على ورق الفل دلعني ... ما احملش الذل دة يعني...
أنا لا حيلتي ولا معايا... إلا الغوايش اللي معايا... ما جولتلك يلا نـبـيـعهم واسهر وياك ودلعني...
هكذا تشدو بسلطنة ودلع كعشرينية تغني لحبيبها رغم تجاوزها الثمانين، تخرج على المسرح في شموخ بفستانها المبهج وبكامل زينتها، كأن الغناء يعطيها مزيداً من الحياة والقوة، تنسى آلام جسدها الضعيف لتنطلق راقصة ساحرةً المئات من عشاقها.
الست جمالات شيحة، رائدة فن الموال والغناء الشعبي.
large-2336031047668455368
في أحد الشوارع الضيقة بحي امبابة الشعبي -جنوب الجيزة -، يقبع منزل الست جمالات، بين الزحام والناس التي التحمت بهم طوال عمرها، منزل بسيط كغالبية بيوت المصريين، بمجرد أن تقولوا اسمها يهرع عامل المقهى أو المكوجي لمساعدتكم للوصول إلى شقتها.
الجميع في الحي يحبها، بمجرد الصعود للدرج لتعبر داخل الشقة الصغيرة تُدهش مما تحمله جدرانها من صور وشهادات تقدير وجوائز عربية وأجنبية لسيدة أخلصت للفن.
maxresdefault-3
وتضيف: "بدأت احتراف الغناء وعمري 17 سنة في الأفراح بالقرى المجاورة ومحافظتي قبلي وبحري، ثم إحياء الموالد الدينية مثل مولد شيخ العرب السيد بطنطا، والشيخ ابراهيم الدسوقي بكفر الشيخ، ومولد الشيخ أبو مسلم بالشرقية، وكان أول أجر تقاضيته 60 قرشاً".
وعن دور الأب في حياتها تقول: "أبويا كان سند حقيقي، بيشجعني، كان شايفني بنت بمية راجل، مسؤولة عن البيت ومصاريفه، وكان راجل سميع وفاهم يعني إيه مغنى، خصوصاً أننا فلاحين وفكرة غناء البنات لم تكن مقبولة، ولكنه كان يثق في، ويقول لأقاربنا بنتي صوتها حلو ويرد الروح ".
زكريا-الحجاوى-يمين-الصورة-مع-جمالات-شيحه زكريا الحجاوى -يمين الصورة-مع جمالات شيحه[/caption]
تكمل: "جئت للقاهرة، وقام بتوظيفي في مسرح المقطم بالقلعة التابع للثقافة الجماهيرية، ثم أسسنا فرقة الفلاحين للغناء الشعبي عام 1961، وقدمت معه للتليفزيون عدة أوبريتات مثل خيال المآتة، سعد اليتيم، بالإضافة للأغاني الشعبية والتراثية والمواويل".
تتوقف الست جمالات عن الحديث لتغني إحدى أغاني زكريا الحجاوي عن ثورة يوليو:
بسم الله الرحمن الرحيم... وهنبتدي الليلة... هنقول ياليل...
بلدنا يا حلوة يا ام الكل يا محمية... إنتي ياعيني ما تبكي بعد اليوم دة بقينا في حرية...
كل ربابة وكل غابة تغني مكاسب ثورتنا... ثورتنا...
عبد الناصر... ياحلو يا اسمر غرامك في الفؤاد شبابيك...
بمجرد الغناء عن الثورة وعبد الناصر لمعت عيناها. وبسؤالها تحبين عبد الناصر؟ تقول: "الحب قليل عليه، تصمت ثم تغني له مطلع موال "يا حلو يا أسمر غرامك في الفؤاد شبابيك "...
بحماس شديد تُكمل: "عبد الناصر كان شهم وجدع، رئيس الغلابة، ابن بلد، الرئيس الوحيد اللي كان بيدعو للوحدة العربية، ويكره الصهاينة، واحنا لازم نحبه عشان هو ضد ولاد "الكلب" دول".
maxresdefault-4

فلاحة شرقاوية من المحيط للخليج
"أنا شرقاوية يا ولا... سمرا وعافية يا ولا ". تبدأ الحكاية في أحد بيوت الريف بقرية (كوم حلين) في محافظة الشرقية عام 1933، بميلاد طفلة صغيرة تلهو وسط عائلة تعشق الغناء. حققت نجاحاً ذائع الصيت، مكًنها من الوصول لمعظم شعوب العالم. تحكي الست جمالات: "كان أبي يدلل والدتي بالغناء وكانت هي أيضاً ترد عليه بالأغاني الشعبية المنتشرة بين الفلاحين أثناء وجودها في المطبخ أو في المساء، ومن هنا عشقت الغناء وأصبحت أردد ما يقولا نه ليكتشفت موهبتي وعمري 12 عاماً". تقول: "حفظت المواويل التي كان يرددها أبي عن ظهر قلب، فكان صاحب صوت جميل، عندما كان يقول الموال كان يهز البيت علينا، لم أتعلم القراءة والكتابة، ولكن اعتمدت على ذاكرتي في الحفظ والارتجال". وتتوقف الست جمالات عن الحديث، لتغني أول موال حفّظها إياه والدها لتقوله في أحد الموالد في الشرقية: يا بو وجه زي القمر والنسج كلمني ... فلقتني من سكاتك يا حلو رد كلمني... دة النوم علشان جمالك بقى له شهرين مآلمني...
الوالد الروحي
https://youtu.be/GaqHYLNH0-E وتتابع جمالات: "جلت العالم مع الأستاذ زكريا الحجاوي، أحد رواد الفن الشعبي المصري، هو والدي الروحي في الفن، فنان محترم وجاد. استمع لصوتي بالصدفة عندما كنت في زيارة لأحد أقاربي بالقاهرة، وكانوا يعملون معه في مسرح البالون، وقالوا له إن صوتي حلو، وطلب مني الغناء أمامه على المسرح واندهش بصوتي جداً، وانصرفت، ولم أعلم بأن هذا الرجل سوف يفتح أبواب الشهرة بعد ذلك ليكتشفني". تضيف: "سافرت إلى الشرقية، ولكنه لم ينس صوتي وحضر بعدها بعدة أسابيع مصاحباً معه الست خضرة مع خضر، مطربة شعبية، كانت استاذة على المسرح، صوتها قوي ومنطلق وحر، وأقنع والدتي بسفري للغناء بمصر". [caption id="attachment_120740" align="alignnone" width="700"]
الغناء ليس إغراء
تصمت قليلاً وتبحث في صورها لتعلو وجهها ابتسامة لعثورها على صورة تجمعها بالحجاوي. "صوتنا وصل بفرقة الفلاحين لكل العالم، اليابان، أمريكا، ألمانيا، فرنسا، لندن، والعالم العربي، من الأردن، لبنان، تونس، المغرب والجزائر وغيرها. كنا سفراء لمصر، كنت فخورة لكوني فلاحة شرقاوية تغني على أكبر المسارح، كان الجمهور يصفق طويلاً للفرقة ورغم عدم معرفته بالعربية الا إنه كان يرقص على النغم والإيقاع. حفرنا اسم مصر في قلوب الملايين، كنت أحمل حضارة 7 آلاف سنة للعالم كله". وتكمل: "تعلمت من زكريا الحجاوي أدب الفن، واحترام المسرح، ممنوع الهزار، الفنانة التي تقف على المسرح يجب أن تحترم الجمهور ونفسها، الغناء ليس إغراء ورقصاً غير لائق، ولكن التزام".
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعيخلقون الحاجة ثم يساعدون لتلبيتها فتبدأ دائرة التبعية
Line Itani -
منذ أسبوعشو مهم نقرا هيك قصص تلغي قيادات المجتمع ـ وكأن فيه يفوت الأوان عالحب
jessika valentine -
منذ اسبوعينSo sad that a mom has no say in her children's lives. Your children aren't your own, they are their father's, regardless of what maltreatment he exposed then to. And this is Algeria that is supposed to be better than most Arab countries!
jessika valentine -
منذ شهرحتى قبل إنهاء المقال من الواضح أن خطة تركيا هي إقامة دولة داخل دولة لقضم الاولى. بدأوا في الإرث واللغة والثقافة ثم المؤسسات والقرار. هذا موضوع خطير جدا جدا
Samia Allam -
منذ شهرمن لا يعرف وسام لا يعرف معنى الغرابة والأشياء البسيطة جداً، الصدق، الشجاعة، فيها يكمن كل الصدق، كما كانت تقول لي دائماً: "الصدق هو لبّ الشجاعة، ضلك صادقة مع نفسك أهم شي".
العمر الطويل والحرية والسعادة لوسام الطويل وكل وسام في بلادنا
Abdulrahman Mahmoud -
منذ شهراعتقد ان اغلب الرجال والنساء على حد سواء يقولون بأنهم يبحثون عن رجل او امرة عصرية ولكن مع مرور الوقت تتكشف ما احتفظ به العقل الياطن من رواسب فكرية تمنعه من تطبيق ما كان يعتقد انه يريده, واحيانا قليلة يكون ما يقوله حقيقيا عند الارتباط. عن تجربة لم يناسبني الزواج سابقا من امرأة شرقية الطباع