شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
العراقيون وطقوس الفطور الصباحي المختلفة في العيد...

العراقيون وطقوس الفطور الصباحي المختلفة في العيد...

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 2 سبتمبر 201710:33 ص
لا تشمل التعددية في العراق مكوناته المجتمعية فقط، بل مستوى الطعام أيضاً وأنواعه. المطبخ العراقي متعدد الأكلات العراقية الأصل الآتية من تعدده المجتمعي، وقد صارت أيقونة ثابتة، مثل الدولمة والبرياني والسمك المسكوف والكبة الموصلية وغيرها من الأطعمة. هذه التعددية لا تشمل الأكلات فحسب، بل مواعيد تناولها أيضاً، حيث تختلف في صباح اليوم الأول للعيد. هناك من يُقدم الوجبة الخاصة بالغداء لتكون فطوراً صباحياً، وبعضٌ آخر يطبخ السمك للإفطار، بينما آخرون لديهم طقوس خاصة يكون القيمر جزءاً منها. يولي العراقيون الأكل اهتماماً كبيراً، فهو جزء من ثقافة شعبية تمزج الكرم والتفاخر بحُب الطعام، لكن لا أحد يأكل الوجبة ذاتها إذا ما زار أكثر من عائلة عراقية في صباح اليوم الأول من عيدي الفطر والأضحى.

العرب: الكاهي والقيمر

في المناطق الغربية والوسطى من العراق من ضمنها العاصمة بغداد، يقف العشرات من المواطنين صباح اليوم الأول من العيد عند كل محل مُعجنات يصنع (الكاهي)، بينما الأعداد ذاتها وأكثر تقف في أماكن تجوال النساء الآتيات من مناطق ريفية لشراء القيمر. يُفضل سُكان هذه المناطق تناول الكاهي والقيمر في صباح العيد. والكاهي من صنف المُعجنات، ويتكون من طبقات خفيفة عدة يوضع داخلها القيمر، بعد إخراجها من الفرن. وتُعتبر أكلة الكاهي والقيمر من الأكلات الدسمة. سامر الحمداني عامل في فرن معجنات بحي الجامعة شمال بغداد، يعمل في هذا المجال منذ أكثر من 15 عاماً، يقول لرصيف22: "إنني أستقبل المئات من المواطنين صباح اليوم الأول من كل عيد، ونبيع أكثر من ألف قطعة كاهي". "الناس لا يستغنون عن الكاهي في اليوم الأول للعيد، لذا في السنوات الأخيرة، صرنا نصنع الكاهي المحشو بالقيمر، حتى نُسهل على الناس عملية الشراء، لأنهم يقفون طوابير طويلة أمام محال القيمر وأفران الكاهي"، يضيف سامر الحمداني. لا يُعرف أصل أكلة الكاهي والقيمر ومتى صار العراقيون يأكلونها، وفي أي فترة ثُبتت كجزء من طقوس اليوم الأول للعيد، لكن ما هو معروف، أن البيت العراقي لا يستغني عنها كوجبة إفطار صباح اليوم الأول للعيد.

الكرد والتُركمان: التمن والمرق في الصباح

في مناطق شمال العراق، كركوك وأربيل والسليمانية ودهوك وزاخو، حيث يعيش أكراد في محافظات الوسط، لديهم طقوسهم الخاصة، فليس بالضرورة أن يكون صباح اليوم الأول فيه الكباب أو الدولمة الأكلتان الكرديتان الشهيرتان، فهناك وجبة أخرى يحرصون على تناولها في الصباح. تتكون مائدة الإفطار الصباحي في اليوم الأول داخل كل بيت كردي من التمن (الرز) والمرق المكون من أنواع، الفاصولياء، والقيسي (الطرشانة)، والبامياء. هذه الوجبة المعروفة بأنها وجبة غداء، إلا أن الأكراد يتناولونها في الصباح. تشترط هذه المائدة حتى تكون مناسبة، ألّا تخلو من عناصرها، فوجود الفاصولياء لا يسد غياب البامياء ولا القيسي يقوم بواجب طبقي المرقتين الشريكتين في هذا الصباح. "مُذ كُنت في بيت أهلي بمحافظة كركوك وزياراتنا المستمرة إلى أقاربنا وأجدادي في إقليم كردستان، كان فطور صباح اليوم الأول للعيد مكوناً من التمن والمرق، هذه هي طقوسنا التي بقيت عليها وأنا في بغداد"، تقول بُشرى مصطفى كردية تُقيم منذ 30 سنة في العاصمة العراقية. تشرح مصطفى أسباب تناول وجبة طعام دسمة وغير مُحددة في الصباح: "سمعت ذات مرة والدتي تقول هذا جزء من تغيير الطقوس الصباحية. حتى نشعر بأنه يوم غير بقية الأيام، صرنا نأكل وجبة الطعام هذه في الصباح". "هذه عادات قديمة أُخذت من الآباء والأجداد، ولا تُعرف لها مناسبات أو تواريخ مُعينة، لكن في الأغلب هي طقوس توجيب العيد والمهنئين في أول أيامه"، يقول يحيى شمس الدين الباحث في الشأن الثقافة التُركمانية. ويُشترط في هذه الوجبة ألّا تكون خالية من اللحوم وكذلك الحشو الموزع فوق التمن (الرُز)، وعادة ما يكون مكوناً من اللوز والكشمش.
لا تشمل التعددية في العراق مكوناته المجتمعية فقط، بل مستوى الطعام أيضاً وأنواعه...
يولي العراقيون الأكل اهتماماً كبيراً، فهو جزء من ثقافة شعبية تمزج الكرم والتفاخر بحُب الطعام...
لا أحد يأكل الوجبة ذاتها إذا ما زار أكثر من عائلة عراقية في صباح اليوم الأول من عيدي الفطر والأضحى...

الجنوب: المسموطة

"ربما لا يعرف كثر من العراقيين أكلة "المسموطة" فكيف بمن خارج العراق؟ هذه الأكلة البحرية البحت التي تُقدم وتؤكل في مناطق جنوب العراق، الأهوارية أو البحرية خصوصاً، لها ما يُميزها عن بقية الأكلات، ولها رمزيتها بالنسبة إلى سُكان تلك المناطق. والمسموطة هي عبارة عن سمك مُجفف يُترك لأيام عدة في الشمس، ثُم يُملح ويُدمج بالدهن والنومي بصرة (الحامض)، إضافة إلى البصل لتُشكل كل هذه المواد مرقة المسموطة الشهيرة التي يُفضلها سُكان جنوب العراق. تُقدم المسموطة على شكل مرق تتوسطها سمكة بحجم صغير، وهُناك من يأكلها مع الخبر ومن يُفضلها من دونه. قد لا يأكل البعض السمك في الغداء أو العشاء، وربما بعض الناس لا يقتربون منه أساساً رغم فوائده الصحية، إلّا أن سُكان جنوب العراق جعلوا منه أكلة صباحية في عيدي الفطر والأضحى. لا تُحب مروة فالح السمك في كل وقت، لكنها تفرح عندما ترى وجبات المسموطة صباح يوم العيد، فبحسب قولها لرصيف22 فـ "البصريون كلهم يأكلون المسموطة في اليوم الأول، وحتى أشعر بالعيد ووجوده، لا بُد من الفرح بالمسموطة وإن كُنتُ لا أحب السمك". "سُكان الأهوار في الجنوب والبصرة كذلك، يُكرمون ضيوفهم بالخيرات التي تمتلكها مناطقهم الجغرافية، والسمك ثروة حيوانية كبيرة هناك، لذا صارت المسموطة أكلة الصباح في العيد بالنسبة إليهم لأنهم يرون فيها تقليداً لثقافتهم الشعبية، وأكلة مصنوعة من خيراتهم"، يقول الباحث الاجتماعي سعيد كريم. يُمكن أن تجد عند بعض العوائل العراقية المسموطة والكاهي والقيمر في آنٍ واحد، وقد ترى التمن والمرق والكاهي والقيمر على مائدة واحدة أيضاً. "لا أستطيع الإستغناء عن الطقوس الكردية في الأكل وتحضير مادة طعام صباحية من التمن والمرق، ولا أقدر على عدم إحضار الكاهي والقيمر لأن بقية أفراد عائلتي تحبه، صرت أحضر الوجبتين في صباح كل يوم عيد"، من جديد تقول بُشرى مصطفى.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image