تجربة جديدة تلك التي بدأتها الروائية اللبنانية "نجوى بركات" قبل أكثر من 8 سنوات، وتحديداً في أواخر العام 2005، حين قامت بتنشيط مجموعة من ورشات العمل الإبداعية في أكثر من بلد عربي وأوروبي. ثم جاءت الفرصة المناسبة لتوسيع مشروعها وطرحه بالصيغة الأكثر اكتمالاً، في عام 2009، حين أُعلنت "بيروت عاصمة عالمية للكتاب"، فأسست "بركات" محترفها الذي أطلقت عليه اسم "محترف كيف تكتب رواية".
هذه التجربة الجديدة والجريئة، تسعى إلى إتاحة الفرصة أمام من يرغب بكتابة الرواية، ولديه موهبة لفعل ذلك، أن يتعلم كيف يكتبها. ترى "بركات" أن كتابة الرواية لا تعتمد على الموهبة فقط، بل تحتاج صقلاً لهذه الموهبة، واكتساب الخبرات اللازمة للكتابة بشكل أكاديمي، وهو ما تحاول فعله في محترفها. أبرز طموحاتها اليوم: "فتح أبوابه مجاناً أمام المواهب الشابة، وتنظيم لقاءات ببعض الأسماء المعروفة في العالمين العربي والغربي، وتنظيم حفلات توقيع وقراءة للأعمال المنجزة".
الدورة الأولى للمحترف التي جرت ورشات عملها في لبنان بين ربيعي 2009-2010، بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية وتمويلها، وبتنظيم من دار الساقي، نتج عنها حتى الآن عملان، الأول: رواية "صابون"، لشابة لبنانية هي "رشا الأطرش" وقد صدر العمل عن دار الساقي، عام 2010. أما العمل الثاني، فهو رواية "نابوليتانا" للشاب هلال شومان، والتي صدرت عن دار الآداب أواخر العام 2010. وقد أعلن في حينه، أن هناك رواية ثالثة ستصدر للشابة "رنا نجار" التي اختارت اسماً مؤقتاً لروايتها هو "المخيّم".
أقامت "نجوى بركات" بعد الدورة الأولى لمحترفها، ورشات مكثفة في لبنان مرة أخرى، لمجموعة جديدة من الشباب الراغبين بتعلم فن كتابة الرواية. رواية "مرّة" للشابة السورية "نغم حيدر" كانت أولى الثمار، وقد صدرت عن دار الآداب البيروتية أواخر العام 2013، إذ أعلنت الدار المعروفة بدعمها للكتّاب الجدد، والمشروعات المبتكرة، أنها عقدت اتفاقاً مع "بركات" لنشر وتوزيع كافة الروايات التي ستنتج عن المحترف، وصرحت مديرة الدار "رنا إدريس" أنها رغبت في دعم المشروع من منطلق إيمانها بأن "العمل الروائي ليس موهبة فقط، بل هو علم يجب أن يكون متماسكاً ومبنياً بشكل "هندسي" ومحترف. ومهما تخلّل الرواية من فوضى وتكسير للزمن وحرية، يبقى أن كتابتها فن يُعلّم".
بعد نجاح الدورة الأولى من المحترف، قررت صاحبة "يا سلام" توسيع نشاطه ليصبح مكوناً من ثلاث ورش، تتخصص الأولى في الكتابة الروائية الأدبية، والثانية في الكتابة المسرحية، أما الثالثة فتخصص للكتابة السينمائية. بحيث تطبق على جميع الورشات آلية العمل ذاتها، لينجز المشاركون مشاريعهم. لكن، المشاريع السينمائية والمسرحية لم تجد التمويل اللازم لإقامة ورشات عملها، في حين دعمت وزارة الثقافة البحرينية وموّلت إقامة ورشات الكتابة الروائية في دورتها الثانية.
حالياً، أنهت صاحبة "لغة السرّ" ورشات هذه الدورة من محترفها في المنامة، حيث أدارت ثلاث ورشات عمل مكثفة، امتد كل منها عشرة أيام. سينتج عن هذه الدورة ثمانية أعمال روائية، يسعى كل منها ليكون الأفضل، إذ تتنافس هذه الروايات لتفوز واحدة منها بجائزة المحترف، وسيعلن عنها في حفل اختتامي يقام في البحرين، في مارس المقبل.
توضح "بركات" أن المحترف يختار المشتركين، بناءً على طلبات تقدّم من مختلف أنحاء العالم العربي، دون إيلاء أي أهمية للعمر أو الخبرة أو أي شروط أخرى. فالمهم هو الفكرة الموجزة التي يقدّمها الراغب بالانضمام إلى المحترف عن مشروعه الروائي أو المسرحي أو السينمائي. وبعد اختيار المشاريع تلتقي "بركات" المشتركين في ورشات عمل في أوقات متفرقة من العام. المرحلة الأولى تتم بنقاش بين صاحب الفكرة وصاحبة المحترف حول أفكاره وشخصياته وحبكة روايته، أما في المرحلة الثانية يجب أن يكون المشترك قد أنهى جزءاً من الرواية، وهنا تبدأ مهمة "بركات" الأصعب إذ إنها تراجع مع المشترك كل ما كتب كلمة كلمة: تحذف، تصحح، تحرّر، تزوّد بالأفكار، وتقترح مسارات جديدة... وتتابع عبر المراسلات تطور الكتابة إلى أن ينهي كل واحد من المشتركين كتابة نصّه، ليصبح رواية صالحة للنشر.
المشروع الذي أثبت مصداقيته وجدارته عاماً بعد عام، جذب أخيراً مؤسسة "" target="_blank">الصندوق العربي للثقافة والفنون – آفاق"، التي قررت حجب المنح المالية المخصصة للأدب واستبدالها بتمويل محترف "كيف تكتب رواية" في دورته الثالثة، إيماناً منها بأهمية المشروع وفائدته. وقد عُقد مؤتمر صحافي في بيروت الشهر الماضي، أعلن فيه عن إطلاق المشروع الذي يستمر مدة عام واحد، قابل للتجديد.
أخيراً، تجدر الإشارة أن نجوى بركات، مؤسسة المحترف ومديرته، روائية لبنانية من مواليد 1966، درست المسرح والسينما، وعملت كصحافية في عدد من الصحف العربية الصادرة في باريس، وفي الصحافة الإذاعية. نشرت بركات ست روايات، واحدة بالفرنسية، وخمس بالعربية، هي: "المحوِّل"، "حياة وآلام حمد بن سيلانة"، "باص الآوادم" التي حازت على جائزة أفضل إبداع لبناني عام 1996، "يا سلام"، "لغة السرّ"، كما أنها قد ترجمت مفكرة ألبير كامو بأجزائها الثلاثة إلى اللغة العربية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ 6 ساعاتأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ 12 ساعةحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ يومينمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 3 أيامtester.whitebeard@gmail.com