحجر، وأنه كلما كبرنا في السن قلت قدراتنا على الحفظ والتعلم، وقد زاد من هذا الاعتقاد الأطفال الذين يتعلمون لغة ثانية، خصوصاً الصغار الذين يهاجرون إلى بلد جديد مع عائلاتهم، حيث يتعلمون لغة هذه البلد الذي يهاجرون إليه بطلاقة بشكل أكبر من أشقائهم البالغين وأولياء أمورهم. لكن دراسة خرجت من جامعة يورك في تورونتو، تؤكد أن تفسير الأمر قد يكون أن الأطفال لديهم ببساطة مزيد من الفرص لإتقان اللغة، لوجودهم ساعات طويلة في المدارس مع زملائهم، على عكس أهلهم وأقاربهم الأكبر سناً، والذين يكون لديهم عمل مثلاً أو اهتمامات أخرى. لو فكرتم في الأمر قليلاً لوجدتم أنه منطقي إلى حد كبير، فمن الممكن أن يتفوق عليكم طفلكم الصغير في اللغة الإنكليزية مثلاً لأنه متفرغ للدرس ويمضي في المدرسة ساعات لا تقل عن سبع، بينما لو ذهبتم أنتم إلى مركز تعليم لغات فبالكاد ستمضون هناك ست ساعات فقط في الأسبوع. إذاً، يمكن اعتبار المثل الشعبي "بعد ما شاب ودّوه ع الكتّاب"، وهو مثل يقصد به السخرية من كبار السن حين يقررون التعلم، مجرد كذبة، فالعلم يؤكد أن التعلم ممكن في أي وقت إن توافرت الشروط المطلوبة له. يظهر مقال لموقع bbc أنه على الرغم من أن هناك تحديات أكبر قد تواجه من يقررون التعلم في الكبر مقارنة بمن يتعلمون في الصغر، إلا أن العلم يؤكد أن عقولنا لا تزال لديها قدرة مذهلة على تعلم مهارات جديدة وإتقانها، مهما كانت أعمارنا. والمدهش أكثر أنه حين نقرر التعلم في الكبر، فإن هذا الأمر يجعلنا أفضل صحياً، كما أنه ينشط قدراتنا الإدراكية. يخبرنا العلم أيضاً بأن قدرة أدمغتنا على التعلم لا تتوقف، فعلم تشريح الدماغ يكشف لنا أن دماغ البالغين أكثر اتيعاباً بكثير مما كان متوقعاً، وقادر حقاً على تعلم مهارات جديدة وإجادتها. يمكنكم تطوير مهارات التعلم لديكم بممارسة الرياضة، حيث إنها تجعل أدمغتكم أكثر مرونة، إذ إنها التمارين الرياضية تساعد في التفاعل بإيجابية أكثر مع أي مهارة جديدة.الثقة... كلمة السر
حين تقررون تعلم مهارات جديدة في الكبر، فمن المهم أن تثقوا في أنفسكم، هذه الخطوة الأولى على طريق النجاح، حيث إن عدم ثقتكم في أنفسكم بسبب سخرية أشخاص منكم أو محاولاتهم إحباطكم، قد تشكل حاجزاً بينكم وبين التعلم. ويمكن اعتبار النصائح التي قالها "بيني لويس" في ما يتعلق بتعلم لغات جديدة دليلاً يفيد كل من يريد تعلم مهارات جديدة بصفة عامة، وليس اللغات فقط. يؤكد الرجل الذي يعشق السفر بجنون ويجيد التحدث بسبع لغات مختلفة منها الإسبانية والفرنسية والألمانية، أن الثقة في النفس هي كلمة السر لتعلم لغة جديدة في وقت قياسي، وغيابها يعد حاجزاً حقيقياً أمام أي شخص يريد تعلم مهارات جديدة. يظهر مقال نشره رصيف22، أن الرقص يمكن أن يساهم في زيادة ثقتكم في أنفسكم حيث يعطيكم الشجاعة للتغلب على الخوف. ينصحكم لويس أيضاً بأن "تعيشوا" داخل أي لغة بهدف إجادتها، وهو ما يمكن أن تطبقوه في كل المهارات التي ترغبون في تعلمها، فمن المهم أن تستمعوا إلى وسائل إعلام عدة تتحدث باللغة التي تسعون إلى تعلمها، وألّا تفوتكم مشاهدة أفلام والاستماع إلى أغانٍ باللغة نفسها. الأمر نفسه ينطبق مثلاً على تعلم مهارة جديدة مثل الميكانيكا. حمّلوا كتباً عن هذا المجال، وتعرفوا إلى أشخاص يجيدونه، وشاهدوا أفلاماً عنه عبر يوتيوب وهكذا. يجب ألّا تفوتكم الاستفادة من الإنترنت في التعلم، فهناك مئات الكتب المجانية والفيديوات التي يمكنها تعليمكم أي مهارة جديدة في وقت قياسي. نصيحة مهمة أيضاً يقولها لكم بيني لويس، وهي أن تكونوا حذرين من الطموحات المبالغ فيها، فلن تجيدوا لغة جديدة أو مهارة في شهر واحد مثلاً، الأمر يحتاج منكم إلى بعض الوقت والمجهود، حتى لا تصابوا بخيبة أمل. فما هي المهارة الجديدة التي يحلم كلٌّ منكم بتعلّمها؟رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 5 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين