تردني رسالة نصية في السادسة صباحاً بنتائج إيجابية لاختبار حمل من صديقتي ميريام. لسنا صديقتين حقاً، أطلق لفظ "صديق" على من حولي بسهولة، أصف به أناساً قد لا ألتقيهم يوماً.
أعتقد أنني اكتسبت هذه العادة من فيسبوك، الذي جعلني أتقبل أن أصف المعارف بالأصدقاء بعد مقابلتهم أو التحدث معهم مرة واحدة.
ميريام صديقتي وتواعد ماجد بين الحين والآخر. أتصل بها لمعرفة لماذا ارسلت لي أنا تلك الرسالة. تخبرني أن ماجد أخبرها بأنني أجريت عملية إجهاض "في البيت" من قبل، وأنني سأتمكن من مساعدتها.
أنا لست مؤهلة لإعطائها أي دروس أو مشورة ولكن إذا كان ماجد هو من أوصى بي فلا بد إذن أنه يحتاج الى مساعدتي أكثر مما تحتاجها هي.
أرسل رسالة لماجد باسم الحبوب التي استخدمتها في الماضي، إذ من الأكثر أماناً أن يذهب الشاب إلى الصيدلية ليشتريها، فمعظم الصيدلانيات يعرفن أن الشابات يستخدمن تلك الحبوب في عمليات الإجهاض ويرفضن بيعها لهن.
أصل إلى محطة الحافلات وأبحث على جوجل عن مخاطر الإجهاض على هاتفي المحمول، وأنتظر الحافلة التي ستقلني إلى منزلها.
بحلول الوقت الذي أصل به إلى هناك، كنت قد فقدت ما تبقى من ثقتي بنفسي وبتمكني من مساعدتها. لكنني أتذكر أن الخيار بيدها هي وأنني يجب أن ألا أتدخل في شؤونها، كما طلبت من الجميع ألا يتدخلوا في شؤوني عندما كنت حاملاً.
لا ينبغي أن يكون الأمر هكذا. لا ينبغي لنا أن نرمي الأجنة في المراحيض، وأن نخاطر بحياتنا...
لذلك أرسل لها بعض الروابط لمواقع وجدتها على الإنترنت، فقط في حال رغبت أن تكون على علم بالعملية برمتها، آملة أنني لم أكن قد أخفتها وأقنعتها بأنه من الأفضل إنجاب الطفل. إنها في الثمانية عشرة من عمرها فقط، فكيف ستكون امرأة سكّيرة أمّاً؟
أصل إلى بيتها قبل ماجد ونتشارك سيجارة حشيش في حمامها، ونتبادل النكات عن وضعها لتخفيف التوتر. واكتشف بعد ذلك أن الطفل في الواقع ليس لماجد، بل لسائح فرنسي.
أنصحها بأن تخضع لاختبار للأمراض المنقولة جنسياً في أقرب وقت ممكن، على الرغم من أنها لن تقدر على تكلفته. يدخل ماجد إلى الحمام، أشعر بذعره. أسحبه جانباً وأخبره أنه ليس طفله، فيهدأ قليلاً.
نجلسها على مقعد المرحاض، وأبدأ بشرح كيفية استخدام الحبوب، وأخبرها بوجوب أن تضع أربع حبات تحت لسانها، ثلاث مرات كل ثلاث ساعات، وأن تمصها لمدة ثلاثين دقيقة ثم تبصقها. بعد الحبات الأربع الأولى، يبدأ النزيف والتشنجات، يفزع ماجد من جديد فأطرده من الحمام. أظلُ بجانبها، وأشاركها السجائر، وأستمع إلى موسيقى الراب معها. أظن أنها قد نزفت أكثر مما فعلت أنا سابقاً ولكنني أبقى صامتة كي لا أخيفها.
بعد أن تتناول الحبوب، أتركها تحت رعاية ماجد. وخلال رحلة العودة إلى منزلي، تبدأ الدموع تسيل على خدي. لا ينبغي أن يكون الأمر هكذا. لا ينبغي لنا أن نرمي الأجنة في المراحيض، وأن نخاطر بحياتنا.
ينبغي أن يكون هناك إجراء طبي على أيدي مختصين في مكان آمن، مثل عملية إزالة الزائدة الدودية، أو تكبير الثدي، إلا أن الأمر هنا مختلف لأنه متعلق بأرحامنا. والأرحام على ما يبدو تقع تحت وطأة القوانين التي وضعها أشخاص لا يملكون رحماً.
بعضهم يستخدمون الدين كعذر، والبعض الآخر يدعي أن الأمر يتعلق بالسلامة. لكل منهم، أقول لهم أخرجوا من فرج ميريام، وأخرجوا من فرجي ودعوني أتحكم أنا بجسدي!
مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (7): ضغوط الصيف
مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (6): لا يمكنني أن اخبر أمي بأي من هذا
مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (5): جذبتني فتاة في حفلة عرس
مذكرات فتاة متحررة من جيل اليوم (1): وعود ووعود
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومينأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ 3 أيامحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 6 أيامtester.whitebeard@gmail.com