قبل نحو عام من اليوم، تحديداً في نوفمبر من عام 2016، قال مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون الاستخبارات والأمن، الجنرال المتقاعد مايكل فلاين، أن على الولايات المتحدة أن تقف إلى جانب تركيا لأنها "في أزمة وبحاجة إلى دعمنا".
لكن، يبدو أن ما قاله فلاين في مقال نشر في وسائل إعلامية أميركية عدة، كان مجرد أمنيات. فالتوترات والأزمات السياسية بين البلدين لا تتوقف، وكان آخرها قرار تركيا وقف إصدار تأشيرات للمواطنين الأميركيين، ما عدا تأشيرات الهجرة، وهو الإجراء نفسه الذي اتخذته الولايات المتحدة في وقت سابق. في المقال الذي كتبه فلاين وحمل عنوان "حليفتنا تركيا في أزمة وتحتاج إلى دعمنا"، وصف إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، بأنها فشلت في فهم تركيا ويجب على الرئيس الجديد (دونالد ترامب) أن يعيد تشكيل السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه تركيا، وأن تصبح من أولوياته، واصفاً البلد الذي يحكمه أردوغان بأنه مهم جداً من أجل المصالح الأميركية، ومصدر مهم للاستقرار في المنطقة، وأن تركيا صديق حقيقي، داعياً واشنطن إلى تسليم أنقرة الإسلامي فتح الله غولن. لكن مقال فلاين تعرّض لهجوم شديد من وسائل إعلامية أميركية كثيرة. وكتب الباحث مايكل روبين مقالاً رداً عليه، معتبراً أن ما كتبه فلاين محاولة لتلميع صورة أردوغان الذي يعد إسلامياً متشدداً وديكتاتوراً، وداعماً متشددين في سوريا، الأمر الذي كان سبباً في عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط لا العكس. روبين اتهم أردوغان أيضاً بدعم قيادات حركة حماس الفلسطينية التي تصنفها الولايات المتحدة حركة إرهابية، رافضاً أن تسلم أميركا تركيا غولن، خصوصاً بعد فشل أنقرة في تقديم أي دليل على تورطه في محاولة الانقلاب الفاشلة فيها. يمكن اعتبار المقالين السابقين أنموذجين جيدين لإظهار التباين البارز في وجهات النظر الأميركية تجاه تركيا، فهي من ناحية تراها حليفاً وبلداً مهماً، وفي الوقت نفسه تختلف مع حاكمها الذي تصفه وسائل إعلامية فيها بالديكتاتور. المقالان أيضاً يظهران أن شخصية فتح الله غولن الذي تتهمه تركيا بدعم محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو من العام الماضي، هو سبب رئيسي للخلاف بين البلدين، فأنقرة تريد من أميركا أن تسلمها إياه، بينما ترفض الأخيرة الأمر. لا تتوقف مطالبات تركيا أميركا بتسليم غولن الذي ينفي دائماً أي علاقة له بالانقلاب، حيث طالب وزير العدل التركي عبدالحميد غل، يوم الجمعة الماضي، الولايات المتحدة بتسليم غولن، قائلاً أن أنقرة قدمت إلى واشنطن "الوثائق والأدلة كلها التي تؤكد تورّطه".
وقف التأشيرات... أحدث الأزمات
يجسد قرارا البلدين الأخيران وقف تبادل التأشيرات، ما يمكن وصفهما بالحرب الإعلامية الساخنة بين البلدين. فقد قالت سفارة تركيا في واشنطن تعليقاً على قرار وقف التأشيرات، أنها بحاجة إلى إعادة تقييم مدى التزام أميركا بتوفير الأمن للسفارة والعاملين فيها. وهو ما قالته تقريباً سفارة أميركا في أنقرة، حين اتخذت القرار ذاته في وقت سابق. التطورات الجديدة تأتي بعد اعتقال تركيا أحد الموظفين الأتراك في القنصلية الأميركية بإسطنبول، بزعم أنه مرتبط بمنظمة غولن، إلا أن واشنطن تقول أن الاعتقال حصل من دون دليل، وقد يسيء إلى العلاقات بين البلدين.لا تتوقف مطالبات تركيا أميركا بتسليم غولن الذي ينفي دائماً علاقته بالانقلاب وطالب وزير العدل التركي أمريكا بتسليمه
يجسد قرارا البلدين الأخيران وقف تبادل التأشيرات، ما يمكن وصفهما بالحرب الإعلامية الساخنة بين تركيا وأمريكاوسبقت مشكلة وقف التأشيرات أزمات عدة بين أميركا وتركيا في الشهور الأخيرة، ففي أبريل من العام الحالي، استعرت حرب تصريحات بين الولايات المتحدة وأنقرة كان موضوعها الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأرمن على أيدي العثمانيين عام 1915، حيث وصف ترامب في بيان صادر عن البيت الأبيض ما حدث للأرمن بأنه كارثة كبيرة، ويعد أسوأ الفظائع الجماعية في القرن العشرين، فردت الخارجية التركية على البيان بأنه يحمل تضليلاً ووصفاً كاذباً. أما في سبتمبر الماضي، فقد دان القضاء الأميركي مقربين من أردوغان، بينهم وزير الاقتصاد التركي السابق، محمد ظافر شاغليان، بتهمة التورط في معاملات تهدف إلى مساعدة إيران في مواجهة العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي. قبل ذلك بأيام قليلة، دان القضاء نفسه مرافقين لأردوغان بسبب اعتدائهم على متظاهرين أكراد سلميين أمام السفارة التركية، خلال زيارة أردوغان الولايات المتحدة في مايو الماضي. وفي الشهر نفسه، وافق الرئيس الأميركي على تسليح تحالف قوات سوريا الديموقراطية الذي تقوده وحدات حماية الشعب الكردية بهدف قتال مسلحي تنظيم داعش في سوريا، وهو الأمر الذي أثار جنون تركيا التي تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي تحاربه أنقرة منذ عقود وتعتبره عدوها.
المصالح تتصالح
يرى الصحافي الديبلوماسي أكرم سامي في حديثه إلى رصيف22، أن أزمة وقف التأشيرات بين البلدين قد تؤثر بشكل سلبي في العلاقات بين أميركا وتركيا خلال الفترة المقبلة، على الصعدين السياسي والعسكري، ما لم يتم احتواء الأزمة في أسرع وقت. بحسب سامي، فإن التوتر إذا لم يتم احتواؤه فقد، يؤدي إلى أزمات سياسية ستؤثر أيضاً في التعاون الاقتصادي بين البلدين، ما سيؤدي إلى تراجع سعر الليرة التركية مقابل الدولار وتعطيل الصادرات التجارية بين البلدين نتيجة وقف التأشيرات. أما على الصعيد العسكري فقد يؤدي هذا التوتر، بحسب الصحافي الديبلوماسي، إلى خلافات في تنسيق أميركا مع الدولة التركية التي تعد أبرز حلفاءها داخل حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، حيث تنسقان في التعامل مع قضايا المنطقة، لا سيما في الأزمة السورية. لكن سامي يتوقع أن يؤدي الحفاظ على المصالح المشتركة بين البلدين، إلى احتواء الأزمة من خلال المحادثات الديبلوماسية. "أميركا لا ترغب في خسارة تركيا والعكس صحيح"، يقول سامي.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع