شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
رواية

رواية "وادي قنديل": هكذا تكون الناجي الوحيد في المتوسط...

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 24 أغسطس 201702:01 م
  بعد خمسة عشر عاماً، تعود "ثريا لوكاس" إلى سورية لتتعرف إلى البلد التي ولدت فيها، وهي التي كانت في الخامسة من عمرها حين قرر والداها الهرب من الحرب الدائرة هناك، لكن غرق المركب الذي يقلهم حال دون تحقيق حلمهم بالوصول إلى أوروبا، فلم تنجُ من العائلة سوى الطفلة الصغيرة التي تتبناها امرأة يونانية وتعتني بها حتى تكبر. "ثريا هو الاسم الذي أطلقته عليّ ماما ساتي، أمي بالتبني، لا أعرف أماً غيرها. تقول لي إنها اختارت لي اسماً عربياً، كي تحافظ لي على هويتي قدر المستطاع. بذلت جهداً كبيراً، كي تبقيني على علاقة مع جذوري التي ترقد في مكان ما من قاع البحر المتوسط. وُجدت عام 2014 محاطةً بعدد من الجثث، ومستلقية فوق خشبة عائمة على بعد أميال من ميناء لارنكا في قبرص". إذاً، تأخذنا الكاتبة "نسرين أكرم خوري" في روايتها الأولى "وادي قنديل" إلى المستقبل، وتحديداً إلى عام 2029 لتقصّ علينا من هناك قصص الحرب التي تدور اليوم وتطحن كل شيء، ولتحدّثنا عن مصائر البشر الذين عاشوا هذه الحرب وتعايشوا معها، وتنقل لنا بعين الغريبة التي ابتعدت زمانياً ومكانياً "شكل الجحيم الذي دفع بأهلي إلى رمي أنفسهم في الماء".
تأخذنا رواية وادي قنديل إلى المستقبل عام 2029 لتقصّ من هناك قصص الحرب التي تدور اليوم...
رواية وادي قنديل، أن تتعرّف إلى بلدك الأم... لماذا يرمي السوريون بأنفسهم في البحر؟
سنكون في "وادي قنديل" أمام زمنين مختلفين، وروايتين تتداخلان وتتقاطعان وتتشابكان لتنتجا في النهاية سرديتين أكيدتين، الأولى هي حكاية "ثريا" وعودتها إلى بلدها وكل ما تكتشفه فيها، والثانية هي حكاية "غيم حداد"، فالرحلة التي كان هدفها التعرّف إلى الجذور ستقود العائدة إلى وادي قنديل، وهناك ستعطيها مقيمةٌ في المكان مذكرات كتبتها "غيم حداد"، وبفضل هذه المذكرات ستقرأ "ثريا" حكايات العديد من السوريين، الذين دوّنت "غيم" حكاياتهم في الحرب ووثقتها، فكتبت عن بلاد صارت "بعيدة ومجهولة" للساكنين فيها، وعن علاقات جعلتها الحرب أكثر تعقيداً، وعن يأسٍ سيطر على الأفراد فدفعهم إلى خياراتٍ ما كان لهم أن يختاروها في ظروفٍ أخرى، وعن إحساس بالعزلة وبأنك منسيّ، و"أن كل شيء سيستمر وأنت غير موجود". كل تلك الحكايات التي تبدو في ظاهرها مختلفة، هي حكايات شخصياتٍ متماثلة، بلا ملامح إذ "فقدت ملامحها حين طحنتها الحرب، وأعادت تشكيلها نسخاً حيادية هامشية". باستمرار هاتين السرديتين الأكيدتين وما تتضمنه كل واحدةٍ منهما من حكايات فرعية، ستنمو ببطء سرديةٌ غير أكيدة، سرديةٌ محتملة، فكما كانت ثريا في طفولتها تتأمل خريطة سورية و"تطوّع البيانات لحساب احتمال لكل مكان" فيها قد تكون أصولها تمتد إليه، فكذلك كل حكاية من الحكايات في أوراق "غيم" قد تكون "احتمالاً" لما هي قصة عائلة "ثريا" قبل أن يقذفوا بأنفسهم إلى البحر. ليس ثمة شيء مثبت ولا أكيد، ففكرة الحروب كلها ربما "تكون قائمةً على دكّ الذاكرة"، كما تكتب "غيم" في أوراقها، وبسببٍ من ذلك تقرر الكتابة، كتابة كل شيء، لتعيد أصوات من فُقدوا من خلف الكواليس إلى خشبة المسرح، مبتكرةً بذلك "ذاكرة لا يصيبها العطب". تبدأ رواية "وادي قنديل" من النهاية، من زيارة "ثريا لوكاس" للمقبرة في عام 2034، لتودّع الرجل الذي أحبته "أنس رحيم"، ثم تعود بنا الكاتبة إلى ما قبل ذلك الزمان بخمس سنوات، لتروي عن عودة "ثريا" إلى بلدها الأم، وقراءتها لمخطوط "غيم" وبحثها عن شخصياته، فتعثر منهم على "أنس"، وتقع في غرامه، رغم معرفتها بالعشق الذي يربطه بـ"غيم". هل أحبته لأنه يمثّل لها "الوطن" الذي لم تعرفه، أو العائلة التي حُرمت منها؟ هل لأنها أحبت ما كتبته "غيم" في أوراقها عنه؟ هل لأنه يكمّل لها "الحقبة الناقصة" من الماضي؟ أم لأنه يشترك معها - دون أن تعرف بذلك حين أحبته - في أكثر الأشياء إيلاماً وقسوة، فهو "الناجي الوحيد" من المجموعة، كما كانت هي الناجية الوحيدة من قاربٍ غرق كل ركابه؟ لا تجيب الكاتبة عن هذا السؤال، تتركه معلقاً للتأمل، وبعد أن انتقلت بين الأزمان الثلاثة في روايتها، زمن موت "أنس"، وزمن زيارة "ثريا" لموطنها، وزمن الحرب، تكشف أمامنا الرسالة الأخيرة التي كتبتها "غيم" معلنةً آخر مفاجآت السرد، وخاتمةً إياه بالبداية! متى تبدأ الحكايات؟ متى تنتهي؟! نسرين أكرم خوري، كاتبة من مواليد حمص 1983، وهي تقيم في سورية. صدر لها مجموعة شعرية بعنوان "بجرّة حرب واحدة". و"وادي قنديل" هي روايتها الأولى، وقد حازت عنها منحة مؤسسة المورد الثقافي الإنتاجية لعام 2015. المؤلفة: نسرين أكرم خوري/ سورية الناشر: منشورات المتوسط/ ميلانو - إيطاليا عدد الصفحات: 200 الطبعة الأولى: 2017
يمكن شراء الرواية من موقع الفرات.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image