قابلتها على الإنترنت في العام 2012. كنا مهتمتين بالموضوع نفسه، النسوية. القتيتها أونلاين لأول مرة على رسائل صفحة ثورة البنات التي كنت قد أسستها للتو. تابعتها في التعليقات، كانت مهتمة فعلًا، أفكارها تُشبه أفكاري كثيرًا، ومن محافظة قريبة من محافظتي. سبقتني بسنة في الولادة، فكنّا كأننا ولدنا في العام نفسه.
بعد أسابيع، طلبت منها الانضمام إلى فريق العمل، ومن هنا بدأت علاقتنا تتطور على المستوى العملي. ولأن ثورة البنات هي منصة نسوية رقمية، فلم نلتقِ في الواقع. أتذكّر جيدًا أننا كنا نختلف اختلافات جذرية، ونتشاجر على وجهات النظر للوصول لأرضية مشتركة، وكنا في بدايات عام 2012.
في يوليو 2012، كان موعد مقابلة عمل في جمعية نسوية بالقاهرة. وبينما كنت أستعد للسفر من مدينة المحلة، تشاجر معي والدي بسبب خلعي للحجاب. وانتهى الحال بي في أوتوبيس غرب الدلتا، مُتجهةً للقاهرة لحضور المقابلة، تاركةً ورائي والداً يرفض عودتي للمنزل إلا بالحجاب. اتصلتُ بآلاء وعرضت استضافتي حتى أتدبر أموري مع عائلتي أو في القاهرة، حسبما أردت. وبالفعل، توجهت إلى منزلها، وكانت متزوجة حديثًا، فاستقبلتني مع أحمد -زوجها- بمنتهى الترحيب. كان أول لقاء.
عرفتها عن قرب، تبادلنا الحديث حتى الثالثة صباحًا، عن عائلتها وعن عائلتي وعن أفكارنا وطموحنا لثورة البنات. وفي الصباح كنتُ قد قررت الاستقلال عن أسرتي والإقامة في القاهرة وبدأنا نبحث عن غرف للإيجار. أخذت آلاء مهمة البحث عن غرفة أو سرير.
رجعت إلى منزل عائلتي بعد ثلاثة أيام، أبلغها قرار انفصالي وأعود للقاهرة ومعي أغراضي وملابسي. وبعد أسبوعين، استلمت العمل وبدأت أعيش بمفردي في القاهرة، حتى الآن. مرت الشهور وعلاقتي بآلاء انقطعت فترة وانشغلت كل منّا في حياتها. رغم الانقطاع، ظلت علاقتنا قريبة لكنها لم تكُن بقُرب عام 2014.
في خريف 2014، زارتني آلاء في مكتبي بجاردن سيتي. وكان مرّ عام تقريبًا على آخر لقاء. كنتُ في فترة تخبّط غير عادية، وكانت دائمًا تظهر لي في أوقات صعبة أكون بالفعل في أمسّ الحاجة إليها وأنا غير مُدركة. أما هي، فتقول أن ما يقودها إلي في كل مرة هو احساسها بي. اقتربنا أكثر، وكَثُرت لقاءاتنا. في عام الانقطاع، أنجبت آلاء ابنتها "غزل"، وأصبحت غزل صديقة ثالثة، ثرثارة وعنيدة مثلنا.
الأستوديو التحليلي
ألتقي بآلاء كل اسبوع. لدينا جلسة تليفونية يومية اسمها "الأستوديو التحليلي" نفكّر فيها بصوت عالٍ عن أحداثنا اليومية ونحللها. لأننا نتشارك عقولًا مضطربة، ولا نجد الإعلان عن ذلك عيبًا. آلاء متعايشة مع اضطرابي الإكتئابي والثنائي القطب وأنا مُتعايشة مع القلق المزمن، وتحتاج إحدانا الأخرى كالأذن والعين. إحدانا تقرأ والثانية تسمع، ونتبادل الأدوار ونحلل الأحداث من ألف زاوية. لا أتخيل كيف كان سيُمكنني المضي طوال الثلاث سنوات الماضية بدون صوت آلاء كل ليلة، بدون "صباح الخير ياحلوة"، بدون "مالك يا حبيبتي"، وبدون "أنا سمعاكي"، وبدون أن أبكي لها مرارًا "انا تعبت يا آلاء". لولا آلاء لعِشت في وحدة غير مُنقطعة، ولولا صوتها الدافئ وحنانها لتمكّن مني الجنون. آلاء هي نفسي التي لا أخجل أن أتعرى أمامها من أقنعتي، كما من ملابسي. حضنها لي ملاذ. في هذه اللحظة يتلاحم جسمانا في حميمية ودفء وطمأنينة، وكأننا نتحسس شعاع نور وسط ليلة ليلاء لا تكاد تفرغ منّا حتى تُنهِكنا.علاقة جنسية مثلية
نتحدث معاً في كل شيء، في النسوية، في الطبخ، في الطب النفسي، وفي الجنس. تُشاركني آلاء في أننا تربينا على المفاهيم نفسها،كبرنا على نفس المفاهيم الأبوية التي تفرض علينا كيف نتصرف في أجسامنا كنساء. غالبًا ما يُشير أًصدقاؤنا إلى أني وآلاء في علاقة جنسية مثلية. حسب وصفهم، يجدون ذلك مستحيلًا وغير منطقي أن تكون علاقة شابتين بهذه القوة دون ممارسة الجنس. في البداية كنا نستقبل كلماتهم بسخرية، لكننا مؤخرًا بدأنا نغضب ونطلب التوقف عن هذا "الهزار". هذا ليس نفيًا لمثليتنا أو ازدواج ميولنا الجنسية وكأنها تهمة، بل رفضٌ لرؤيتنا في إطارات لم نحددها نحنُ لنفسيْنا. في الأستوديو التحليلي، تجد النسوية لنفسها عرشًا في أحاديثنا. فوجدنا أن السواد الأعظم من الناس يعتبرون حميمية النساء ناتجة عن ممارستهن للجنس. وهي بالمناسبة، نقطة في صلب الرؤية الغيرية للعلاقات الجنسية. بمعنى أن النساء لا يتعاملن بحميمية إلا مع مَن يُمارسن معه الجنس، بغض النظر عن هويته الاجتماعية. وبأن هؤلاء النساء أنفسهن، لا تتم رؤيتهن إلا في إطار جنسي. فيتم تفريغ علاقاتهن بأي شخص من أي محتوى إنساني، مقابل اعتبارهن عوامل تحفيز جنسية. أما عن العلاقات النسائية المثلية فما زال استخدامها لفنتازيا إثارة الرجال جنسيًا تصب في النقطة السابقة. مررتُ أنا وآلاء بفترات صعبة وهزائم مُتكررة، لا أودّ، ولن أسمح لشخص بتفريغها من مضمونها الإنساني. أما عن علاقتنا الجسدية، فإما كنا قد وصلنا إلى أنها علاقة مثلية، أو ما زلنا في الطريق، أو اتفقنا أنها ليست كذلك، فهو أمر خاص بنا، نحن الاثنتين فقط.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين