شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
عبد الحميد الثاني: الرجل الذي أثّر فينا أكثر من أي شخص آخر​​

عبد الحميد الثاني: الرجل الذي أثّر فينا أكثر من أي شخص آخر​​

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 1 نوفمبر 201807:15 م

نظرتان تواجهتا طوال القرن الماضي. واحدة ترى في عبد الحميد الثاني السلطان الأسوأ في التاريخ العثماني، وثانية تنحاز لمن تعتبره "السلطان المظلوم".

الناقمون

تقاطعت حول تسويد صفحة عبد الحميد مصادر ومواقع مختلفة ومتنابذة. الأرمن الذي رأوا فيه "قاتلهم" وباعث "الخيالة الحميديّة" المشكّلة من الأكراد والتركمان لارتكاب المجازر بحقهم. القوميون الأكراد والعرب والألبان الذين اعتبروا أنّه عمل على "تتريكهم"، وقد تجذّر السعي إلى ذلك بعدما أطاحه ضباط "تركيا الفتاة". الأتراك المستاؤون من إثقاله الحاشية بالعرب "الرجعيين والمتزلّفين". لم يغفروا له تنكيله بمدحت باشا "أبو الأحرار"، وانقلابه على "التنظيمات" الإصلاحية بعد سنتين فقط على إقرار الدستور أواخر العام 1876، بتعطيله الأخير وحلّه مجلس المبعوثان (البرلمان العثماني)، وقمعه للحريات. وعندما أجبر بعد انقلاب تموز 1908 على إعادة العمل بالدستور، لم يغفروا له كيده بـ"المشروطة الثانية" (المرحلة الدستورية الثانية)، ومحاولته الانقلاب عليها باسم الشريعة مجدداً، ما أدّى إلى عزله، ونفيه إلى صالونيك، وحجزه في الإقامة الجبرية المشدّدة فيها.

 مجلس المبعوثان في ديسمبر 1908 م.

الصهيونيون الذين رأوا فيه أبا "اللاسامية الإسلامية الحديثة"، من خلال إعاقته الهجرة اليهودية إلى فلسطين، بخلاف أسلافه من سلاطين آل عثمان الذين شرّعوا أبواب الدولة العليّة لليهود المطرودين من الأندلس المُكثَلك.

رد السلطان عبد الحميد على هرتسل مؤسس الصهيونية

ارتكز نقد الصهيونيين لعبد الحميد على رفضه إغراءات ثيودور هرتسل يوم استطاع المثول في حضرته عام 1901، كما أخذوا على عبد الحميد تفسيره الإطاحة العسكرية به بأنها مؤامرة صهيونية - ماسونية. هذا على الرغم من أنّ تقييد عبد الحميد حركة الهجرة اليهودية من أوروبا الشرقية إلى فلسطين بقي محدوداً. تضاعف في عهده عدد اليهود في فلسطين، وباتوا أكثرية سكان القدس، وتكوّن "المجتمع الاستيطاني" (الييشوف). أما مدينة تل أبيب نفسها، فلم تتأسس في ضواحي يافا إلا عام 1909، سنة خلع آخر السلاطين "الفعليين" من آل عثمان.

سلطان "الترامواي" ومُدلّل بيروت

غاب اسم عبد الحميد عن الساحة والساعة اللتين حملتا اسمه في وسط بيروت، المدينة التي دلّلها أكثر من سواها في السلطنة، واحتفظ "سوق الحميدية" في دمشق بكنيته. أما التراموي الذي أدخل في عهده إلى كل من دمشق وبيروت فتحول في كلتيهما إلى ذكرى، ونوستالجيا نتلقف حكايتها في الصور.

الترامواي في بيروت

وقد كان عهد عبد الحميد بامتياز عهد تظهير التحديث والعمران الذي تشهده مدن السلطنة من خلال الصور الفوتوغرافية. عرفت السلطنة أكبر نهضة تربوية في تاريخها في ظلّ حكمه، وتضاعفت فيها المدارس، وتنامت الطبقة الوسطى المدينية. عوّل عبد الحميد على هذا التحديث العمراني لتوثيق الرابطة بين الولايات التركية والولايات العربية، مثلما عوّل على سكة الحديد التي تصل حتى المدن المقدسة في الحجاز، وأراد لها أن تصل حتى اليمن، من أجل ربط ولايات الدولة بعضها ببعض، وتسهيل حركة الحج. لكنّ عبد الحميد لم يبق على "ولاية سوريا" الكبيرة كما وسّعت عام 1865 لتشمل سائر بلاد الشام، فاستحدث ولاية بيروت عام 1888، وقد شملت اللاذقية وطرابلس وعكا ونابلس. علماً أن لسلخ ولاية بيروت عن "سوريا" أثراً في تاريخنا الحديث أعمق من أي أثر.

عبد الحميد الثاني، السلطان الأسوأ في التاريخ العثماني أم "السلطان المظلوم"؟
أثر سلخ ولاية بيروت عن "سوريا" تحت حكم السلطان العثماني عبد الحميد أعمق من أي أثر في تاريخنا الحديث

الاستبداد: تبدّل معنى الكلمة

غُيّب كل هذا لصالح اقتران اسمه بالاستبداد. لكن مفردة الاستبداد نفسها لم تكن تعني في التركية والعربية الشيء نفسه قبل عبد الحميد. لم يكن لها في الأصل، ككلمة، مدلول سلبي عندما كانت الدولة تخطو باتجاه الإصلاحات في فترة "التنظيمات" (1839-1876). اتفق الإصلاحيّون على أنّ المطلوب تعزيز الانتماء للبوتقة العثمانية الواحدة من خلال الاقتراب من تحقيق المساواة بين رعايا السلطان. لكنهم اختلفوا بين من يرى الحاجة إلى "محرّك أعلى" واسع الصلاحيات لقيادة عملية الإصلاح (وستظهر لاحقاً نزعة المقارنة بالنموذج الياباني في التحديث المركزي السلطويّ، بعد "إصلاحات ميجي 1868، التي "استعاد" من خلالها الإمبراطور سلطته الكلية من أركانه، "الشوغونات")، وبين من يرى الحاجة إلى الاقتباس من المؤسسات السياسية الغربية، باتجاه "الملكية الدستوريّة" وحاكمية القانون. أمّا كلمة "الاستبداد" نفسها، وكما ينبهنا المؤرخ التركي ايلبر اورطايلي، فلم يكن لها وقع سيىء في فترة التنظيمات. بل بالعكس، كانت تعني الإدارة القوية والقويمة. وكان المقصود بها مختلفاً تماماً عن معنى "الطغيان". فـ"الطغيان"، في المعجمين القرآني واللغويّ، يعني "مجاوزة الحدّ"، تجاوز الشرعية والصلاحيات، و"الطواغيت" أوثان تعبد من دون الله، أمّا "الاستبداد" فهو العدل، والموازنة بين القدرة والفعل. وكما يذكّرنا اورطايلي أيضاً، لم يكن إصلاحيّو فترة التنظيمات متحمّسين لأفكار الثورة الفرنسية، بل لمحاكاة تجربة الإصلاح المحافظ النمساوية، وتعجبهم شخصية الأمير مترنيخ وأفكاره، حيث الأولوية للنظام على الحريّة، وحيث الولاء للإمبراطور عنصر أساسي في تشكيل الشعور بالوطنية، لأنه يتيح مراعاة التعددية القومية والدينية في الوقت نفسه.

"السلطان الدستوري"

بلغت "التنظيمات" ذروتها عام 1876، بعد خلع السلطان عبد العزيز. عُيّن ابن أخيه "السلطان الماسونيّ"، الفرنسيّ الهوى، مراد الخامس. لم يتحمّله لا المحافظون ولا الإصلاحيّون على رأس الدولة، وأسرعوا للإطاحة به بفتوى "جنونه المطبق". انتقل العرش لأخيه عبد الحميد الثاني، الذي لا يتمتع بالخبرة الكافية، عدا أن شرعيته مطعون فيها، وفي ظلّ ترنّح مالي وعسكريّ عارم.

ولمّا كان الشارع في الأستانة في ذلك الوقت، إلى جانب الإصلاحيين، بقيادة مدحت باشا، وكان مدحت يرى ضرورة كتابة الدستور، تقبّل عبد الحميد الأمر على مضض، ولكن ليس قبل أن يفرض تصحيح المسودة المرفوعة إليه. وإذا كانت المسودة تنص أساساً على كون السلطان هو خليفة المسلمين في مادتها الرابعة، فقد زاد عليها حقه في تسمية الوزراء، وفي نفي من يعتبره خطراً على سلامة الدولة. وهكذا، يرى صاحب السيرة الأبرز عن عبد الحميد، المؤرخ الفرنسي فرنسوا جورجون (عبد الحميد الثاني، السلطان الخليفة، فايار، 2003)، أنّ دستور 1876 جعل منه سلطاناً دستورياً، لكنه كان بدوره دستوراً سلطانياً، وليس ملكية دستوريّة، ولو أنّه قال باستقلالية القضاء، وتضمّن رزمة من الحقوق والحريات المتساوية للمواطنين.

المنقلب على الدستور والحريات

كان مدحت باشا يمنّي مع ذلك نفسه بأن يفرد سلطته كـ"صدر أعظم"، شأن أسلافه في المنصب، الذين توسّعت سلطتهم الفعلية في مرحلة التنظيمات على حساب السلاطين. وكان مدحت يزيد على السلطان الشاب بعشرين عاماً، وله شعبية كاسحة، وتجربة حافلة في حكم سوريا والعراق، وفي خلع السلطانين عبد العزيز ومراد. إلا أنّ كلّ ذلك سيعجّل بنهايته، بعدما أمضى شهراً ونصف الشهر في "الصدارة العظمى"، عقب إقرار الدستور، فيُعزل وينفى إلى الحجاز، ويخنق في الطائف في نيسان 1883، بعد أن خشي السلطان من اتصاله بالإنكليز الذين تعاظم تواجدهم في منطقة البحر الأحمر، لتركيب مؤامرة مشتركة مع الهاشميين في مكّة. أمّا الشاعر والمفكر نامق كمال العائد من منفاه الفرنسي متأثراً بالأنوار الغربية، للمشاركة في بناء النظام الدستوريّ، فسينتهي منفياً في جزيرة كريت. شكّل الأخير بأفكاره وهالته صلة الوصل بين جيل "العثمانيين الجدد"، رواد "التنظيمات" الذين عملوا على التأسيس لوطنية "عثمانليليك" (النزعة العثمانية)، وبين الأتراك الشباب الأكثر تأثراً بمفهوم العرق الطوراني في مفهومهم عن الوطن.

"المستبد"

في الفترة نفسها التي نجح فيها عبد الحميد في تقويض هذه المعارضة التركية "الليبرالية" له على خلفية عزله لمدحت باشا، ثم حلّه لمجلس المبعوثان وتعليق العمل بالدستور عام 1878، تبدّل استخدام كلمة "استبداد" على نحو طريف.

لعب عبد الحميد الثاني دوراً كبيراً في الحفاظ على الدولة العثمانية لأطول فترة ممكنة، وهي فترة أوجدت رغم كل شيء، بنية تحديثية غير مسبوقة تمتد من اسطنبول حتى بيروت

تأثّرت النخب يومذاك بكتاب الكونت الإيطالي فيتوريو آلفييري (ت 1803) المفترض أن يترجم "رسالة حول الطغيان"، كمقابل لـ: O Tratado da Tyrannia. لكن ما حصل كان استخدام كلمة "استبداد" كمقابل لـ"تيرانيا"، بدلاً من "الطغيان" المدان في القرآن.   كلمة "استبداد" التي كان المقصود بها طوال القرن ممارسة الحاكم مسؤولياته بكفاءة وإقدام وحزم، سيستخدمها المتأثرون بآلفييري، وأبرزهم باللغة العربية عبد الرحمن الكواكبي، لتعني من الآن فصاعداً الحاكم المتحلّل من كل شرع وشورى. فـ"أشد مراتب الاستبداد التي يتعوذ بها من الشيطان هي حكومة الفرد المطلق، الوارث للعرش، القائد للجيش، الحائز على سلطة دينية"، بحسب الكواكبي، الذي اعتبر أن "الحكومة من أي نوع كانت، لا تخرج عن وصف الاستبداد ما لم تكن تحت المراقبة الشديدة والاحتساب الذي لا تسامح فيه" كما جاء في كتابه "طبائع الاستبداد". وما كان يخفى أنّه يقصد عبد الحميد بالدرجة الأولى، ويوجد اعتقاد قوي بأنّ الأخير كان وراء دسّ السمّ في فنجان قهوة الكواكبي بالقاهرة عام 1902.

الترغيب

بعد تراجع المعارضة "الليبرالية" التركية ضد عبد الحميد، تصدّرت المشهدَ الوجوهُ العربية للاعتراض على ما بات يعرف من الآن فصاعداً بـ"استبداده". لكن عبد الحميد لم يكتفِ فقط بالنفي والتنكيل، بل استخدم الترغيب أيضاً. ففشلت محاولته مع الماروني المنحاز لفرنسا خليل غانم، الذي كان فيما مضى نائباً في البرلمان العثماني، ثم أصدر أسبوعية "البصير" من باريس، للتحريض ضدّ عبد الحميد، ونجحت مع الكاهن السرياني الكاثوليكي لويس صابونجي، الذي انتقل بسحر ساحر من طاعن بحق عبد الحميد في الخلافة إلى واضع سيرة تبجيلية للسلطان الخليفة.

"حامي كرسي الخلافة"

ومع أنّ عبد الحميد عوّل على البعد الديني الإسلامي لسُلطانه أكثر من أسلافه، إلا أنّ ألقابه الرسمية بدت مختارة بعناية: أمير المؤمنين، حامي الحرمين، الباديشاه، حامي كرسي الخلافة. في هذا فارق بيّن، لاستيعاب من لديه مشكلة في الاعتراف بخليفة لا يتحدّر من قبيلة قريش. وليس هناك من أدرك مفهوم "الخلافة" عند عبد الحميد مثل نواب محسن، من رابطة مسلمي عموم الهند، عندما اعتبرها لقباً تشريفياً يعطيه المسلمون لأعظم ملك مسلم في عصرهم، رغم كونهم، كمسلمين هنود يوالون سياسياً ملك انكلترا، امبراطور الهند. بايعه جمال الدين الأفغاني خليفة، واختلف فهم الرجلين لماهية رابطة الدين. حب الدين قبل حب الوطن عند عبد الحميد، لكنه حب في إطار الدولة العثمانية. لم يرد توريطها إلا بالجهاد "الدفاعي".

نظرتان تواجهتا طوال القرن الماضي. واحدة ترى في عبد الحميد الثاني السلطان الأسوأ في التاريخ العثماني، وثانية تنحاز لمن تعتبره "السلطان المظلوم"

كان مستاء من حركة عرابي في مصر، والمهدي في السودان، وغير متحمّس لحركات تمرّد عديدة يتهمه الأوروبيون بأنه يقف وراءها. ركّز على رابطة الدين لتوثيق الرابطة التركية العربية، بعد أن انحسرت رقعة الدولة في البلقان، مثلما عوّل عليها للاستفادة الديموغرافية من تدفق اللاجئين المسلمين من القرم والقوقاز والبلقان نحو السلطنة. لم يرد مرابطة هؤلاء قرب الجبهات، بل رأى أن الأولى لهم وله، نقلهم إلى برّ الأناضول، بقصد دمجهم، ورفع نسبة الترك المسلمين.

مشايخ وموارنة في حاشيته

ما كان يخرج من قصره في رابية يلدز، المبتعد عن البوسفور، إلا مرة واحدة في السنة. أراد أن يقدّم نموذجاً للسلطان الورع، تختلف عن صورة "السلطان الكافر" في عصر التنظيمات. بقي يلدز ورشة معمارية مفتوحة. أجنحة جديدة عند كل مناسبة، وفق أحداث موجات العمارة، وضيوف دائمون، منهم مشايخ الصوفية المحافظة، مثل شيخ الرفاعية أبو الهدى الصيادي، (في حين كان السلطان من أتباع الطريقة الشاذلية). أما المصلح التونسي خير الدين باشا (الشركسي) فتبوأ الصدارة العظمى ثمانية شهور في عهده.

أحمد فارس الشدياق

كما استعان عبد الحميد بعدد من الموارنة في حاشيته، بدءاً من أحمد فارس الشدياق الذي اعتنق الإسلام في بلاط باي تونس. يرى المؤرخ يغيا نجاريان أن الشدياق كان مدماكاً أساسياً في الدعاية الإسلامية العثمانية، وسخّر جريدته "الجوائب" للبرهنة على شرعية الخلافة السلطانية، وكانت له وشايات بجمال الدين الأفغاني، ثم بالتنويري الأرمني رزق الله حسون، فيما يرى فواز طرابلسي وعزيز العظمة في أن الشدياق عاد واصطدم مع الإصلاحية العثمانية "كرد فعل على تصاعد الدعوة الطورانية". وأهم أعوان السلطان الموارنة سليم ونجيب ملحمة، فكلفهما بوزارات، ولعبا أدواراً أمنية استخبارية. أما سليمان باشا البستاني، معرّب الياذة هوميروس وأحد رموز فترة المشروطة الأولى (فترة إقرار الدستور)، فعارض عبد الحميد، لكنه بقي وفياً للفكرة العثمانية، وبرز في فترة المشروطة الثانية (بُعيد حركة الضباط الأتراك الشباب التي أرغمت السلطان على إعادة العمل بالدستور). تباهى في الحالتين بأنّ الدسترة العثمانية لا تنبع من كونها "حقوق نهضت الأمة تطالب بها، وإنما هي قبس حكمة وذكاء اتقد من رؤوس أولي الأمر منها، وهم أرقى علماً وعقلاً وأدباً من محكوميهم، فجردوا أنفسهم بلا منازع من سلطتهم، وجادوا بها على أمتهم المتحدة العنصر، فأفلحوا". كلمات تجسّد إشكالية الإصلاح العثمانية: "التحديث من فوق". لم تعد الأبحاث التاريخية تجيز الصورة السلبية القاتمة عن عبد الحميد، لكنه لم يكن "سلطاناً مظلوماً" أيضاً. حاول جهده أن يجمع بين تحديث العسكر وبين إبعادهم عن السياسة، وفي النهاية انقلب عليه العسكر، بحجة الدستور، ثم انجرفوا وراء حرب كبرى. ويسجّل لعبد الحميد، في مكان إقامته الجبرية بصالونيك، أنه اعتبر الانضمام لها كارثة محققة. هل كانت كارثة أجّلها عبد الحميد لعقود، أو حضّر لها لعقود؟ الأرجح أنّه لعب دوراً كبيراً في الحفاظ على الدولة العثمانية لأطول فترة ممكنة، وهي فترة أوجدت رغم كل شيء، بنية تحديثية غير مسبوقة، تمتد من اسطنبول حتى بيروت. أثّر فينا الرجل، بالسلب والإيجاب، أكثر من أي شخص آخر.

ينصح بقراءة: Pierre Georgeon, Abdulhamid II, Le Sultan Calife, Fayard 2003 قيصر فرح، السلطان عبد الحميد والعالم الإسلامي، دار جداول، 2012


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image